ميراي بانوسيان لـ«الشرق الأوسط»: هجرتي خارج لبنان كانت حرباً من نوع آخر

تشارك في عروض مسرحية خاصة بالنازحين

تجد في المسرح مقاومة من نوع آخر (ميراي بانوسيان)
تجد في المسرح مقاومة من نوع آخر (ميراي بانوسيان)
TT

ميراي بانوسيان لـ«الشرق الأوسط»: هجرتي خارج لبنان كانت حرباً من نوع آخر

تجد في المسرح مقاومة من نوع آخر (ميراي بانوسيان)
تجد في المسرح مقاومة من نوع آخر (ميراي بانوسيان)

صدمة اندلاع الحرب في لبنان يعيشها الفنانون كما سائر المواطنين اللبنانيين، وولّدت عندهم ارتباكاً وقلقاً، مما أشعرهم بالشلل التام.

تأثرت الممثلة المسرحية ميراي بانوسيان بدورها في هذه المشهدية الحزينة، فقررت المقاومة على طريقتها، مستخدمة موهبتها للتخفيف عن النازحين، واليوم تفكّر في تقديم عمل مسرحي يفتح الأبواب أمامهم، ومعه يعيشون لحظات سكينة تخرجهم من قمقم الحرب التي يعيشونها. فهي مثل كثيرين غيرها، من كتّاب مسرح وممثلين، قرروا القيام بهذه المبادرة. وانطلاقتهم ستكون عبر مسرح «مونو» في الأشرفية. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنه المسرح الوحيد اليوم المتوفّر في المدينة بعيداً عن أجواء الحرب والقصف. فخشبة مسرح (دوار الشمس) تقع في منطقة ساخنة. فيما مسرح (المدينة) أوقف جميع نشاطاته. فبقي (مونو) المنفذ الوحيد المتاح لنا للقيام بأي مبادرة نرغب فيها».

شخصية «أم طعان» قد تعود بها بانوسيان (ميراي بانوسيان)

تشير بانوسيان، التي اشتهرت بشخصية «أم طعان» الشعبية، بأن هذا النوع من المبادرات الفنية يفتح نافذة يتنفس الناس الصعداء من خلالها. ولكن ما طبيعة العمل الذي تفكّر في تقديمه؟ تردّ: «لا شك في أنه سيحمل الكوميديا؛ لأن الناس متخمة بمشاعر الحزن والأسى. ومن خلاله سنحاول الترفيه وإبعاد الأفكار السوداوية عنهم. فهدفنا انتشالهم من أجواء الحرب التي نعيشها. فمعظم أوقاتهم يمضونها أمام الشاشة الصغيرة يتابعون نشرات الأخبار وملاحقها».

إذن الابتعاد عن الموضوعات الدرامية هو هدف بانوسيان وزملاء لها، من بينهم جاك مارون، وجوزيان بولس... «هؤلاء النساء والأولاد وغيرهم من ضيوفنا النازحين تعبوا من دراما يعيشونها يومياً. ونحن نفكّر فيهم وفي كيفية مساعدتهم على طريقتنا».

تؤكد بانوسيان أن العمل المسرحي يسهم في الشفاء من حالات نفسية كثيرة... «إنه المكان الذي يعالج المحزون ويسهم في التخفيف من غضبه. منذ 4 سنوات أخذت على عاتقي تنظيم ورشات عمل تتعلّق بالمسرح. لديّ أشخاص يهتمون بهذا الفن من عمر الـ12 إلى الـ60 عاماً، وكلّ منهم عانى من حالة نفسية ساهمت في تدمير شخصيته. هناك من تعرّض إلى التنمّر أو الإذلال أو التحرّش... وغيرها. ومن خلال المسرح وصل إلى مرحلة الشفاء. فهو المكان الأكثر فاعلية في موضوعات مشابهة ليتخلّص الناس من حملهم الثقيل».

الممثلة المسرحية ميراي بانوسيان (خاص - الممثلة)

وعما إذا كانت المبادرة ستشمل زيارة مراكز الإيواء فيقدّم الممثلون عروضاً خاصة، تردّ بانوسيان: «إننا نقاوم بكلمتنا ووقتنا وعملنا المسرحي. وما نرغب فيه هو مساعدة اللبنانيين للخروج، ولو للحظات، من حالة معاناة يعيشونها. وكي نستطيع القيام بذلك على أكمل وجه، فكرنا في جذبهم إلى صالة المسرح. فبذلك يتبدّل مزاجهم ويشعرون، ولو لفترة قصيرة، بأنهم على بُعد من أفكارهم وواقعهم المرير. فبمجرّد توجههم إلى المسرح، فإنهم يكونون قد اتخذوا قرارهم لتبديل حالتهم النفسية. نريدهم أن يخرجوا من واقعهم. وأنا شخصياً لا أستطيع تحمّل رؤيتهم يعانون بسبب نزوحهم في بلدهم. ولكن في صالة المسرح يأخذ الأمر مشهدية أخرى تنعكس راحة علينا نحن الممثلين وعليهم».

لم تتوقف ميراي بانوسيان عن ممارسة عملها في تنظيم ورشات عمل منذ بداية الحرب حتى اليوم... «أتلقّى دائماً طلبات أشخاص كثر يريدون متابعة ورشات عمل مسرحية معي. وغالبية هؤلاء يرغبون في ذلك من باب الشعور بالإحباط. ومع ورشات العمل التي أقيمها يتخلصون من حالات نفسية متعبة».

هجرة ميراي بانوسيان إلى بلجيكا لم تطل كثيراً، فقد عادت أدراجها منذ نحو 4 سنوات إلى لبنان لتُكمل مشوارها الفني. وعن سبب اتخاذ قرارها هذا، تُوضح لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تكونين في بلد لا يشبهك، فستشعرين بأنك تعيشين الحرب بوجه آخر، عناصرها تقوم على الوحدة، والسّكون المزعج، والاندماج غير السّليم. هناك لا حياة اجتماعية تشبهنا، ولا علاقات إنسانية تربطنا بأرض البلد، فنعيش غرباء عن أنفسنا. قرار عودتي إلى لبنان كان صائباً جداً، ورغم كل المشكلات التي نعيشها في لبنان، أعدّ نفسي عدت إلى بيئتي والمكان الذي يشبهني. ما أذكره قد لا يفهمه ويستوعبه إلا من عاش الهجرة».

وعمّا إذا كانت في عملها المسرحي الجديد ستعاود تجسيد شخصية «أم طعان» التي اشتهرت بها، تختم: «الفكرة تراودني بشدّة، وأعتقد أنها ستحضر، ولكن في قالب مختلف لم أحدّده بعد».


مقالات ذات صلة

نجم «ديزني» يتخلّص من أفعى على الطائرة... ويتلقّى مكافأة

يوميات الشرق النجم الشجاع أنقذ الموقف (مواقع التواصل)

نجم «ديزني» يتخلّص من أفعى على الطائرة... ويتلقّى مكافأة

نجح نجم «ديزني»، الأسترالي أندري ريريكورا، في التخلُّص من ثعبان على طائرة «فيرجين إيرلاينز»... فماذا كانت مكافأته؟

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)

حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

جرتْ العادة أن تحضُر كل مُشاركة بصحبة فتى من أبناء المشاهير والأثرياء، وأن ترقص معه «الفالس» كأنهما في حفل من حفلات القصور في عهود ملوك أوروبا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)

أقدم آلة تشيللو أسكوتلندية تعزف للمرّة الأولى منذ القرن الـ18

خضعت آلة تشيللو يُعتقد أنها الأقدم من نوعها في أسكوتلندا لإعادة ترميم، ومن المقرَّر أن تعاود العزف مرّة أخرى في عرض خاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.