أعلن باحثون من كلية ليفربول للطب الاستوائي في المملكة المتحدة اكتمال المرحلة الأولى من التجربة السريرية لعلاج فموي جديد للدغات الأفاعي.
وأظهرت النتائج التي نُشرت في دورية «إي بايوميديسين»، أنّ دواء «يونيثيول» آمن وجيد لجهة قدرة الأشخاص على التحمُّل، ويسهل استخدامه في العيادات الريفية النائية، مما يُمهد الطريق لتطويره بوصفه علاجاً ميدانياً سريع التأثير.
وكان «يونيثيول» قد اعتُمد بالفعل لعلاج التسمّم بالمعادن الثقيلة، ولكنه جُرِّب في هذه الدراسة لعلاج التسمّم بلدغات الأفاعي، نظراً إلى قدرته على تحييد «ميتالوبروتيناز» سمّ الأفعى (SVMPs)، وهي مكوّنات سامَّة ترتكز على عنصر الزنك، وتوجد في سموم الأفاعي وعدد من الثعابين الأخرى، وتُسبِّب تلفاً شديداً في الأنسجة الحية ونزيفاً يُهدّد الحياة لدى مرضى لدغات الثعابين.
ولا يزال التسمّم بلدغات الثعابين يمثّل تحدّياً صحّياً عالمياً كبيراً، إذ يتسبَّب في أكثر من 140 ألف حالة وفاة سنوياً، لا سيما في المناطق الريفية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأميركا اللاتينية وآسيا.
وتُعدّ علاجات مضادات السموم الحالية باهظة الثمن، وقد تُسبّب آثاراً جانبية خطيرة، ويجب إعطاؤها عن طريق الوريد في المستشفيات، مما قد يعوق التدخلات المُنقذة للحياة.
في هذا السياق، قال المؤلِّف الرئيسي للدراسة والباحث السريري في كلية ليفربول للطب الاستوائي، الدكتور مايكل أبويانيس: «تستند مضادات السموم المشتقّة من الحيوانات المستخدمة اليوم إلى مبادئ عمرها 100 عام. ويدلّ استمرار استخدام هذه العلاجات القديمة حتى اليوم على مدى إهمال لدغات الأفاعي بكونها مشكلة صحية»، مضيفاً في بيان: «تتمتّع العلاجات الجزيئية الصغيرة، مثل (اليونيثيول)، بإمكان أن تكون أكثر أماناً وأقل تكلفة، ويمكن تناولها بسهولة على شكل أقراص».
وتابع: «أظهرت هذه التجربة أنّ (اليونيثيول) آمن حتى عند الجرعات العالية التي نعتقد أنها ضرورية لعلاج لدغات الأفاعي، لذا قد نكون على أعتاب خطوة جديدة تؤدّي إلى تحسين النتائج بشكل كبير».
وأظهرت التجارب أنّ «اليونيثيول» يمكن أن يمنع أسوأ آثار السمّ. كما أنّ المرحلة الأولى من التجارب السريرية قيّمت جرعات مختلفة منه، سواءً عن طريق الفم أو الوريد. ولم تُظهر جميعها أي آثار جانبية خطيرة، حتى عند الجرعة القصوى، كما أظهر تحليل دم المشاركين سرعة امتصاص الدواء ووجوده بمستويات يُتوقع أن تُثبّط سموم الثعابين.
وبناءً على هذه النتائج، سيُطوّر الفريق البحثي «اليونيثيول» إلى المرحلة الثانية من التجارب السريرية، إذ سيجري اختباره على المرضى الذين تعرّضوا للدغات أو تسمّم الثعابين.
وفي حال نجاح التجربة، يُمكن نشره بسرعة في العيادات الريفية ومراكز الإسعافات الأولية، مما يُتيح لضحايا لدغات الثعابين وقتاً ثميناً للوصول إلى المستشفى، ويُقلّل من شدّة التسمّم وآثاره الجانبية.
ويُعدّ تطوير علاجات آمنة وبأسعار معقولة وسهلة الاستخدام، مثل الأدوية الفموية، أمراً بالغ الأهمية في تحقيق هدف منظمة الصحة العالمية المتمثّل في خفض الوفيات والإعاقات المرتبطة بلدغات الثعابين إلى النصف بحلول عام 2030. ويمثّل تقييم سلامتها وفاعليتها في تجارب مثل هذه خطوة محورية نحو هذا الهدف.
بدوره، قال مدير معهد بحوث لدغات الثعابين في كلية لندن الطبية، وأحد باحثي الدراسة، البروفسور نيكولاس كاسويل: «غالباً ما تحدُث لدغات الثعابين في المناطق النائية والريفية، إذ قد يكون أقرب مستشفى على بُعد ساعات طويلة. ومع انتقالنا إلى المرحلة الثانية من التجارب السريرية، نقترب من عالم يُمكن فيه علاج تسمّم الثعابين في أي عيادة على بُعد دقائق فقط من المريض».