عسيري لـ«الشرق الأوسط»: «البحر الأحمر» هو السفير الأول للسينما المحلية والإقليمية

الرئيس التنفيذي المكلف للمهرجان يكشف عن مفاجآت الدورة الجديدة قبل ساعات من انطلاقها

‎⁨فيلم «زيرو» للمخرج جان لوك إيربول يُعرض في الدورة الجديدة (إدارة المهرجان)⁩
‎⁨فيلم «زيرو» للمخرج جان لوك إيربول يُعرض في الدورة الجديدة (إدارة المهرجان)⁩
TT

عسيري لـ«الشرق الأوسط»: «البحر الأحمر» هو السفير الأول للسينما المحلية والإقليمية

‎⁨فيلم «زيرو» للمخرج جان لوك إيربول يُعرض في الدورة الجديدة (إدارة المهرجان)⁩
‎⁨فيلم «زيرو» للمخرج جان لوك إيربول يُعرض في الدورة الجديدة (إدارة المهرجان)⁩

يترقب عشاق الفن السابع انطلاق الدورة الربعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، الخميس، التي تستضيفها مدينة جدة في الفترة من 5 إلى 14 ديسمبر (كانون الأول)، وفي خضم هذه التحضيرات، كشف محمد بن عايض عسيري، الرئيس التنفيذي المكلف للمهرجان، في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، عن أهم مفاجآت الدورة الجديدة، التي من أبرزها عودة المهرجان إلى «البلد» جدة التاريخية.

وأضاف عسيري أن «المهرجان سيتميز بحضور قوي لأبرز الصناعات السينمائية العالمية وأكثرها تأثيراً، إلى جانب عرض مجموعة من الأعمال المحلية والعالمية التي تُعرض لأول مرة في المنطقة». وتابع: «يضم برنامج المهرجان لهذا العام 38 مخرجة من 19 دولة، ليصبح بذلك منصةً تحتفي بإبداعات النساء في عالم السينما والتي ستُبرز التنوع الثقافي والفني الذي يشكل جزءاً من هوية المهرجان منذ انطلاقه. كما أن دعمنا صانعات الأفلام يأتي بهدف إبراز أصواتهن وتقديم رؤى جديدة تُثري صناعة السينما العالمية بجمالها وعمقها... بالإضافة إلى وجود الكثير من المفاجآت التي تعكس مكانة المهرجان وأهميته على الساحة العالمية».

محمد عسيري يتوسط كليم أفتاب وشيفاني بانديا وسماهر موصلي (من اليمين) وأنطوان خليفة من اليسار (الشرق الأوسط)

عناق السينما والتراث

وعن سبب اختيار منطقة «البلد» جدة التاريخية موقعاً لدورة هذا العام، يقول عسيري: «إن المهرجانات السينمائية تقتبس روحها وهويتها من تُراث المدن المستضيفة لها، وينعكس هذا المفهوم بصورة واضحة من خلال عودتنا إلى منطقة تعكس أصالة تراثنا السعودي العريق ونظرتنا المستقبلية المرتبطة بشكل وثيق بهويتنا الأصيلة... حيث تعدّ هذه المنطقة نقطةً لتلاقي الحضارات، ومحطةً لربط مختلف الثقافات والهويات والأعراق، واليوم تواصل مسيرتها الثقافية باحتضان سرديات قصصية آسرة ومتنوعة من شتى أنحاء العالم».

تظهر الدورة الجديدة عراقة التراث والتصاميم العمرانية الأصيلة في قلب البلد جدة التاريخية (الشرق الأوسط)

وأردف: «تجسّد عودتنا إلى البلد أهمية هذه المنطقة، ليس فقط على الصعيدين الثقافي والتاريخي فحسب، بل لكونها ملتقى حيوياً يقرّب المهرجان من الجمهور المحلي... في «البلد»، وتحديداً «ميدان الثقافة»، سيكون المهرجان أقرب لعشاق السينما، ليصبح جزءاً من قلب جدة النابض، مقدماً لهم تجربة سينمائية متكاملة تربط عراقة الماضي بأصالة الحاضر. كما يحتضن مقرّنا الجديد في «ميدان الثقافة» الواقع على ضفاف بحيرة الأربعين في البلد جدة التاريخية؛ 5 صالات سينمائية فاخرة، بالإضافة إلى المسرح الرئيس الذي يضم واحدة من أكبر شاشات العرض السينمائي في المملكة، بجانب الكثير من المرافق التي ستساهم في خلق تجربة سينمائية مختلفة للدورة الرابعة».

وأشار عسيري إلى أن المقرّ الجديد يحمل جوهر التراث المعماري العريق الذي تتفرد به مدينة جدة، كما تم تطعيمه بلمسات حديثة تعكس روح الإبداع المعاصر، حيث تزدان واجهاته بالرواشين الخشبية التي تُعدّ رمزاً ثقافياً أصيلاً، وتتزين ثناياه بالأقواس المزخرفة والأبواب الخشبية، لتعكس الحِرفة الفائقة التي لطالما زانت هذه الأرض، وتكرِّم روح البناء المعماري العريق المُستلهم من أصالة تراث الوطن العريق.

الموقع الجديد للمهرجان حيث يتم العمل حالياً عليه (خاص - الشرق الأوسط)

عروض حصرية

ولطالما امتاز المهرجان بالعروض الأولى لأهم إنتاجات السينما العربية والعالمية، وهنا يقول عسيري: «فخورون بأن 50 في المائة من الأفلام التي سيتم عرضها هي عروض حصرية على الصعيدين العالمي والإقليمي، حيث بلغت 46 عرضاً عالمياً حصرياً، و15 عرضاً دولياً، و53 عرضاً حصرياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتعزز هذه الأرقام من مكانة المهرجان باعتباره منصةً سينمائية رائدة لاحتضان المواهب السينمائية واستكشافها».

وأفصح أنه على مدار السنوات الأربع الماضية، عرض المهرجان أكثر من 400 فيلم بأكثر من 48 لغة، مبيناً أن مهرجان هذا العام سيتميز بحضور قوي لأبرز الصناعات السينمائية العالمية وأكثرها تأثيراً اليوم، مع عرض مجموعة من الأعمال التي تُقدَّم لأول مرة في المنطقة. من الهند، تقدم المخرجة ريما كاجتي فيلم «ماليجون الخارقون» في عرضه الأول بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما سيُعرض فيلم «كي بوبس» للمرة الأولى في المنطقة، وهو أول تجربة إخراجية للفنان الحائز 8 جوائز «غرامي»، أندرسون باك. ومن بين الأفلام المنتظرة أيضاً فيلم «حالة مفاجئة من عيد الميلاد» الذي يضم النجمة جاين فوندا، وكذلك فيلم «مودي» لجوني ديب في إصداره الجديد.

كما شهد المهرجان ارتفاع عدد الدول المشاركة إلى 85 دولة، حيث يحتفي هذا العام بأصوات جديدة وصاعدة من العالم العربي وأفريقيا وآسيا. عن هذا يقول عسيري «نحتفي بمجموعة متميزة من إبداعات المخرجين السعوديين الموهوبين، الذين يتصدرون مشهد السينما السعودية ويقودون صناعتها الواعدة بخطى ثابتة، ويشتمل برنامج المهرجان لهذا العام على 6 أفلام سعودية طويلة و28 فيلماً قصيراً، لتجسد هذه الأعمال تنوعاً فنياً يعكس تطور الصناعة السينمائية في المملكة ورؤية مشرقة لمستقبلها».

المخرج العالمي سبايك لي رئيساً للجنة تحكيم الدورة الرابعة (إدارة المهرجان)

السفير الأول للسينما

بسؤال عسيري عن مدى مساهمة المهرجان بوضع المملكة بمكانة مرموقة في خريطة السينما العالمية، يجيب: «أستطيع القول وبكل ثقة أن مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي باتت اليوم وجهة سينمائية معتبرة وموثوقة لصُنّاع الأفلام. لامسنا ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الأفلام المتقدمة للمهرجان هذا العام، حيث تلقينا أكثر من 2000 طلب من شتى أنحاء العالم؛ مما يعكس مكانة المهرجان المتزايدة وأهميته على الساحة العالمية».

ويضيف: «علاوة على ذلك، تأتي برامجنا الأخرى لتعزز هذه الرسالة، مثل صندوق البحر الأحمر الذي قدّم دعمه لأكثر من 250 فيلماً منذ إطلاقه عام 2021، وقد أسهمت الأفلام المدعومة من قِبل الصندوق في تحقيق إنجازات جلية، حيث حصلت على أكثر من 160 ترشيحاً في مختلف المهرجانات السينمائية الدولية، وفازت بما يزيد على 115 جائزة مرموقة. وخلال عام 2024 وحده، حصدت الأفلام المدعومة أكثر من 20 جائزة في مهرجانات كبرى، مثل كان والبندقية وتورنتو وغيرها؛ مما يعكس جودة هذه المشاريع وتأثيرها».

ولفت إلى أن سوق «البحر الأحمر» تُعزز من دور المهرجان في ربط صُنّاع الأفلام مع خبراء الصناعة، حيث تُعدّ أكبر سوق للأفلام في المنطقة. وعلى مدار السنوات الأربع الماضية، أسهمت في توطيد العلاقات مع أبرز المهرجانات السينمائية العالمية؛ مما أكسب الأفلام التي يدعمها المهرجان تقديراً خاصاً في المحافل الدولية. وأضاف: «نطمح أن نكون السفير الأول للسينما المحلية والإقليمية من العالم العربي وآسيا وأفريقيا على الساحة العالمية».

النجمة الهندية كارينا كابور من المشاركين في الجلسات الحوارية للمهرجان (إدارة المهرجان)

الأفلام السعودية

وبالحديث عن واقع صناعة الأفلام في السعودية، يرى عسيري أنه على مدار السنوات الماضية كان هناك تطور مذهل في مستوى الإنتاج السعودي، حيث شهدت الدورة السابقة للمهرجان لحظات فارقة في السينما السعودية، مثل فيلم «نورَة» للمخرج توفيق الزايدي، الذي عُرض للمرة الأولى حصرياً في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وحظي بتمويل من صندوق البحر الأحمر، ليصبح أول فيلم سعودي يتم اختياره في مهرجان كان السينمائي. وعلى مستوى شباك التذاكر، أحرز فيلم «مندوب الليل» الذي كان ضمن عروض المهرجان نجاحاً استثنائياً. كما أشار عسيري إلى فيلم «سطار» الذي يأتي من إنتاج «تلفاز 11»، وكان عرضه الأول في دورة المهرجان لعام 2022، وحقق نجاحاً باهراً ليصبح الفيلم السعودي الأكثر تحقيقاً للإيرادات في تاريخ شباك التذاكر المحلي.

وتابع: «سُعداء جداً بأن عدد الأفلام السعودية المشاركة في الدولة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي تجاوزت الـ30 عملاً سينمائياً، بين أفلامٍ طويلة وقصيرة وكذلك مسلسلات تلفزيونية، والحقيقة، يعكس هذا الرقم ازدهار ونمو الصناعة السينمائية السعودية». ويضيف: «ملتزمون في مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، بتسليط الضوء على هذه السرديات السعودية وعرضها لجمهور عالمي؛ من أجل تعزيز حضور المملكة على خريطة السينما العالمية، ودعم تطور الصناعة السينمائية السعودية لتصل إلى مستويات غير مسبوقة من التميز والإبداع».

الممثلة التركية نورغول يشيلتشاي تشارك في الدورة الجديدة (إدارة المهرجان)

منصة عالمية

عسيري الذي يقود المهرجان لأول مرة، تحدث عن هذا التحدي بالقول: «سنعمل على تمكين المواهب السعودية الشابة من خلال برامج تطويرية شاملة، تشمل التدريب المكثف والدعم المستمر، إضافةً إلى توفير منصات تتيح لهم عرض أعمالهم أمام جمهور محلي وعالمي». وأكد على الاهتمام البالغ بإنتاج أفلام ذات قيمة فنية وثقافية تسلط الضوء على القصص المتنوعة والغنية التي تزخر بها المنطقة؛ مما يعزز المحتوى السينمائي السعودي والإقليمي ويمنحه مكانة متميزة على الساحة الدولية.

وأضاف: «نعمل على تحويل المهرجان منصةً عالميةً رائدةً تجمع بين أبرز المواهب والإبداعات من العالم العربي وأفريقيا وآسيا، مع التركيز على تعزيز التعاون والشراكات الدولية». وختم حديثه قائلاً: «رؤيتنا الطموحة تتمثل في جعل المهرجان وجهةً ثقافية عالمية تُبرز الإنتاجات المتميزة من المنطقة، وتضعها في دائرة الضوء ضمن المحافل السينمائية العالمية، بما يعزز من دورنا سفيراً موثوقاً للسينما العربية والإقليمية».


مقالات ذات صلة

السعودية وقطر تبحثان جهود معالجة القضايا الإقليمية والدولية

الخليج وزير الخارجية السعودي خلال مباحثاته مع نظيره القطري (واس)

السعودية وقطر تبحثان جهود معالجة القضايا الإقليمية والدولية

ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن، في الدوحة، اليوم الموضوعات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
يوميات الشرق مركز «الدرعية لفنون المستقبل» يواكب العصر (المركز)

نوار: «الدرعية لفنون المستقبل» يؤكد التزام السعودية بالابتكار الفنّي

المركز الذي افتتح أبوابه رسمياً في نوفمبر الماضي، بوصفه أول مركز متخصّص بفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا؛ يُعدُّ منصة رائدة في المنطقة.

عمر البدوي (الرياض)
الخليج ولي العهد البحريني أكد خلاله لقائه وزير الخارجية السعودي عمق العلاقة التي تربط البلدين (بنا)

ولي العهد البحريني يثمن جهود السعودية في تعزيز الأمن والتنمية بالمنطقة

ثمن الأمير سلمان بن حمد ولي عهد البحرين، الجمعة، الدور الذي تضطلع به السعودية بقيادة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان في تعزيز الأمن والتنمية بالمنطقة

«الشرق الأوسط» (المنامة)
رياضة عالمية الاتحاد الألماني سيصوّت للسعودية (الشرق الأوسط)

الاتحاد الألماني سيصوّت رسمياً لملف استضافة السعودية كأس العالم 2034

أعلن الاتحاد الألماني لكرة القدم أنه سيصوّت لصالح كأس العالم 2030، المقرر إقامتها بين إسبانيا والبرتغال والمغرب، ومنح استضافة بطولة 2034 في السعودية.

The Athletic (برلين)
شمال افريقيا نوهت مصر بما أكدته السلطات السعودية بأن مواعيد الحجز وتوافقها مع مدة صلاحية التأشيرة مسؤولية شخصية للمسافر (تصوير عبد الفتاح فرج)

مصر تحذر رعاياها من مخالفة قواعد تأشيرة «ترانزيت» السعودية

أهابت وزارة الخارجية المصرية الجمعة بالمواطنين المصريين الراغبين في السفر إلى المملكة العربية السعودية بموجب تأشيرة مرور «ترانزيت» ضرورة مراعاة صلاحية التأشيرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)
لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)
TT

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)
لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة، ومن بين الأعمال التي تم إعلان عرضها قريباً مسلسلا «القصة الكاملة»، و«سفاح التجمع»، إلى جانب مسلسل «ساعته وتاريخه»، الذي يُعرَض حالياً.

ووفق صُنَّاع مسلسل «القصة الكاملة»، المأخوذ عن مجموعة قصصية بالعنوان نفسه لسامح سند، فإنه يتكون من مواسم عدة، يتضمَّن كل موسم 10 حلقات تتناول تفاصيل جرائم حقيقية أحدثت صدى داخل المجتمع، من بينها قصة «حدث في بني مزار»، التي تم إعلان عرضها قريباً.

في السياق ذاته، أعلن المنتج أيمن يوسف قبل أشهر تقديم قصة «سفاح التجمع»، وهي قضية شغلت الرأي العام أخيراً، من خلال عمل درامي يقوم ببطولته الفنان أحمد الفيشاوي.

وظهرت قضية «سفاح التجمع» على الساحة في الفترة الأخيرة بعد قيام شخص يدعى كريم محمد سليم بقتل 3 سيدات وإلقاء جثثهن في مناطق صحراوية؛ لإخفاء معالم الجريمة، حسب التحريات واعترافات المتهم أمام جهات التحقيق في مصر.

الإعلان عن تقديم قصة سفاح التجمع في عمل درامي من بطولة أحمد الفيشاوي (الشركة المنتجة)

بالإضافة للعملين السابقين يُعرَض حالياً مسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يتكون من 26 حلقة منفصلة عبر حكايات درامية مستوحاة من قضايا حقيقية مأخوذة من كتاب «يوميات قاضٍ وحكايات قضائية»، للمستشار بهاء المري.

وترى الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله أن «عرض الجرائم في الدراما أمر طبيعي وجزء أصيل من عناصرها»، مؤكدة أن «المجتمع به جريمة، والدراما مرآة للواقع»، كما لفتت في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المتابعة ليست فرضاً على أحد، كما أنه ليس من حق أحد مصادرة صناعة أي لون فني».

وتؤكد الناقدة الفنية المصرية ماجدة موريس أن «الدراما وسيلة عامة لمناقشة وعرض قضايا المجتمع»، لكنها ترى أن «التوازن في عرض الألوان كافة مطلوب حتى يختار المشاهد ما يروق له».

وأشارت ماجدة موريس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عرض أعمال الجريمة لا بد أن يكون في حدود، وهذه الحالة تخص صُنَّاع الدراما ووعيهم من ناحية المعالجة الدرامية لعدم الضغط على عقلية المشاهد بتكرار لقطات القتل وتوابعها».

وقبل هذه الأعمال شهدت السينما والدراما التلفزيونية بمصر طرح موضوعات مستوحاة من جرائم حقيقية، من بينها مسلسلا «ريا وسكينة»، و«سفاح الجيزة»، وفيلما «السفاح»، و«المرأة والساطور».

الملصق الدعائي لمسلسل «ساعته وتاريخه» (الشركة المنتجة)

ويرى السيناريست المصري أيمن سلامة أن «أدب الجريمة واعتماد الفن على قصص حقيقية ليس جديداً»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «إبراز هذه القصص وبلورتها درامياً يولد الخوف في قلوب مَن لديهم استعداد لفعل ذلك، ويجعلهم يتراجعون خشية الوقوع في براثن العقاب».

ويؤكد سلامة أن «دراما الجريمة لن تزيح غيرها، وكل لون له جمهوره، خصوصاً أن المجتمع المصري مليء بالقصص المشوقة من الألوان كلها».

وعدّ الناقد الفني المصري الدكتور نادر رفاعي «فكرة تقديم الجرائم الحقيقية في عمل درامي وسيلة جاذبة بشكل كبير وتلقى إقبالاً ورواجاً».

وأضاف: لـ«الشرق الأوسط» أن «أهمية هذه الأعمال تكمن في المعالجة التي من المفترض أن تهتم بتحليل شخصية الجاني من الناحية النفسية، وفي حال لم يتحقق ذلك فإن العمل يصبح تجارياً بحتاً».

وما بين مؤيد ومعارض لهذه النوعية من الأعمال الدرامية تضاربت التعليقات على «السوشيال ميديا»، في حين يرى الكاتب المصري مجدي صابر أن «انتشار هذا اللون من الدراما في الآونة الأخيرة تزامَنَ مع انتشار المنصات الإلكترونية؛ بهدف اجتذاب المشاهدين بعيداً عن الأعمال الاجتماعية التي اعتاد عليها الناس».

ويتوقَّع صابر تكرار وانتشار الظاهرة، والتحضير لأعمال جديدة تدور في الإطار نفسه؛ لأنها مرغوب فيها من المشاهدين بشكل ملحوظ، كما يرى أن الصناعة بشكل عام تسعى للربح، وهذا اللون من الدراما مضمون النجاح لكن تأثيره الجانبي كارثي على المدى الطويل.

الملصق الترويجي لقصة «حدث في بني مزار» ضمن مسلسل «القصة الكاملة» (الشركة المنتجة)

ويرفض صابر التفاعل مع هذه الظاهرة التي وصفها بـ«الخطيرة» لأنه يرى أن «الدراما وسيلة هادفة لتصدير القيم الإيجابية للناس، بعيداً عن السلبيات ومشاهد القتل والعنف والتخطيط للجريمة، خصوصاً أن جزءاً من المجتمع قد يتأثر بها ويهوى تقليدها».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أغلب متابعي مسلسلات الجريمة من المراهقين، وهو ما يمثل خطورة بالغة على تفكيرهم، والإحجام عنها هو الوسيلة الفعالة للقضاء عليها».

كما لفت إلى أنه «لا مجال للمقارنة بين أعمال سابقة مثل (ريا وسكينة) الذي يعد مشهد الخنق أبشع ما جاء به، مع الأعمال التي نشاهدها في الآونة الأخيرة، التي تعرِض مشاهد القتل والتقطيع والدم، والتخطيط المتقن بشكل صريح».