إنها الرابعة فجراً، ولا تستطيع العودة إلى النوم. تتقلب في فراشك، تعيساً لعلمك أن عليك الاستيقاظ بعد ساعتين للذهاب إلى العمل. يا ليتك تستطيع الحصول على ساعة نوم إضافية!
النوم للنجاح
ووفق تقرير لموقع «سايكولوجي توداي»، يُعدّ الأداء الوظيفي حافزاً كبيراً للكثيرين للنوم جيداً. حتى إن بعض الباحثين وصفوا النوم بأنه «مورد استراتيجي» لأصحاب العمل. قد يجعل هذا «المورد» (الحصول على قسط كافٍ من النوم) الناس أكثر التزاماً بالأخلاق في مكان العمل، ويساعدهم على اتخاذ قرارات أفضل.
وتشجع العديد من النصائح الشائعة حول النوم على اتباع عادات نوم صحية أو الانضباط الشخصي كوسيلة للنجاح - أو على الأقل البقاء - في ظل النظام الاجتماعي والاقتصادي الحالي.
إذا كانت لدى غالبية الناس أنماط نوم منتظمة وساعات عمل ثابتة، فسيكون من الأسهل على أصحاب الأعمال والمديرين تحقيق أقصى قدر من الأرباح. يمكنهم موازنة تكاليف التشغيل مع الإيرادات المتوقعة وفقاً لأنماط الاستهلاك المتوقعة بناءً على الدورات اليومية. وهذا ينطبق على موظفيهم وعملائهم.
الاقتصاد يعتمد على النوم
بعبارة أخرى، تعتمد العمليات الاقتصادية بشكل مباشر على عادات النوم. ومن البديهي أنه من دون نوم، يفقد العمال القدرة على المشاركة بفاعلية في العمل. لكن بعض أماكن العمل تعتمد على وجود الجميع في نفس الوقت.
تخيل مدرسة يحضر فيها المعلمون والطلاب متى شاءوا، أو مكتبة تفتح أبوابها في أوقات غير منتظمة، ولا يعلم الزبائن متى قد يحدث ذلك.
النوم يعتمد على الاقتصاد
بالطبع، ينعكس النوم والروتين اليومي ويؤثران على بعضهما.
وكما كتب عالم الأنثروبولوجيا الثقافية ماثيو وولف ماير في كتابه «الجماهير النائمة»: «إن وجود النوم وإيقاعاته يُشكلان حياتنا اليومية. وفي الوقت نفسه، يؤثر هيكل حياتنا اليومية على نومنا».
بعبارة أخرى، فإن الانتماء إلى مجتمع قائم على نظام اقتصادي مشترك (مثل الرأسمالية أو الشيوعية) يُشكل نومنا. في هذه الأثناء، يُشكّل النوم طريقة تنظيمنا لوقتنا ضمن هذا النظام.
وبطبيعة الحال، تنطبق هذه العلاقة على جميع التزاماتنا الاجتماعية، مثل تناول الطعام أو قضاء الوقت مع العائلة. أي نشاط يتطلب الوجود مع الآخرين يجب أن يحدث في الوقت الفعلي، ما يعني أنه من المفترض أن يكون الجميع مستيقظين حينها (إلا إذا كان الأمر يتعلق بمبيت في منزل أحد الأصدقاء).
هل يجب أن ننام جميعاً في نفس الوقت؟
لماذا يصعب عليك الاستيقاظ صباحاً، حتى عندما تكون متحمساً للعمل؟
بعض الناس مُبرمجون على الاستيقاظ باكرا، بينما يُبرمج آخرون على الاستيقاظ متأخراً. هناك ميزة تطورية لهذا. وفي عام 1966، اقترح فريدريك سنايدر أن وجود شخص مستيقظ دائماً يُفيد المجموعة.
فالأسود تصطاد ليلاً. من الجيد وجود شخص مُنتبه للمراقبة. ويميل كبار السن في الخمسينات والستينات من العمر إلى النوم مبكراً، بينما ينام الشباب في العشرينات والثلاثينات من العمر في وقت متأخر.
وبحثت دراسة حديثة هذه النظرية بعمق أكبر. ووجدت أن أفراد جماعات الصيد وجمع الثمار في تنزانيا لم يناموا جميعاً في نفس الوقت إلا لمدة 18 دقيقة فقط خلال 20 يوماً كاملاً. في أي وقت تقريباً، كان هناك شخص مستيقظ لحماية المجموعة. (قد يفكر الآباء أيضاً في السهر على تلبية احتياجات الأطفال في الليل).
تغير العلاقات
غيّرت جائحة «كوفيد – 19» عاداتنا في العمل. فأصبح عدد أكبر بكثير من الناس يعمل من المنزل مقارنة بالماضي. قبل ذلك، عزّز الإنترنت قدرتنا على العمل بشكل غير متزامن مع الناس في جميع أنحاء العالم. ويمكنك تقديم ندوة عبر الإنترنت في سياتل أثناء إقامتك في باريس، وهو ما قد يناسب تماماً ميولك للسهر.
وعلى الرغم من ذلك، بالنسبة لملايين الناس، تُتيح ساعات العمل الإلزامية المنتظمة فرصة يومية للنوم. ويظل الاقتصاد وراحة الفرد مترابطين بشكل وثيق. ولن تختفي منبهات الساعة السادسة المزعجة في أي وقت قريب.