«نفس عميق» دعوة تشكيلية للسكينة وسط ضغوط الحياة

معرض قاهري يضم 20 لوحة للفنان خالد سرور

يسجل الفراغ حضوراً بارزاً في العديد من اللوحات (إدارة الغاليري)
يسجل الفراغ حضوراً بارزاً في العديد من اللوحات (إدارة الغاليري)
TT

«نفس عميق» دعوة تشكيلية للسكينة وسط ضغوط الحياة

يسجل الفراغ حضوراً بارزاً في العديد من اللوحات (إدارة الغاليري)
يسجل الفراغ حضوراً بارزاً في العديد من اللوحات (إدارة الغاليري)

لا تتوقف تحديات الحياة ومشكلاتها، ولا يتوقف معها الاحتياج إلى لحظات من الإحساس بالسكينة والراحة والهدوء النفسي. ومثل معظم أعمال الفنان المصري خالد سرور، تأخذنا لوحاته الجديدة التي يضمها معرضه «نفس عميق» إلى عالم سلمي تسوده السعادة والتوازن مع النفس، حتى ليتمنى المشاهد العيش فيه.

في المعرض المقام في غاليري «ياسين» بالقاهرة، يلتقي الزائر بأعمال فنية مبهجة تدعوه إلى التقاط أنفاسه، ليستريح قليلاً من أزمات الحياة ونمطيتها، بعيداً عن تعقيدات العالم، وربما تكون هذه الدعوة مناسبة تماماً مع استعداد العالم لاستقبال العام الجديد، حتى لو لم يكن ذلك الأمر متعمداً من جانب الفنان الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «أصبحت الحياة المعاصرة تمثل سباقاً محموماً لا أحد ينجو منه».

أعلى السطح قد يكون ملاذاً من ضغوط الحياة (إدارة الغاليري)

ويتابع سرور: «وسط هذا الإيقاع الذي يبدو أحياناً لاإنسانياً أوجّه الدعوة إلى العودة إلى الإنسانية في أبسط صورها، من خلال ترك ماديات الحياة وضجيجها وتعقيداتها من أجل لحظات من السكينة العميقة والسعادة الحقيقية، إنها أوقات نخطفها من الروتين اليومي للشعور بالراحة والاستجمام، من دون أي مخاوف أو تأملات حول الحاضر أو المستقبل».

تبدو لوحات المعرض بسيطة بشكل مخادع؛ فهي على بساطتها ولغتها البصرية السهلة تنطوي على أفكار فلسفية ومعانٍ مؤثرة موحية؛ إذ تضع التفكير الجماعي في قلب التأملات حول السعادة، وتتناول أساسيات العلاقات الإنسانية، وتقدم خطوة إلى الوراء من الفردية؛ من أجل التركيز على الجماعية.

الونيس قد يكون طائراً (إدارة الغاليري)

من هنا تغلب على الأعمال مشاركة الشخوص أوقاتهم مع الآخرين، وحتى عندما تظهر إحدى الشخصيات منفردة فهناك «أنيس» لها وهو الطائر أو الحيوان الأليف، وكأن الونس وسيلة للتغلب على ضغوط الحياة وهيمنة الماديات، أو كما يظهر في بعض اللوحات أن مجرد فتح النافذة كل صباح؛ للسماح لضوء النهار بالدخول إلى المنزل، في حد ذاته فعل كافٍ للإحساس بأن العالم يرحّب بالمرء في الحياة ليوم آخر.

ومن لوحة إلى أخرى يزداد ترسيخ خالد سرور لمفهوم أن «السعادة قوة» عندما نتشاركها، وأن على المرء أن يحتضن الإحساس بالأمان الذي يأتي من الآخرين، وأن يحتفل بالأشياء الصغيرة في الحياة، ويبحث عن شرارة السعادة في كل لحظة.

فتح النافذة كل صباح فعل كافٍ للإحساس بأن العالم يرحب بك (إدارة الغاليري)

وبذلك تعكس الأعمال أيضاً احتفاءه المعروف بالحياة المعيشية اليومية للمصريين البسطاء، فها هي فتاة تجد سعادتها في مشاركة أفراد الأسرة تناول الطعام، وتلتقط أخرى صورة مع زينة الشارع الملونة احتفالاً بقدوم شهر رمضان، بينما قد يجد أحد شخوصه راحته وهدوئه النفسي فوق الشجرة، أو ربما فوق السطح مع الطيور والنباتات التي ترعاها، يقول سرور: «تتكون السعادة من أشياء صغيرة يمكن أن تؤثر على كل منا وفق حساسيته الخاصة».

تضع اللوحات التفكير الجماعي في قلب التأملات حول السعادة (إدارة الغاليري)

وتمثل أعمال المعرض الــ20 مثالاً لاستخدام الألوان المتماثلة والمتكاملة لخلق الطاقة والتباين الجريء مع الشعور بالانسجام والتوازن، وبينما تعمل الألوان المتناقضة كظلال الأحمر والأخضر على التعبير عن القوة والتباين، فإن الألوان المتماثلة كالأحمر مقابل الأرغواني والأزرق مع الأخضر تخلق مقاطع من الهدوء والسكينة. وأثناء ذلك يلعب الأسود دوراً محورياً في تحديد العناصر والأشكال، والتأكيد على المعاني الكامنة داخل لوحاته، جاعلاً حركة عين المشاهد في حالة من التنقل الانسيابي ما بين الألوان الناصعة المجردة والأشكال والشخوص النابضة بالحياة والحيوية.

الفنان خالد سرور (إدارة الغاليري)

ويسجل الفراغ حضوراً بارزاً في العديد من اللوحات، وقد تجد داخل اللوحة الواحدة تكويناً مكتظاً بالعناصر، بينما تعثر على فراغ لافت في جانب آخر منها، ما يثير دهشتك، لكنك حين تسترجع ثيمة المعرض وعنوان «نفس عميق» تكتشف أن هذا الفراغ ما هو إلا لحظات الراحة و«التقاط الأنفاس» التي يدعونا إليها الفنان، وسط ضغوطات الحياة أو الأفكار المكتظة داخل أدمغتنا.

يشار إلى أن الفنان خالد سرور هو أستاذ بكلية التربية الفنية بالزمالك، وسبق أن عمل رئيساً لقطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية، ويعد عضواً فاعلاً في الحركة التشكيلية منذ عام 1985، وأقام العديد من المعارض الخاصة والجماعية في مصر والخارج.


مقالات ذات صلة

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

يوميات الشرق مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق المعرض يتضمّن برنامجاً ثقافياً متنوعاً يهدف إلى تشجيع القراءة والإبداع (واس)

انطلاق «معرض جازان للكتاب» فبراير المقبل

يسعى «معرض جازان للكتاب» خلال الفترة بين 11 و17 فبراير 2025 إلى إبراز الإرث الثقافي الغني للمنطقة.

«الشرق الأوسط» (جيزان)
يوميات الشرق عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

بات «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، يشكل تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق الطبيعة بريشة الفنانة البرازيلية (متحف لوكسمبورغ)

تارسيلا دو أمارال... الفنانة المتمردة التي رسمت البرازيل

يأتي معرض الرسامة البرازيلية تارسيلا دو أمارال، في متحف دوقية لوكسمبورغ، ليشيع دفئاً لاتينياً جنوبياً يأخذ زواره إلى بقاع تحب الألوان الحارة والإيقاعات البدائية

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مشهد من معرض «آدم حنين... سنوات باريس» (مكتبة الإسكندرية)

روائع آدم حنين الباريسية ترى النور للمرة الأولى في مصر

تعكس أعماله الفنّية سمات ميَّزت آدم حنين في التصوير والنحت، إذ تكشف غلبة التجريد على لوحاته التصويرية، وسعيه إلى الوصول نحو آفاق روحية بالغة السمو والإنسانية.

حمدي عابدين (القاهرة)

أنغام تراهن على مواكبة الصيحات الموسيقية بألبومها الجديد

أنغام تطلق ألبومها الجديد «تيجي نسيب» (الشركة المنتجة)
أنغام تطلق ألبومها الجديد «تيجي نسيب» (الشركة المنتجة)
TT

أنغام تراهن على مواكبة الصيحات الموسيقية بألبومها الجديد

أنغام تطلق ألبومها الجديد «تيجي نسيب» (الشركة المنتجة)
أنغام تطلق ألبومها الجديد «تيجي نسيب» (الشركة المنتجة)

تراهن الفنانة المصرية أنغام على مواكبة أحدث الصيحات الموسيقية العالمية في ألبومها الجديد «تيجي نسيب» الذي احتفلت بإطلاقه، الأربعاء، في حفل كبير بإحدى دور العرض السينمائية المصرية، بحضور صناع أغنيات الألبوم، وعدد من الفنانين ورموز الإعلام المصري.

وشهد الحفل عرض كليب أغنية «تيجي نسيب» لأول مرة، الذي عرض بتقنية «Dolby Atmos» التي تمنح الجمهور تجربة استماع ثلاثية الأبعاد تضيف بعداً جديداً للموسيقى.

ويذكر أن ألبوم أنغام الجديد «تيجي نسيب» هو من إنتاج شركتها الجديدة «صوت مصر»، وتضمن 12 أغنية هي: «وبقالك قلب»، و«تيجي نسيب»، و«موافقة»، و«إيه الأخبار»، و«خليك معاها»، و«اسكت»، و«أقولك إيه»، و«كان بريء»، و«القلوب أسرار»، و«مكانش وقته»، و«بنعمل حاجات»، و«هو أنت مين».

وتعاونت في الألبوم مع نخبة من صناع الأغنية المصرية أبرزهم: أمير طعيمة، وطارق مدكور، وهالة الزيات، ومحمود خيامي، ومصطفى حدوتة، وإيهاب عبد الواحد، وأكرم حسني، ونادر حمدي، ونور عبد الله، ومصطفى العسال، ومحمد العشي، وتامر عاشور، ومحمد الشرنوبي، وعزيز الشافعي، وخالد سليمان.

كانت أنغام قد فاجأت جمهورها بضم أغنية «وبقالك قلب»، التي تستحوذ على حقوقها منذ أكثر من 17 عاماً، للألبوم لتكون «هيد» عملها الفني الجديد، وهي من ألحان الموسيقار الراحل رياض الهمشري.

ووصفت أنغام ألبومها خلال لقائها مع وسائل أإعلام بأنه «تجربة مميزة»، قائلة: «ألبوم (تيجي نسيب)، هو تجربة مميزة في مسيرتي الفنية، حاولت من خلالها مواكبة التطور الموسيقي في العالم، من خلال تقديم أشكال موسيقية لم تقدم من قبل في الشرق الأوسط، وأتوقع أن الأجيال القادمة التي ستستمع للألبوم، ستشكر فريق العمل على ما قدموه بهذا التطور وبتلك التقنيات».

وحول سبب إطلاقها اسم «صوت مصر» على شركتها الفنية الجديدة، قالت أنغام: «من يتابعني جيداً، يعلم أن هذا اللقب يطلق علي منذ فترة طويلة، وهو أمر ليس بجديد علي، وفي النهاية أنا لست متعمقة في الأمور الإدارية مقارنة بالغناء والموسيقى».

الفنانة أنغام شكرت فريق العمل على ما قدموه من أغانٍ (الشركة المنتجة)

وقدمت الفنانة المصرية الشكر لكل فريق عمل ألبومها الجديد وبالتحديد الفنان أكرم حسني، مضيفة: «رحلة العمل على ألبوم (تيجي نسيب) تجربة ممتعة وصعبة، والمبدعون الذين شاركوني تلك الرحلة كانوا على مستوى عالٍ من الرقي والفن، وهم سبب نجاحي، وأقدم شكراً خاصاً للفنان أكرم حسني، الذي أصبح في مصاف كبار الشعراء في الوطن العربي، بعد أن ظهرت حقيقته وموهبته في الشعر مثلما هي في التمثيل».

وأعرب الموسيقار محمود الخيامي عن سعادته البالغة لمشاركته الفنانة أنغام في ألبومها الجديد بأغنية «هو أنت مين»، وكشف عن كواليس الأغنية، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت الفكرة بعد أن أعجبت بأغنية أنغام التي قدمتها في ألبومها الماضي (يا ريتك فاهمني)، التي أراها إحدى أغنياتها العظيمة من ألحان الفنان تامر عاشور، ولا أنكر أنني استلهمت فكرة أغنيتي منها، ثم عملت على الأغنية مع الشاعرة هالة الزيات، وقدمنا الأغنية لأنغام، التي تحمست لها كثيراً، ووافقت فوراً على تقديمها في ألبومها الجديد، وبعد نجاح الأغنية اقترحت علي أنغام دمج أغنية (هو أنت مين) مع أغنية (يا ريتك فاهمني) في حفلاتها الغنائية».

أما الشاعر أمير طعيمة الذي قدّم لأنغام في ألبومها 4 أغنيات، فتحدث قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «منذ ما يقرب من 20 عاماً، وأنا وأنغام دائماً ما نقدم سنوياً أعمالاً غنائية، نحن أصبحنا معتادين على بعضنا البعض، ونفهم ما نريده، ولذلك لم أجد صعوبة في العمل معها خلال هذا الألبوم، ربما فكرة الأغنيات الـ4 التي قدمتها لها هذا العام بها النزعة الهجومية أعلى من الرومانسية بعض الشيء».

كشف طعيمة عن الأغنية الأقرب لقلب أنغام من كلماته قائلاً: «أعتقد أن الأغنيات الأربع قريبة من قلب أنغام، وربما أقربها (مكنش وقته)، لأننا وقتها تحدثنا كثيراً عن الأغنية وفكرتها».