السينما المصرية في 2024... إيرادات قياسية وولادة مخرجات جديدات

بعض أفلامها سجلت حضوراً مميزاً في مهرجانات دولية

أبطال الفيلم مع المخرج طارق العريان (حساب كريم قاسم على «فيسبوك»)
أبطال الفيلم مع المخرج طارق العريان (حساب كريم قاسم على «فيسبوك»)
TT

السينما المصرية في 2024... إيرادات قياسية وولادة مخرجات جديدات

أبطال الفيلم مع المخرج طارق العريان (حساب كريم قاسم على «فيسبوك»)
أبطال الفيلم مع المخرج طارق العريان (حساب كريم قاسم على «فيسبوك»)

شهدت السينما المصرية أحداثاً وظواهر عدة خلال عام 2024، لكن 3 منها كانت لافتة وجديرة بتسليط الضوء عليها، وهي الإيرادات القياسية التي حققتها، وتسجيل أفلامها حضوراً مميزاً بالمهرجانات الدولية الكبرى، بالإضافة إلى ظهور 7 مخرجات جديدات للمرة الأولى قدمن أعمالاً حققت نجاحاً نقدياً.

قفزات بالإيرادات

تصدَّر قائمة الإيرادات لعام 2024 فيلم «ولاد رزق 3: القاضية»، الذي دعمت إنتاجه «هيئه الترفيه» السعودية، وتم تصوير بعض مشاهده بـ«موسم الرياض»، وأدى بطولته أحمد عز وعمرو يوسف وآسر ياسين، وهو من إخراج طارق العريان، وحاز المركز الأول محققاً إيرادات بلغت 260 مليوناً و226 ألف جنيه مصري (الدولار يساوي 50.87 جنيه مصري)، فيما احتل فيلم «X مراتي» المركز الثاني بإيرادات قدرها 92 مليوناً و797 جنيهاً، وهو من بطولة هشام ماجد وأمينة خليل ومحمد ممدوح وإخراج معتز التوني، وجاء في المركز الثالث فيلم «شقو» لعمرو يوسف ويسرا ودينا الشربيني وإخراج كريم السبكي، محققاً 78 مليوناً و815 جنيهاً.

السينما المصرية التي شهدت عرض 45 فيلماً روائياً طويلاً في عام 2024، انتعشت بفضل الدماء الجديدة التي انضمت إليها، عبر مخرجين جدد عرضت مهرجانات دولية كبرى أعمالهم، وأحرز بعضهم جوائز مهمة، على غرار ندى رياض وأيمن الأمير مُخرجيْ فيلم «رفعت عيني للسما» المتوَّج بجائزة «العين الذهبية» بمهرجان «كان»، وهي المرة الأولى التي يفوز فيها فيلم مصري بهذه الجائزة، وفيلم «معطر بالنعناع» للمخرج محمد حمدي الذي شارك بـ«أسبوع النقاد» بـ«مهرجان فينسيا»، وفيلم «شرق 12» للمخرجة هالة القوصي الذي عُرِض ضمن تظاهرة «نصف شهر المخرجين» بمهرجان «كان» السينمائي.

فيلم «رفعت عيني للسما» الذي حاز على جائزة «العين الذهبية» بمهرجان «كان» (الشركة المنتجة)

كما شارك فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» للمخرج خالد منصور بمهرجان «فينيسيا»، وحاز على جائزة «لجنة التحكيم» بمسابقة «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» الذي ساهم بدورته الرابعة في الكشف عن أفلام مهمة، من بينها فيلم «سنو وايت» لمخرجته تغريد أبو الحسن، وفيلم «ضي» للمخرج كريم الشناوي الذي افتتح دورته الماضية، وهو إنتاج مصري سعودي، وتم اختياره للعرض بـ«مهرجان برلين»، في دورته المقبلة (2025).

مخرجات جديدات

وشهد عام 2024 ميلاد 7 مخرجات جديدات قدمن أفلامهن الطويلة الأولى التي شهدت تنوعاً كبيراً بين الرومانسية والاجتماعية والكوميدية، وهن كوثر يونس بفيلم «مقسوم»، وهبة يسري بفيلم «الهوى سلطان»، ونهى عادل بفيلم «دخل الربيع يضحك»، وزينة أشرف عبد الباقي بفيلم «مين يصدق»، وجيلان عوف بفيلمها «الفستان الأبيض»، وتغريد أبو الحسن بفيلم «سنووايت»، كما أقدمت الفنانة دُرة على تقديم أولى تجاربها مخرجةً في الفيلم الوثائقي الطويل: «وين صرنا»، الذي شارك بمهرجانَي «القاهرة» و«قرطاج».

المخرجة زينة عبد الباقي وفريق فيلمها الأول «مين يصدق» (الشركة المنتجة)

وتضع الناقدة ماجدة خير الله فارقاً بين السينما المستقلة التي أفرزت أفلاماً قليلة الميزانية استطاعت تمثيل مصر في مهرجانات مهمة، دون اعتماد على نجوم في بطولتها، وانطوت على جرأة وإصرار على تقديم أفكار مغايرة، فيما لم تحرز السينما التجارية أي تقدُّم، حيث تدور في نفس فلك الكوميديا و«الأكشن»، وفق تعبيرها، مضيفة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «فيلم (الهوى سلطان) حقَّق مفاجأة، لأنه جمع بين الرومانسية المغلفة بكوميديا بسيطة، وهو يمثل رجوعاً لدور المرأة في السينما تماماً، مثل فيلم منى زكي (رحلة 404) الذي ترشح لـ(الأوسكار)»، كما ترى خير الله أن ظاهرة المخرجات الجديدات «أمر مبشِّر لم يحدث منذ زمن».

مخاوف مشروعة

ومن الظواهر الإيجابية التي شهدتها السينما المصرية خلال عام 2024، وفق الناقد رامي عبد الرازق، مشاركة أفلام مصرية بشكل مميز في مهرجانات دولية، في ظل إنتاج سينمائي اتسم بالتنوع، واعتمد أفكاراً جديدة، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الوقوف عند نوعيات الأكشن أو الكوميديا فقط يجعل السينما تخسر جمهوراً لا تستهويه هذه الأفلام».

وبينما تتوقف خير الله عند منع عرض فيلم «الملحد»، والفيلم القصير «آخر المعجزات»، متمنية أن يكون هناك تاريخ جديد للرقابة تتوقف فيه عن قرارات المنع، يرى عبد الرازق أن تغيير مسؤول جهاز الرقابة على الأفلام خطوة إيجابية، لأن المهام الثقافية تعتمد على التفاعل الدائم، وأن ثبات الشخص في مكانه لا يحقق هذا التفاعل، متمنياً أن يمتد الأمر لتحقيق رؤية رقابية جديدة تتواكب مع الزمن الحالي بكل متغيراته.

ويلفت الناقد المصري إلى ارتفاع أسعار تذاكر السينما قائلاً إن الجمهور المصري يتردد على السينما منذ أكثر من 100 عام، ومثَّلت رافداً مهماً من ثقافته واهتماماته، مؤكداً أن رفع سعر التذكرة يمثل خسارة للجميع.

ولا يعتقد المخرج أمير رمسيس أن الصورة كانت إيجابية في السينما المصرية عام 2024. وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن الإنتاج السنوي هو المقياس الحقيقي لازدهار الصناعة التي لا تنمو بعدة أفلام شاركت في مهرجانات ولا بعدد أفلام ثابت حقق قفزة بالإيرادات». ويرى رمسيس أن «التقييم الأعم يُقاس بالأفلام متوسطة الميزانية التي بات من المستحيل إنتاجها، بسبب ارتفاع أسعار الخامات والأزمة الاقتصادية والرسوم المفروضة على صناعة الفيلم».

لقطة من فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» (الشركة المنتجة)

وفي الختام، طالَبَ المخرج المصري بإقرار تسهيلات في رسوم التصوير بالشوارع ومختلف الأماكن، وحلّ معوقات كثيرة تعطِّل الصناعة، مشيراً إلى أن «أزمة منع فيلم (الملحد) تدعو للخوف، حين يكون لدى أي سينمائي فيلم أُجيز رقابياً ثم يتم منع عرضه»؛ ما عَدَّه «شيئاً مخيفاً على مستوى استمرارية الصناعة التي قد تواجه خطراً ما لم يحدث تغير بوجود نظام واضح للإنتاج بشكل مستقر» على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

تامر حسني ورامي صبري يخطفان الاهتمام في «فعلاً ما بيتنسيش»

المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)
المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)
TT

تامر حسني ورامي صبري يخطفان الاهتمام في «فعلاً ما بيتنسيش»

المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)
المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)

تصدّرت أغنية «فعلاً ما بيتنسيش» التي جمعت تامر حسني ورامي صبري في «ديو غنائي» للمرة الأولى في مشوارهما، «تريند» موقع «يوتيوب»؛ وخطفت الأغنية الاهتمام مُحقّقة مشاهدات تجاوزت 600 ألف مشاهدة بعد طرحها بساعات. وهي من كلمات عمرو تيام، وألحان شادي حسن. ويدور الكليب الغنائي الذي أخرجه تامر حسني حول علاقات الحب والهجر والندم.

وتعليقاً على فكرة «الديوهات الغنائية» ومدى نجاحها مقارنة بالأغنيات المنفردة، قال الشاعر المصري صلاح عطية إن «فكرة الديو الغنائي بشكلٍ عام جيدة وتلقى تجاوباً من الجمهور حين يكون الموضوع جيداً ومُقدماً بشكل مختلف».

تامر حسني ورامي صبري في لقطة من كليب «فعلاً ما بيتنسيش» (يوتيوب)

ويؤكد عطية أن «الديو» ينتشر أولاً بنجومية مطربيه وجماهريته، ومن ثَمّ جودة العمل. وفي ديو «فعلاً ما بيتنسيش» للنجمين تامر ورامي، قُدّم العمل بشكل يُناسب إمكاناتهما الصّوتية ونجوميتهما، كما أنه خطوة جيدة وستكون حافزاً لغيرهما من النجوم لتقديم أعمالٍ مشابهة.

وشارك تامر حسني فيديوهات كثيرة لتفاعل الجمهور مع ديو «فعلاً ما بيتنسيش»، عبر حسابه الرسمي في موقع «فيسبوك»، وكتب تعليقاً عبر خاصية «ستوري» لأحد متابعيه بعد إشادته بالديو جاء فيه: «منذ 10 أشهرٍ وأنا أعمل وأفكر مع رامي لتقديم عملٍ يليق بالجماهير الغالية السَّمّيعة».

رامي صبري في لقطة من الكليب (يوتيوب)

وبعيداً عن الإصدارات الغنائية، ينتظر تامر حسني عرض أحدث أعماله السينمائية «ري ستارت». وبدأ حسني مشواره الفني مطلع الألفية الجديدة، وقدّم بطولة أفلام سينمائية عدّة، من بينها «سيد العاطفي» و«عمر وسلمى» و«كابتن هيما» و«نور عيني» و«البدلة» و«الفلوس» و«مش أنا» و«بحبك» و«تاج».

«ولأن الديو وغيره من الألوان مثل (الموشّحات والدور والقصيدة)، لم يعد لها في السنوات الأخيرة وجود لافت على الساحة، فإنه عندما يقدّم أحد النجوم عملاً حقيقياً وصادقاً فإنه يلمس الوتر عند الجمهور ويحقّق النجاح، وهذا ما فعله تامر ورامي»، وفق أحمد السماحي، الناقد الفني المصري.

وتابع السماحي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «ديو (فعلاً ما بيتنسيش) عملٌ مناسبٌ للأجواء الشتوية، ويتضمّن كلمات هادفة وموضوعاً مهماً مثل (عدم تقدير الحبيب) والندم على ذلك». كما أشاد السماحي بأداء رامي وتامر في الكليب، خصوصاً أن قصته يعاني منها شباب كثر، وظهورهما معاً أظهر فكرة المعاناة في بعض العلاقات العاطفية.

تامر حسني (حسابه في فيسبوك)

لم يكن ديو رامي وتامر الأول في مسيرة الأخير، فقد شارك خلال مشواره في أعمالٍ غنائية مع عدد من الفنانين، من بينهم شيرين عبد الوهاب وعلاء عبد الخالق وكريم محسن والشاب خالد وأحمد شيبة ومصطفى حجاج وبهاء سلطان وغيرهم.

في حين بدأ رامي صبري مشواره بالتلحين، وقدّم بعد ذلك أغنيات خاصة به، من بينها «حياتي مش تمام»، و«لما بيوحشني»، و«أنتي جنان»، و«بحكي عليكي»، و«غريب الحب». وقبل يومين، شارك صبري في حفلٍ غنائيٍّ على مسرح «أبو بكر سالم»، جمعه بالفنانة اللبنانية نانسي عجرم ضمن فعاليات «موسم الرياض».

من جانبها، نوّهت الدكتورة ياسمين فراج، أستاذة النقد الموسيقيّ في أكاديمية الفنون، بأنه لا يمكننا إطلاق مصطلح «ديو غنائي» على أغنية «فعلاً ما بيتنسيش» التي جمعت رامي وتامر، فهي أغنية تصلح لمطرب واحد، مشيرة إلى أن «الديو له معايير أخرى تبدأ من النّص الشعري الذي يتضمّن السؤال والجواب والحوار».

ولفتت ياسمين فراج، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «مشاركة نجمين من الجيل نفسه في أغنية، تُوحي بالترابط بينهما، ووجودهما على الساحة له مردودٌ إيجابي جاذبٌ للناس نظراً لجماهيريتهما التي رفعت من أسهم الأغنية سريعاً».

تامر حسني ورامي صبري في لقطة من كليب الأغنية (يوتيوب)

ووفق عطية، فإن «فكرة الديوهات قُدّمت منذ زمن طويل وجمعت نجوماً، من بينهم محمد فوزي وليلى مراد في أغنية «شحّات الغرام»، وفريد الأطرش وشادية في أغنية «يا سلام على حبي وحبك»، وحتى في تسعينات القرن الماضي، قدّم الفنان حميد الشاعري كثيراً من الديوهات أشهرها «عيني» مع هشام عباس، و«بتكلم جد» مع سيمون.

وأفاد عطية بأن هناك ديوهات حققت نجاحاً لافتاً من بينها أغنية «مين حبيبي أنا» التي جمعت وائل كفوري ونوال الزغبي، و«غمّض عينيك» لمجد القاسم ومي كساب، حتى في نوعية المهرجانات شارك عمر كمال وحسن شاكوش في أغنية «بنت الجيران».