آثار خيبر وعكمة ودادان تستقطب اهتمام علماء الآثار حول العالم

باحث ومؤرخ بريطاني يتطلّع لإنجاز تجربة علمية في خيبر

يستغرق علماء الآثار العالميون في رحلة عبر الزمن (الشرق الأوسط)
يستغرق علماء الآثار العالميون في رحلة عبر الزمن (الشرق الأوسط)
TT

آثار خيبر وعكمة ودادان تستقطب اهتمام علماء الآثار حول العالم

يستغرق علماء الآثار العالميون في رحلة عبر الزمن (الشرق الأوسط)
يستغرق علماء الآثار العالميون في رحلة عبر الزمن (الشرق الأوسط)

تُلفِت الفرص الثمينة والفصول المهمة في سيرة الأرض والإنسان التي تقع في بقعة جغرافية متقاربة، في العلا وخيبر وتيماء، نظَرَ واهتمامَ عددٍ من قياديي وعلماء الآثار حول العالم، وذلك خلال مشاركتهم في «ندوة العلا العالمية للآثار» التي تُعقد ليومين، وتُشارك فيها نخبة من رواد وقياديي القطاع القادمين من أكثر من 30 دولة، وتوفّرت لهم فرصة الاطّلاع على تفاصيل البقعة التاريخية والأثرية المهمة، وما تضمّه من سجلات ونقوش أثرية ومعالم تاريخية شاهدة على العصور المتعاقبة.

جولة نخبة من علماء قطاع الآثار من مختلف دول العالم (الشرق الأوسط)

وبين النقوش على واجهات جبال العلا المحيطة بدادان، والمكتوبة بعددٍ من اللغات والخطوط، إلى «المكتبة اللحيانية» المفتوحة في موقع جبل عِكْمة الذي احتفظ بسجلات أثرية لأقوام وحضارات ازدهرت ومن ثَمّ اندثرت على أرض العلا، وصولاً إلى «خيبر» الجوهرة الأثرية بين الصخور البركانية، و«تيماء» التي تُعدّ وجهة صاعدة للمعالم الأثرية، وتروي شواهدها الأثرية العريقة فصلاً مهماً من حكاية التاريخ الإنساني في شبه الجزيرة العربية.

وخلال جولة نخبة من قياديي وعلماء قطاع الآثار من مختلف دول العالم إلى العلا وخيبر وتيماء، رصدت «الشرق الأوسط» الانطباعات التي تكوّنت خلال الزيارة؛ حيث عكفت المجموعات العلمية في توثيق التفاصيل ورصدها، والبحث في أسرار المكان الذي يُعدّ واعداً بالمفاجآت حول مكانتها التاريخية الرصينة وبيئتها الجيولوجية الفريدة، والتعرّف إلى حياة ملوكها، واستكشاف الشخصيات التاريخية العظيمة التي عاشت على أرضها.

سجلات ونقوش أثرية ومعالم تاريخية شاهدة على العصور المتعاقبة (الشرق الأوسط)

ومن بينهم روبرت هويلند، أستاذ التاريخ الإسلامي وتاريخ العصور القديمة المتأخرة في جامعة «نيويورك» الذي يتطلّع إلى توظيف خبرته العريضة في استكشاف «خيبر».

وبعد عمرٍ طويل قضاه في سوريا واليمن، للبحث عن أصول نشأة الحضارة العربية والإسلامية، يرجو أن تُتاح له فرصة استكناه ما أسرّت به الحضارات القديمة في الجزيرة العربية لثراها، واستودعته في خزائنها الواعدة.

البلدة القديمة في العلا (واس)

يتحدث هويلند القادم من جولة سريعة في عددٍ من المناطق السعودية إلى «الشرق الأوسط»، عن ذهوله بما رآه من نزر يسير خلال جولته، فيما تحتفظ له «خيبر» بمكنونها الكبير، يقول هويلند: «أودّ أن أستكمل سردية المنطقة التي طالما شغفت بتفاصيلها. أصبحت السعودية وجهة ملهمة للأثريين، وأتطلع إلى إحراز عمل رصين يلتقي مع ما يلقاه القطاع من دعم وتمكين في السعودية، ليست خيبر وحدها بتفاصيلها الغاصّة بالتاريخ، بل أيضاً جزيرة (دارين وتاروت) الرابضة على ضفاف الخليج العربي، التي يعود تاريخها إلى أكثر من 5 آلاف عام، واشتهرت عبر تاريخها الممتد بكونها مرفأً بحرياً ومركزاً للتبادل التجاري وسوقاً نشطة».

المنطقة واعدة بالمفاجآت (الشرق الأوسط)

في جولتك داخل العلا، تنهض فرق التنقيب والمسح الأثرية كل يوم مع أول النهار، ولا تُخطئ عيناك رؤية فرق من العلماء والأثريين وهي تنتشر في كثير من المواقع في العلا، التي تُعدّ أرضاً بكراً للاستكشاف، واستظهار ما أودعته العصور والمجتمعات القديمة في واجهات الجبال وبطون الأودية وبين الصخور.

كنوز العلا بين يدي 200 عالم أثري

ومنذ يونيو 2024 شارك أكثر من 200 عالم آثار في إجراء المسوح والتنقيبات الأثرية والدراسات المرتبطة بـ12 مشروعاً في منطقتي العلا وخيبر.

‏وشاركت السعودية نتائج أعمال المسح والتنقيب من خلال مجموعة من الأوراق العلمية التي عُرضت في مؤتمر الدورة الـ57 للدراسات العربية في باريس، واستعرضت تجربة الأعمال الأثرية في المملكة، وقدّمت نتائج الأعمال المتصلة بالعلا وخيبر في 15 ورقة بحثية، من إجمالي 69 ورقة بحثية، وهي النسبة الأعلى من إجمالي الأبحاث من أي دولة أخرى.

الشواهد الأثرية العريقة تروي فصلاً من التاريخ في شبه الجزيرة العربية (واس)

والأسبوع المقبل، تتهيّأ العلا لانطلاق أبرز الفعاليات التراثية المرتقبة وأهمها لهذا العام، وتمكين زوارها من خوض رحلة استثنائية عبر الزمن من خلال «مهرجان الممالك القديمة 2024» الذي يأتي في نسخته الثانية، وتقديم فرصة استثنائية لاستكشاف نسيج العلا الثقافي الذي يمتد لآلاف السنين بأسلوب عصري ترفيهي مميز.

ويضمّ المهرجان تجارب مغامرات تتيح لضيوف العلا اكتشاف أسرار طريق البخور الشهير، والتعرف إلى حكايات وتراث الحضارات القديمة بطريقة مبتكرة وغير مسبوقة، والسفر عبر الزمن وسبر أغوار 7000 عام من تاريخ البشرية، في استكمال لرحلة العلا في تسليط الضوء على ما تضمّه أرضها من تراث وأثر للحضارات العتيقة.


مقالات ذات صلة

شارع النبي دانيال التاريخي بالإسكندرية في حُلة جديدة

يوميات الشرق مشروع تطوير شارع النبي دانيال في الإسكندرية (رئاسة مجلس الوزراء)

شارع النبي دانيال التاريخي بالإسكندرية في حُلة جديدة

اكتسى شارع النبي دانيال التاريخي في محافظة الإسكندرية حلة جديدة ضمن أعمال التطوير التي تقوم بها الإدارة المحلية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
المشرق العربي جزء من قلعة بعلبك الأثرية في لبنان (رويترز)

معالم أثرية لبنانية تعرضت للدمار جراء القصف الإسرائيلي (إنفوغراف)

تتعرض العديد من المعالم الأثرية في لبنان لخطر التدمير وسط اشتداد القصف الإسرائيلي على البلاد منذ أكثر من شهر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق كتاب «العلا موطن الحضارات» باللغة الإنجليزية

السعودية تقدم حضارتها وآثارها القديمة وموروثها الشعبي على ظهر جمل

قدّمت السعودية حضارتها وجوانب رائعة من آثارها ومعالمها التاريخية الخالدة إلى أطفال العالم من خلال مجموعة قصصية أبطالها حقيقيون وشواهدها ماثلة للعيان إلى اليوم.

بدر الخريف (الرياض)
يوميات الشرق تستهدف الندوة توسيع الفهم لأثر التنقل والترحال في تشكيل المجتمعات البشرية (هيئة العلا)

«ندوة العلا العالمية للآثار» تستكشف دور التنقل في تشكيل تاريخ البشرية

تهدف ندوة العلا العالمية إلى استكشاف الدور العميق للتنقل في تشكيل تاريخ البشرية، وتأمل السرديات حول القصص المتعددة عن أثر التنقل والترحال في حياة المجتمعات.

عمر البدوي (العلا)
يوميات الشرق تبحث الندوة في جلسات علمية ليومين أثر التنقل في حياة المجتمعات عبر العصور (قمة العلا)

«ندوة العلا العالمية للآثار» تنطلق لبحث أثر تنقل المجتمعات منذ العصور القديمة

تنطلق الأربعاء «ندوة العلا العالمية للآثار 2024»، تحت عنوان: «استشراف المستقبل: آثار وتراث المجتمعات المتنقلة عبر الماضي والحاضر والمستقبل».

عمر البدوي (العلا (السعودية))

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)
شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)
TT

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)
شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

في حلقة جديدة من سلسلة الهزات الأرضية التي شهدتها منطقة شمال البحر الأحمر، أعلن معهد البحوث الفلكية المصري تسجيل محطات شبكة الزلازل القومية هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، صباح الخميس.

ووفق المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، الهزة الأرضية عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

وأوضح المعهد، في بيان، الخميس، أنّ الزلزال بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر ووقع على عمق 8.5 كيلومتر تحت سطح الأرض.

ورغم شعور بعض المواطنين بالهزة التي استمرّت لثوانٍ، أكد مركز العمليات عدم وقوع أي أضرار أو خسائر، ما أدّى إلى تهدئة مخاوف السكان والزوار في المنطقة، خصوصاً مع تزايد وتيرة الهزات في الآونة الأخيرة.

تكرار الزلازل

من جانبه، أكد أستاذ ديناميكا الأرض والرئيس السابق للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، الدكتور صلاح محمود، أنّ الهزة الأرضية التي وقعت، الخميس، وإنْ كانت محسوسة، فإنها ذات قوة ضعيفة ولا تشكل أي تهديد للمباني أو المنشآت أو سلامة المواطنين.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنّ مثل تلك الهزات وقعت ضمن منطقة زلزالية نشطة معروفة باسم «صدع البحر الميت»، وهذا الصدع التكتوني يمتد لمسافة طويلة من خليج العقبة في الجنوب، مروراً بالبحر الميت ووادي الأردن، وصولاً إلى جبال لبنان وسوريا وشرق الأناضول في الشمال.

ووفق محمود، يرجع تكرار الهزات الأرضية في هذه المنطقة إلى طبيعتها التكتونية النشطة؛ فالصفيحتان العربية والأفريقية تتحرّكان ببطء بعيداً عن بعضهما البعض، ما يؤدّي إلى تراكم التوترات في الصخور على طول صدع البحر الميت. وعند بلوغ هذه التوترات حدها الأقصى، تتحرّر فجأة على شكل زلازل، مما يجعل المنطقة عرضة لهذه الظاهرة بشكل مستمر.

البحر الأحمر وخليج العقبة يقعان ضمن منطقة نشطة زلزالياً (عبد الفتاح فرج)

بدوره، أشار أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في «جامعة القاهرة»، الدكتور عباس شراقي، إلى أنّ مصر شهدت زلازل متكرّرة في مناطق محددة بالآونة الأخيرة؛ ومن أبرز هذه الهزات زلزال الغردقة الذي بلغت قوته 4.2 درجة في 14 أبريل (نيسان) 2023، وزلزال السويس بقوة 3.8 درجة في 24 فبراير (شباط) 2023، وزلزال جبل الزيت في خليج السويس بقوة 4.7 درجة في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2022.

أخدود البحر الأحمر

وأوضح شراقي عبر صفحته في «فيسبوك» أنّ السبب الرئيسي وراء تكرار هذه الهزات يكمن في الموقع الجيولوجي لمصر، حيث تقع البلاد عند الطرف الجنوبي لخليج السويس وشمال البحر الأحمر وحول خليج العقبة، وهذه المنطقة تتأثر بشكل مباشر بأخدود البحر الأحمر، وهو امتداد ضخم للأخدود الأفريقي الذي يمتد من موزمبيق في الجنوب، مروراً بدول شرق أفريقيا، وصولاً إلى البحر الأحمر وخليج السويس والعقبة، حتى منطقة الأناضول في تركيا.

ونوّه إلى أنّ هذا النظام التصدّعي بأكمله يُعدُّ منطقة نشطة زلزالياً، تشهد حراكاً مستمراً في الصفائح التكتونية، وقد لوحظت في السنوات الأخيرة زيادة في النشاط الزلزالي في مناطق مثل القرن الأفريقي وشمال البحر الميت وتركيا، مما يؤكد الطبيعة الديناميكية لهذه المنطقة الجيولوجية.