كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

وسط جدل «التقليل من موهبته»

شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)
شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)
TT

كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)
شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

في ظل الجدل الذي أثير مؤخراً حول «موهبته»، احتفى مهرجان الأقصر السينمائي في دورته الـ14 بذكرى مئوية ميلاد الفنان المصري الكبير شكري سرحان (13 مارس «آذار» 1925 - 19 مارس 1997)، وأصدر المهرجان بمناسبة ذلك كتاب «شكري سرحان... ابن النيل» للناقد المصري سامح فتحي، ويضم الكتاب فصولاً عدة تستعرض مسيرة الفنان منذ مولده وحتى أصبح نجماً من كبار نجوم السينما المصرية، متوقفاً عند أهم أفلامه التي وصلت إلى 161 فيلماً، بدءاً من أول أفلامه «نادية» 1949 للمخرج فطين عبد الوهاب، وحتى آخرها «الجبلاوي» 1991 للمخرج عادل الأعصر.

وكان قد أثير جدل حول انتقادات وجهها الممثل الشاب عمر متولي، نجل شقيقة عادل إمام، في برنامج يبثه عبر «يوتيوب» استضاف خلاله الممثل أحمد فتحي، تناولا خلاله سيرة الفنان الراحل شكري سرحان، حيث اتفقا على أنه «حقق نجومية أكبر من موهبته الحقيقية»؛ ما دفع أسرة الفنان الراحل لتقديم شكوى لنقابة الممثلين، حيث قدم نقيب الممثلين الفنان أشرف زكي اعتذاراً لأسرة الفنان الراحل، مهدداً كل من يتجاوز في حق الرموز الفنية بالشطب من النقابة. وفي المقابل اعتبر نقاد وفنانون الهجوم على فتحي ومتولي بمنزلة «تضييق على حرية إبداء الرأي على الأعمال الفنية ونجومها».

شكري سرحان في أحد أدواره (أرشيفية)

أعمال هادفة

ووصف المؤلف مسيرة شكري سرحان الفنية التي امتدت على مدى نصف قرن بأنها تميزت بـ«اختيار الأعمال الهادفة والجادة، وعدم الابتذال أو السقوط في حب الظهور وشهوة المال»، حيث شارك في «مئات الأدوار بالمسرح والسينما، وأمتع الملايين، وأثرى الحياة الفنية بكل ما هو مفيد وهادف».

فيما عَدّه الناقد سعد القرش في مقدمة كتاب «ابن النيل» بأنه الأكثر حظاً، وأنه من بين نجوم السينما المصرية الذي «كان الأقرب إلى الملامح النفسية والجسدية لعموم المصريين في جيله، رغم أنه لم يكن في وسامة محمود مرسي أو كمال الشناوي وعمر الشريف ورشدي أباظة، ولا يتمتع ببنية جسدية تنقله إلى الفتوات مثل فريد شوقي، حيث كان للنجوم صورة ذهنية لدى المشاهدين يشبهون أو يتشبهون بنجوم هوليوود من حيث تسريحة الشعر ولمعانه والشارب».

الناقد المصري سامح فتحي (الشرق الأوسط)

يستعرض سامح فتحي بدايات سرحان، الذي وُلد بالإسكندرية لكنه ينتمي لقرية «الغار» بمحافظة الشرقية، وكان الأوسط بين شقيقيه صلاح وسامي، وقد أثرت فيه حياة القرية، كما ذكر هو بنفسه، فقد أكد أن النشأة الدينية كانت إحدى سمات حياته منذ طفولته، فقد اعتاد على ارتياد المساجد وحفظ القرآن الكريم، وكان والده يعمل أستاذاً للغة العربية، ويحرص على أن تمضي الأسرة شهور الدراسة بالمدينة ثم تنتقل للقرية في الإجازة.

وبدأت علاقة سرحان بالفن من خلال شقيقه الأكبر صلاح، فحينما افتتحت دار سينما بالقرب من منزلهما، كان وشقيقه، حسبما روى، يتوقفان بجوارها ليستمعا لأصوات الممثلين، ويؤديان بعض الأدوار في حجرتهما حتى لا يشعر بهما والدهما، والتحق مثل شقيقه بفريق التمثيل بمدرسة الإبراهيمية، ثم التحق كلاهما بمعهد الفنون المسرحية في أول دفعة به، وكان من زملائه بالمعهد فريد شوقي وصلاح نظمي.

عثرات ونجاحات

واجه شكري سرحان عثرات في بداية طريقه الفني، حين اختاره منتج فيلم «هارب من السجن» لدور البطولة، حيث كاد يطير من الفرحة ثم قرر المخرج استبداله بالفنان فاخر فاخر، فحزن حزناً كثيراً خصوصاً بعد أن طالع خبراً بإحدى المجلات الفنية بأن الممثل الشاب شكري سرحان أثبت فشله في السينما، ما أصابه باكتئاب لفترة طويلة، لم ينقذه منه إلا خبر آخر كتبه الصحافي صلاح ذهني بمجلة «آخر ساعة»، حيث نشر صورة له وكتب أسفلها «فتى أول ينقصه مخرج»، فاتصل به المخرج حسين فوزي، ومنحه دوراً في فيلم «لهاليبو» مع نعيمة عاكف، ثم شارك في أدوار صغيرة بأفلام عدة من بينها «أفراح» و«بابا عريس».

مع سعاد حسني في أحد الأعمال (أرشيفية)

لكن الفرصة الكبرى والأهم جاءت حين اختاره المخرج يوسف شاهين لبطولة فيلمه «ابن النيل» ليكون هذا الفيلم البداية الحقيقية لشكري سرحان في السينما، وقال الفنان عن ذلك: «منحني الله هذا الشرف العظيم بأن أُمثل (ابن النيل) في هذه القصة، وفي وجود فريق قوي من الممثلين مثل يحيى شاهين ومحمود المليجي وفاتن حمامة».

وأشاد به يوسف شاهين بعد أحد المشاهد التي أداها، قائلاً له: «أنت برعت في أداء هذا المشهد مثل أعظم نجوم هوليوود، وأنا أمنحك أوسكار على ذلك».

انطلاقة كبرى

ويرى سامح فتحي مؤلف الكتاب أن فيلم «شباب امرأة» 1951 قد مثَل انطلاقة كبرى في مسيرة شكري سرحان، وكانت قد رشحته الفنانة تحية كاريوكا للمخرج صلاح أبو سيف لأداء دور «القروي الساذج إمام بلتاجي حسنين»، وقد ساعده على أداء الشخصية جذوره الريفية ليصبح الفيلم المأخوذ عن رواية الأديب أمين يوسف غراب في مقدمة الأفلام الواقعية المهمة في تاريخ السينما المصرية.

شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

وتعد شخصية «سعيد مهران» بطل رواية نجيب محفوظ «اللص والكلاب» من أبرز الشخصيات التي أداها شكري سرحان، حيث كتب في مذكراته أنه حينما قرأ الرواية جذبته عبارة «خرج من السجن وفي جوفه نار»، ما يوحي بسخونة أحداثها وأنه أطلق لخياله العنان لتجسيد أحداثها التراجيدية، ومَثّل الفيلم الذي أخرجه كمال الشيخ السينما المصرية في مهرجان برلين 1964، وأشاد به النقاد الألمان الذين رأوه «فيلماً مصرياً متكاملاً يرقى إلى مستوى العالمية».

ويشير الكتاب الجديد إلى تقديم الفنان الكبير لتجارب مهمة في السينما العالمية، من بينها فيلم «ابن كليوباترا»، وسلسلة أفلام «قصة الحضارة بين العصور» للمخرج العالمي روسليني، وفيلم «أسود سيناء» مع المخرج الإيراني فريد فتح الله، كما يتوقف عند أعماله المسرحية التي برزت بشكل أكبر بعد نكسة 1967.

غلاف الكتاب الجديد (الشرق الأوسط)

وحاز شكري سرحان جوائز عدة خلال مسيرته، فقد حصل على جائزة أفضل ممثل عن أدواره في أفلام «اللص والكلاب»، و«الزوجة الثانية»، و«رد قلبي»، و«شباب امرأة»، و«ليلة القبض على فاطمة»، كما تم اختياره «أفضل ممثل في القرن العشرين» بعد تصدره قائمة «أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية» بعدد 15 فيلماً في استفتاء مهرجان القاهرة السينمائي 1996، الذي كرمه قبل عام من رحيله.


مقالات ذات صلة

حكيم جمعة لـ«الشرق الأوسط»: مسلسل «طراد» يثير تساؤلات عميقة

يوميات الشرق المخرج حكيم جمعة أثناء تصوير مسلسل طراد (الشرق الأوسط)

حكيم جمعة لـ«الشرق الأوسط»: مسلسل «طراد» يثير تساؤلات عميقة

هل هناك لصوص أبطال؟ سؤال عميق يطرحه المسلسل السعودي «طراد» المقتبس عن قصة الأسطورة الإنجليزية «روبن هود» الذي أخذ على عاتقه سرقة أموال الأغنياء وتقديمها للفقراء

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق الممثل الأميركي براد بيت (رويترز)

باستخدام الذكاء الاصطناعي... محتال يوهم سيدة بأنه «براد بيت» ويسرق أموالها

تعرضت امرأة فرنسية للاحتيال من قبل رجل أوهمها بأنه الممثل الأميركي الشهير براد بيت، باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وحصل منها على مبلغ 830 ألف يورو.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مريم شريف ونهال المهدي شقيقتها بالفيلم (الشركة المنتجة)

«سنووايت» يستهل عروضه التجارية ويعوّل على حبكته الإنسانية

تنطلق، الأربعاء، العروض التجارية للفيلم المصري «سنووايت» الذي شهد عرضه العالمي الأول في الدورة الرابعة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان شكري سرحان قدم أدواراً مهمة في السينما المصرية (أرشيفية)

تصاعد الجدل حول انتقاد رموز الفن المصري بعد أزمة «شكري سرحان»

تصاعد الجدل خلال الأيام القليلة الماضية حول أزمة انتقاد رموز الفن المصري على خلفية انتقاد موهبة الفنان الراحل شكري سرحان بعد مرور 27 عاماً على رحيله.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من الفيلم صوّرته الحاج في أثناء «ثورة أكتوبر» (ميريام الحاج)

«متل قصص الحب»... رحلة سينمائية استغرقت 7 سنوات

بعد فيلمها الوثائقي الأول «هدنة» تقدّم اليوم المخرجة ميريام الحاج ثاني أعمالها السينمائية الطويلة «متل قصص الحب».

فيفيان حداد (بيروت)

باحثو «هارفارد» يكشفون خطاً شائعاً يرتكبه الباحثون عن عمل... كيف تتجنبه؟

بناء الشبكات الاجتماعية يساعدك في تقييم الفرص بشكل أفضل وتجنب قبول وظيفة تثبت أنها غير مرضية (رويترز)
بناء الشبكات الاجتماعية يساعدك في تقييم الفرص بشكل أفضل وتجنب قبول وظيفة تثبت أنها غير مرضية (رويترز)
TT

باحثو «هارفارد» يكشفون خطاً شائعاً يرتكبه الباحثون عن عمل... كيف تتجنبه؟

بناء الشبكات الاجتماعية يساعدك في تقييم الفرص بشكل أفضل وتجنب قبول وظيفة تثبت أنها غير مرضية (رويترز)
بناء الشبكات الاجتماعية يساعدك في تقييم الفرص بشكل أفضل وتجنب قبول وظيفة تثبت أنها غير مرضية (رويترز)

عندما يتعلّق الأمر بالحصول على وظيفتك التالية، فإن عدد الطلبات التي تُقدمها ليس أفضل مقياس لتحقيق النتائج المرجوة. بدلاً من ذلك، فإن الاختبار الحقيقي هو عدد المحادثات التي تجريها، وفقاً لدراسة جديدة قام بها باحثو جامعة هارفارد، بحسب شبكة «سي إن بي سي».

بعد عقد من إجراء المقابلات ودراسة أكثر من ألف عامل، وجد باحثو «هارفارد» أن أولئك الذين يتنقلون في التحولات المهنية بنجاح لديهم مهارة رئيسية مشتركة: يتفوقون في بناء شبكة اجتماعية.

ويمكن لبناء شبكة فعالة من المعارف أن يساعدك في تقييم الفرص بشكل أفضل وتجنب قبول وظيفة تثبت أنها غير مرضية، كما يؤكد المؤلفون.

يقول مايكل ب. هورن، أحد المؤلفين المشاركين في البحث، لشبكة «سي إن بي سي»: «يحب الناس القفز على (لينكد إن) أو أي لوحة وظائف والبدء في إرسال السير الذاتية دون التحدث فعلياً إلى أشخاص في الشركات أو في الأدوار التي يتقدمون لها... العثور على وظيفة هو عملية اجتماعية أكثر مما يظن الناس: السعي وراء الوظيفة المثالية عبر الإنترنت لا يؤدي عموماً إلى أفضل ملاءمة، حتى لو أدى إلى عرض».

عُرضت النتائج في Job Moves، وهو كتاب جديد شارك في تأليفه هورن، المحاضر في كلية الدراسات العليا للتربية بجامعة هارفارد؛ وإيثان بيرنشتاين، أستاذ في كلية هارفارد للأعمال؛ وروبرت مويستا، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة الاستشارات The Re - Wired Group.

يضيف هورن أن بناء شبكة من المعارف أصبح «أكثر أهمية» في سوق العمل المشبعة بالوظائف الوهمية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف، وبروز السير الذاتية التي تم إنشاؤها بواسطة «شات جي بي تي».

أظهرت الأبحاث أن المرشحين الذين تحدث أحد عنهم، أو تمت إحالتهم من قبل شخص ما، لديهم فرصة أفضل بكثير للحصول على وظيفة مقارنة بمَن يتقدمون بطلباتهم عبر وكالات التوظيف.

كيف تجعل التواصل يبدو أقل «حرجاً» وأكثر فاعلية؟

يدرك هورن أن التواصل الاجتماعي قد يبدو «محرجاً ومرعباً» بالنسبة للكثير من الناس، ولكن يمكن تبسيط العملية.

تقترح جاسمين إسكاليرا، خبيرة التوظيف في MyPerfectResume، الاستراتيجية التالية: قم بإنشاء قائمة مختصرة من الأدوار المفتوحة التي تهتم بها حقاً، ثم تواصل عبر البريد الإلكتروني أو منصة «لينكد إن» مع مدير التوظيف وفريق التوظيف وشخص قد يعمل معك.

عندما تتواصل، قدّم نفسك، واذكر أنك تقدمت بطلب، واقترح وقتاً للقاء، شخصياً أو افتراضياً.

يمكن أن توفر لك هذه الاتصالات رؤى فريدة حول الشركة والمنصب، مما قد يحسن فرصك في أن يتم النظر بملفك، وتوظيفك في النهاية.

لا يتعين عليك أيضاً التواصل بشكل مباشر مع شخص ما في منظمة مهتم بها لجني فوائد التواصل وبناء الشبكات. في بعض الأحيان، يمكن أن تسفر المحادثات مع الأفراد في دور أو صناعة تثير فضولك - بغض النظر عن المنظمة - عن رؤى أكثر صدقاً، كما ينصح بيرنشتاين.

يشرح بيرنشتاين أن أحد أكثر الأسئلة ذكاءً التي يمكنك طرحها في هذه المحادثات هو: «كيف ستقنعني بقبول هذه الوظيفة، وكيف ستقنعني بالتخلي عنها؟». يصل هذا السؤال إلى قلب التحديات والفوائد المحتملة للوظيفة.

في النهاية، يجب أن تكون المقابلات المعلوماتية «فرصة لفهم ما إذا كان الدور شيئاً تريد القيام به حقاً، وما إذا كان يتناسب مع قيمك وأولوياتك في هذه المرحلة من حياتك»، كما يقول بيرنشتاين.