«سنووايت» يستهل عروضه التجارية ويعوّل على حبكته الإنسانية

بطلة الفيلم نالت جائزة أفضل ممثلة بمهرجان «البحر الأحمر»

مريم شريف ونهال المهدي شقيقتها بالفيلم (الشركة المنتجة)
مريم شريف ونهال المهدي شقيقتها بالفيلم (الشركة المنتجة)
TT

«سنووايت» يستهل عروضه التجارية ويعوّل على حبكته الإنسانية

مريم شريف ونهال المهدي شقيقتها بالفيلم (الشركة المنتجة)
مريم شريف ونهال المهدي شقيقتها بالفيلم (الشركة المنتجة)

تنطلق، الأربعاء، العروض التجارية للفيلم المصري «سنووايت» الذي شهد عرضه العالمي الأول في الدورة الرابعة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، وتوّجت بطلته مريم شريف بجائزة «اليسر» لأفضل ممثلة، وأشاد بالفيلم المخرج العالمي «سبايك لي»، رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة.

ويأتي عرض «سنووايت» في صالات السينما بظل سباق كبير يشهده موسم العام الجديد، وتدفق لافت للأفلام التي حققت إيرادات كبيرة من بينها: «القشاش» لمحمد سعد الذي يتصدر شباك التذاكر، و«الهنا اللي أنا فيه» لكريم محمود عبد العزيز، و«الحريفة 2» لنور النبوي، و«بضع ساعات في يوم ما» لهشام ماجد وهنا الزاهد، و«البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لعصام عمر.

غير أن «سنووايت» يعول على قضية تطرحها السينما المصرية لأول مرة بتركيز ووضوح، كما يعوّل على حبكته الإنسانية التي يروي من خلالها قصة بطلته (إيمان) الفتاة قصيرة القامة التي تواجه أزمتها الشخصية وأحلامها في الحب والزواج، وأزمة مجتمع يتعرض فيه قصار القامة للسخرية والتنمر.

الفيلم من تأليف وإخراج تغريد أبو الحسن في أول أفلامها الطويلة، ويشارك في بطولته محمد ممدوح «تايسون»، وكريم فهمي ومحمد جمعة وخالد سرحان وصفوة ونهال كمال، وهو من إنتاج محمد عجمي.

منتج الفيلم محمد عجمي يتوسط مخرجته تغريد أبو الحسن وبطلته مريم شريف (الشركة المنتجة)

ويحكي الفيلم قصة (إيمان) الموظفة بأرشيف إحدى المصالح الحكومية td القاهرة، وشقيقتها الصغرى صفية «التي ولدت عادية وتتمتع بجمال لافت»، بينما (إيمان) من قصار القامة، ولا يتجاوز طولها 119 سنتيمتراً، ومع تقدم عريس لشقيقتها تشترط والدته شراء العروس ثلاجة كبيرة، ويقع على عاتق (إيمان) تدبير ثمنها حتى لا تتسبب في إفشال الزواج، فتواجه تعنُّتاً من المدير للحصول على قرض.

وتحلم إيمان مثل كل فتاة بالحب والزواج، وترتبط بعلاقة حب عن طريق الإنترنت، لكنها تخفي حقيقتها، وتكتفي بصورة لوجهها تغير ملامحها عن طريق الفوتوشوب، إلى أن تحدث المواجهة التي كانت تخشاها.

ويقدم الفيلم صورة بانورامية للقاهرة بزحام أحيائها الشعبية، ومنطقة وسط البلد بمبانيها العريقة وجسورها وتماثيل زعمائها، وتطرح مخرجته، عبر سيناريو مُحكم، أزمة قصار القامة في مصر وما يواجهونه من تنمر في الشارع والعمل.

وأقيم، الاثنين، عرض خاص للفيلم بحضور فريق العمل، كما شهد حضور بعض نجوم الفن، من بينهم ماجدة زكي وداليا البحيري وزوجها، وخالد عليش، وباسل الزارو، والمنتجان جابي خوري ومحمد حفظي.

ووصف محمد عجمي، منتج الفيلم، العمل بأنه «يروي القصة التي لم تُحك من قبل»، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «الفيلم يتضمن قصة مختلفة عن النمط التقليدي للأفلام المصرية. أردنا أن نحكيها ونطرحها لأهميتها في المجتمع، وحافظنا على صورة إبداعية تجذب المشاهد، وتحقق حضوراً بالمهرجانات، ويظل الجمهور هو الحكم في النهاية».

وأعرب عجمي عن حماسه للفيلم: «نصنع الأفلام لكي تعيش، وتصلح لكل زمان ومكان»، مشيراً إلى أنه حين قرأ السيناريو آمن بالفكرة، وشعر أنه سيكون عملاً مختلفاً ومؤثراً، لا سيما بعد أن حاز مشروع الفيلم جوائز عدة من مهرجان القاهرة السينمائي، لافتاً إلى أن النجاح الذي قوبل به بمهرجان «البحر الأحمر» وردود الفعل القوية جعلته يدفع به إلى العرض التجاري، رغم طلب عدد من المهرجانات مشاركته بها.

الملصق الدعائي للفيلم (الشركة المنتجة)

واستقبل الجمهور وصناع الفيلم مريم شريف بحفاوة وتصفيق كبيرَين مع نهاية العرض الخاص، وتلقت تهنئة خاصة من والديها اللذين حضرا العرض.

وبحسب الناقد الفني المصري خالد محمود، فإن الفيلم «يمثل الروح الحديثة للسينما المستقلة»، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «أهم 3 ظواهر بالفيلم هي مخرجته تغريد أبو الحسن التي أراها مخرجة استثنائية، والبطلة إيمان شريف التي رغم عدم خبرتها فإنها أدت دورها بواقعية وشفافية في الأداء، وثالثها سيناريو الفيلم الذي كتبته المخرجة بشاعرية ورومانسية رغم قسوة الواقع، لكنها أوصلت الرسالة للمتلقي بأن يتمسك بحلمه لآخر لحظة مثل بطلة الفيلم».

ويشيد محمود بالمشاهد الرومانسية التي تضمنها العمل مثل مشهد وقوف إيمان أمام المرآة، ومشهد تمردها على الواقع، وهي مشاهد قدمتها المخرجة بلغة سينمائية عالية، مما يجعل الفيلم تجربة توضع في مكان مرموق، وفق الناقد الفني، الذي طالب الموزعين وأصحاب دور العرض والجمهور أيضاً بأن يمنحوا الفرصة لمثل هذه النوعية من الأفلام، موضحاً أنها «قادرة على تحقيق جذب جماهيري رغم خصوصيتها، لكنها تشكل مساراً سينمائياً مختلفاً عن السائد والمعتاد».


مقالات ذات صلة

حكيم جمعة لـ«الشرق الأوسط»: مسلسل «طراد» يثير تساؤلات عميقة

يوميات الشرق المخرج حكيم جمعة أثناء تصوير مسلسل طراد (الشرق الأوسط)

حكيم جمعة لـ«الشرق الأوسط»: مسلسل «طراد» يثير تساؤلات عميقة

هل هناك لصوص أبطال؟ سؤال عميق يطرحه المسلسل السعودي «طراد» المقتبس عن قصة الأسطورة الإنجليزية «روبن هود» الذي أخذ على عاتقه سرقة أموال الأغنياء وتقديمها للفقراء

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

في ظل الجدل الذي أثير أخيراً حول «موهبته» احتفى مهرجان الأقصر السينمائي في دورته الـ14 بذكرى مئوية ميلاد الفنان المصري الكبير شكري سرحان.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الأميركي براد بيت (رويترز)

باستخدام الذكاء الاصطناعي... محتال يوهم سيدة بأنه «براد بيت» ويسرق أموالها

تعرضت امرأة فرنسية للاحتيال من قبل رجل أوهمها بأنه الممثل الأميركي الشهير براد بيت، باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وحصل منها على مبلغ 830 ألف يورو.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الفنان شكري سرحان قدم أدواراً مهمة في السينما المصرية (أرشيفية)

تصاعد الجدل حول انتقاد رموز الفن المصري بعد أزمة «شكري سرحان»

تصاعد الجدل خلال الأيام القليلة الماضية حول أزمة انتقاد رموز الفن المصري على خلفية انتقاد موهبة الفنان الراحل شكري سرحان بعد مرور 27 عاماً على رحيله.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من الفيلم صوّرته الحاج في أثناء «ثورة أكتوبر» (ميريام الحاج)

«متل قصص الحب»... رحلة سينمائية استغرقت 7 سنوات

بعد فيلمها الوثائقي الأول «هدنة» تقدّم اليوم المخرجة ميريام الحاج ثاني أعمالها السينمائية الطويلة «متل قصص الحب».

فيفيان حداد (بيروت)

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
TT

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)

ازدحم المدخل المؤدّي إلى استوديوهات «تلفزيون لبنان» بالمحتفين بالحدث. فالتلفزيون الرسمي الذي ذكَّر وزير الإعلام زياد المكاري، بأنه «أول قناة تلفزيونية في الشرق الأوسط، والشاهد الوحيد على العصر الذهبي للبنان ومهرجان بعلبك الأول عام 1956»، يُحيي في 2025 ما انطفأ منذ 2001. ذلك العام، توقّفت «القناة التاسعة» الناطقة بالفرنسية في «تلفزيون لبنان»، مُعلنةً الانقطاع النهائي للصوت والصورة. بعد انتظار نحو ربع قرن، تعود نشرة الأخبار باللغة الفرنسية بدءاً من 23 يناير (كانون الثاني) الحالي.

ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية (المكتب الإعلامي)

تتوقّف مستشارة وزير الإعلام، إليسار نداف، عند ما خطَّ القدر اللبناني منذ تأسيس هذه الخريطة: «التحدّيات والأمل». ففور اكتمال المدعوّين، من بينهم سفير فرنسا هيرفيه ماغرو، وممثل رئيس الجمهورية لدى المنظمة الفرنكوفونية جرجورة حردان، ورئيس الوكالة الجامعية الفرنكوفونية جان نويل باليو، والمسؤولة عن برامج التعاون في المنظمة الفرنكوفونية نتالي ميجان، بجانب سفراء دول وشخصيات؛ شقَّ الحضور طريقهم نحو الطابق السفلي حيث استوديوهات التلفزيون في منطقة تلّة الخياط البيروتية المزدحمة، مارّين بصور لأيقونات الشاشة، عُلّقت على الجدار، منهم رجل المسرح أنطوان كرباج، ورجل الضحكة إبراهيم مرعشلي... اكتمل اتّخاذ الجميع مواقعه، لإطلاق الحدث المُرتقي إلى اللحظة الفارقة، مُفتَتَحاً بكلمتها.

صورة إبراهيم مرعشلي تستقبل زوّار التلفزيون (الشرق الأوسط)

فيها، كما في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تُشدّد نداف على الأمل: «إنه ما يحرِّض دائماً على استعادة ما خسرناه». تُشبه إحدى مقدّمات النشرة، نضال أيوب، في تمسّكها بالثوابت. فالأخيرة أيضاً تقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية، من ديمقراطية وتضامن وتنوّع لغوي.

تُعاهد نداف «بقلب ملؤه التفاؤل والعزيمة» مَن سمّته «الجمهور الوفي»، الذي تبلغ نسبته نحو 40 في المائة من سكان لبنان، بالالتزام والوعد بأنْ تحمل هذه الإضافة إلى عائلة الفرنكوفونية ولادة جديدة، بدءاً من 23 الحالي؛ من الاثنين إلى الجمعة الساعة السادسة والنصف مساء مع «لو جورنال» من «تلفزيون لبنان».

كان كلّ شيء فرنسياً: لغة السلام والخطاب، والروح، وبعض الوجوه. في كلمته، رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى «بيت الفنانين اللبنانيين الكبار؛ فيروز، وزكي ناصيف، ووديع الصافي، والإخوة رحباني». وفيما كان الخارج يبعث الأمل لتزامُن الحدث مع يوم الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية رئيس للحكومة، ألمح الوزير إلى أنّ اللقاء يجري «غداة فصل جديد من تاريخ لبنان، للاحتفال بإعادة إطلاق أخبارنا التلفزيونية باللغة الفرنسية، بعد مرور 24 عاماً على توقُّف برامج (القناة التاسعة) المُرتبط اسمها بعملاق الإعلام الفرنكوفوني جان كلود بولس». وبأمل أن تلفت هذه النشرة الانتباه وتثير الفضول، أكد التزامها «تقديم رؤية واضحة ودقيقة لموضوعات تمسّنا جميعاً»، متوقفاً عند «رغبة متجدّدة في دعم قيم الانفتاح والتعدّدية وحرّية التعبير تُجسّدها عملية إعادة الإطلاق هذه».

تُشدّد إليسار نداف على الأمل في كلمتها (المكتب الإعلامي)

ليست الأخبار المحلّية والإقليمية والدولية ما ستتضمّنه النشرة فحسب، وإنما ستفسح المجال «للثقافة وصوت الشباب وتطلّعاتهم ورؤيتهم للبنان سيّداً علمانياً متعدّد اللغات؛ يجد كل مواطن فيه مكانه»، بوصف زياد المكاري. تشديده على أهمية الفرنكوفونية في وسائل إعلام القطاع العام مردّه إلى أنّ «الفرنسية ليست مجرّد لغة؛ إنها ثقافة وتاريخ وتراث مشترك؛ فتتيح لنا، في إطار هذه الأخبار، فرصة نقل صوت لبناني قوي ومميّز إلى الساحة الدولية، مع البقاء مُخلصين لجذورنا وثقافتنا وهويتنا».

يعلم أنّ «هذا الحلم لم يكن ليتحقّق من دون شركاء نتشارك معهم الرؤية والقيم»، ويعترف بذلك. ثم يدعو إلى «متابعة نشرة الأخبار الوحيدة باللغة الفرنسية في القطاع العام التي ستشكّل انعكاساً حقيقياً لتنوّع عالم اليوم». وقبل الإصغاء إلى كلمة ممثل المنظمة الفرنكوفونية ليفون أميرجانيان، يُذكّر بأنّ للبنان، بكونه ملتقى الحضارات والثقافات، دوراً أساسياً في تعزيز الفرنكوفونية.

رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى بيت الفنانين اللبنانيين الكبار (الشرق الأوسط)

ومنذ افتتاح مكتب المنظمة الفرنكوفونية في بيروت، تراءى ضرورياً النظر في قطاع الإعلام الفرنكوفوني بخضمّ الأزمة الاقتصادية التي تُنهك المؤسّسات ووسائل الإعلام. يستعيد أميرجانيان هذه المشهدية ليؤكد أنّ الحفاظ على اللغة الفرنسية في المؤسّسات الإعلامية مسألة حيوية للحفاظ على التنوّع الثقافي والتعبير الديمقراطي. يتوجّه إلى الإعلاميين الآتين بميكروفونات مؤسّساتهم وكاميراتها وهواتفهم الشخصية: «دوركم نقل القيم الأساسية للفرنكوفونية، مثل التعدّدية اللغوية، وتنوعّ الآراء، والانفتاح على العالم». ثم يتوقّف عند استمرار نموّ عدد الناطقين بالفرنسية في شكل ملحوظ، مع توقّعات بأنْ يصل إلى 600 مليون نسمة في حلول 2050. من هنا، يعدّ الترويج للغة الفرنسية «مسألة ضرورية لتعميق الروابط بين الدول والحكومات الناطقة بها، والسماح لسكانها بالاستفادة الكاملة من العولمة المتميّزة بالحركة الثقافية العابرة للحدود وبالتحدّيات التعليمية العالمية».

إعادة إطلاق النشرة تُعزّز هذا الطموح، وسط أمل جماعي بالنجاح، وأن تُشكّل مثالاً للقنوات الأخرى، فتُخطِّط لزيادة بثّ برامجها بلغة فيكتور هوغو.