الأحداث الفنية اللبنانية 2024: وجوه غابت وإشاعات كثيرة راجت

الذكاء الاصطناعي شكّل مسك ختامها

الصورة التي ردّت فيها نانسي عجرم على شائعة طلاقها (إنستغرام)
الصورة التي ردّت فيها نانسي عجرم على شائعة طلاقها (إنستغرام)
TT

الأحداث الفنية اللبنانية 2024: وجوه غابت وإشاعات كثيرة راجت

الصورة التي ردّت فيها نانسي عجرم على شائعة طلاقها (إنستغرام)
الصورة التي ردّت فيها نانسي عجرم على شائعة طلاقها (إنستغرام)

لم «يسلم» عام 2024 من مشاهد فنية رسخت في أذهان اللبنانيين، بينها ما يتعلق بغياب وجوه فنية معروفة، وأخرى ارتبطت بإشاعات وأخبار مزيفة، منها إعلان طلاق وإصابات بأمراض قاتلة، وأخبار وفاة فنانين معروفين تبين فيما بعد أنها مغلوطة. وشكّلت أخبار الفرح مساحة خجولة. على صعيد الدراما تصدّرت الأعمال المعرّبة والمشتركة. وانتهت السنة بمشكلة مع الذكاء الاصطناعي الذي ولّد جدلاً ونتائج سلبية.

خسارة وجوه درامية مشهورة

تلقى اللبنانيون خبر وفاة الممثل اللبناني فادي إبراهيم في 26 فبراير (شباط) بحزن كبير. وجاء غيابه إثر تدهور صحته بسبب داء السّكري.

وخسر لبنان أيضاً الممثل سمير شمص في 11 أغسطس (آب). ونال الفن المسرحي حصّته برحيل أحد الوجوه الفنية العريقة فيه، لطيفة ملتقى، في 10 أبريل (نيسان) عن عمر ناهز الـ92 عاماً.

ومن الوجوه المعروفة في عالم المهرجانات الثقافية، كوليت نوفل، التي رحلت في 31 يوليو (تموز)، بعد أن ساهمت في تألق «مهرجان بيروت الدّولي للسينما» منذ عام 1997.

ريتا حرب لاحقتها شائعات المرض والوفاة... وكانت كاذبة (إنستغرام)

إشاعات تغزو الساحة

لا تخلو الساحات الفنية من الأخبار الزائفة، فيروّج للإعلان عن وفاة مطرب وإصابة آخر بمرض عضال. ولكن في المقابل تحتل أخبار طلاق بعض الفنانين العناوين العريضة على وسائل التواصل الاجتماعي. فتولّد بلبلة بين متابعيهم لا تلبث أن تهدأ بعد تصريحات مباشرة أو العكس من قبل أصحابها.

أحدث تلك الشائعات هي التي طالت الممثلة والإعلامية ريتا حرب، حين نُشرت أخبار عن وفاتها مرّة، وعن إصابتها بمرض عضال مرة أخرى، لتخرج مستشارتها الإعلامية إليان الحاج وتكذّب الخبرين.

راغب علامة يتعرّض لموقف حرج في نهاية عام 2024 (إنستغرام)

ومن الإشاعات التي راجت بشكل كبير هي تلك الخاصة بالفنان راغب علامة وزوجته جيهان، فقد انتشر خبر طلاقهما إلى حين صدور ردّ مباشر من علامة، قال فيه: «إذا منرد على أخبار السوشيال ميديا ما منفضى نشتغل».

إشاعة طلاق أخرى راجت في الوسط الفني وتناولت الفنانة نانسي عجرم وزوجها طبيب الأسنان فادي الهاشم، ردّت عليها بصورة التُقطت لهما معاً بُعيد انتشار الخبر بساعات قليلة.

شائعة الطلاق تلاحق نجوى كرم (إنستغرام)

ونالت الفنانة نجوى كرم حصّتها من هذه الأخبار المزيفة، حين أُشيع خبر طلاقها من زوجها رجل الأعمال الإماراتي عمر الدهماني.

ارتباطات وانفصالات وجوه فنية وإعلامية

من الأخبار التي شغلت عالم التلفزيون المحلي انفصال مقدم البرامج هشام حداد عن زوجته نتالي زرقا الذي انتشر في شهر أغسطس (آب). وتحدّث عنه حداد صراحة في حين التزمت زوجته الصّمت.

وتصدّر خبر انفصال نادين نسيب نجيم عن خطيبها ناريغ ناربيكيان وسائل التواصل الاجتماعي. وحرصت نجيم على إعلانه عبر حسابها على «إنستغرام». فنشرت ستوري تظهر فيها على متن قارب في البحر. وكتبت: «يسعدني أن أعلن أنني متزوجة رسمياً! لا، أنا عزباء ومحاطة بالنعم!».

أخبار فنية حلوة ومرة شهدها عام 2024

من الفنانين الذين عادوا إلى الساحة بعد الإعلان عن اعتزالهم المهنة يوري مرقدي. بعد مرور نحو 9 سنوات على قراره عاد في عام 2024 إلى الساحة من خلال أغنية «أنا عربي».

ومن مشاهير السوشيال ميديا الذي شهد عام 2024 أفول نجمهم البلوغر «دكتور فود». أعلن عن سجنه على خلفية قضية مخدرات في شهر يوليو.

زواج دانييلا رحمة وناصيف زيتون (إنستغرام)

وتصدّر الساحة الفنية خبر سعيد، هو زواج الممثلة دانييلا رحمة من الفنان ناصيف زيتون. وأعلن الخبر رسمياً في 1 يوليو.

ومن الفنانات اللاتي شهد عام 2024 صعود نجمهن بشكل لافت ماريلين نعمان. فحققت نجاحات في عالم التمثيل من خلال مسلسل «ع أمل» الرمضاني. كما أحيت حفلات غنائية على إثره حضرها آلاف اللبنانيين.

وفي عالم الدراما حقق مسلسل «العميل» بنسخته العربية المشتركة نجاحاً كبيراً. فتفوّق بنجاحه على بقية الأعمال المشابهة التي شهدها العام.

وتوّج عام 2024 الفنانة هبة طوجي نجمة عالمية بامتياز. وكان ذلك إثر اختيارها للغناء في حفل إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام في باريس في 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقد شارك فيه عدد من النجوم العالميين من بينهم عازف البيانو الشهير لانغ لانغ، وغارو، وفيانيه، وكلارا لوسياني وغيرهم. فكانت الفنانة العربية الوحيدة الحاضرة في هذا الحفل.

إليسا تتوج عام 2024 بجائزة الأيقونة عن مشوارها لـ25 عاماً (إنستغرام)

وفي حفل «جائزة بيلبورد العربية» في 11 ديسمبر الحالي، نالت الفنانة إليسا جائزة الأيقونة عن مشوارها الفني طيلة 25 عاماً.

وكانت إليسا قد شغلت الساحة الفنية بفيلم وثائقي في العام نفسه. عُرض على منصة «نتفليكس» ويتناول قصة حياتها تحت عنوان «It’s ok».

الذكاء الاصطناعي بين الاتهام والتبرير

اختُتم عام 2024 بأخبار حفلات فنية يحييها النجوم في مناسبة ليلة رأس السنة. ولكن قبل وداعه بأيام قليلة انشغلت الساحة بخبر يتعلّق بالفنان راغب علامة الذي طغى على جميع الأحداث الفنية، لا سيما أن الذكاء الاصطناعي استخدم فيه لتبرير ما حدث مع الفنان اللبناني. وعلى خلفية اتصال حصل بين علامة والفنان الإماراتي عبد الله بالخير كانت الواقعة. وتضمّنت تسجيلاً لتلك المكالمة الهاتفية وعبارة صدرت بصوت راغب استفزت جمهور «حزب الله». فتردّد أن الاتصال مفبركُ وأن علامة هو ضحية الذكاء الاصطناعي. وبقي الخبر متداولاً في الساحة الفنية، متأرجحاً بين الشك واليقين.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».