مخرج مصري يوثّق تداعيات اعتقال والده في الثمانينات

عبر فيلمه التسجيلي «أبو زعبل 89»

صناع الفيلم بعد العرض الأول في المهرجان (القاهرة السينمائي)
صناع الفيلم بعد العرض الأول في المهرجان (القاهرة السينمائي)
TT

مخرج مصري يوثّق تداعيات اعتقال والده في الثمانينات

صناع الفيلم بعد العرض الأول في المهرجان (القاهرة السينمائي)
صناع الفيلم بعد العرض الأول في المهرجان (القاهرة السينمائي)

يوثق المخرج المصري بسام مرتضى في تجربته السينمائية الجديدة «أبو زعبل 89» مرحلةً مهمةً في حياة عائلته، مستذكراً كيف أن واقعة اعتقال والده على خلفية تضامنه مع احتجاجات عمالية كان لها تأثير جوهري في حياته العائلية، عبر الفيلم التسجيلي الذي عرض ضمن مسابقة «أسبوع النقاد» بالدورة 45 لـ«مهرجان القاهرة السينمائي الدولي».

في الشريط السينمائي الذي حظي بإقبال جماهيري كبير ورفع لافتة كامل العدد، يسرد المخرج المصري ذكرياته في زيارة والده داخل سجن «أبو زعبل» عام 1989، وفترة اعتقال والده الذي يتحدث عنها وعن تأثيرها على حياته، خصوصاً بعدما قضى فترة منها بحبس انفرادي ليُفكر في ذاته، وتأثير هذه الفترة على نظرته وآرائه السياسية وانشغاله بالعمل العام.

في الرحلة التي تعدُّ الزوجة والأم بطلتها الرئيسية، نشاهد من خلال حكايتهم وجهة نظرهم فيما حدث بعد سنوات طويلة، فالأب الذي خرج يحمل أفكاراً مختلفةً سافر بعد فترة وجيزة للنمسا وارتبط بزوجة أخرى، والأم تحملت مسؤولية طفلين، بينما يتطرق العمل للكثير من التفاصيل حول المرحلة زمنياً وملامحها.

الملصق الدعائي للفيلم (الشركة المنتجة)

ومن بين الشخصيات التي تظهر بالأحداث، الممثل المصري سيد رجب، الذي يستعيد جزءاً مما تعرض له خلال تلك الفترة واعتقاله على خلفية مشاركته بالتضامن، مستذكراً مشاعره خلال تلك الفترة وتأثيرها على حياته، وهي المشاركة التي اختارها المخرج بسام مرتضى للممثل المصري باعتباره ممن مروا بهذه التجربة، بعدما وجد عرض حكي سبق وقدمه عن تجربته في الحبس، حسب ما يؤكد لـ«الشرق الأوسط».

يصف بسام مرتضى الفيلم باعتباره «تجربة ذاتية وشخصية» له ولعائلته، الأمر الذي جعله يختار حادثة اعتقال والده على خلفية تضامنه مع عمال شركة الحديد والصلب عام 1989 باعتبارها نقطة فاصلة في حياتهم وعلاقتهم ببعضهم كأسرة، خصوصاً بعدما لمس التأثير نفسه على عائلات لأشخاص آخرين تعرضوا للاعتقال في الحادثة نفسها.

وأضاف أن «واقعة زيارته لوالده في سجن أبو زعبل من الأمور التي لا ينساها، ولا يزال يتذكرها حتى اليوم»، مشيراً إلى «أنه قرر تقديم الفيلم بعد تجارب عدة لأفلام تسجيلية رصد فيها أحاديث أشخاص لا يعرفهم وشعر بحاجته لتقديم فيلم عن عائلته، وهذه الحادثة تحديداً، وتأثيرها، وشجعه على الخطوة ترحيب الأسرة بالحديث والسرد أمام الكاميرا».

رحلة البحث عن المادة الأرشيفية التي ظهرت في الفيلم لم تكن سهلة بالنسبة للمخرج المصري الذي يلفت إلى غياب وجود جهة مختصة بتجميع الأرشيف يمكن التعامل معها، بينما استفاد من أرشيف عائلته الشخصي فيما عرض بالأحداث، قبل أن يلجأ إلى البحث عن لقطات مصورة للأحداث في القنوات الأجنبية وأرشيف التليفزيون المصري وغيرها من الجهات التي وثقت الأحداث في تلك الفترة.

حظي الفيلم بإعجاب الحضور (القاهرة السينمائي)

وتعد الناقدة المصرية فايزة هنداوي الفيلم «أحد أفضل الأفلام التي عرضت ضمن هذه الدورة في مهرجان القاهرة»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المخرج بالرغم من أهمية القضية التي يناقشها العمل ورحلة العائلة بين الماضي والحاضر، فإنه استطاع الالتزام بالسياق السينمائي وتقديم تجربة مختلفة».

وأضافت أن «العمل يحمل الكثير من الجوانب الفنية التي جرت معالجتها بشكل إيجابي مع مخرج لم يستسلم لسهولة إنجاز الفكرة التي بدت متكاملة من الناحية الفنية، لكن عمل على تطويرها لتقديم رؤية أوسع لحادثة شخصية تركت أثراً على حياته، الأمر الذي نجح في إيصاله بالفعل»، وفق تعبيرها.


مقالات ذات صلة

يسري نصر الله: أفلامي إنسانية وليست سياسية

يوميات الشرق كشف عن نقاط اتفاق وخلاف مع أستاذه المخرج يوسف شاهين

يسري نصر الله: أفلامي إنسانية وليست سياسية

قال المخرج المصري يسري نصر الله، إنه لم يقدم أفلاماً سياسية في مسيرته سوى فيلم «الماء والخضرة والوجه الحسن» الذي تحدث عن العيش والحرية والكرامة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من الفيلم اللبناني «أرزة» (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي)

«أرزة»... فيلم لبناني عن نساء أرهقتها ضغوط الحياة

عن معاناة لسيدة لبنانية تتحمّل مسؤولية تأمين لقمة العيش لابنها وشقيقتها، تدور أحداث الفيلم اللبناني «أرزة» الذي عُرض ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية».

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق دار الأوبرا المصرية حيث تُقام الدورة 45 لمهرجان القاهرة السينمائي (أ.ب)

مهرجان القاهرة السينمائي انطلق بثبات وموقف

أن يحضر ممثلو شركات إنتاج عربية أو أجنبية ليس وضعاً خاصاً بالنسبة إلى مهرجان القاهرة، لكنه دلالة على اهتمام شركات عاملة في مجالي الإنتاج والتوزيع بهذا المهرجان.

محمد رُضا (القاهرة)
يوميات الشرق الملصق الترويجي لفيلم «الملحد» (الشركة المنتجة)

أزمة «الملحد» تعيد الملاحقات القضائية للسينما المصرية

أعادت أزمة إيقاف ترخيص فيلم «الملحد» وإلغاء طرحه في دور السينما والمنصات جدل «الملاحقات القضائية للسينما المصرية» للواجهة مجدداً.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد عز (إدارة المهرجان)

أحمد عز: تخليت عن عملي في السياحة من أجل «مذكرات مراهقة»

ذكريات متعددة، وخطوات صعبة في البدايات، استعادها الممثل المصري أحمد عز خلال ندوة تحدث فيها عن مسيرته الفنية ضمن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

أحمد عدلي (القاهرة )

قريتان مصريتان ضمن قائمة الأفضل سياحياً

قرية غرب سهيل تجتذب الكثير من المصريين والأجانب (وزارة السياحة والآثار المصرية)
قرية غرب سهيل تجتذب الكثير من المصريين والأجانب (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

قريتان مصريتان ضمن قائمة الأفضل سياحياً

قرية غرب سهيل تجتذب الكثير من المصريين والأجانب (وزارة السياحة والآثار المصرية)
قرية غرب سهيل تجتذب الكثير من المصريين والأجانب (وزارة السياحة والآثار المصرية)

انضمت قريتان مصريتان لقائمة أفضل القرى الريفية السياحية حول العالم لعام 2024، التي أعلنتها منظمة الأمم المتحدة للسياحة أخيراً. وتبرز إحدى القريتين التراث النوبي في أسوان (جنوب مصر).

وقالت وزارة السياحة والآثار المصرية، في بيان صحافي، الأحد، إنه «خلال اجتماعات الدورة 122 للمجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، التي تُعقد حالياً في كولومبيا، أُعلن ضم قريتي غرب سهيل بمحافظة أسوان، وأبو غصون بمحافظة البحر الأحمر (جنوب شرقي القاهرة)، لقائمة أفضل القرى الريفية السياحية للعام الحالي».

وأعرب وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، عن «سعادته باختيار القريتين»، وعدّه «تكليلاً لمجهودات عديدة»، مشيراً إلى أن «الوزارة حرصت على تجهيز ملف هاتين القريتين بعناية ودقة، في ضوء اهتمام الدولة بملف السياحة الريفية».

وجاء اختيار القريتين بعد تلبيتهما المعايير التسعة التي وضعتها المنظمة في هذا الإطار، ومن بينها توافر الموارد الثقافية والطبيعية، وقدرة قطاع السياحة على الحفاظ على تلك الموارد وتعزيزها، وتوفير الاستدامة الاقتصادية وتكاملها، وحوكمة الأنشطة السياحية وغيرها.

وبذلك يكون لدى مصر 4 قرى على قائمة أفضل القرى الريفية السياحية؛ حيث سبق اختيار قريتي دهشور بمحافظة الجيزة، وسيوة بمحافظة مطروح ضمن القائمة نفسها في العام الماضي، كما وُضعت قريتان على قائمة الترقي، وهما قرية فوه بمحافظة كفر الشيخ في عام 2021، وسانت كاترين بمحافظة جنوب سيناء عام 2023.

قرية غرب سهيل تتميز بتراثها النوبي (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ومبادرة أفضل القرى الريفية السياحية هي مبادرة سنوية أطلقتها منظمة الأمم المتحدة للسياحة عام 2021، لتعزيز السياحة في المناطق الريفية. وشاركت فيها هذا العام 260 قرية من أكثر من 60 دولة على مستوى العالم، وضع منها 55 على قائمة الأفضل لعام 2024، في حين تم اختيار 20 قرية أخرى للانضمام إلى برنامج الترقية.

وقال الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، زوراب بولوليكاشفيلي: «السياحة أداة حيوية للإدماج وتمكين المجتمعات الريفية من حماية وتقدير تراثها الثقافي الغني مع دفع التنمية المستدامة»، حسب بيان بإعلان القرى الفائزة نشره الموقع الرسمي للمنظمة.

وعدّ مدير الإدارة العامة للاستراتيجية بوزارة السياحة والآثار المصرية، المهندس عادل الجندي، وضع هذه القرى على المنصة التي أنشأتها المنظمة الأممية لأفضل القرى الريفية السياحية حول العالم، بمنزلة «مساهمة في الترويج للمقصد السياحي المصري بصفة عامة ولمنتج السياحة الريفية بصفة خاصة»، حسب البيان.

وتقع قرية غرب سهيل على ضفاف نهر النيل بمحافظة أسوان، وتبرز التراث والثقافة النوبية، وتمثل «أيقونة للتراث الثقافي المصري، ويعيش زوارها أجواء البيوت النوبية القديمة في طرازها وعادات أهلها»، حسب البيان.

بينما تُعد قرية أبو غصون «مجتمعاً محلياً شديد الخصوصية»؛ حيث تقع بالقرب من محمية حنكوراب جنوب البحر الأحمر، ويقوم أهلها بتقديم موروثاتهم التراثية للزائرين.

قرية أبو غصون بمحافظة البحر الأحمر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وعدّ الخبير السياحي محمد كارم وضع القريتين على قائمة الأفضل سياحياً، بمثابة «دعم للمقصد السياحي المصري». وقال كارم، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا القرار سيسهم في تنشيط السياحة في القريتين بشكل خاص وفي المحافظات التابعة لها أيضاً». وأضاف أن «القرار يدعم جهود الدولة في تنويع المقاصد السياحية، كما يسهم في تنشيط السياحة البيئية في مصر».

وتستهدف مصر الوصول بعدد السياح الوافدين إليها إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028. واستقبلت العام الماضي 14.906 مليون سائح، بزيادة سنوية أكثر من 27 في المائة، عن عام 2022، وهو رقم يفوق ما تم تحقيقه في عام الذروة السياحية 2010؛ حيث زار البلاد 14.731 مليون سائح، وفق بيانات رسمية.