150 لوحة توثق المسيرة الإبداعية للتشكيلي السعودي سعد العبيّد

في معرض يحتفي بتجربته الفنية الفريدة

كان العبيد من أهم داعمي مجتمعه الإبداعي (واس)
كان العبيد من أهم داعمي مجتمعه الإبداعي (واس)
TT

150 لوحة توثق المسيرة الإبداعية للتشكيلي السعودي سعد العبيّد

كان العبيد من أهم داعمي مجتمعه الإبداعي (واس)
كان العبيد من أهم داعمي مجتمعه الإبداعي (واس)

عشرات اللوحات التشكيلية، إلى جانب 8 رسومات، أبدعها فنان سعودي رائد أثرى الساحة الفنية بحضوره ومساهماته على مدى أكثر من نصف قرن، يحتضنها معرض فني أقيم في وسط العاصمة السعودية الرياض.

المعرض انطلق تحت عنوان: «سيرة ومسيرة»، وأقيم للاحتفاء بسعد العبيّد؛ الفنان التشكيليّ البصريّ الذي سلب الفن لُبّه وحاز اهتماماته وعطاءه، ودفعه إلى تكريس حياته لأجله، حتى عُدّ أحد أبرز الذين شاركوا في وضع أسس بدايات الفن التشكيلي السعودي ومن أهم داعمي مجتمعه الإبداعي.

المعرض يحتضنه «قصر الثقافة» بالعاصمة السعودية الرياض (واس)

أبصر العبيد النور في مدينة الرياض سنة 1945 ودرس فيها خلال جميع المراحل الدراسية، ثم التحق بـ«معهد المعلمين» بالعاصمة السعودية، وتخرج فيه معلماً عام 1962، ثم زاول مهنة تدريس التربية الفنيّة لطلاب المرحلة الابتدائيّة لمدة 8 أعوام، قبل أن يُبتعث إلى فرنسا، التي حصل منها على دبلوم في الرسم التلفزيونيّ، ليضيف إلى سجله الطموح عنصر التدريب والخبرة والتعليم.

وفي عام 1999 قرر العبيد التفرغ للرسم، حيث دشن في 2008 مرسماً خاصاً به، عُدّ منصة انطلق منها إلى فضاء آخر يهدف منه إلى تطوير تجربته والانقطاع إلى أحبّ الأشياء إلى قلبه، بالإضافة إلى مد جسور مع المواهب والرواد في مجاله، حتى مثّل بتجربته الفريدة تلك بلادَه في كثير من المحافل الدولية، كما نشط بعضوياته في عدد من الجمعيّات والمؤسسات الوطنية التي اهتمت برعاية جيل من الفنانين الشباب الواعدين.

كان العبيد من الرواد الذين أسهموا في بدايات الفن التشكيلي السعودي (واس)

لوحات من إرث العبيّد وتجربته

في جنبات المعرض، الذي يحتضنه «قصر الثقافة» بالعاصمة السعودية الرياض، تنتشر 150 لوحة من أعمال الفنان سعد العبيّد الأصلية، إضافة إلى رسومات خاصة، تُبرز إرث الراحل وتجربته الفنية الممتدة على مدار 50 عاماً، وتتيح للجمهور فرصة استكشاف اهتمامات الفنان وأسلوبه الفني الذي ميّزه مبكراً وترك أثراً في تجارب بعض زملائه.

وحملت الأعمال الفنية لسعد العبيّد، التي أبدعها منذ 1966 وصولاً إلى آخرها قبل وفاته في عام 2020، شخصيته الفنية وحسه ولمسته ومعالجته اللونية الخاصة، فقد التزم بتوجيهات أحد معلميه في «معهد المعلمين» بتوظيف مجموعة لونية محددة، فعمل على ذلك خلال مسيرته الفنية.

ومن أهم الموضوعات التي تناولها في أعماله: أفراد من عائلته، إضافة إلى موضوعات تعبر عن الطبيعة والصحراء، وأخرى إنسانية، وبعض من المظاهر الاجتماعية.

كما رسم بعض مظاهر الحداثة التي شهدتها مدينة الرياض، وتركت زياراته المتكررة لمدينة أبها أثراً إبداعياً على أعماله خلال العقدين الأخيرين من حياته.

كتيب يجمع أغلب أعمال العبيد الفنية (واس)

شمعة الفن التشكيلي

‏وشكّل الفنان العبيّد مثالاً للفنان المؤثرّ في محيطه، ونموذجاً ملهماً في العطاء والإيثار والاهتمام بالآخرين، وعكس مشواره الفنّي التناغم الذي يعيشه الفنان في لوحاته ومع مجتمعه. وقد احتفى عدد من الفنانين، بمختلف أجيالهم، بالنافذة التي فُتحت في المعرض لتقدير دور الفنان الراحل وقيمته الفنية وتجربته المؤثرة في مجاله، وعَدّو مسيرته شمعة أضاءت مجتمع الفنانين.

داخل المعرض، يسلّط فيلم قصير الضوء على تجربة فنية فريدة أثرت الساحة التشكيلية، وأسهمت في تطوّرها على مدى عقودٍ طويلة، وتحدث فيه عدد من مجايليه من الفنانين الذين شاركوا لحظات من الذاكرة والتجربة التي جمعتهم بالفنان العبيّد وكشفت عن جوانب من شخصيته الفنية والاجتماعية الرائعة.

فيلم قصير يُسلّط الضوء على مسيرة العبيد الفنية التي أثرت الساحة التشكيلية (واس)

وقال القيّم الفني على المعرض، الفنان والكاتب عبد الرحمن السليمان: «يعدّ العبيّد أباً روحياً لكثيرٍ من الفنانين من الأجيال السابقة، وهذا الحدث الفني هو تقديرٌ وتكريم للفنان السعودي، وإبراز لأهميته الفنية ودوره الإداري والتنظيمي والتوجيهي».

من جانبه، أوضح الفنان التشكيلي فيصل مشاري أن «العبيد، منذ عرفه مجتمع الفنانين قبل 50 عاماً، منفتح يرسم الابتسامة على وجوه الجميع، ويسبق الجميع بالاهتمام».

وقال الدكتور معجب بن عثمان الزهراني، المحاضر في كلية الفنون بجامعة الملك سعود، إن الفنان العبيد «أحد رواد الفن السعودي، وترك بصمة مميزة عبر أسلوبه الواقعي البسيط. والمعرض الذي يحتفي بتجربته يعدّ لفتة ثمينة تستحق الشكر والتقدير».

وفي الختام، قالت الدكتورة منال الرويشد إن «الوفاء مستمر لجهود الفنان التشكيلي الراحل سعد العبيد»، مبدية شكرها لـ«هذا الدور الرائد في تقدير مبدعي السعودية، وهو ما يعكس صورة إيجابية عن الوفاء للمثقفين وإبراز سيرتهم ومسيرتهم للأجيال المقبلة وللآخرين».


مقالات ذات صلة

بأمر الملك سلمان... الحربي رئيساً للجهاز العسكري وخالد بن بندر مستشاراً في الخارجية

الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)

بأمر الملك سلمان... الحربي رئيساً للجهاز العسكري وخالد بن بندر مستشاراً في الخارجية

أصدر خادم الحرمين الشريفين، أوامر ملكية، بترقية اللواء الركن صالح بن عبد الرحمن بن سمير الحربي، إلى رتبة فريق ركن، وتعيينه رئيساً للجهاز العسكري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج دخان يتصاعد من موقع في شمال غزة عقب قصف إسرائيلي (رويترز)

السعودية تجدد مطالبتها المجتمع الدولي بوقف انتهاكات إسرائيل

جددت السعودية، أمام مجلس حقوق الإنسان، مطالبتها المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته بوضع حد للانتهاكات التي تمارسها إسرائيل في الاراضي الفلسطينية والسورية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق جهود كبيرة أمنية وخدمية متناغمة لضمان تجربة آمنة وميسرة للمعتمرين والمصلين (الأمن العام)

خطط أمنية متكاملة لضمان سلامة الزوار والمصلين في الحرمين الشريفين خلال العشر الأواخر من رمضان

تحظى خدمة المعتمرين والمصلين في الحرمين الشريفين باهتمام بالغ من القيادة الرشيدة، التي تُسخّر كل الإمكانات لضمان راحتهم وأمنهم خاصة خلال العشر الأواخر من رمضان.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج دخان القصف الإسرائيلي يتصاعد من بلدة كويا السورية (أ.ف.ب)

السعودية تدين قصف إسرائيل بلدة كويا السورية

أعربت السعودية عن إدانتها واستنكارها الشديدين قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية بلدة كويا السورية، الذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من الأبرياء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج محادثات جدة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا برعاية السعودية في 11 مارس 2025 (رويترز)

تقدير أميركي – أوكراني لدور السعودية في محادثات السلام

ثمّنت الولايات المتحدة وأوكرانيا دور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في تسهيل محادثات حل الأزمة الأوكرانية التي استضافتها الرياض هذا الأسبوع.

جبير الأنصاري (الرياض)

مخرج «رفعت عيني للسما» ينتقد استبعاده من مهرجان مصري

فتيات فرقة «بانوراما برشا» بطلات «رفعت عيني للسما» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)
فتيات فرقة «بانوراما برشا» بطلات «رفعت عيني للسما» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)
TT

مخرج «رفعت عيني للسما» ينتقد استبعاده من مهرجان مصري

فتيات فرقة «بانوراما برشا» بطلات «رفعت عيني للسما» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)
فتيات فرقة «بانوراما برشا» بطلات «رفعت عيني للسما» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)

انتقد المخرج المصري أيمن الأمير استبعاد فيلمه من المشاركة في «مهرجان جمعية الفيلم المصري» خلال دورته الـ51 المقرر عقدها في الفترة بين 5 و12 أبريل (نيسان) المقبل، مؤكداً أن هذا الاستبعاد يُمثِّل «ظُلماً كبيراً» ليس لفيلمه فقط، بل للسينما عموماً.

وأكد الأمير الذي أخرج الفيلم بمشاركة زوجته المخرجة ندى رياض، وحاز جائزة «العين الذهبية» لأفضل فيلم وثائقي في «مهرجان كان» خلال دورته الـ77، أن «فيلم (رفعت عيني للسما) شارك في مسابقة (أسبوع النقاد) بمهرجان (كان) مع أفلام كلُّها روائية، وعُرض تجارياً في 22 من دور العرض المصرية، كما يُعرض حالياً في 60 من قاعات العرض الفرنسية، وحاز جوائز في مهرجانات دولية تَنافس فيها مع أفلام روائية، وعومل بالقدر نفسه من الاحترام والتقدير». متسائلاً عبر صفحته على «فيسبوك»: «ماذا نفعل حتى يُجري التعامل مع الفيلم ومع الأفلام التسجيلية عموماً في مصر على الدرجة نفسها من المساواة؟».

ولفت الأمير إلى أن الفيلم به من العناصر السينمائية مثل أي فيلم من الأفلام المشاركة، من تصوير، وموسيقى، وصوت، وإنتاج، وإخراج، وكتابة، وأفيش؛ مشيراً إلى أن العامين الماضيين حاز فيلمان تسجيليان جائزة «الدب الذهبي» في «مهرجان برلين»، وسط قائمة طويلة من أفلام روائية، مُختتماً: «في مصر هناك إصرار على عمل تفرقة عفا عليها الزمن».

المخرجان أيمن الأمير وندى رياض (صفحة المخرج على «فيسبوك»)

وأوضح الأمير في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «تبرير استبعاد الفيلم جاء وكأن الفيلم التسجيلي أقل قيمة من الفيلم الروائي، وهذا أمر غير حقيقي، ففي مهرجان (كان) كُنَّا أصحاب الفيلم الوثائقي الوحيد مع 6 أفلام روائية، ولم تكن هناك تفرقة بينها، لا سيَّما أن الحائط الوهمي بين التسجيلي والروائي سقط تماماً في العالم، وهناك أفلام تجمع بأريحية بينهما».

ويرى الأمير أنه طالما لائحة المهرجان تقرُّ باختيار أفلام المسابقة من بين الأفلام التي عُرضت تجارياً في مصر خلال العام الماضي، فلا يصحُّ التفرقة بين نوعيات الأفلام، وفق قوله. معبِّراً عن اهتمامه بالمشاركة في مهرجان «جمعية الفيلم» بوصفه أقدم المهرجانات في مصر ولإتاحة عرض الفيلم ومناقشته للجمهور.

في حين رأت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي، أنه «إذا كانت لائحة مهرجان (جمعية الفيلم) تنصُّ على اختيار الأفلام الروائية فقط، فإن هذا يعني أنها لم تتطوَّر مع الزمن»، مؤكدة في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا بدّ من النَّظر في اللوائح بشكل دوري، كما لا بدّ من تعديلها وفقاً لمتغيرات الزمن». منوِّهة إلى أن «المهرجانات الدولية الكبرى تضع الأفلام الطويلة، روائية كانت أم تسجيلية، ضمن مسابقة واحدة وتخضع جميعها لتحكيم واحد».

وعبَّرت صفاء عن دهشتها لأن الدكتور محمود عبد السميع رئيس الجمعية، من أهم مصوِّري السينما التسجيلية في مصر، وكانت تتوقع منه ألَّا يُفرِّق بين التسجيلي والروائي، لا سيَّما أن فيلم «رفعت عيني للسما» فيه مسحة من الخيال داخل الفيلم وليس تسجيليّاً تماماً، وأنه طالما عُرض تجارياً في مصر، فمن حقه أن يُصوَّت له ضمن أفلام هذه الدورة، وفق قولها.

لقطة لأحد مشاهد الفيلم (صفحة المخرج على «فيسبوك»)

بيد أن الدكتور محمود عبد السميع، رئيس جمعية الفيلم ورئيس المهرجان، أكد مجدداً على موقفه من الفيلم وأنه لا يعترف بإلغاء التفرقة بين التسجيلي والروائي، وشدَّد في حديث لـ«الشرق الأوسط» على أنه «لا يُعقل أن نُقارن بين النوعين». مؤكداً أنه «لا يوجد سوى عنصر واحد مشترك بينهما هو الفكرة والسيناريو». وأشار إلى أن اللائحة التي شارك في وضعها منذ تأسيس المهرجان ليست هي المشكلة، وإنما هو بصفته سينمائياً يرى أنه لا يمكن إلغاء الفارق بين التسجيلي والروائي، ولا يمكن وضعهما في مسابقة معاً ولجنة تحكيم واحدة، رغم تقديره الكبير لفيلم «رفعت عيني للسما»؛ حسب قوله.

ويتتبَّع فيلم «رفعت عيني للسما» قصة فرقة «بانوراما برشا» المسرحية، في قرية برشا بصعيد مصر، وقد أسَّست الفرقة مجموعة من الفتيات لعرض مشكلات تؤرقهن من بينها الزواج المبكر، والعنف الأُسري، وتعليم الفتيات، حيث يتَّخذنَ من شوارع القرية مكاناً لتقديم عروضهن، لحثِّ المجتمع على منحهن حقوقهن العادلة. وحظي الفيلم باهتمام لافت منذ عرضه الافتتاحي في مهرجان «كان» السينمائي الماضي.