رحيل محمد الطويان... شيخ الدراما السعودية

ترك بصمات لافتة على مدى نصف قرن... من «عودة عصويد» إلى «مندوب الليل»

محمد الطويان في تجربته السينمائية الوحيدة «مندوب الليل»
محمد الطويان في تجربته السينمائية الوحيدة «مندوب الليل»
TT
20

رحيل محمد الطويان... شيخ الدراما السعودية

محمد الطويان في تجربته السينمائية الوحيدة «مندوب الليل»
محمد الطويان في تجربته السينمائية الوحيدة «مندوب الليل»

فقدت الدراما السعودية أحد أعمدتها، برحيل الفنان محمد الطويان (79 عاماً)، اليوم (الجمعة). الطويان، ابن مدينة بريدة، أمضى نحو نصف قرن في العمل الدرامي، وشكَّل مع جيله الذهبي تاريخاً لا يُنسى على الشاشة، قدَّم خلاله شخصيات درامية راسخة في أذهان الجمهور، مثل: «عصويد» في مسلسل «عودة عصويد»، و«أبو ضاري» في مسلسل «عيال قرية»، و«أبو جهاد» في «غشمشم».

وخلال العام الماضي، كان الطويان حاضراً في مهرجانات سينمائية عالمية، عبر فيلمه «مندوب الليل»، الذي حقَّق نجاحات كاسحة في شباك التذاكر السعودي، وتم عرضه في عدد من مدن العالم. ولم يكن توجُّه الطويان نحو السينما حدثاً عادياً؛ فقد حظيت أعماله التلفزيونية بانتشار كبير محلياً وخليجياً، وكان له دور في اكتشاف عدد من النجوم العرب والسعوديين في ثمانينات القرن الماضي.

محمد الطويان في آخر أعماله (الشرق الأوسط)
محمد الطويان في آخر أعماله (الشرق الأوسط)

تجربة سينمائية يتيمة

وصف الطويان، في حوار سابق أجرته معه «الشرق الأوسط» تجربته السينمائية اليتيمة، قائلاً: «خلال الفترة الأخيرة، كنت أقرأ كثيراً من النصوص والأعمال، ولكن لم يكن هناك ما يلفت الانتباه. وعندما قرأت (مندوب الليل)، وبعد أن تحدَّثت مع محمد الحمود، ومع المخرج علي الكلثمي وسماع حديثه عن العمل بكل ما يحمله من حماس وشغف، علمت حينها أنه يعلم ما يريد تحديداً، ولذلك وافقت على الفور، وسألته: متى نبدأ التصوير؟».

هذا الشغف الكبير بالفن ظلَّ يرافق الطويان عقوداً عدة، وقدم من خلاله دعماً للجيل الجديد من الفنانين السعوديين، وفي سؤال سابق له عن رؤيته لمستقبل السينما السعودية التي خَطَت خطوات واسعة، قال الطويان: «أرى شباباً موهوبين، يصقلون موهبتهم بالعلم، ويعملون بجهد وحماس، ولديهم رؤية مستقبلية جميلة».

أعمال خالدة

بدأ الطويان مسيرته الفنية من عدد من السهرات، منها «السعد وعد»، عام 1982، التي جسّد فيها دور «حظيظ»، ولاقى نجاحاً ملحوظاً حينها. كما شارك في عدد من المسلسلات التي حققت نجاحاً جماهيرياً منها «طاش ما طاش»، و«أبو الملايين»، و«غشمشم»، و«عيال قرية»، و«لعبة الكبار»، وكذلك شارك في كتابة مسلسلات مثل «لعبة الشيطان»، و«طاش ما طاش»، إلى جانب دوره في اكتشاف عدد كبير من الفنانين والمخرجين السعوديين والعرب، الذين قدمهم على الشاشة من خلال أعماله، في أول ظهور لهم.

ومن المحطات التي لا تُنسى، كتابته المسلسل الكوميدي «عودة عصويد» الذي عُرض عام 1985، وجمع حشداً كبيراً من النجوم العرب والسعوديين. وقال عنه، في برنامج «الليوان» مع الإعلامي عبد الله المديفر: «إن الفرحة بـ(عودة عصويد) جاءت لأنه جمع الكل، فلم يبقَ ممثل لم يعمل فيه!».

وسبق أن كرَّمت وزارة الثقافة السعودية الفنان محمد الطويان عام 2024، بـ«جائزة المسرح والفنون الأدائية»، في النسخة الرابعة من مبادرة «الجوائز الثقافية الوطنية». كما كان الراحل من بين الأسماء التي تم تكريمها في «Joy Awards 2025»، ضمن فئة «رواد الفن الخليجي» بجوائز «صناع الترفيه الفخرية»، ولم يحضر الحفل بسبب مرضه.


مقالات ذات صلة

مسلسلات رمضان تحضر بخجل على الشاشات المحلية

يوميات الشرق «رمضان توك» برنامج يومي على شاشة «إل بي سي آي» في رمضان

مسلسلات رمضان تحضر بخجل على الشاشات المحلية

أخذت بعض المحطات على عاتقها رفع منسوب المنافسة بينها وبين زميلاتها من خلال الأعمال الدرامية.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق موسيقى فبراير... النصف الأول حبّ والثاني تترات مسلسلات

موسيقى فبراير... النصف الأول حبّ والثاني تترات مسلسلات

تنوّعت إصدارات الشهر ما بين أغانٍ عاطفية احتفت بعيد الحب، وتترات مسلسلات واكبت انطلاقة دراما رمضان 2025.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق يُقدم السناني شخصية التاجر «عبد الله» في المسلسل (الشرق الأوسط)

عبد الإله السناني: لا أحبُّ المغامرة في أعمالي

يُقدّم المسلسل رحلة من التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية اللافتة التي شهدها واحد من أكثر أحياء العاصمة الرياض ازدهاراً آنذاك...

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق مشهد محاولة اغتيال «ضي» واختطاف ابنتها ضمن أحداث المسلسل (الشركة المنتجة)

النهاية السعيدة لمسلسل «صفحة بيضا» تثير تبايناً بمصر

أثارت الحلقة الأخيرة من مسلسل «صفحة بيضا» تبايناً بين متابعين على «السوشيال ميديا»؛ ما بين مؤيد لها ومتحفظ عليها، على الرغم من أنها اختتمت العمل بنهاية سعيدة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «إخواتي» ضمن السباق الرمضاني (الشركة المنتجة)

دراما رمضان المصرية... رهان على الكوميديا والمسلسلات القصيرة

تُراهن الدراما الرمضانية في مصر هذا العام على تقديم جرعات كبيرة من الكوميديا، من خلال مسلسلات قصيرة في حدود 15 حلقة، بعدما أثبتت نجاحها في الموسم الرمضاني…

انتصار دردير (القاهرة )

عمران حمدولاي: «البحر الأحمر السينمائي» فتح أبواب العالمية لفيلمي

حاز الفيلم جائزة لجنة التحكيم (إدارة مهرجان برلين)
حاز الفيلم جائزة لجنة التحكيم (إدارة مهرجان برلين)
TT
20

عمران حمدولاي: «البحر الأحمر السينمائي» فتح أبواب العالمية لفيلمي

حاز الفيلم جائزة لجنة التحكيم (إدارة مهرجان برلين)
حاز الفيلم جائزة لجنة التحكيم (إدارة مهرجان برلين)

قال المخرج الجنوب أفريقي عمران حمدولاي إن الدعم الذي قدّمه صندوق «البحر الأحمر» لفيلمه «القلب عضلة»، الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم في قسم «البانوراما» بمهرجان برلين السينمائي الدولي، كان حاسماً في خروجه للنور بالصورة التي شاهده الجمهور عليها.

وأضاف، لـ«الشرق الأوسط»، أن دور صندوق «البحر الأحمر» لم يقتصر على تقديم التمويل، بل امتد ليكون دوراً استشارياً في تطوير المشروع، مشيراً إلى أنهم قدموا له ولفريق العمل إرشادات في خطوات الإنتاج، وساعدوهم في بناء شبكة علاقات قوية مع الموزعين ومنصات العرض الدولية، مما مهَّد الطريق أمام وصول الفيلم إلى مهرجانات عالمية بارزة على غرار «برلين السينمائي».

وتدور أحداث الفيلم حول رايان؛ الأب المُحب الذي ينقلب يومُ احتفال عائلته بعيد ميلاد ابنه الخامس إلى كابوس عندما يختفي الطفل فجأة، ويدفعه الذعر والغضب إلى تصرفات متهورة، أبرزها الاعتداء على رجل يتبين لاحقاً أنه لا علاقة له بالأمر.

وبعد العثور على الطفل، تتصاعد التوترات بين الأصدقاء، وتطفو أسرار رايان القديمة على السطح، خصوصاً عندما يطالب الرجل، الذي تعرَّض للضرب، بتعويض، ليكشف عن ماضٍ مشترك بينهما، مما يدفع رايان إلى مواجهة ذاته وأخطائه.

مشهد من الفيلم (مهرجان برلين)
مشهد من الفيلم (مهرجان برلين)

وأوضح حمدولاي أن «القصة مُستوحاة من حادثة واقعية عندما فقَدَ أحد أصدقائه ابنه للحظات أثناء حفلة شواء، فكانت تلك الدقائق القصيرة مشحونة بالتوتر والخوف، وتحولت سريعاً إلى غضب وانفعالات قوية، مما جعلني أتساءل عن تأثير مثل هذه اللحظة على العلاقات العائلية، خصوصاً بين الآباء والأبناء».

وأشار إلى أنه أراد استكشاف كيف يمكن لموقف بسيط ظاهرياً أن يكون نقطة تحول في حياة الفرد، وكيف يمكن أن يكشف عن صراعات نفسية أعمق، لذا قرر أن يكتب السيناريو من هذه الفكرة الجوهرية، لكن مع توسيع نطاقها لتشمل موضوعات أوسع، فلم يكن الهدف تقديم قصة عن طفل مفقود فحسب، بل عن أبٍ يواجه ماضيه ويتعلم كيف يتعامل مع مشاعره بطريقة مختلفة عن تلك التي تعلَّمها من والده.

شهد الفيلم إقبالاً جماهيرياً كبيراً عند العرض في «برلين السينمائي» (إدارة المهرجان)
شهد الفيلم إقبالاً جماهيرياً كبيراً عند العرض في «برلين السينمائي» (إدارة المهرجان)

ونافس الفيلم ضمن عروض قسم «البانوراما» في «برلين السينمائي» بنسخته الماضية، مع 5 عروض نفدت تذاكرها، وهو أمرٌ يقول مُخرج الفيلم عمران حمدولاي إنه «لم يكن يتوقعه»، مُعرباً عن سعادته بكون الفيلم لامس مشاعر الجمهور مع تجاوز القصة الحدود الثقافية والجغرافية.

وعَدّ المخرج الجنوبي أفريقي أن «الفيلم يطرح تساؤلات أكثر مما يقدم إجابات، مما يترك للمُشاهد مساحة للتفكير والتأمل في تأثير التربية، والعلاقات الأُسرية، والتجارب الشخصية على تكوين الأفراد، ويبرز كيف يمكن للحظاتٍ بسيطة أن تُشكل نقطة تحول في حياة الإنسان».

وقال إن «العمل مع الممثلين كان من أكثر الجوانب متعة في إنتاج الفيلم»، مضيفاً أنه حرص على جعل الأداء طبيعياً وصادقاً، لذا تعامل مع الممثلين بطريقة مختلفة خلال جلسات قراءة ومناقشة السيناريو، مما أتاح لهم مساحة للتعبير عن شخصياتهم بحرية ومرونة.

صورة تذكارية لصُناع الفيلم خلال حضور «برلين السينمائي» (إدارة المهرجان)
صورة تذكارية لصُناع الفيلم خلال حضور «برلين السينمائي» (إدارة المهرجان)

وتطرّق المخرج إلى تجربة التصوير في كيب تاون، موضحاً: «لديَّ ارتباط خاص بهذه المدينة، لكنني سعيتُ إلى تجسيدها بواقعية، بعيداً عن الصور النمطية، فباعتبارها مدينة مليئة بالتناقضات وتعكس عدداً من الطبقات الاجتماعية والثقافية أردتُ استكشافها في الفيلم مع تصوير الأماكن بطريقة تحترم حقيقتها وتمنحها عمقاً درامياً دون مبالغة أو تزييف».

وأشار إلى أن التصوير في بعض المناطق المهمَّشة واجه تحديات، خصوصاً من الناحية اللوجستية، فكان عليهم التأكد من احترام المجتمع المحلي، وتجسيد الواقع كما هو.

وكشف حمدولاي عن تلقّيه دعوات لمهرجانات أخرى بعد «برلين السينمائي»، مما يجعله متحمساً لمعرفة كيف سيتفاعل الجمهور في بلدان مختلفة مع الفيلم، وسيُعرَض، في العالم العربي، خلال الدورة المقبلة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، معرباً عن أمله في طرح الفيلم لاحقاً عبر منصات البث الرقمية الكبرى؛ حتى يتمكن من الوصول إلى جمهور أوسع حول العالم.