«المهم نروح المشوار» للتخلص من ضغط الحرب

المشي في الطبيعة مستمر إيماناً بالوطن

المشي من أجل الوطن (مواقع التواصل)
المشي من أجل الوطن (مواقع التواصل)
TT

«المهم نروح المشوار» للتخلص من ضغط الحرب

المشي من أجل الوطن (مواقع التواصل)
المشي من أجل الوطن (مواقع التواصل)

واحدة من الرسائل الصوتية اللطيفة التي تصلك على هاتفك، والقصف يطال نصف لبنان، والضحايا يتساقطون على مدار النهار، من زياد خير الله، صاحب مكاتب «فلاديمير للسفر».

تقول الرسالة بصوت متحمس: «بعدما حققناه الأسبوع الماضي في زيارتنا لمنطقة لم تكونوا تعرفونها، نكرر التجربة، الأحد المقبل، بنهار كامل إلى منطقة جديدة، لا تزال بعيدة، عن كل التوترات». ويكمل الصوت: «سنكون في منطقة حلوة، وطبيعة رائعة، ونزور أماكن روحية وثقافية وسياحية، مع لقمة طيبة، نقضي يوماً من العمر، بعيداً عن التشنجات والتوترات. احجزوا أماكنكم». وتنتهي الرسالة بصوت رونزا يصدح بأغنيتها الشهيرة: «مش مهم لوين نروح، المهم نروح المشوار». هكذا يترك خير الله اسم الوجهة معلقة، ولا يعلن عنها.

زياد خير الله يقرّر الوجهة في اللحظة الأخيرة وتبعاً للوضع الأمني (مواقع التواصل)

يشرح زياد خير الله لـ«الشرق الأوسط» أنه وجدها طريقة مبتكرة، يتغلب فيها على أي عائق يمكن أن يفاجئه في اللحظة الأخيرة. يعلن عن «مشوار» كما يقول، لكنه لا يحدّد الوجهة، ومع ذلك، يحجز البعض أماكنهم ويسيرون معه وهم لا يعرفون إلى أين. «أضع في حسباني، مسبقاً ثلاث خطط ممكنة، لثلاث وجهات مختلفة، فإذا ما صار قصف على الوجهة الأولى، نتوجه في الصباح مع المجموعة إلى الوجهة الثانية، وإذا ما تعذّرت الوجهتان، تكون عندي خطة ثالثة بديلة».

الوجهة مجهولة... لكن

رُوّاد خير الله سعداء، ولا يشتكون من طريقته. «أطلب إليهم ما إن يصعدوا إلى الباص، أن يقفلوا جوالاتهم، وينقطعوا عن الأخبار، ليريحوا بالهم، ونستمتع جميعنا بأغنيات وطنية تتناسب والجو العام، قبل أن نصل إلى الموقع الذي اخترناه للمشي في الطبيعة ونعرّج على الأماكن التي قررنا زيارتها».

من جولات فلاديمير للسفر خلال الحرب (مواقع التواصل)

المشي في الطبيعة نوع من المقاومة

ليس خير الله وحده، من بين منظمي الرّحلات السياحية، ورياضة المشي في الطبيعة، هو الذي يواصل عمله، ويجتذب الراغبين في الخروج من كآبتهم. مارك عون صاحب جمعية «فاموس تودوس» يخبر «الشرق الأوسط» أنه لم يتوقف، عن تنظيم رحلات المشي، لمجموعات، ترغب في ألا تحبس نفسها في دائرة مظلمة «إنه نوع من المقاومة والتشبّث بالأرض والحياة، وإصرار على الاستمرار. لا نستطيع أن نستسلم، ولا أن نقطع الأوكسجين عن الناس». وكذلك هي حال ميلاد دياب مطر، صاحب مجموعة «هايكينج فور إيفر» الذي علّق عمله لأسبوعين، لكنه عاد ليُعلن عن مشاوير جديدة، وقد لحظ أن الحرب طويلة، ولا فائدة من البقاء في البيت، ما دام أن الخروج لا يزال ممكناً. «الحامي هو الله. ونحن نسير في الطبيعة، ولا أعتقد أنهم سيستهدفوننا ونحن نسير بين الشجر. أنا لا أسمع الأخبار وأعيش حياة بسيطة، وأحاول أن أكمل حياتي. وأعتقد أن النجاح لا يأتي إلا من القدرة على الاستمرار. التوقف ليس في مصلحة أحد».

إحدى المغامرات الأخيرة لمجموعة «هايكينج فورافر ليبانون» (مواقع التواصل)

هذه المجموعات التي اعتادت السير في الطبيعة على مدار السنة، أصبحت واحدة من أهم النشاطات في السنوات الأخيرة، ولها أقطابها ومُنظّموها وعشاقها ومدمنوها. لكن عدد الراغبين في مواصلة المشي رغم القصف ينخفض بعض الشيء. كان بينهم أجانب سافروا، ولبنانيون غادروا أيضاً، وثمّة من لا يسعفه مزاجه، وبينهم من هجروا بيوتهم، وغيَّروا مناطق سكنهم، ولم يعد بمقدورهم الالتحاق بالأصدقاء.

امشِ ولو وحدك...

«عندما لا أجد من أسير معه، أمشي وحدي» يخبرنا ميلاد دياب مطر، «من 24 سنة وأنا أقوم بهذا العمل، وهو هوايتي المفضلة. بدأت المشي عندما كنت منخرطاً في الجيش اللبناني، ومن ثَمّ صرت أسير منفرداً 12 كلم كل يوم، خلال ساعتين، وبعد ذلك بِتُّ أمشي مع صديقتي، وعندما تزوجنا وأنجبنا أولاداً صرنا نمشي جميعنا معاً».

زياد خير الله أثناء إحدى جولاته في الطبيعة (مواقع التواصل)

يصرّ مطر على اصطحاب مجموعات في نزهات بالطبيعة مهما صعبت الظروف، «ليس من أجل المال، بل لأنني أحب ما أفعله، وأجده مفيداً، لا، بل وضرورياً». هذا رأيّ كل الذين لا يزالون يمارسون هذه الرياضة.

الولادة في الحرب

وهو رأي مارك عون مؤسس «فاموس تودوس»: «نحن الجمعية ومشروع وُلِدْنا من قلب الحرب. فأثناء القصف في عام 2006، قضينا وقتنا في اكتشاف المسارات الجبلية، والمشي في الطبيعة. حينها ضربوا كل شيء الجسور والطرقات، وجدنا أنه بقيت لنا تلك المسالك الطبيعية التي كنا نكتشفها. وبعد توقف الحرب مباشرة في 17 سبتمبر (أيلول) أطلقنا مشروعنا بشكل رسمي؛ لهذا نؤمن أن العمل يجب أن يستمر». هذه العبارة الأخيرة هي التي تتردد على الألسن.

زياد خير الله أثناء إحدى جولاته في الطبيعة (مواقع التواصل)

عون الذي جاب لبنان من شماله إلى جنوبه سيراً على الأقدام، يفضّل أن يُحدّد المكان مسبقاً، ويعرّف من يسيرون معه إلى أين يتوجهون. يبعث برسائل تؤكد «سنبقى نسير ما دام هناك أماكن آمنة نستطيع أن نرتادها». يختار منطقة قريبة، ليتفادى المفاجآت. «مع أنه لا مكان آمن في نهاية المطاف. فلا أحد يعرف أيّ منطقة ستُقصف ولا في أي وقت». ويروي عون: «عندما قصفت سيارة في جونيه كنت مع مجموعة متوجهين شمالاً على الجهة الثانية من الخط السريع، لكننا أكملنا مشوارنا كما هو مخطط له، وعلمنا من الأخبار بعد ذلك، تفاصيل الحادثة».

إغاثة الشركاء في المناطق الخطرة

عون الذي يستعين بأدلّاء محليين في رحلاته التي ينظمها إلى المناطق، وتربطه صلات قوية بعائلات تستقبل المجموعات التي تسير معه في منازلها في كل أنحاء لبنان، يجد أن من واجبه الأخلاقي، أن يكون إلى جانب هؤلاء الأصدقاء في الجنوب والبقاع الذين عمل معهم لسنوات طويلة. «هذا أيضاً جزء من إيماننا بوطننا وشعبنا. لذلك أخذنا على عاتقنا، أن نشتري المُؤن لأصدقائنا الذين بقوا في الجنوب، ونرسلها بين الحين والآخر بالتعاون مع الجيش اللبناني والقوى الدولية».

تسلّق الجبال من أجل الوطن (مواقع التواصل)

إلى لبنان وخارجه

يبدأ عون قريباً بتنظيم ورشات عمل مع ديالا عيتاني، المنخرطة في الجمعية، واعتادت المشي مع مجموعاته، وهي اختصاصية في علم النفس، لعقد جلسات، قد «نتمكن خلالها من إفادة من يشعر بالأرق والتوتر بمساعدته في التخفيف عن نفسه والمحيطين به». ويضيف: «ما يهمّ هو أن نكون مفيدين في مثل هذه الظروف. فأنا مع مبدأ إذا ساعدت شخصاً واحداً، تكون قد حققت شيئاً ذا قيمة».

خير الله إضافة إلى أنشطته اللبنانية، لا يزال ينظم رحلات سياحية إلى سوريا، رغم المخاطر على الطرقات، وقصف إحدى النقاط الحدودية. فهو يستخدم ممراً حدودياً لا يزال سالماً. أما رحلاته السياحية إلى الأردن، فقد تحوّلت رحلات إلى مطار عالية الدولي في عمّان، حيث تقلّ باصاته الذين لم يجدوا حجزاً من لبنان للمغادرة عن طريق الأردن.

وتبقى الكلمة السّر التي يؤكد عليها الجميع: «لا بد من الاستمرار مهما كانت الظروف».


مقالات ذات صلة

نجم «ديزني» يتخلّص من أفعى على الطائرة... ويتلقّى مكافأة

يوميات الشرق النجم الشجاع أنقذ الموقف (مواقع التواصل)

نجم «ديزني» يتخلّص من أفعى على الطائرة... ويتلقّى مكافأة

نجح نجم «ديزني»، الأسترالي أندري ريريكورا، في التخلُّص من ثعبان على طائرة «فيرجين إيرلاينز»... فماذا كانت مكافأته؟

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)

حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

جرتْ العادة أن تحضُر كل مُشاركة بصحبة فتى من أبناء المشاهير والأثرياء، وأن ترقص معه «الفالس» كأنهما في حفل من حفلات القصور في عهود ملوك أوروبا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)

أقدم آلة تشيللو أسكوتلندية تعزف للمرّة الأولى منذ القرن الـ18

خضعت آلة تشيللو يُعتقد أنها الأقدم من نوعها في أسكوتلندا لإعادة ترميم، ومن المقرَّر أن تعاود العزف مرّة أخرى في عرض خاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
TT

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

عاماً بعد عام وبدأب وطموح كبيرين يُثبت معرض فن أبوظبي مكانه في خارطة المعارض الفنية العربية، وهذا العام احتفل بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم في مقره بجزيرة السعديات الملتفة برداء الفنون. التجول في أروقة المعرض الفني يحمل الكثير من المتعة البصرية والفنية، نعيد مشاهدة أعمال لفنانين كبار، ونكتشف أعمالاً لم نرها من قبل لفنانين آخرين، ونكتشف في وسط ذلك النجوم الصاعدة. ولم يختلف الوضع هذا العام بل أضاف أقساماً جديدة ليستكشف الزائر من خلالها أعمالاً فنية بعضها عتيق وبعضها حديث، من الأقسام الجديدة هناك «صالون مقتني الفنون» و«فن جريء، فن جديد» و«طريق الحرير، الهويات المتبادلة» إضافة إلى معرض منفصل من مجموعة فرجام عن الفن الحديث والتحرر من الاستعمار سنعود له لاحقاً.

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

صالون مقتني الفنون

يُعد إضافة مميزة لنسخة هذا العام، ويعرض المخطوطات والأسطرلابات والتحف التاريخية والكتب النادرة بتنظيم من روكسان زند. نطلق الجولة من غرفة أنيقة حملت جدرانها خريطة ضخمة أحاط بها من اليمين واليسار قطعتان مثبتتان على الحائط، ونقرأ أنها كانت تُستخدم لحمل العمامة في العهد العثماني، في كوات حائطية نرى أطباقاً من الخزف أحدها يعود للقرن الـ16، ويصور فارساً عربياً على صهوة جواده، وفي أخرى إبريق ذهبي اللون يعود للعهد العثماني. في جناح «شابيرو للكتب النادرة» من بريطانيا نرى نسخاً من مصاحف تاريخية مزخرفة ومذهبة بجمال وحرفة لا تتخطاها العين، ما يجذب الزائر هو أن الكتب والمصاحف كلها في متناول اليد مفتوحة الصفحات ومنتظمة في عرض جميل.

مصاحف أثرية (الشرق الأوسط)

تستعرض القائمة على العرض بعض القطع المميزة، وتقول: «إنها المرة الأولى التي نشارك فيها في معرض أبوظبي. نعرض بعض المخطوطات والكتب النادرة من متجرنا في لندن، منها صفحة من مصحف بالخط الحجازي يعود للقرن السابع، وبعض المصاحف المصغرة أحدها يعود للقرن الـ19». وعن الأسعار تقول إنها تتراوح ما بين آلاف الدولارات لبعض اللوحات التي تعود لعهد الحملة الفرنسية على مصر، أما المصاحف فتتراوح أسعارها حسب تاريخها ونسبة مالكيها السابقين، كمثال تشير إلى نسخة تعود لبلاد فارس في القرن الـ16 سعرها 335 ألف دولار، وصحائف من القرآن تتراوح أسعارها ما بين 20 و30 ألف دولار. هنا أكثر من مثال للمصاحف المصغرة منها مصحف مكتوب بدقة متناهية بالذهب على أوراق خضراء اللون مشكلة على نحو ورق الشجر، وبجانبه نرى مصحفاً مصغراً آخر محفوظاً في علبة ذهبية تتوسطها عدسة مكبرة. الكتابة دقيقة جداً، وهو ما يفسر وجود العدسة المكبرة، تقول: «هذا المصحف ليس مكتوباً باليد مثل المصاحف الأخرى هنا، بل مطبوع من قبل دار نشر في غلاسكو في عام 1900 باستخدام تقنية جديدة للطباعة الفوتوغرافية. ومثل هذا النوع من المصاحف المصغرة كانت تطبع لاستخدام الجنود البريطانيين المسلمين في الحرب العالمية الأولى، وكانوا يرتدونها معلقة في قلائد كتعويذة، يقدر سعر المصحف بـ3.5 ألف دولار أما المصحف على هيئة ورقة الشجر فيقدر سعره بـ40 ألف دولار.

مصحف مصغر مطبوع في غلاسكو عام 1900

نمر على «غاليري آري جان» الذي يعرض لوحات المستشرقين من القرن الـ19، ومنها أعمال جاك ماجوريل، ثم نصل إلى جناح «كتب دانيال كاروش النادرة» الذي يعرض مكتبة تضم أكثر من 500 ألبوم صور تحتوي على صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي الأوسع. هنا نرى مجموعة من الصور النادرة المكبرة معروضة على كامل الحائط، من ضمنها صور من الجزيرة العربية قديماً، بعضها لأشخاص مشهورين مثل الرحالة غيرترود بيل ولورانس العرب، وغيرها لأشخاص لا نعرف أسماءهم، نرى أيضاً صوراً للكعبة المكرمة وصوراً عامة لأشخاص يرتدون الزي العربي. في الصدارة مجموعة من المجلدات، يقول عنها المشرف على الجناح إنها المجموعة الكاملة التي تضم 33 ألف صورة من 350 ألبوماً، يقول: «إنَّ المجموعة تعود لسيدة من لندن تُدْعَى جيني ألزوث، وإنها جمعت الصور على مدى 25 إلى 30 عاماً. الشيء المثير للاهتمام في هذه المجموعة هو أنها تعبّر عن لمحات من الحياة اليومية في الجزيرة العربية التقطها زوار أوروبيون بريطانيون على مدار 130 عاماً».

صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي

يضيف محدثنا أن الصور لم تنشر من قبل، «نأمل أن تقدم هذه الصور سرداً لتاريخ المنطقة لم يوثقه أحد من قبل»، ويقدر سعرها بمبلغ 2 مليون دولار.

ولفت جناح دار «كسكينار - كنت آنتيكس» الأنظار إليه بمجسم لحصان وضع عليه سرج صُنع للسلطان العثماني سليم الثالث (1789-1807) ومزين بـ1036 شكلاً مذهباً، منها أكثر من 500 نجمة فضية، وكل نجمة يصل وزنها إلى 11 غراماً تقريباً، ويصل سعر السرج إلى 3 ملايين دولار.

«فن جريء، فن جديد»

«فن جريء، فن جديد»، بإشراف ميرنا عياد، يعيد عرض أعمال لفنانين مهمين كان لهم أدوار محورية في تاريخ الفن في المنطقة. من خلاله تستعرض صالات من تونس ومصر وفلسطين ولبنان والمملكة العربية السعودية وإيران وفرنسا، مجموعة ملهمة من أعمال الفن الحديث لفنانين وفنانات رواد من أوائل الستينات، وحتى أوائل الثمانينات»، وفي هذا الإطار نستمتع بنماذج رفيعة لرواد أمثال إنجي أفلاطون من مصر ونبيل نحاس من لبنان وسامي المرزوقي من السعودية وغيرهم. الأعمال المعروضة في هذا القسم لها ألق خاص فهي تعيد فنانين حفروا أسماءهم في تاريخ الفنون في بلادهم، وفي الوطن العربي بعضهم انحسرت عنه أضواء السوق الفنية، وأعادها العرض مرة أخرى لدائرة الضوء.

عمل للفنانة المصرية إنجي أفلاطون (الشرق الأوسط)

في «غاليري ون» نرى أعمالاً للفنانة الأردنية الفلسطينية نبيلة حلمي (1940-2011)، يصف موقع المتحف الوطني الأردني أسلوب الفنانة الراحلة بأنه خليط من «الكولاج والألوان المائية والحبر الصيني. تتميز أعمالها الزيتية بشفافية حالمة وعفوية، فيها تجريد تعبيري يتسم بالغموض والنضج الفني». نرى هنا نماذج لأعمالها، ونتحدث مع المشرف على القاعة عنها، يقول إنَّ الفنانة لها أعمال في متاحف عالمية وعربية، ولكنها قليلة في السوق التجارية. الفنانة الثانية هي إميلي فانوس عازر (فلسطينية، مواليد الرملة عام 1949)، ويعرض لها الغاليري أكثر من عمل منها بورتريه لامرأة تنظر إلى الأمام بينما عقدت ذراعيها أمامها، العمل يجبر الزائر على التوقف أمامه والتأمل فيما يمكن أن تخفيه تلك المرأة خلف نظرتها الواثقة والعزيمة التي تنبعث منها.

بورتريه للفنانة إميلي فانوس عازر (الشرق الأوسط)

من مصر يقدم «أوبونتو آرت غاليري» المشارك للمرة الأولى عدداً من أعمال الفنان المصري إيهاب شاكر (1933-2017)، المألوفة للعين، فالفنان له خطوط مميزة رأيناها في أعمال الكاريكاتير التي نشرها في الصحف المصرية. يقول المسؤول عن الغاليري إن شاكر انتقل للعمل في مسرح العرائس مع شقيقه ناجي شاكر قبل أن يسافر إلى فرنسا في عام 1968 حيث عمل في مجال أفلام الرسوم المتحركة، ونال عدداً من الجوائز عن أحد أفلامه. تلفتنا تعبيرات شاكر التي تحمل عناصر شعبية مصرية يقول عنها محدثنا إنَّها تبعث البهجة، ويشير إلى أن الحس الموسيقي يميز أعمال الفنان أيضاً، ويظهر ذلك في الوحدة والتناغم بين العناصر، ويؤكد أن «لديه خطوطاً مختلفة عن أي فنان آخر».

من أعمال الفنان إيهاب شاكر (الشرق الأوسط)

 

في «غاليري بركات» من بيروت نجد مجموعة من الأعمال المتنوعة ما بين اللوحات والمنحوتات الخشبية والبرونزية، يتحدث معنا صالح بركات مالك الغاليري عن الأعمال المعروضة، ويبدأ بالإشارة لعمل ضخم من البرونز للفنان معتصم الكبيسي يمثل أشخاصاً يتهامسون: «يعكس خلفيات المسرح السياسي، الكل يتهامس، وما لا يقال قد يكون أكثر أهمية مما يقال». للفنان جوزف الحوراني منحوتات خشبية تحمل كتابات بالخط العربي، تنتظم ببراعة، وتتضافر في تشكيلات خشبية مدهشة تجعلنا ندور حولها، ونحاول قراءة الجمل المكتوبة، ومنها «مصائب قوم عند قوم فوائد» و«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ». «عبقرية!» يصفها صالح بركات، ويتحدث عن الخط العربي ونقله للعالم المعاصر: «أنا اليوم يعنيني أن نحافظ على تراثنا بطريقة عصرية. نريد أن نأخذ تراثنا للمستقبل».

من أعمال الفنان العراقي سيروان باران (الشرق الأوسط)

ينتقل إلى عملين للفنان سروان بهما الكثير من الحركة، نرى أشخاصاً يتحركون في اتجاهات مختلفة، يحملون حقائب وأمتعة، ليست حركة مرحة بل متعجلة، يعلق: «الفنان لا يتحدث فقط عمّن يرحل، بل أيضاً عمّن يعود، حالات ذهاب وعودة وضياع».

 

الفن السعودي حاضر

عبر مشاركات في «غاليري أثر» و«غاليري حافظ» نرى عدداً من الأعمال الفنية السعودية المميزة، فيعرض «غاليري أثر» مجموعة من أعمال الفنانة المبدعة أسماء باهميم تفيض بالحيوانات الأسطورية وقصص من الخيال مرسومة على الورق الذي تصنعه الفنانة بيدها. للفنانة باهميم هنا مجموعتان جذابتان: «ملاحظات في الوقت» و«فانتازيا». تستكشف الأخيرة الفروق الدقيقة والتعقيدات في سرد القصص. وتتعمق «ملاحظات في الوقت»، وهي سلسلة أحدث، في الفولكلور العربي، وتفحص الأدوار الجنسانية في الحكايات التقليدية وتأثيرها اللاحق على الهوية الثقافية.

من أعمال الفنانة أسماء باهميم (الشرق الأوسط)

كما يقدم «أثر» عدداً من أعمال رامي فاروق الفنية وسلسلة للفنانة سارة عبدو بعنوان «الآن بعد أن فقدتك في أحلامي، أين نلتقي». أما «غاليري حافظ» فيقدم صالتين تتضمنان أعمال مجموعة من الفنانين المعاصرين والحديثين، فيقدم عدداً من أعمال الفنان سامي المرزوقي تتميز بألوانها وخطوطها التجريدية. وفي قسم الفن المعاصر يعرض أعمال الفنانة بشائر هوساوي، التي تستمد فنونها من بيئتها الغنية وذاكرتها البصرية العميقة، باستخدام مواد طبيعية مثل النخيل، وتعبر عن موضوعات مثل الانتماء، والحنين، والهوية الإنسانية المتغيرة. بجانبها يستعرض سليمان السالم أعماله التي تتعمق في الطبيعة الزائلة للوجود. باستخدام تقنيات الطباعة العدسية والفيديو ووسائط أخرى، تستكشف أعماله التفاعل بين الشعور والإدراك والتواصل الإنساني.