الثنائي اللبناني جوانا حاجي توما وخليل جريج: لا بد من المقاومة بالفن

تحدثا لـ«الشرق الأوسط» قبل تكريمهما في «الجونة السينمائي»

منال عيسى في دور الفتاة المراهقة في «دفاتر مايا»
منال عيسى في دور الفتاة المراهقة في «دفاتر مايا»
TT

الثنائي اللبناني جوانا حاجي توما وخليل جريج: لا بد من المقاومة بالفن

منال عيسى في دور الفتاة المراهقة في «دفاتر مايا»
منال عيسى في دور الفتاة المراهقة في «دفاتر مايا»

تحتفي النسخة السابعة من «مهرجان الجونة السينمائي» بالثنائي اللبناني جوانا حاجي توما وخليل جريج عبر منحهما جائزة «الإنجاز الإبداعي» تقديراً لمسيرتهما الفنية التي انطلقت في التسعينات، ولا تزال مستمرة، وهو التكريم المقرر في حفل ختام المهرجان، الجمعة المقبل.

وأبدى الثنائي اللبناني سعادتهما بالتكريم في «الجونة السينمائي» باعتباره من المهرجانات السينمائية المهمة في المنطقة العربية ويعكس رسالة تقدير لمشاريعهما الفنية التي قدّماها خلال السنوات الماضية.

وقالت جوانا حاجي توما لـ«الشرق الأوسط» إن «التكريم في هذا الوقت أمر صعب بكل تأكيد في ظل الظروف التي تحيط بنا في المنطقة العربية، بالتحديد في فلسطين ولبنان، لكن استمرار الحرب لأكثر من عام جعل هناك متغيرات كثيرة حتى في النظرة لفداحة الجرائم التي تُرتكب بحق شعوبنا العربية».

وأكدت أن «نظرتهم تغيرت كثيراً، فمع بداية الأحداث كانت الصدمة كبيرة والحاجة لتعليق الفعاليات الفنية ربما مقبولة ومبررة للتضامن، لكن اليوم أصبحت هناك ضرورة للالتقاء الفني والعمل على توصيل أصواتنا من خلال مهرجانات السينما والفعاليات المختلفة، لأن السينما قادرة على تخليد قصصنا الفنية».

وأضافت أن «المهرجانات السينمائية تقدم دعماً للمشاريع الفنية المختلفة، وهناك ضرورة لاستمرار وجودها وتشجيع الفنانين لتقديم المزيد من الأعمال عن قصصنا اليومية المختلفة»، مشيرة إلى أن «الحزن الذي خلفته الحرب في الفترة الماضية كبير، لكن ليس هناك وقت للبكاء، بل علينا أن نعمل لإبراز معاناتنا وواقعنا المرير».

فيما يشير خليل جريج إلى «أهمية المهرجانات السينمائية كفرصة للتفكير المشترك بين صناع الفن من أجل تقديم أعمال ترصد الواقع الذي نعيشه، وترصد المعاناة الإنسانية وليس تقديمها كمجرد رقم للضحايا والمصابين في نشرات الأخبار»، مؤكداً على «ضرورة النضال بالفن في ظل التعاطف الذي تجتذبه الأفلام التي ترصد الواقع عند عرضها داخل وخارج المنطقة العربية».

ويلفت جريج إلى اختلاف الظروف بين حرب 2006 في لبنان التي قدّم بعدها فيلم «بدي شوف» والحرب المستمرة اليوم، مشدداً على أهمية الصمود فنياً ونقل ما يحدث وتداعياته بصورة أو بأخرى.

جوانا وخليل (تصوير طارق المقدم)

ورغم تنقلهما في الإقامة بين باريس وبيروت، إلا أن الثنائي اللبناني وصلا إلى الجونة قادمين من باريس، على أن يعودا بعدها بوقت قصير إلى لبنان حتى في حال استمرار الحرب، مؤكدَين أنهما لن ينقطعا عن الوجود في وطنهما تحت أي ظرف من الظروف.

يقول خليل جريج: «تفكيرنا في الوقت الحالي ينصب على كيفية إعادة البناء في لبنان من أجل إعادة الحياة فيها كما كانت قبل الحرب».

وأضاف أن انقسام حياتهما بين فرنسا ولبنان جعلهما لا ينفصلان عن بلدهما، وعن الظروف المختلفة التي يعيشها لبنان؛ مما يساعدهما في المشاريع الفنية التي يعملان عليها.

وخلال مسيرتهما قدّم الثنائي اللبناني مجموعةً من الأعمال الفنية المختلفة في مجال الأفلام الروائية الطويلة، منها «البيت الزهر»، و«بدي شوف»، و«النادي اللبناني للصواريخ»، و«دفاتر مايا»، بالإضافة إلى عدة أعمال وثائقية منها على سبيل المثال «حصر»، بجانب مشاريع أخرى مختلفة، أحدثها الفيلم اللبناني القصير «تابوت الحب المخمور» الذي عُرض للمرة الأولى في النسخة الماضية من مهرجان برلين السينمائي.

ترجع جوانا قلة إنتاجاتهما الفنية لانشغالهما بالعمل على العديد من التفاصيل والجوانب الفنية الخاصة بالعمل، موضحة أن «الكتابة تستغرق بعض الوقت؛ فهناك فيلم نعمل على كتابته منذ 2019 وحتى اليوم».

وتعزو التفاهم بينها وبين خليل في الفن والحياة الزوجية إلى عملهما بإيقاع مختلف، وبما يتناسب مع طبيعة كلٍّ منهما، لافتة إلى أن تشاركهما في تكامل القصة التي يجري العمل عليها يسهل عملهما بشكل مشترك على العديد من المشاريع.


مقالات ذات صلة

من المخاض إلى الولادة... كيف يتحمّل المخرجون الشباب مشاقّ صناعة فيلم؟

يوميات الشرق الفائزون بجوائز دعم الأفلام المقدّمة من مهرجان عمّان السينمائي (إدارة المهرجان)

من المخاض إلى الولادة... كيف يتحمّل المخرجون الشباب مشاقّ صناعة فيلم؟

«أيام عمّان لصنّاع الأفلام» ملتقى شبابيّ ينبض بالمواهب السينمائية العربية الشابة ويحتضنها من خلال منصاته لتسويق ودعم مشروعات الأفلام.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق قدّمت ماجدة الرومي مجموعة من أغانيها الشهيرة (الشرق الأوسط)

ماجدة الرومي توقظ العاصمة من كبوتها وتشعل الأجواء طرباً

لأني من الحلو والمُرّ، ومن الدمعة والبسمة، تعلّمت كيف أكون إنسانة.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مدير «صندوق البحر الأحمر» عماد إسكندر ومدير الدورة فيه سلمان المساعد يتحدّثان في مهرجان عمّان السينمائي (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» في «عمّان السينمائي»... معاً لأفلام أفضل

لا يتعامل المهرجانان بمنطق التنافس، بل يمدّان الجسور بهدف خدمة الصناعة السينمائية العربية.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق لقاء حول العلاقة الوطيدة بين السينما وكرة القدم بحضور الأمير علي بن الحسين (إدارة مهرجان عمّان السينمائي)

عندما تلتقي السينما بكُرة القدم... تشابهٌ كبير بين العالمَين

هو الحلم ذاته الذي تأخذنا إليه كلٌّ من السينما وكرة القدم. كيف يتشابه هذان العالمان على اختلافهما؟

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق المخرج الآيرلندي جيم شيريدان مكرّماً من مهرجان عمّان السينمائي بحضور رئيسته الأميرة ريم علي (إدارة المهرجان)

السينما الآيرلندية وكبير مخرجيها في ضيافة مهرجان عمّان السينمائي الدولي

لأنّ التجربة الإنسانية مشتركة ما بين آيرلندا والعالم العربي، فقد اقتضت استضافة الدولة في مهرجان عمّان السينمائي من خلال أبرز أفلامها وأحد مخرجيها المؤسسين.

كريستين حبيب (عمّان)

نُصب فنّي يُحيي ذاكرة الشجرة التي أبكت بريطانيا

بقايا الشجرة التي هزّت بريطانيا... الآن يمكن احتضانها (غيتي ومتنزه نورثمبرلاند الوطني)
بقايا الشجرة التي هزّت بريطانيا... الآن يمكن احتضانها (غيتي ومتنزه نورثمبرلاند الوطني)
TT

نُصب فنّي يُحيي ذاكرة الشجرة التي أبكت بريطانيا

بقايا الشجرة التي هزّت بريطانيا... الآن يمكن احتضانها (غيتي ومتنزه نورثمبرلاند الوطني)
بقايا الشجرة التي هزّت بريطانيا... الآن يمكن احتضانها (غيتي ومتنزه نورثمبرلاند الوطني)

تقرَّر عرض جزء من شجرة «سيكامور غاب» ذات الشهرة العالمية، التي قُطعت بطريقة غير قانونية قبل نحو عامين، في مقاطعة نورثمبرلاند البريطانية، وذلك بشكل دائم.

كان قطع الشجرة الشهيرة قد أثار موجة من الإدانة والغضب عالمياً في سبتمبر (أيلول) 2023، وأُدين رجلان بتهمة قطعها في وقت سابق من العام الحالي.

ووفق «بي بي سي»، فقد بات بإمكان الناس الآن رؤية جزء من جذعها ولمسه في مركز الزوار بمنطقة نورثمبرلاند، بالقرب من الموقع الذي كانت تقف فيه الشجرة، على أنها جزء من نصب تذكاري دائم يُخلِّد تدميرها العبثي.

وداخل ورشة بقرية صغيرة في كمبريا، تحوَّلت الفكرة إلى واقع. وفي كوخ كبير على طريق يضيق شيئاً فشيئاً، يبتكر الفنان تشارلي ويني منحوتاته المجرّدة والجميلة.

غالباً ما تتميّز أعمال الفنان بخشب مثنّى بالبخار يثير الدهشة عند رؤيته، بتقوّساته ومنعطفاته الغريبة. وتنتشر إبداعاته المنحنية في كلّ ركن، وسيُضفي أسلوبه المميَّز على جذع شجرة «سيكامور غاب».

وصلت قطعة الجذع التي يزيد طولها على مترين إلى ورشة تشارلي منتصف يونيو (حزيران)، قبل 3 أسابيع من عرضها ضمن معرض دائم في «مركز سيل الوطني» لاكتشاف المناظر الطبيعية قرب سور «هادريان» بمقاطعة نورثمبرلاند.

من الألم خرجت منحوتة (متنزه نورثمبرلاند الوطني)

جهَّز تشارلي الجذع لتثبيته عبر قاعدة معدنية، وكانت التعديلات الوحيدة التي أجراها هي الحفر والنحت في قاعدته. وإذ ذكر أنّ العمل مقلق جداً، «لأنّ كثيراً من الناس يهتمّون بالأمر، ولا تريد أن تُفسده»، أوضح أنّ الخشب «سهل القطع، والعمل عليه ممتع»، بينما كان يثبت قاعدة معدنية ثلاثية الشعب ستُعيد الجذع إلى الوقوف عمودياً.

ورغم أنه ليس شخصاً عاطفياً، فإنه قال إنه «اندهش من مدى قابلية الجذع للعناق»، وهذا بالضبط ما سيتمكن كلّ زائر للمعرض من فعله.

جرت مشاورات عامة لتحديد ما يجب فعله بالشجرة، بما في ذلك ورشات عمل مع الأطفال وإسهامات مكتوبة من الجمهور. فقد كانت الشجرة المحبوبة جزءاً من لحظات لا تُنسى لعدد من الأشخاص؛ من عروض الزواج إلى نثر رماد الموتى.

الآن، تُحيط بالجذع 3 مقاعد مغطَّاة بقباب مصنوعة من سيقان وأوراق خشبية منحنية، وقد نُقشت على المقاعد كلمات مأخوذة من رسائل الجمهور.

تلقت «سلطة متنزّه نورثمبرلاند الوطني» آلاف الرسائل من الناس عبر البريد الإلكتروني والرسائل والدفاتر في مركز الزوار، يتحدثون فيها عن الشجرة، وقد قرأ موظّفو الهيئة كلّ واحدة منها.

بدورها، كلّفت السلطة تشارلي و«مجموعة كريتيف كوميونيتيس الفنّية»، وهي شركة مجتمعية تهدف إلى إنتاج فنون مستدامة، بتقديم ردّ فنّي باستخدام خشب الشجرة.

وقال نيك غرينال من «المجموعة»: «كان من المهم جداً منذ البداية أن نمثّل الأشخاص الذين أحبّوا الشجرة أو عرفوها في حياتها. غيابها يُظهر مدى أهميتها للناس».

من الغياب وُلدت لحظة لقاء (غيتي)

أما مديرة تطوير الأعمال في المتنزه، روزي توماس، فساعدت في اختيار بعض الرسائل التي ظهرت في المعرض. وتقول: «الكلمات المختارة تأخذك من الحزن والأسى وردّة الفعل الأولى، وصولاً إلى الأمل وتمنّيات المستقبل».

واستطردت: «الجميل حقاً في هذه الكلمات هو أنّ تجربة كل شخص مع الشجرة كانت مختلفة، وتجربته مع المعرض ستكون مختلفة أيضاً؛ لأن المسار الذي تسلكه لقراءة الكلمات يصنع قصيدتك الخاصة».

كان الجذع والمقاعد مخفيَّيْن خلف ستائر خلال تركيبهما في منطقة «سيل»، التي تبعد نحو ميلَيْن فقط عن موقع الشجرة الأصلي.

أما الرئيس التنفيذي لـ«سلطة متنزّه نورثمبرلاند الوطني»، توني غيتس، فقال إنّ عرض القطعة أمام العامة، الخميس، سيكون لحظة مميّزة. وأضاف أنّ الأشهر الـ18 الماضية، منذ قطع الشجرة، كانت صعبة على الجميع.

وأردف: «في سبتمبر 2023، شعر الناس كأنهم فقدوا الشجرة إلى الأبد، وربما في بعض الطرق فقدوا ذكريات تلك اللحظات الخاصة أيضاً. لكن أن نكون هنا اليوم، جزءاً من هذه الشجرة ضمن هذا المعرض الجميل، فهذا يمنحني أملاً للمستقبل. إنها لحظة للنظر إلى الأمام وتجديد التزامنا بفعل الخير للطبيعة».

ومن المقرَّر أن يُحكَم على دانييل غراهام وآدم كاراذرز، وكلاهما من مقاطعة كمبريا، في 15 يوليو (تموز) الحالي، بعد إدانتهما بقطع الشجرة.