«رفعت عيني للسما» يبدأ رحلته التجارية بدور العرض المصرية

بعد فوزه بـ«نجمة الجونة» و«العين الذهبية» في «كان»

الملصق الدعائي للفيلم  (حساب المخرج على فيسبوك)
الملصق الدعائي للفيلم (حساب المخرج على فيسبوك)
TT
20

«رفعت عيني للسما» يبدأ رحلته التجارية بدور العرض المصرية

الملصق الدعائي للفيلم  (حساب المخرج على فيسبوك)
الملصق الدعائي للفيلم (حساب المخرج على فيسبوك)

بعد تتويجه بجائزة «العين الذهبية» في مهرجان كان السينمائي، وفوزه أخيراً بجائزة «نجمة الجونة» لأفضل فيلم وثائقي «مناصفة»، وحصول مخرجيه ندى رياض وأيمن الأمير على جائزة مجلة «فارايتي» الأميركية لأفضل موهبة عربية، ومشاركته في مهرجانات دولية من بينها «شيكاغو» الأميركي، بدأ الفيلم الوثائقي المصري «رفعت عيني للسما» المعنون بالإنجليزية «The Brink Of Dreams» رحلته في دور العرض بمصر، حيث يعرض في 20 من دور العرض بالقاهرة والإسكندرية والأقصر وبنها والجونة بالبحر الأحمر، في واقعة غير مسبوقة لفيلم وثائقي، ويعد الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين مصر وفرنسا والدنمارك والسعودية وقطر.

يتتبع الفيلم رحلة مجموعة من الفتيات بقرية «برشا» في صعيد مصر لتأسيس فرقة مسرحية وعرض مسرحياتهن في شوارع القرية لطرح قضايا تؤرقهن، مثل الزواج المبكر والعنف الأسري وتعليم الفتيات، ويواجهن رفض مجتمعهن، بل ويصفهن البعض بالخروج عن الأدب، ويتعرضن لمضايقات من رواد العروض الذين يسخرون منهن.

يعرض الفيلم الذي جرى تصويره على مدى 4 سنوات لوقائع حقيقية، وتنتقل الكاميرات بين الشوارع والبيوت الفقيرة التي يعشن فيها، وأسطح المنازل اللاتي يقمن بعقد اجتماعات الفرقة بها، والتدريب على العروض التي تتسم بالجرأة وتنتقد المجتمع الصعيدي في تعامله مع المرأة، وحاز الفيلم إشادات نقدية واسعة من نقاد عرب وأجانب.

وتصدر الملصق الدعائي للفيلم صور بطلات الفرقة «ماجدة مسعود، وهايدي سامح، ومونيكا يوسف، ومارينا سمير، ومريم نصار، وليديا نصر مؤسسة الفرقة»، وهن صاحبات هذه المبادرة اللاتي بدأنها قبل 10 سنوات، ولفت نشاطهن نظر المخرجين ندى رياض وأيمن الأمير، فقررا توثيق رحلتهن بعدما لاحظا إصراراً من البنات على مواصلة عروضهن.

وحول عرض الفيلم في هذا العدد الكبير من دور العرض ومدى ما يعكسه ذلك كونه فيلماً وثائقياً يقول المخرج أيمن الأمير لـ«الشرق الأوسط»: «الفيلم يحكي قصة وينقل مشاعر، ويعبر عن شخصيات بغض النظر عن نوعه، وهناك جمهور أحبه وتأثر وهو يشاهده، والتقينا به في عروض حضرتها البنات بطلات الفيلم، وقد التف الجمهور يتحدث معهن ويطمئن على أخبارهن، وهذا بالنسبة لي النجاح، وأن تتصدر بنات من الصعيد بطولة فيلم ويعرض فيلمهن بجوار أفلام لنجوم معروفة؛ فهذا بالنسبة لي هو النجاح بعينه».

مخرجا الفيلم الزوجان أيمن الأمير وندى رياض (حساب المخرج على فيسبوك)
مخرجا الفيلم الزوجان أيمن الأمير وندى رياض (حساب المخرج على فيسبوك)

وقد تغيرت أحوال بطلاته وبدأن بشق طريقهن الفني، فقد جاءت ماجدة وهايدي إلى القاهرة؛ الأولى لدراسة التمثيل، والثانية لدراسة الرقص المعاصر، فيما طرحت مونيكا 3 أغنيات على مواقع الأغاني المعروفة، من بينها أغنيتها التي تؤديها بالفيلم «سيبوا الهوى لصحابه».

تقول ماجدة لـ«الشرق الأوسط»: «الأوضاع تغيرت تماماً، قبل ذلك كان الناس في قريتنا يرفضون ما قمنا به وكانوا يقولون (عيب أن تتكلموا في قضايا النساء)، ويتهموننا بتحريض البنات على عدم الزواج، لكن بعد الفيلم اختلفت الصورة تماماً، وأقام أخي بعد عودتنا من (كان) احتفالاً كبيراً، والقرية كلها أقامت احتفالاً لاستقبالنا عند عودتنا، وبدأت الأسر ترسل بناتها للانضمام للفرقة، لقد كان الفيلم أكبر حدث تحقق لنا، وقدمنا عروضاً بالشارع خلال مهرجان (كان)، وكانت مصحوبة بترجمة فرنسية، وفوجئنا بالفرنسيات ينضممن لنا ويصفقن معنا».

ماجدة مسعود تتمنى أن تمثل في السينما والمسرح (حساب المخرج على فيسبوك)
ماجدة مسعود تتمنى أن تمثل في السينما والمسرح (حساب المخرج على فيسبوك)

وتضيف ماجدة أنه «قبل الفيلم كنا نكتفي بالتمثيل في شوارع القرية وما حولها وما زلنا نواصل ذلك، لكن الآن أصبح لدينا أمل، ليس فقط في مناقشة قضايانا، بل لأن نشق طريقنا في الفن، وقد بدأت منذ عام دراسة المسرح الاجتماعي في (الجيزويت) لأنني أتمنى أن أكون ممثلة في السينما والمسرح».

لكن هايدي التي انضمت للفرقة عام 2016 وجدت تشجيعاً من والدها في الواقع مثلما ظهر بالفيلم يشجعها ويدفعها للاستمرار والتعلم والدراسة، وقد شعرت بالحزن لوفاته عقب تصوير الفيلم، كما شجعتها أيضاً والدتها دميانة نصار بطلة فيلم «ريش»، كانت هايدي تحلم بدراسة الباليه، لكن لأن عمرها 22 عاماً فقد أصبح من الصعب تعلمه، وقد جاءت للقاهرة لتعلم الرقص المعاصر وتتمنى أن تجمع بين الرقص والتمثيل، مؤكدة أن الموهبة ليست كافية ولا بد من اكتساب الخبرة.

هايدي اتجهت لدراسة الرقص المعاصر (حساب المخرج على فيسبوك)
هايدي اتجهت لدراسة الرقص المعاصر (حساب المخرج على فيسبوك)

وتلفت هايدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تكاليف الورش التي يتعلمن بها كبيرة وفوق قدراتهن، آملة الحصول على منحة للدراسة لاستكمال طريقهن».

ووفقاً للناقد خالد محمود، فإن الفيلم يعد تجربة مهمة لخصوصية قصته وما يطرحه؛ كونه يخترق منطقة في صعيد مصر ويناقش فكرة كيف يتحرر الإنسان ويدافع عن أحلامه، أياً كانت ظروف المجتمع حوله، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أتمنى أن يكون الشق التوثيقي للفيلم أفضل من ذلك وأن يحمل رؤية فنية أعمق، وأرى أن المشهد الأخير بالفيلم هو أهم مشاهده سينمائياً، حيث تتسلم البنات الصغيرات الراية من الكبار ويقلدهن ويقدمن مسرح شارع مثلهن، ما يؤكد أن فرقة (برشا) تركت تأثيراً على الجيل الجديد».

ويشير محمود إلى أنه «من المهم عرض هذه النوعية من الأفلام في دور العرض كنوع من التغيير لثقافة سينمائية سائدة»، مؤكداً أن عرضها يمكن أن يبني جسوراً مع الجمهور العادي وبالتالي تشجع صناع الأفلام على تقديمها، مثلما تشجع الموزعين على قبول عرضها دون خوف من عدم تحقيقها لإيرادات.


مقالات ذات صلة

«عيون مغلقة على اتساعها»... تحفة كوبريك الأخيرة

سينما  توم كروز وراء القناع (وورنر)

«عيون مغلقة على اتساعها»... تحفة كوبريك الأخيرة

لم يكن من المفترض أن يختم ستانلي كوبريك حياته المهنية المديدة، التي بدأت عام 1952 وانتهت في 1999، بفيلم «عيون مغلقة على اتساعها» (Eyes Wide Shut)

محمد رُضا (لندن)
سينما «بيت ساكن» (بلايسلس برودكشنز)

شاشة الناقد: ثلاثة أفلام عربية عن المرأة وظروفها

العالم الذي تشيده المخرجة سارة فرنسيس صغير المساحة شاسع الإيحاء: المنزل، المطعم، السيارة، ولا شيء آخر.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق جانب من حضور حفل افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)

«الخلافات الفلسطينية» تخيّم على افتتاح «مالمو للسينما العربية»

طال الانقسام الفلسطيني حفل افتتاح الدورة الـ15 من مهرجان «مالمو للسينما العربية».

أحمد عدلي (مالمو (السويد))
يوميات الشرق سمحت الرحلة لهما بالتعرّف إلى بعضهما البعض عن قرب (أنجي عبيد)

أنجي عبيد تُصالح المسافات.... من «يلّا بابا» إلى الذات

صوّرت أنجي الفيلم عام 2022، واستغرق نحو 3 أشهر، قطعت خلالها نحو 4 آلاف كيلومتر بالسيارة. ويتحدث العمل عن تغيّرات تسببت بها الحروب منذ 40 عاماً.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الفنانة المصرية ريهام حجاج (صفحتها على «فيسبوك»)

ريهام حجاج: انشغالي بالدراما أبعدني عن السينما

أعلنت الفنانة المصرية ريهام حجاج أنها ستخوض تجربة سينمائية جديدة قريباً؛ تعكف على قراءة السيناريو والتحضير لها، مؤكدة أن الدراما شغلتها وأبعدتها عن السينما.

داليا ماهر (القاهرة)

«نقابة الموسيقيين» المصرية تعاقب «بيكا» و«البحراوي» بالإيقاف المؤقت

رضا البحراوي تعرض لانتقادات في أكثر من مناسبة (حسابه على «فيسبوك»)
رضا البحراوي تعرض لانتقادات في أكثر من مناسبة (حسابه على «فيسبوك»)
TT
20

«نقابة الموسيقيين» المصرية تعاقب «بيكا» و«البحراوي» بالإيقاف المؤقت

رضا البحراوي تعرض لانتقادات في أكثر من مناسبة (حسابه على «فيسبوك»)
رضا البحراوي تعرض لانتقادات في أكثر من مناسبة (حسابه على «فيسبوك»)

أعلنت «نقابة الموسيقيين» المصرية معاقبة مؤدي المهرجانات المصري حمو بيكا، والمطرب الشعبي رضا البحراوي بالإيقاف المؤقت، بعد اتهامهما بـ«الإساءة لإحدى مؤسسات الدولة»، وقررت النقابة إيقاف حامل تصريح «الأداء الصوتي»، حمو بيكا، شهرين، بينما تعرض رضا البحراوي للإيقاف لمدة شهر، والتحويل لمجلس تأديب.

وتعرض بيكا للعقوبة على خلفية الفيديو الذي «تم تداوله منذ أيام عبر مواقع (سوشيالية)، ويظهر خلاله وهو يغني كلمات لا تليق بواحدة من أهم مؤسسات الدولة، بالإضافة لظهوره بجانب راقصات بشكل مسيء، ويتعارض مع القيم المجتمعية، ويخالف ما ورد بقانون النقابات رقم 35 لسنة 78»، وفق بيان النقابة.

كما عاقبت النقابة المطرب رضا البحراوي بالإيقاف لمدة شهر، وإحالته لمجلس تأديب بعد مخالفته لجلسة تحقيق سابقة، حيث أقر وتعهد بعدم استخدام الشعارات الخارجة عن آداب المهنة، ومخالفته لنص المادتين 50 و61 بقانون النقابات الفنية رقم 35 لعام 1978.

مطرب المهرجانات المصري حمو بيكا (حسابه على «فيسبوك»)
مطرب المهرجانات المصري حمو بيكا (حسابه على «فيسبوك»)

من جانبه قال الدكتور محمد عبد الله المتحدث الرسمي لنقابة «الموسيقيين» إن قرار الإيقاف الخاص بكل من بيكا والبحراوي لا رجعة فيه، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن بيكا لن يخضع لمجلس التأديب، لأنه ليس عضواً عاملاً بالنقابة.

وأوضح عبد الله في حديثه أن قرار إيقاف البحراوي احترازي، لكن العرض على مجلس التأديب من شأنه إصدار العقوبة النهائية، لافتاً إلى أن عقوبة المجلس تتنوع ما بين التنبيه، أو اللوم، أو الإيقاف لمدة لا تزيد عن سنة، أو حسب ما يجدونه مناسباً.

رضا البحراوي تعرض للإيقاف المؤقت (حسابه على «فيسبوك»)
رضا البحراوي تعرض للإيقاف المؤقت (حسابه على «فيسبوك»)

وأكد عبد الله أن «الموسيقيين» تقف على الحياد من الجميع، وأن ظهور أي فيديو مسيء وموثق لأي مطرب نقابي أو حاصل على تصريح، فسيتم التحقيق معه ومعاقبته، لكن لا يمكنهم الحكم على أي مطرب من خلال الصوت فقط.

وأعلنت نقابة الموسيقيين اعتراضها على الفيديو المنسوب لحمو بيكا، والذي يغني فيه كلمات اعتبرها البعض لا تليق، وتسيء لإحدى مؤسسات الدولة، الأمر الذي دعا النقابة لإصدار قرار بإيقاف تصريحه، وتحويله للشؤون القانونية للتحقيق العاجل.

وكتب بيكا عبر حسابه بموقع «فيسبوك» حينها مدافعاً عن نفسه عقب قرار إيقافه والتحقيق معه، لافتاً إلى أن الأغنية هي موال قديم، وأنه لم يقصد الإساءة، وأن الكثير من المطربين يقومون بغنائها في حفلاتهم، واستشهد بفيديوهات لبعض منهم، من بينهم رضا البحراوي، لافتاً في تعليقاته إلى أن «المساواة في الظلم عدل»، الأمر الذي عرض البحراوي للتحقيق والعقوبة أيضاً.

وقف بيكا عن العمل لمدة شهرين (حسابه على «فيسبوك»)
وقف بيكا عن العمل لمدة شهرين (حسابه على «فيسبوك»)

ووصف الناقد الموسيقي المصري أحمد السماحي مطربي المهرجانات بأنهم «نقطة سوداء في ثوب الغناء المصري، وليسوا أهلاً للغناء، وليس لديهم إدراك لدور الأغنية، ورسالتها، وقيمتها» وفق تعبيره.

ويؤكد السماحي لـ«الشرق الأوسط» أن العقوبة على قدر الجرم، ويجب التعامل مع المتجاوز بكل قوة وحزم، مطالباً وسائل الإعلام بعدم استضافتهم، والترويج لهم، لأنهم لا يقدمون أي شيء للمجتمع.

وبجانب بيكا والبحراوي قامت «نقابة الموسيقيين»، بالتحقيق مع مؤدي المهرجانات عصام صاصا مؤخراً، بعد انتقادات واسعة طالت بعض أعماله، ورصد تجاوزات في كلمات أغنياته، ومن بينها أغنية «محكمة ودخلنا على المفرمة» التي طرحها قبل أسبوعين عبر «يوتيوب».

رضا البحراوي تعرض لانتقادات في أكثر من مناسبة (حسابه على «فيسبوك»)
رضا البحراوي تعرض لانتقادات في أكثر من مناسبة (حسابه على «فيسبوك»)

ويرى الناقد الفني المصري سمير الجمل أن «ما يفعله مطربو المهرجانات ليس جديداً، وأنهم لن يتغيروا مهما تعرضوا لعقوبات».

وطالب الجمل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالانتباه لوجودهم، وما يطرحونه، موضحاً أنهم «ظاهرة لن تدوم وستنتهي مثل غيرها، لأن مصر أنجبت، ولا تزال أسماء فنية كبيرة ساهمت في تشكيل الوعي والارتقاء بالذوق العام». على حد تعبيره.

في المقابل علق الناقد الفني المصري طارق الشناوي على تجاوزات بعض مطربي المهرجانات قائلاً في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يمكن لأحد الدفاع عن الخطأ، ومن أخطأ فعليه تحمل نتيجة ذلك، مشيراً إلى أن «التعميم في حالتهم لا يجوز، خصوصاً أن ثقافة البعض منهم محدودة ولا يعلمون خطورة ما يقدمون». ولفت الشناوي إلى أن «محمد عبد الوهاب وأم كلثوم تعرضا لاتهامات من إحدى المؤسسات الدينية بسبب كلمات أغنياتهما، لذلك فإن النقد لا يقتصر على فئة بعينها».