عبد العزيز المزيني: «ليل نهار» يبتعد عن التقليدية ويُقدّم وجوهاً جديدة

الكاتب والمنتج السعودي يفضّل عدم حصر السينما بالواقع فقط

لقطة من الإعلان التشويقي لفيلم «ليل نهار» الصادر هذا الأسبوع (الشرق الأوسط)
لقطة من الإعلان التشويقي لفيلم «ليل نهار» الصادر هذا الأسبوع (الشرق الأوسط)
TT

عبد العزيز المزيني: «ليل نهار» يبتعد عن التقليدية ويُقدّم وجوهاً جديدة

لقطة من الإعلان التشويقي لفيلم «ليل نهار» الصادر هذا الأسبوع (الشرق الأوسط)
لقطة من الإعلان التشويقي لفيلم «ليل نهار» الصادر هذا الأسبوع (الشرق الأوسط)

اعتاد الكاتب والمنتج السعودي عبد العزيز المزيني تقديم أعمال سينمائية فريدة، نالت نجاحاً جماهيرياً كبيراً، منها «محافظة مسامير» و«راس براس»، وهو يستعدّ حالياً لعرض فيلمه الروائي الجديد «ليل نهار»، الذي أعلن عنه مؤخّراً «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، ضمن فئة «روائع عربية»، المُنتظر عرضها في المهرجان الذي ينطلق بمطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل، على أن يصدر الفيلم في جميع صالات السينما السعودية مع نهاية العام الحالي.

يتحدّث المزيني لـ«الشرق الأوسط» عن «ليل نهار»، وهو من تأليفه وإخراجه، فيلعب فيه على الأضداد ضمن قالب كوميدي ساخر، من خلال شخصيتين موسيقيتين متناقضتين، تقدّمان رؤية جريئة حول مفهوم الشهرة ونظرة المجتمع إليها. كما يغوص في العوالم العبثية وحالة الفوضى المُرافقة لعدد من المشاهير، ضمن قصة مليئة بالدراما والتحدّيات.

يصف المزيني نفسه بأنه «مخرجٌ بالضرورة في هذا الفيلم»، فكتابته للنصّ ساعدته في ترجمته إخراجياً، كما أنّ أعماله لا تزال تدور ضمن فئة الكوميديا.

وبسؤاله عن الاختلاف في جديده، يجيب: «يحمل (ليل نهار) دراما وصراعات تجعل المشاهد يضحك تارةً، ويحزن أخرى، ويتعاطف مع شخصيات. سيغمر الجمهور خليطٌ من المشاعر».

عبد العزيز المزيني مع الفنان عبد الله السدحان المُشارِك في فيلمه الجديد (الشرق الأوسط)

نجوم الفيلم

وعن اختياره الممثل زياد العمري لدور البطولة، يردّ: «إنه تلقائي ومريح في العمل، وأعتقد أنّ الفيلم سينصفه وينقله إلى منطقة سينمائية جديدة، فأداؤه كان ممتازاً»، مشيراً إلى الوجه الجديد، أبرار فيصل، المُشاركة أيضاً في الفيلم، بالقول: «ستكون اكتشاف العام، والوجه النسائي السعودي الأبرز في 2024».

يدرك المزيني أنّ اختيار الممثلين ليس سهلاً، مؤكداً دور المنتجين في إعادة اكتشافهم وتقديم وجوه جديدة إلى المشهد السينمائي. ويضيف: «الممثل نواف السليمان قدَّم أيضاً أداء لافتاً، ضمن مساحة دور كبيرة، وسيلفت انتباه الجمهور».

وعن مشاركة الممثل الكبير عبد الله السدحان، يقول: «هو ممثل عظيم، وستشاهدونه بشكل مختلف».

عبد العزيز المزيني يؤمن بحرّية الإبداع (الشرق الأوسط)

قصة غير تقليدية

مع رواج البحث عن أفكار أفلام تُشبه المجتمع، يبدو رأي المزيني لافتاً، لعدم اعتقاده بصحّة ذلك: «أرفض التطرّف في صناعة أفلام تُشبهنا، خصوصاً أنّ كثيراً منها أغرقت نفسها بذلك. فالمُشاهد حين يقصد السينما، لا يحاول تذكُّر يومه وحياته، وإنما يرغب بالخروج من ذلك كله».

يتابع: «فيلمي يجمع بين مُغنّي أوبرا وطقّاقة، ورغم تناقُض هاتين الشخصيتين ووفرة التفاصيل الغريبة المتعلّقة بهما، فإننا حاولنا جعل المتلقّي يشعر بأن العمل يُشبهه ويحمل بعضاً من الواقعية، وهي خلطة ليست سهلة. ولو ركزنا فقط على صناعة أعمال تُشبهنا فستكون مملة غالباً. أؤمن بضرورة ألا يضع الكاتب قيوداً لنفسه عند كتابة نصّ الفيلم، لئلا يحدّ من إبداعه».

الجرأة في السينما

هذا الأسبوع، صدر الإعلان التشويقي لفيلم «ليل نهار»، فبدا أنه يحمل بعض الجرأة، وهو ما ينفيه المزيني: «لا أحبّذ وصف الفيلم بالجريء، ولستُ ممن يتعمّدون إثارة الجدل. برأيي، الفيلم وإن كان كوميدياً، فعليه فتح مساحة للحوار». وعن ضرورة الجرأة في صناعة الأفلام، يحسم موقفه: «لا أراها ضرورية، ولستُ مع افتعالها».

وفي سياق آخر، يُراهن على أنّ فيلمه لن يمرَّ عابراً في السينما السعودية، مشيراً إلى أن العام الحالي لم يشهد أفلاماً محلّية قوية في شباك التذاكر كما حدث عام 2023 وأحدث نقلة نوعية. وبسؤاله: هل سيكون «ليل نهار» فيلمَ العام في السعودية؟ يجيب: «أتمنى ذلك!».

ويشير المزيني، وهو الرئيس التنفيذي لاستديو «سرب»، إلى حرصه على أن تكون أفلام «سرب» أصلية وليست مستوحاة أو متشابهة مع أعمال أخرى، ويردف: «أحرصُ أيضاً على الإمتاع البصري في العمل. ولو افترضنا أنّ المُشاهد كتم الصوت فستظلّ ثمة مَشاهد سينمائية ليراها ويستمتع بها».

المزيني يُوجِّه فريق الفيلم خلال التصوير (الشرق الأوسط)

مخاطرة عالية

ويكمل: «صناعة الفيلم مخاطرة، فمتى صدر في الصالات، فلا مجال للتعديل أو التغيير. كما أنّ الجمهور يُقدِّر صانعه الذي يبذل جهداً كبيراً من أجله. وفي حال عدم نجاحه فسيقدِّر محاولات المجتهد على أقل تقدير».

وبسؤال المزيني عن مقومات الفيلم الجيّد، يجيب: «النصّ ثم النصّ! الممثل أيضاً هو كاتبه الأخير، فإما أن يُظهره بشكل صحيح وإما بشكل خاطئ، خصوصاً أنّ الجمهور قد يغفر الإنتاج الضعيف، لكنه لا يغفر أبداً النصّ الرديء. فالنصّ هو القادر على رفع العمل أو إنزاله».

يُذكر أنّ فيلم «ليل نهار» الذي اكتمل بعد نحو 35 يوماً من التصوير بين مدينتَي الرياض وجدة، من المقرَّر أن يُعرض في صالات السينما بشهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وهو شراكة إنتاجية تجمع بين «موفي استديوز» و«استديو سرب».


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».