ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

شرم الشيخ شهدت زلزالاً الخميس بقوة 4.2 ريختر

شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)
شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)
TT

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)
شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

في حلقة جديدة من سلسلة الهزات الأرضية التي شهدتها منطقة شمال البحر الأحمر، أعلن معهد البحوث الفلكية المصري تسجيل محطات شبكة الزلازل القومية هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، صباح الخميس.

ووفق المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، الهزة الأرضية عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

وأوضح المعهد، في بيان، الخميس، أنّ الزلزال بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر ووقع على عمق 8.5 كيلومتر تحت سطح الأرض.

ورغم شعور بعض المواطنين بالهزة التي استمرّت لثوانٍ، أكد مركز العمليات عدم وقوع أي أضرار أو خسائر، ما أدّى إلى تهدئة مخاوف السكان والزوار في المنطقة، خصوصاً مع تزايد وتيرة الهزات في الآونة الأخيرة.

تكرار الزلازل

من جانبه، أكد أستاذ ديناميكا الأرض والرئيس السابق للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، الدكتور صلاح محمود، أنّ الهزة الأرضية التي وقعت، الخميس، وإنْ كانت محسوسة، فإنها ذات قوة ضعيفة ولا تشكل أي تهديد للمباني أو المنشآت أو سلامة المواطنين.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنّ مثل تلك الهزات وقعت ضمن منطقة زلزالية نشطة معروفة باسم «صدع البحر الميت»، وهذا الصدع التكتوني يمتد لمسافة طويلة من خليج العقبة في الجنوب، مروراً بالبحر الميت ووادي الأردن، وصولاً إلى جبال لبنان وسوريا وشرق الأناضول في الشمال.

ووفق محمود، يرجع تكرار الهزات الأرضية في هذه المنطقة إلى طبيعتها التكتونية النشطة؛ فالصفيحتان العربية والأفريقية تتحرّكان ببطء بعيداً عن بعضهما البعض، ما يؤدّي إلى تراكم التوترات في الصخور على طول صدع البحر الميت. وعند بلوغ هذه التوترات حدها الأقصى، تتحرّر فجأة على شكل زلازل، مما يجعل المنطقة عرضة لهذه الظاهرة بشكل مستمر.

البحر الأحمر وخليج العقبة يقعان ضمن منطقة نشطة زلزالياً (عبد الفتاح فرج)

بدوره، أشار أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في «جامعة القاهرة»، الدكتور عباس شراقي، إلى أنّ مصر شهدت زلازل متكرّرة في مناطق محددة بالآونة الأخيرة؛ ومن أبرز هذه الهزات زلزال الغردقة الذي بلغت قوته 4.2 درجة في 14 أبريل (نيسان) 2023، وزلزال السويس بقوة 3.8 درجة في 24 فبراير (شباط) 2023، وزلزال جبل الزيت في خليج السويس بقوة 4.7 درجة في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2022.

أخدود البحر الأحمر

وأوضح شراقي عبر صفحته في «فيسبوك» أنّ السبب الرئيسي وراء تكرار هذه الهزات يكمن في الموقع الجيولوجي لمصر، حيث تقع البلاد عند الطرف الجنوبي لخليج السويس وشمال البحر الأحمر وحول خليج العقبة، وهذه المنطقة تتأثر بشكل مباشر بأخدود البحر الأحمر، وهو امتداد ضخم للأخدود الأفريقي الذي يمتد من موزمبيق في الجنوب، مروراً بدول شرق أفريقيا، وصولاً إلى البحر الأحمر وخليج السويس والعقبة، حتى منطقة الأناضول في تركيا.

ونوّه إلى أنّ هذا النظام التصدّعي بأكمله يُعدُّ منطقة نشطة زلزالياً، تشهد حراكاً مستمراً في الصفائح التكتونية، وقد لوحظت في السنوات الأخيرة زيادة في النشاط الزلزالي في مناطق مثل القرن الأفريقي وشمال البحر الميت وتركيا، مما يؤكد الطبيعة الديناميكية لهذه المنطقة الجيولوجية.


مقالات ذات صلة

القبض على إسرائيلي في تركيا للاتجار بأعضاء اللاجئين السوريين

شؤون إقليمية قُبض على الإسرائيلي بوريس ولفمان في إسطنبول 2015 وسُلم لإسرائيل لاتهامه بالاتجار بالأعضاء وعاد إلى تركيا عام 2017 (إعلام تركية)

القبض على إسرائيلي في تركيا للاتجار بأعضاء اللاجئين السوريين

قررت محكمة تركية في إسطنبول توقيف إسرائيلي مطلوب من الإنتربول الدولي بنشرة حمراء، لتورطه في عمليات اتجار بالأعضاء في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سكان مالاطيا غادروا منازلهم وبقوا في الشوارع بسبب الهلع من الزلزال (إعلام تركي)

زلزال بقوة 5.9 درجة ضرب شمال تركيا وأعاد ذكريات «كهرمان ماراش»

ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر ولاية مالاطيا في شرق تركيا تأثرت به بعض المناطق في جنوب شرقي البلاد وفي شمال سوريا ولم يسفر عن ضحايا أو إصابات خطيرة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لآثار الزلزال الذي ضرب ملاطية العام الماضي (غيتي)

شعر به سكان مدن سورية... زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب جنوب شرق تركيا

أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن زلزالاً بقوة 5.9 درجة هز إقليم ملاطية في جنوب شرق تركيا، اليوم الأربعاء، وشعر به سكان مدن سورية.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)
آسيا أصدرت اليابان تحذيراً من احتمال وقوع تسونامي في جزيرتي إيزو وأوجاساوارا النائيتين على بعد نحو 600 كيلومتر جنوب طوكيو (أرشيفية - أ.ب)

رصد تسونامي منخفض في جزيرة يابانية نائية بعدما ضربها زلزال

أعلنت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية أنه تم رصد تسونامي منخفض في جزيرة هاشيجوجيما اليابانية النائية بعدما ضرب المنطقة زلزال بلغت قوته 5.9 درجة جزر إيزو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم زلزال بقوة 6.5 درجة يقع قبالة كولومبيا البريطانية في كندا

زلزال بقوة 6.5 درجة يقع قبالة كولومبيا البريطانية في كندا

قالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، إن زلزالاً بلغت قوته 6.5 درجة وقع قبالة ساحل مدينة بورت ماكنيل في إقليم كولومبيا البريطانية في كندا اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)

«المجتمعات المتنقّلة في العلا»... لوحة غنية بالحياة تشكَّلت عبر الزمن

البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)
البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)
TT

«المجتمعات المتنقّلة في العلا»... لوحة غنية بالحياة تشكَّلت عبر الزمن

البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)
البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)

استضافت محافظة العلا (شمال غرب السعودية) ندوة عالمية لفهم المجتمعات المتنقّلة، وأثر الترحال في رسم ملامح ما استقرّ عليه العالم اليوم، والتأمُّل في نشاط التنقّل بوصفه وسيلة للوصول إلى فرص جديدة، وتحسين ظروف الحياة، والاستكشاف.

وتحتضن العلا الندوة، من موقعها التاريخي ملتقى للتبادل التجاري واللغات والأفكار والعادات؛ وقد بقيت آثار ذلك حاضرة في أجزاء متفرّقة منها من خلال السجلّات الأثرية أو طبيعة الأرض أو القصص التي تلاها الناس وانتقلت عبر العصور.

وتاريخياً، مرّت شعوب مختلفة بالعلا أو اتّخذتها وطناً لها، فتركت بصمتها وخطّت آلاف النقوش.

ويعود تاريخ أقدم هذه النقوش إلى القرنين الـ9 والـ10 قبل الميلاد، بعضها دوّنه كتّاب محترفون، والبعض الآخر كتبه أشخاص عاديون. والنقوش يجري حفرها وطلاؤها وإبرازها، وتشمل اللغات الآرامية والثمودية والدادانية والمعينية والنبطية واليونانية واللاتينية والعربية، ومما سجّلوه في رحلات السفر والحج والزكوات.

وأضاء معرضٌ مُصاحب للندوة التي شهدت مشاركة خبراء ومتخصّصين وباحثين في مجالات علم الآثار وإدارة المواقع الثقافية، على تجربة التنقّل لدى مجتمعات منطقة العلا في شمال غرب شبه الجزيرة العربية عبر العصور، فحاول الكشف عن تاريخها العريق من خلال برنامج بحث أثري كبير، ركزت بحوثه على الثقافات المتنوّعة التي عبرت هذه المناطق، وربطت بين الطرق القديمة التي سهَّلت تبادل السلع والمعارف.

وكشفت التنقيبات والدراسات المستمرّة التي أجرتها «الهيئة الملكية للعلا» تأثير المجموعات المتنقّلة في المستوطنات المحلّية والزراعة، والتفاعل الحيوي والتعاملات بين هذه المجتمعات المتنقلة التي عبرت المنطقة والمجتمعات المستقرّة فيها؛ في حين قدَّم المعرض المُصاحب سرديةً ثريّةً بالتفاصيل، ولوحةً غنيةً من الحياة التي شكّلت ملامح العلا عبر الزمن.

أضاء المعرض على تجربة التنقّل لدى مجتمعات منطقة العلا (الشرق الأوسط)

التنقّل وظهور الإسلام

مع ظهور الإسلام في القرن الـ7 الميلادي، شهدت العلا زيادة أعداد المارّين فيها، وانتقلت نقطة التمركز البشري الرئيسية في وادي العلا إلى قرح في الجنوب، التي أصبحت المحطة الرئيسية للحجاج القادمين من سوريا وشمال أفريقيا إلى مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة.

وبحلول القرن الـ13، أصبحت بلدة العلا القديمة التي تقع بالقرب من دادان مركز التجمّع البشري الرئيسي، وبقيت كذلك حتى ثمانينات القرن الـ20. أما في بداية هذا القرن، أُنشئت سكة حديد بين دمشق والمدينة، بما ساعد في اختصار زمن رحلة الحج من 40 يوماً إلى 4 أيام فقط، وأسهم بذلك في زيادة عدد الحجاج.

قرح إحدى أهم مدن شبه الجزيرة العربية بين القرون الـ5 والـ12 (هيئة العلا)

مركز تجاري على مفترق طرق

كانت دادان التي تميَّزت بموقعها الاستراتيجي في وادي العلا وعلى طريق البخور مركزاً حضرياً حيوياً في شبه الجزيرة العربية خلال الألفية الأولى قبل الميلاد، وعاصمة لمملكتَي دادان ولحيان.

وتُبيّن الاكتشافات الأثرية الحديثة البراعة المعمارية والتأثر الفنّي بمصر وبلاد الرافدين والعالم اليوناني الروماني.

وفي القرن الأول قبل الميلاد، استقرّ الأنباط في الحجر القريبة التي كانت مركزاً تجارياً مزدهراً تحيط بها مقابر مزخرفة إلى الشمال من وادي العلا. وبعد ضمّ المملكة النبطية إلى الإمبراطورية الرومانية عام 106، واصلت الحجر دورها موقعاً استراتيجياً للرومان، مما رسَّخ مكانة المنطقة بوصفها محوراً دائماً للتجارة والتبادل الثقافي بين الحضارات.

حاول المعرض الكشف عن التاريخ العريق للمجتمعات المتنقّلة في العلا (الشرق الأوسط)

من حياة الصيادين إلى المزارعين

تكشف الأدلة الأثرية أنه قبل أكثر من 200 ألف عام، تنقّل عدد من الشعوب عبر هذه الأراضي كونهم صيادين وجامعي ثمار.

ومع مرور الزمن، تغيَّر هذا النمط الاقتصادي المتنقّل، في حين حافظت بعض المجتمعات على نمط الحياة البدوي الذي لا يزال جزءاً مهماً من التراث السعودي، واختارت أخرى الاستقرار وإنشاء الواحات.

وأظهرت الاكتشافات الأثرية الحديثة وجود مساكن شبه دائمة أو مأهولة بشكل دوري تعود إلى العصر الحجري الحديث، بالإضافة إلى اكتشاف قرية من العصر البرونزي في خيبر، مما يدلّ على تفاقُم استخدام الأراضي والاستفادة من الموارد الطبيعية.

ويشير ذلك إلى أنّ ظهور المستوطنات الحضرية في واحات العصر البرونزي أصبح محوراً للتبادلات الاجتماعية والاقتصادية، مما عزَّز الروابط والتعاملات بين المجموعات المستقرّة والبدوية في جميع أنحاء المنطقة.

وشهد، الخميس، ختام أعمال «ندوة العلا العالمية للآثار 2024» لبحث آثار وتراث المجتمعات المتنقّلة عبر الماضي والحاضر والمستقبل، بعد يومين من النقاشات الثرية بمشاركة علماء آثار وتراث ثقافي دوليين.

وتوفّر كلّ من «قمّة» و«ندوة» العلا العالمية للآثار فرصة للقاء الخبراء والمتخصّصين والباحثين في مجالات علم الآثار وإدارة المواقع الثقافية، وطرح الرؤى المعمّقة في مجالات عدة، تتعلّق بتطوير المواقع ذات الأهمية الأثرية والدلالات التاريخية وإدارتها.