السعودية تقدم حضارتها وآثارها القديمة وموروثها الشعبي على ظهر جمل

العنود آل الشيخ ترويها لمليارات الأطفال في العالم بـ3 لغات

كتاب «العلا موطن الحضارات» باللغة الإنجليزية
كتاب «العلا موطن الحضارات» باللغة الإنجليزية
TT

السعودية تقدم حضارتها وآثارها القديمة وموروثها الشعبي على ظهر جمل

كتاب «العلا موطن الحضارات» باللغة الإنجليزية
كتاب «العلا موطن الحضارات» باللغة الإنجليزية

قدّمت السعودية حضارتها وجوانب رائعة من آثارها ومعالمها التاريخية الخالدة إلى أطفال العالم من خلال مجموعة قصصية، أبطالها حقيقيون، وشواهدها ماثلة للعيان إلى اليوم.

وجرت صياغة المجموعة القصصية بلغة سهلة، وطُرحت بها معلومات ثرية ومبسطة، تحكي قصة حضارة السعودية ومعالمها التاريخية منذ القدم، وتُرجمت بعدة لغات عالمية، يصل الناطقون بها إلى نحو 3 مليارات طفل حول العالم، وتضمنت صوراً ورسوماً لافتة.

حمل قائد الرحلة 3 أطفال، هم أبناء المؤلفة العنود بنت عبد الملك أحمد آل الشيخ، مع «الجمل حبيب» حيث جاب ربوع البلاد، مستفيداً من معرفته وما لديه من دربه بصحاريها ورمالها وسهولها وصخورها، وكان المخلوق الخرافي الوحيد الذي عاش منذ آلاف السنين إلى اليوم، مرتبطاً بالأرض والناس وبالحياة، ولم يتغير أسلوبه في التعايش مع الصحراء اليباب، رغم تقادم القرون، وبادله الإنسان عشق هذه الأرض، في ارتباط شرطي بينهما يدعو للعجب .

كتاب «ثاج البائدة» باللغة العربية

ونجحت العنود آل الشيخ في إنجاز سلسلة قصصية مشوّقة للأطفال، تمت ترجمتها للغتين الصينية والإنجليزية، واختارت معالم من السعودية، هي: آثار «العلا» موطن الحضارات، وآثار «ثاج» المدينة البائدة، التي تعد واحدة من أقدم الحضارات، وتحتوي على قناع ذهبي مع مجموعة من الحلي المرصعة بالياقوت، تحكي حضارة عمرها أكثر من ألفي عام.

كما قدّمت آل الشيخ، المؤلفة والمشرفة على هذا المشروع القصصي الجبار، كتباً عن أنشطة من آثار السعودية، وأخرى عن الموروث المحلي، فيها مغامرات واستكشافات وتطبيقات مسلية ومعلومات ثرية.

كتاب «العلا موطن الحضارات» باللغة العربية

كان «الجمل حبيب» المرشد السياحي، وهو بطل القصص والأنشطة بحمله شخوص الرواية الحقيقيين، وهم أبناء المؤلفة العنود آل الشيخ: آية وعبد الله وعبد الملك، وخاطبوا مع جملهم الذي حملهم مليارات الأطفال وغيرهم في العالم، ونقلوا إليهم آثار ومعالم بلادهم السعودية منذ آلاف السنين، واطلعوا على كنز أميرة ثاج والقناع الذهبي المفقود.

وأهدت المؤلفة العنود آل الشيخ القصص إلى أبنائها لنقلها إلى القراء بـ3 لغات عالمية، وتم عرض كل ذلك في معارض عالمية، منها معرض الصين للكتاب بنسختها الصينية، ومعرض فرانكفورت للكتاب بنسختها الإنجليزية، إضافة إلى نسخة باللغة العربية.

كتاب فيه تعلم ومرح عن أنشطة الآثار السعودية

وأحسنت في اختيار الجمل مرشداً سياحياً وحاملاً لشخوص القصص، والحديث عن الصحراء والآثار، ولو عاش طرفة بن العبد الشاعر الجاهلي بيننا اليوم، وهو صاحب المعلقة الشهيرة التي تفنن فيها بطرح كثير من الأوصاف والتشبيهات الكبيرة عن أصالة الناقة، واطّلع على المجموعة القصصية التي مرّ طرفة على ناقته بالأماكن التي تحدثت عن معالمها، لصافح المؤلفة، ورفع القبعة لها، لأن الشاعر طرفة في معلقته سطّر في ملحمته التاريخية الشعرية الشهيرة التي عدت من المعلقات السبع، كثيراً عن الجمل أو الناقة. هذا المخلوق الخرافي، بل إن نصف معلقته، التي يبلغ عدد أبياتها 103 أبيات، خصّصها عن الناقة.

طرفة بن العبد

يشار إلى أن طرفة بن العبد من أصحاب المعلقات السبع، ومن الشعراء الملحميين الكبار، وقد وصف النقاد المتأخرون معلقته بأنها أعمق ما قال شاعر جاهلي، إذ كشف فيها عن موقف وجودي، أو ما يسمى في عصرنا هذا «ميتافيزيقياً»!

بل إنها ملحمة، كما لغة عصرنا اليوم، كشف فيها من خلال أكثر من 40 بيتاً عن أصالة ناقته وخصائصها الجسدية الكثيرة. وعدّها بعض النقاد المتأخرين هذه الأبيات التي خصّصها للحديث عن الناقة وصفاً يعجز عنه علماء التشريح، بل إن هناك جراحاً سعودياً، هو الدكتور الراحل جمال فطاني، نال شهادة الدكتوراه في علم التشريح عن «خف الجمل»، وقد استفاد من معلقة طرفة، خصوصاً الأبيات الأربعين التي وصف فيها الناقة، هذا المخلوق الخرافي ورفيق العربي في حلّه وترحاله، الذي سميَ «سفينة الصحراء».

كتاب أنشطة عن الموروث السعودي

بدأ الشاعر قصيدته بالإشارة إلى أنه إذا حلّ به الهمّ أمضي بناقة نشيطة في سيرها، وسمّاها العوجاء، وهي الناقة التي تستقيم في سيرها، ولفرط نشاطها تروح وتغتدي، مثل السفينة، التي تتلاعب بها الأمواج في البحر، فلذلك سميَ الجمل أو الناقة «سفينة الصحراء». وأضاف طرفة صفة «مرقال»، علماً بأن الشاعر من إقليم الأحساء، الذي عُرف قديماً باسم البحرين، وعاصمته «هجر»:

وَإِنّي لَأَمضي الهَمَّ عِندَ احتِضارِهِ

بِعَوجاءَ مِرقالٍ تَروحُ وَتَغتَدي

كتاب «ثاج البائدة» باللغة الإنجليزية


مقالات ذات صلة

«اليونيسكو» تعزز مستوى حماية 34 موقعاً تراثياً في لبنان

المشرق العربي مبنى مقر «اليونيسكو» في باريس (رويترز)

«اليونيسكو» تعزز مستوى حماية 34 موقعاً تراثياً في لبنان

أعلنت «اليونيسكو» أنها منحت عشرات المواقع التراثية المهددة بالغارات الإسرائيلية في لبنان «حماية مؤقتة معززة»، لتوفر لها بذلك مستوى أعلى من الحماية القانونية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية أعربت القنصلية الفرنسية في القدس في بيان عن «غضب» باريس من عمليات الهدم الإسرائيلية مشيرة إلى أنها دعمت المركز الثقافي المدمر (مقر جمعية البستان) «بأكثر من نصف مليون يورو» منذ عام 2019 (وفا)

فرنسا تطلب «تفسيراً» من السلطات الإسرائيلية بعد هدم مركز ثقافي في القدس

أكدت الخارجية الفرنسية، الجمعة، أن باريس طلبت «تفسيراً من السلطات الإسرائيلية»، بعد هدم مقر جمعية البستان الذي موّلته فرنسا في حي سلوان بالقدس الشرقية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق اجتماع اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية استعرض الإنجازات (وزارة الخارجية السعودية)

اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن «العُلا» تناقش توسيع التعاون

ناقشت اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير العُلا سبل توسيع التعاون المشترك بين الجانبين في مختلف القطاعات، خصوصاً في مجالات الآثار والرياضة والفنون.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق وصل عدد أعضاء النادي إلى 85 عضواً في وقت قياسي (الشرق الأوسط)

نادٍ للكتّاب السعوديين انتقل من مبادرة إلكترونية إلى ملتقى حي لدعم المبدعين

بدأت تظهر مشاريع ومبادرات نوعية في جميع المجالات والاهتمامات لرعاية المواهب وخلق بيئة واعدة لكل مجال في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
TT

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

في كل مرة يُعلن فيها عن الإفراج عن دفعة من المعتقلين السوريين، تتزيّن بطلة فيلم «سلمى» وتهرع مع والد زوجها، علّها تعثر على زوجها «سجين الرأي» الذي اختفى قبل سنوات في ظروف غامضة، متمسكة بأمل عودته، رافضة إصدار شهادة وفاته، ومواصلة حياتها مع نجلها ونجل شقيقتها المتوفاة.

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» في هذا الإطار، وقد جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» في «مهرجان القاهرة السينمائي» في دورته الـ45، وتلعب الفنانة السورية سلاف فواخرجي دور البطولة فيه إلى جانب المخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد الذي يؤدي دور والد زوجها. وقد أُهدي الفيلم لروحه.

تتعرض «سلمى» للاستغلال من أحد أثرياء الحرب سيئ السمعة، لتبدأ بنشر معلومات دعائية لشقيقه في الانتخابات على خلفية ثقة السوريين بها للعبها دوراً بطوليّاً حين ضرب زلزال قوي سوريا عام 2023، ونجحت في إنقاذ عشرات المواطنين من تحت الأنقاض، وتناقلت بطولتها مقاطع فيديو صورها كثيرون. وتجد «سلمى» نفسها أمام خيارين إما أن تتابع المواجهة حتى النهاية، وإما أن تختار خلاصها مع عائلتها.

ويشارك في بطولة الفيلم كلٌ من باسم ياخور، وحسين عباس، والفيلم من إخراج جود سعيد الذي يُعدّه نقاد «أحد أهم المخرجين الواعدين في السينما السورية»، بعدما حازت أفلامه جوائز في مهرجانات عدة، على غرار «مطر حمص»، و«بانتظار الخريف».

سُلاف تحتفل بفيلمها في مهرجان القاهرة (القاهرة السينمائي)

قدّمت سُلاف فواخرجي أداءً لافتاً لشخصية «سلمى» التي تنتصر لكرامتها، وتتعرّض لضربٍ مُبرح ضمن مشاهد الفيلم، وتتجاوز ضعفها لتتصدّى لأثرياء الحرب الذين استفادوا على حساب المواطن السوري. وتكشف أحداث الفيلم كثيراً عن معاناة السوريين في حياتهم اليومية، واصطفافهم في طوابير طويلة للحصول على بعضِ السلع الغذائية، وسط دمار المباني جراء الحرب والزلزال.

خلال المؤتمر الصحافي الذي نُظّم عقب عرض الفيلم، تقول سُلاف فواخرجي، إنه من الصّعب أن ينفصل الفنان عن الإنسان، وإنّ أحلام «سلمى» البسيطة في البيت والأسرة والكرامة باتت أحلاماً كبيرة وصعبة. مؤكدة أن هذا الأمر ليس موجوداً في سوريا فقط، بل في كثيرٍ من المجتمعات، حيث باتت تُسرق أحلام الإنسان وذكرياته. لافتة إلى أنها واحدة من فريق كبير في الفيلم عمل بشغف لتقديم هذه القصة. وأضافت أنها «ممثلة شغوفة بالسينما وتحب المشاركة في أعمال قوية»، مشيرة إلى أن «شخصية (سلمى) تُشبهها في بعض الصّفات، وأن المرأة تظل كائناً عظيماً».

من جانبه، قال المخرج جود سعيد، إن هذا الفيلم كان صعباً في مرحلة المونتاج، خصوصاً في ظل غياب عبد اللطيف عبد الحميد الذي وصفه بـ«الحاضر الغائب».

مشيراً إلى أن قصة «سلمى» تُمثّل الكرامة، «وبعد العشرية السّوداء لم يبقَ للسوريين سوى الكرامة، ومن دونها لن نستطيع أن نقف مجدداً»، وأن الفيلم يطرح إعادة بناء الهوية السورية على أساسٍ مختلفٍ، أوّله كرامة الفرد. ولفت المخرج السوري إلى أن شهادته مجروحة في أداء بطلة الفيلم لأنه من المغرمين بأدائها.

الفنان السوري باسم ياخور أحد أبطال فيلم «سلمى» (القاهرة السينمائي)

ووصف الناقد الأردني، رسمي محاسنة، الفيلم بـ«الجريء» لطرحه ما يقع على المسالمين من ظلمٍ في أي مكان بالعالم؛ مؤكداً على أن كرامة الإنسان والوطن تستحق أن يُجازف المرء من أجلها بأمور كثيرة، وتابع: «لذا لاحظنا رفض (سلمى) بطلة الفيلم، أن تكون بوقاً لشخصية تمثّل نموذجاً للفساد والفاسدين رغم كل الضغوط».

وأوضح رسمي محاسنة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الفيلم قدّم شخصياته على خلفية الحرب، عبر نماذج إنسانية متباينة، من بينها تُجار الحرب الذين استغلوا ظروف المجتمع، ومن بقي مُحتفّظاً بإنسانيته ووطنيته، قائلاً إن «السيناريو كُتب بشكل دقيق، وعلى الرغم من دورانه حول شخصية مركزية فإن المونتاج حافظ على إيقاع الشخصيات الأخرى، وكذلك الإيقاع العام للفيلم الذي لم نشعر لدى متابعته بالملل أو بالرتابة».

سُلاف والمخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد في لقطة من الفيلم (القاهرة السينمائي)

وأشاد محاسنة بنهاية الفيلم مؤكداً أن «المشهد الختامي لم يجنح نحو الميلودراما، بل اختار نهاية قوية. كما جاء الفيلم دقيقاً في تصوير البيئة السورية»؛ مشيراً إلى أن «المخرج جود سعيد استطاع أن يُخرِج أفضل ما لدى أبطاله من أداء، فقدموا شخصيات الفيلم بأبعادها النفسية. كما وفُّق في إدارته للمجاميع».

واختتم محاسنة قائلاً: «تُدهشنا السينما السورية باستمرار، وتقدّم أجيالاً جديدة مثل جود سعيد الذي يتطوّر بشكل ممتاز، وفي رأيي هو مكسبٌ للسينما العربية».