«إيميليا بيريز» و«الوحشي» يقودان قراءةً في ترشيحات «الأوسكار» الـ97

المجال كبير للمواجهات الصعبة واحتدام المنافسة

أدريان برودي في «الوحشي» (بوكستريت)
أدريان برودي في «الوحشي» (بوكستريت)
TT

«إيميليا بيريز» و«الوحشي» يقودان قراءةً في ترشيحات «الأوسكار» الـ97

أدريان برودي في «الوحشي» (بوكستريت)
أدريان برودي في «الوحشي» (بوكستريت)

في حين لا تزال الحرائق مشتعلةً في غرب مدينة لوس أنجليس وشمالها، أعلنت «أكاديمية العلوم والفنون السينمائية» عن ترشيحاتها الرسمية في جميع أقسام الدورة الـ97 لجوائز «الأوسكار» المقرَّر توزيعها في 2 فبراير (شباط) المقبل.

لم تكن الحرائق لتتسبَّب في تغييب مواعيد هذه المناسبة السنوية، فالناس في المدينة الشاسعة ما زالوا يعيشون حياتهم العادية، باستثناء تضخّم سكاني مفاجئ طرأ عليها عندما اضطر عشرات ألوف القانطين في المناطق الجبلية القريبة للنزوح إليها بسبب التهام النيران منازلهم.

تبرَّع كلٌّ من ليوناردو ديكابريو وأرنولد شوارتزنيغر وجيمي لي كيرتس (التي خسرت بيتها نتيجة الحرائق)، بمليون دولار للجهود المبذولة لاحتواء النيران، لكننا لم نسمع أن النيّة متّجهة بسينمائيين آخرين للاقتداء بذلك. ربما عمد بعضهم سراً، لكن لا يبدو أنّ غالبيتهم بذلت أي نوع من المساعدات، وإلا لأعلنت ذلك من باب التباهي إعلامياً على الأقل.

حفلة «الأوسكار»، بدورها، ستكون مجالاً كبيراً لنوع آخر من المواجهات الصعبة. النيران لا تزال بعيدة عن قلب المدينة في 6021 هوليوود بوليفارد حيث موقع «أكاديمية العلوم والفنون السينمائية» التي تُشرف على هذه الجائزة وتوزّعها منذ عام 1931. لكن هذا لا يمنع احتدام شرارة المنافسة بين مَن أُعلن عنهم مِن صانعي أفلام، والأفلام ذاتها.

زوي سالدانيا عن «إيميليا بيريز» (واين نت برودكشنز)

أفلام مختلطة

تحتوي قائمة الأفلام المتنافسة على «أوسكار» أفضل فيلم، 10 أعمال، بعضها - كما جرت العادة مؤخراً - من إنتاج غير أميركي، من بينها مثلاً «إيميليا بيريز» للمخرج جاك أوديار وهو إنتاج فرنسي، و«أنا ما زلت هنا» لوالتر سالس وهو إنتاج برازيلي؛ مما دعا المدير العام لمهرجان «كان» تييري فريمو أكثر من مرّة لتجنّبه وحصر المسابقة المذكورة بالأفلام الأميركية؛ لكن هذه الدعوة لم تُستجب حتى الآن.

يمكن إضافة طلب آخر هنا هو رفع عدد الأفلام الأجنبية التي تتسابق في قسم «الفيلم الدولي» من 5 إلى 10 أسوةً بتلك الأميركية، وذلك بسبب العدد الكبير من الدول (والأفلام) التي تُرسَل لدخول مسابقة هذا القسم (ما بين 75 و82 فيلماً معدلاً سنوياً).

الأفلام الواردة في مسابقة «أفضل فيلم» هي، حسب ورودها أبجدياً في الإعلان الرسمي:

«أنورا» لشون بيكر، و«الوحشي» لبرادي كوربيت، و«مجهول تماماً» لجيمس مانغولد، و«اجتماع مقدّس» لإدوارد بيرغر، و«ديون الجزء الثاني» لديني فيلنوف، و«إيميليا بيريز» لجاك أوديار، و«أنا ما زلت هنا» لوالتر سالس، و«نيكل بويز» لراميل روس، و«المادة» لكورالي فارغيت، ثم «شرير» لجون إم. تشو‪.

يتكرّر ذكر «أنا ما زلت هنا» و«إيميليا بيريز» في قائمة مسابقة أفضل فيلم عالمي. الأفلام الثلاثة الأخرى المكمّلة للقائمة الأجنبية هي «الفتاة ذات الإبرة» لماغنوس فون هورن (دنمارك)، و«فلو» لغينتس زيلبالوديس (لاتفيا)، و«بذرة التين المقدسة» لمحمد رسولوف (إيران).

اللافت هنا تأثير اختيارات مهرجانَي «فينيسيا» و«كان» في هذه السباقات. الأول وفَّر فيلمين هما «الوحشي» (الذي خطف جائزة أفضل إخراج) و«أنا ما زلت هنا» (الذي فاز بجائزة أفضل سيناريو)، والثاني حشد بـ6 أفلام هي «أنورا» الذي فاز بالسعفة الذهبية لأفضل فيلم، و«إيميليا بيريز» (جائزة لجنة التحكيم) الذي فاز و«بذرة التين المقدّسة» (جائزة لجنة التحكيم الخاصة)، و«فلو» و«المادة» و«أنورا». الباقي ورد من 3 مهرجانات؛ كل منها حظيت بعرضه العالمي الأولى، هي سيدني وتيلورايد وتورنتو.

يُذكر أنّ «الغرفة التالية» لبيدرو ألمودوبار الذي حصد الجائزة الأولى من «فينيسيا»، لم يرد ذكره في أي من أقسام الترشيحات هنا.

«فلو» في سباق أفلام الرسوم (آرت فرانس سينما)

أفلام عن حروب... ومشكلات

كالعادة، لا يتمتّع كلّ مخرجي الأفلام الـ10 بنصيب متكافئ في سباق أفضل مخرج. الـ5 المحظوظون الذين وجدوا أسماءهم مذكورةً في هذه المسابقة المفصلية هم جاك أوديار (إيميليا بيريز)، وشون بيكر (أنورا)، وبرادي كوربيت (الوحشي)، وكورالي فارغيت (المادة)، وجيمس مانغولد (مجهول تماماً).

في نطاق أفلام الأنيميشن، نجد «فلو» مرّة ثانية، ثم 3 أفلام أميركية، هي «إنسايد آوت 2»، و«مفكرة الحلزون»، و«ذا وايلد روبوت». الفيلم الخامس بريطاني هو «والاس وغروميت: الانتقام الأكثر غرابة».

على صعيد الأفلام التسجيلية الطويلة، فإنّ الـ5 المختارة هي «مذكرات الصندوق الأسود» لشيوري إيتو، عن حادثة اغتصاب تعرَّضت لها (الفاعل أحد أصحاب المراكز)، ومحاولاتها النيل منه بتقديمه للمحاكمة.

الثاني هو «لا أرض أخرى» الذي قُدِّم باسم «الأراضي المحتلة» في فلسطين منذ عرضه في مهرجان «برلين» قبل نحو سنة من اليوم، وفاز بجائزة أولى منه. وهو من إخراج رباعي للفلسطينيَّيْن باسل عدرا، وحمدان بلال، والإسرائيليين يوفال أبراهام وراتشل شور.

هذا الفيلم عن فلسطين قبيل حرب غزة، ويدور حول الحقوق المهضومة للفلسطينيين عموماً. الفيلم الثالث في عداد هذا القسم هو عن الحرب في أوكرانيا، براندان بيلومو وسلافا ليونتييف ويدور حول كيف لا يمكن قهر حبّ الحياة لدى الأوكرانيين رغم الحرب. هناك أيضاً «ساوندتراك لانقلاب» من صنع بلجيكي، فرنسي، هولندي أخرجه يوهان غريمونبريز عن دور الموسيقى في مواجهة الانقلاب الذي أطاح بحكم باتريس لومومبا وقتله.

الفيلم الخامس أميركي، لا يقلّ أهمية عمّا سبقه، وهو «قصب سكر»، حول اختفاء أطفال من القبائل الأصلية (الهنود الحمر)، وما أدّى إليه ذلك من ردّ فعل. الفيلمان الرابع والخامس كانا شوهدا العام الماضي في مهرجان «صندانس».

مشهد من «مجهول تماماً» (فاريتيس بيكتشرز)

الممثلون والممثلات

4 من الأفلام الواردة في سباق «أوسكار» أفضل فيلم تردُ في سباق «أوسكار» أفضل ممثل في دور رئيسي. هؤلاء هم أدريان برودي عن «الوحشي»، وتيموثي شالامي عن «مجهول تماماً» (يلعب دور المغنّي بوب ديلان) ورالف فاينس عن بطولته لفيلم «اجتماع مقدّس»، وسيباستيان ستان عن «المادة».

الاستثناء كامن في كولمان دومينغو عن فيلم «سينغ سينغ»، وهو بدوره الذكر الوحيد لهذا الفيلم في قائمة الترشيحات.

بالنسبة إلى الممثلات، تتبارى فرناندا توريس عن «أنا ما زلت هنا»، وديمي مور عن «المادة» (يكمن هنا التنافس الأكثر حدّة في هذا القطاع)، وكارلا صوفيا غاسكون عن «إيميليا بيريز»، وسينتيا إيريفو عن «شرير»، ومايكي ماديسون عن «أنورا».

أما بالنسبة إلى سباق الممثلات في أدوار مُساندة، فهناك زوي سالدانيا عن «إيميليا بيريز»، وإيسابيلا روسوليني عن «اجتماع مقدّس»، ثم مونيكا باربارو عن «مجهول تماماً»، وأريانا غراندي عن «شرير»، وفيليسيتي جونز عن «الوحشي».

في المقابل الرجالي ضمن سباق أفضل ممثل مساند، هناك الروسي يورا بوريسوف (أنورا)، وكيران كولكين (ألم حقيقي)، وغاي بيرس (الوحشي)، وجيريمي سترونغ (المادة)، كما إدوارد نورتون (مجهول تماماً).

في الحصيلة الأخيرة، وإلى أن نعود في قراءة بالتوقّعات والتنبؤات، وبضمِّ مسابقات التصوير والكتابة والصوت والموسيقى والتوليف وتصاميم الإنتاج؛ فإنّ أعلى الأفلام ذكراً في كلّ أقسام المسابقة هي على النحو التالي:

- «إيميليا بيريز» (13 ترشيحاً)

- «الوحشي» (10 ترشيحات)

- «شرير» (10 ترشيحات)

- «مجهول تماماً» (8 ترشيحات)

- «اجتماع مقدّس» (8 ترشيحات).

- «أنورا» (6 ترشيحات).

- «دون» (5 ترشيحات).

- «المادة» (5 ترشيحات).


مقالات ذات صلة

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

يوميات الشرق «الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر الحالي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)

المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

تؤكد المخرجة المصرية سارة جوهر أن قوة فيلمها تكمن في قدرته على التأثير في المشاهد، وهو ما التقطته «فارايتي» بضمّها لها إلى قائمتها المرموقة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

رغم التحديات الأمنية واللوجيستية وعزلة القرية في غامبيا، فإن المخرج البلجيكي يشعر بالرضا عن التجربة التي خلّدت اسم «باتيه سابالي».

أحمد عدلي (الدوحة)
يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

أصدر النجم ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.


«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
TT

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتزامن مع ليلة «رأس السنة»، بعدما رفضت محكمة القضاء الإداري جميع الدعاوى التي طالبت بمنعه، واستند الحكم إلى حصول الفيلم على التراخيص المطلوبة من الرقابة على المصنفات الفنية، وفق منتجه.

الفيلم الذي كان مقرراً عرضه في شهر أغسطس (آب) 2024، تأجّل طرحه أكثر من مرة بسبب تجدد الدعاوى القضائية، من بينها دعوى المحامي مرتضى منصور، بالإضافة إلى الجدل الذي أُثير حوله عقب عرض «البرومو الترويجي»، واعتبار البعض أنه عمل مسيء من الناحية الدينية، إلى جانب تعرّضه لأزمات أخرى، من بينها التحفّظات الرقابية، وانسحاب الفنان الراحل مصطفى درويش من العمل احتجاجاً على آراء مؤلفه.

لقطة من البرومو الترويجي لفيلم «الملحد» (الشركة المنتجة)

وانتقد عدد من الفنانين والنقاد والجمهور، وبعض صنّاعه، منع الفيلم عبر منشورات «سوشيالية»، مؤكدين أن المنع ليس حلاً، وأن حرية الإبداع حق للجميع، ولا بدّ من المشاهدة قبل الاعتراض لوضع تصوّر كامل عن فكرة أي عمل فني.

من جانبه أكّد المنتج أحمد السبكي أن الفيلم حصل على جميع التراخيص والموافقات الرقابية اللازمة، لافتاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قرار تأجيل العرض كان بسبب المناوشات (السوشيالية) من بعض المحامين، التي حصلت بالتزامن مع طرح البرومو الترويجي، وليس لأسباب أخرى».

وأوضح السبكي أن العرض سيتم دون أي تعديل أو حذف، بعدما أصدر القضاء الإداري حكماً يقضي برفض جميع الدعاوى المقامة لمنع عرضه. وقال: «لا توجد أي إشارة تمنع عرضه، وبحوزتي النصّ القانوني الذي يؤكد أن العمل لا يتضمّن أي إساءة كما اعتقد بعضهم، وقد صدر الحكم قبل المشاهدة».

وأشار السبكي إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على آراء الجمهور قبل مشاهدة العمل، قائلاً: «في عصر (السوشيال ميديا)، يتشكّل رأي الناس بسرعة من خلال البرومو، وهذا أمر طبيعي، لكننا نؤكد أن الحكم النهائي يعود للمشاهد بعد مشاهدة الفيلم كاملاً».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

واتّفق نقاد على أن المنع يحدّ من حرية الإبداع؛ إذ أكدت الكاتبة والناقدة المصرية صفاء الليثي رفضها لفكرة المنع، خصوصاً بعد حصول الفيلم على الموافقات الرقابية وتصويره بالفعل. وأشارت إلى أن «المنع بعد إنجاز الفيلم مشكلة كبيرة وكارثة على الصناعة، كما أنه أسلوب غير واقعي؛ فالجمهور اليوم يستطيع الوصول إلى كل الأفكار بسهولة، ولم يعد الاطلاع على أي موضوع أمراً صعباً».

وقالت صفاء الليثي في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن «سياسة المنع لا بدّ من التراجع عنها؛ فمن غير المعقول الحكم على عمل من اسمه أو من لقطاته الترويجية. فالأسماء أحياناً تكون وسيلة للجذب التجاري، وكذلك الأمر بالنسبة للبرومو، الذي لا يُفترض أن يكون ملخصاً للفيلم، بل قد يُستخدم فقط لجذب الجمهور. والحكم من خلاله غير صائب، فهو دافع للمشاهدة لا سبب للرفض والمنع».

ويتناول فيلم «الملحد» قضية فكرية واجتماعية بطريقة درامية، من خلال قصة رجل دين متشدّد وابنه الذي يتمرّد على أفكاره ويعلن إلحاده. والفيلم من بطولة أحمد حاتم، وحسين فهمي، ومحمود حميدة، وصابرين، وتارا عماد، ونخبة من الفنانين، وهو من إخراج محمد العدل، وتأليف إبراهيم عيسى، وإنتاج أحمد السبكي.

من جهتها أكدت الناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي أن «حرية الإبداع مكفولة للجميع، وأنها ضدّ المنع مطلقاً»، لافتةً في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عرض (الملحد) بعد رفض كبير يُعد مؤشراً جيداً إلى أن الحرية تبقى أول العناصر الضرورية للإبداع».