كيف يضلِّل «جي بي إس» السائقين؟

قد توجِّه هذه الأنظمة السيارات إلى طرق صعبة جداً (جامعة سانت غالن)
قد توجِّه هذه الأنظمة السيارات إلى طرق صعبة جداً (جامعة سانت غالن)
TT

كيف يضلِّل «جي بي إس» السائقين؟

قد توجِّه هذه الأنظمة السيارات إلى طرق صعبة جداً (جامعة سانت غالن)
قد توجِّه هذه الأنظمة السيارات إلى طرق صعبة جداً (جامعة سانت غالن)

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من «المؤسّسة الوطنية السويسرية للعلوم» أنّ اتباع نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) بشكل أعمى يمكن أن يؤدّي إلى مواقف صعبة على الطريق.

ووفق نتائج الدراسة المنشورة في دورية «بلس وان»، فإنه رغم فوائد أنظمة الملاحة التي يجري التحكُّم فيها بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي «جي بي إس»، فإنها غالباً ما تُضلّ الناس وتثير غضبهم.

وأكدت الدراسة أنه، أحياناً، توجّه هذه الأنظمة السيارات والشاحنات إلى طرق صعبة جداً، مما قد يُعرّض الجميع للخطر من دون داعٍ.

ويوضح الدكتور جيان لوكا سافينو، في جامعة «سانت غالن» بسويسرا، والباحث الرئيسي للدراسة، في بيان: «هذه تقنية يستخدمها أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم. ولهذا السبب من المهم فهم آثارها علينا».

وتبرز الدراسة عدداً من دراسات الحالة، ضاربةً المثال ببطولة العالم لسباق الدراجات على الطرق التي أُقيمت في مدينة زيوريخ السويسرية هذا العام، وكيف أدّى إغلاق عدد كبير من الطرق إلى تحويلها حالةً من الفوضى المرورية. ووفق شرطة المدينة، فإنّ اقتراحات الطريق غير المحدَّثة من خرائط «غوغل» كانت مسؤولة جزئياً عن هذه الحالة.

كان الفريق البحثي قد حلَّل مثل هذه الحوادث عبر تمشيط قاعدة بيانات أخبار «LexisNexis» بشكل منهجي بحثاً عن المقالات الصحافية والمنشورات عبر الإنترنت حول الحوادث التي تسبَّبت فيها أنظمة الملاحة في الفوضى والمشكلات.

من جهتها، تقول إيف شادي، طالبة الدكتوراه بالجامعة والباحثة في الدراسة: «يمنح بحث مثل هذا مؤشراً جيداً جداً على كيفية إدراك ظواهر معيّنة في المجتمع»، مضيفةً أنه «في المجتمعات التي تستخدم فيها تطبيقات الملاحة بشكل متزايد، يمكننا أن نتوقّع رؤية مزيد من هذه الأنواع من الحوادث في المستقبل».

ولا يسعى الفريق البحثي إلى تصنيف المشكلات التي يدركها المجتمع فحسب، وإنما إلى تطوير الحلول أيضاً. يُكمل سافينو: «أظهر التقويم أنّ الهدف في معظم الحالات هو إجراء التعديلات على المستوى المحلّي فقط. على سبيل المثال، تُغلق الشوارع السكنية أمام حركة المرور أو يُحظر الدوران في نقاط معيّنة. وقد يسمح بعض التطبيقات للمستخدمين بالإبلاغ عن تلك التعديلات».

ومع ذلك، فإنّ هذه ليست حلولاً فعّالة طويلة الأجل، فهي تنقل المشكلة إلى مكان آخر، وفق سافينو، الذي يقول: «قد تختفي السيارات من حيٍّ ما، لكنها تظهر مرة أخرى في الحيّ التالي».

لهذا، تُضيء نتائج الدراسة على الحاجة إلى أفكار أكثر منهجية، منها مثلاً، تكييف الخوارزميات المستخدمة من مقدّمي الخدمات مثل خرائط «غوغل».

ومع ذلك، لدى الفريق أيضاً اقتراح آخر بعدم تفويض المسؤولية كاملة إلى التكنولوجيا، إذ يمكن للنظام أن يزوّد المستخدمين بمعلومات إضافية حول الطرق المقترحة، ثم يتركهم يختارون بأنفسهم.

وتضيف شادي: «يمكن لسائق الشاحنة بعد ذلك، على سبيل المثال، أن يفكر فيما إذا كان يفضل المرور بسرعة عالية عبر منطقة سكنية هادئة أو قضاء 10 دقائق إضافية في ازدحام مروري».

وكما أفادت النتائج، فإنه في الوقت الحالي، تعتمد حسابات المسارات بواسطة أنظمة الملاحة فقط على كسب السائق للوقت. ولا تؤخذ جوانب أخرى مهمّة، مثل التأثير البيئي أو المخاطر الأمنية المُحتملة لعمليات التنقل، في الحسبان، موضحةً أنه «سيكون من الرائع لو تمكّن الناس من اختيار أن يكونوا أكثر مراعاةً لهذه العوامل المؤثّرة».


مقالات ذات صلة

أرباح «عذيب للاتصالات» السعودية تنمو 22 % في الربع الثاني

الاقتصاد جناح «عذيب للاتصالات» في معرض «ليب» التقني بالعاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

أرباح «عذيب للاتصالات» السعودية تنمو 22 % في الربع الثاني

ارتفع صافي أرباح «شركة اتحاد عذيب للاتصالات» (قو)، بنهاية الربع الثاني من العام الحالي، بنسبة 22 في المائة، مسجلاً 58.6 مليون ريال (15.6 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى «زين السعودية» (موقع الشركة الإلكتروني)

أرباح «زين السعودية» تتضاعف 114% في الربع الثالث

تضاعف صافي أرباح «شركة الاتصالات المتنقلة السعودية (زين)»، بنهاية الربع الثالث من العام الحالي، ليصل إلى 150 مليون ريال (40 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي سيدة من جنوب لبنان نزحت إلى أحد مراكز الإيواء (د.ب.أ)

نازحون لبنانيون يشكون من ارتفاع تكلفة الإنترنت في زمن الحرب

يعاني غالبيّة النازحين في مراكز الإيواء من ارتفاع تكلفة باقات الإنترنت التي يحتاجونها للاتصال والتواصل مع العائلة والأقارب والأصدقاء ومتابعة الأخبار

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي نازحون لبنانيون يشكون من ارتفاع تكلفة الإنترنت في زمن الحرب

نازحون لبنانيون يشكون من ارتفاع تكلفة الإنترنت في زمن الحرب

يعاني غالبيّة النازحين في مراكز الإيواء من ارتفاع تكلفة باقات الإنترنت التي يحتاجونها للاتصال والتواصل مع العائلة والأقارب والأصدقاء ومتابعة الأخبار

حنان حمدان (بيروت)
الاقتصاد جناح شركة «سلوشنز» في معرض «سيتي سكيب غلوبال» بالرياض (الشرق الأوسط)

أرباح «سلوشنز» السعودية تقفز فوق 19 % خلال الربع الثالث

ارتفعت أرباح «الشركة العربية لخدمات الإنترنت والاتصالات (سلوشنز)» التابعة لـ«إس تي سي»، بنسبة 19.6 في المائة، خلال الربع الثالث من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

إغلاق قناة وإيقاف برنامجين في مصر بسبب «مخالفات مهنية»

رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر كرم جبر (الهيئة الوطنية للإعلام)
رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر كرم جبر (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

إغلاق قناة وإيقاف برنامجين في مصر بسبب «مخالفات مهنية»

رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر كرم جبر (الهيئة الوطنية للإعلام)
رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر كرم جبر (الهيئة الوطنية للإعلام)

لم يمرَّ يومان على قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر وقفَ برنامج «شاي بالياسمين» عبر قناة «النهار» لارتكابه «مخالفات مهنية»، حتى أصدر، الخميس، قرارات بإغلاق قناة ووقف برنامجين لمدّة محدّدة على قناتين أخريين.

وأشار المجلس، في بيان، إلى أنّ هذه القرارات «تأتي في ضوء المراجعة الشاملة للبرامج التي تخترق القوانين والأكواد الإعلامية»، لافتاً إلى صدور القرارات بعد التحقيق مع 3 من المسؤولين القانونيين في القنوات المعنيّة.

وتضمنّت القرارات وقف برنامج «تفاصيل» عبر قناة «صدى البلد» لـ3 أشهر، وتغريم القناة 100 ألف جنيه (الدولار يساوي 48.95 جنيه مصري)، لارتكاب مخالفات مهنيّة تتعلّق باستضافة أشخاص يروّجون للإثارة والخوض في السُّمعة الشخصية.

في حين تقرَّر وقف برنامج «صبايا» عبر قناة «هي» لشهرين مع غرامة مقدارها 100 ألف جنيه، وإنذار القناة بعدم الاستمرار في تقديم محتوى يحرّض على انتهاك الحياة الخاصة وتشويه صورة المجتمع، كما قرّر المجلس إغلاق قناة «الصحة والجمال» ومخاطبة مدينة الإنتاج الإعلامي لتنفيذ القرار لعدم حصولها على ترخيص.

في هذا السياق، رأى العميد الأسبق لكلية الإعلام في «جامعة القاهرة»، الدكتور حسن مكاوي، هذه القرارات «تطبيقاً فعلياً للأكواد والمعايير المهنية التي ينبغي التزام جميع القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية ومنصات ومواقع التواصل الاجتماعي الجماهيرية بها».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة مجموعة معايير تؤدّي إلى ضبط المشهد الإعلامي، ونحن نحتاج إلى ذلك بشدّة. ربما لم تُطبَّق في أوقات سابقة شهدت خروقاً ومشكلات كثيرة، لكنّ استدراك الأمر وتطبيقها أمران يُحسبان للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وأرجو متابعة جميع القنوات ووسائل الإعلام لأنه السبيل الوحيد لضبط المشهد الإعلامي».

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

وأكد المجلس حرصه على «تنفيذ القانون واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على القيم والمبادئ التي يضمنها الدستور، وعدم التعرُّض للحياة الخاصة للمواطنين». ووجّه كل وسيلة إعلامية لتعيين مدير للبرامج يكون مسؤولاً عن المحتوى ومتفرغاً لعمله.

بدوره، علَّق عميد الإعلام الأسبق على هذه القرارات بالقول: «بالإضافة إلى دورها في ردع المخالفين ومحاسبة المخطئين، فهي تنطوي أيضاً على حماية المجتمع من القنوات والمنصات والوسائل التي ترتكب تجاوزات»، مشدّداً على أنه «سبق للمجلس الأعلى للإعلام أن نشر الأكواد والقوانين المنظِّمة للعمل الإعلامي بشكل رسمي ومُعتَمد في الجريدة الرسمية لئلا تتذرَّع وسيلة ما بعدم المعرفة».

وأشار بيان المجلس إلى أنه «قانونياً المسؤول عن ضمان استقلال المؤسّسات الصحافية والإعلامية وحيادها وحماية المنافسة، وحقّ المواطن في التمتُّع بإعلام وصحافة حرّة ونزيهة، وكذلك الالتزام بمعايير المهنة وأصولها وأخلاقياتها».

وثمّن المتخصِّص بالإعلام في «جامعة القاهرة»، الدكتور عثمان فكري، قرارات المجلس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنها «قد تؤدّي إلى ضبط الأداء الإعلامي المنفلت في بعض البرامج الباحثة عن الإثارة و(الترند)، والبعيدة تماماً عن تقديم أي محتوى مفيد للمتلقّي».

وأضاف: «يجب أن تكون القرارات الصادرة رادعة بحقّ الإعلاميين الذين يتجاوزون أكواد المجلس، ويخرجون على الآداب والأخلاق العامة».

تأتي هذه القرارات بعد يومين من إصدار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قراراً بإيقاف برنامج «شاي بالياسمين»، الذي تقدّمه المذيعة المصرية ياسمين الخطيب عبر قناة «النهار» لمدّة 6 أشهر، وتغريمها (الأخيرة) 200 ألف جنيه لثبوت انتهاكها للمعايير المهنية، بعد استضافتها «البلوغر» هدير عبد الرازق التي اشتهرت بمقطع فيديو يتضمّن محتوى فاضحاً. وأشار المجلس، في قرار المنع، إلى أنّ الأكواد الإعلامية تحظر استضافة نماذج وصفها بـ«الفاشلة»، وتتنافى ثقافتها مع ثقافة المجتمع المصري.