«على خطى ريكمنز» احتفاء بأولى البعثات الاستكشافية لتوثيق التراث السعودي

معرض مصور يحتفي بنتائج رحلتين وحقبتين

يحتفي المعرض بنتائج رحلتين وحقبتين في السعودية (الشرق الأوسط)
يحتفي المعرض بنتائج رحلتين وحقبتين في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

«على خطى ريكمنز» احتفاء بأولى البعثات الاستكشافية لتوثيق التراث السعودي

يحتفي المعرض بنتائج رحلتين وحقبتين في السعودية (الشرق الأوسط)
يحتفي المعرض بنتائج رحلتين وحقبتين في السعودية (الشرق الأوسط)

احتفاءً بأول بعثة استكشافية أثرية في عهد الملك عبد العزيز، سلط معرض «على خطى ريكمنز» الضوء على الرحلة العلمية التي جرت عام 1951، وقطعت آلاف الكيلومترات في مناطق غرب وجنوب ووسط السعودية.

وتنظم هيئة التراث السعودية، بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز، المعرض في منطقة المربع التاريخية، التي تضم مجموعة من القصور المبنية على الطراز التقليدي، ومن بينها قصر المربع الذي كان مقراً لإقامة مؤسس السعودية الملك عبد العزيز، الذي يفتح نوافذ إلى التاريخ والرحلة التي مضى عليها نحو 75 عاماً.

وثّق الرحالة والمستكشفون قصصاً وآثاراً وحكايات ونمط حياة طالته ملامح التحول والتغيير (الشرق الأوسط)

ويتكون المعرض من مجموعة مناطق، تبدأ مع المنطقة الأولى التي تستعيد تفاصيل الرحلة العلمية والاستكشافية التي استمرت نحو 4 أشهر بين عامي 1951 و1952 وقادها عبد الله فلبي، وشارك فيها فيليب ليبنز الخبير في تخطيط الرسوم والآثار القديمة والنقوش، وجاك ريكمنز المتخصص في علم اللغة المقارن وعلم النصوص القديمة والتاريخ، وغونزاك ريكمنز أستاذ اللغات السامية.

كما يسلط المعرض الضوء على نتائج الرحلة العلمية الفريدة، التي أطلقتها السعودية في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقطَع فيها فريق سعودي وبلجيكي مشترك أكثر من 5 آلاف كيلومتر في مناطق غرب وجنوب ووسط السعودية، التي كانت جغرافياً المسوح العلمية لأول بعثة استكشافية للآثار، وذلك لإعادة تصور وتوثيق المحتوى العلمي لنتائج الرحلة الاستكشافية والتجربة التي أحصت كثيراً من المعثورات والمأثورات، وكشفت عن استيطان جزيرة العرب على مدى آلاف السنين.

يقع المعرض في منطقة المربع التاريخية بمدينة الرياض (الشرق الأوسط)

ويقدم المعرض شهادة رصينة على دعم الملك عبد العزيز الراسخ للحفاظ على تراث السعودية، ورؤيته في إدراك أهمية الحفاظ على هذا الإرث منذ البداية، وتقدم قاعات العرض المصورة ونماذج الرسائل والمذكرات لفريق الرحلة سردية موثقة عن التزام المملكة بحماية كنوزها الثقافية الملموسة وغير الملموسة، من خلال حكايات النقوش والكتابات القديمة التي خلدها المستكشفون الغربيون والبعثات الأجنبية.

ونسج التعاون العلمي بين السعودية وبلجيكا قصة رائعة عن الاستكشاف الأثري الذي يصور المملكة منارةً للمستكشفين من حول العالم، وذلك من خلال الرحلة الجديدة التي أطلقتها هيئة التراث في السعودية بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز وجامعة لوفان وجامعة لوفين البلجيكيتين، واستأنفت الجهود العلمية في توثيق نتائج الرحلة الأصلية. ومن خلال الصور التي قارنت بين رحلتين وحقبتين في تاريخ المنطقة، يلقي المعرض نظرة على السعودية وما كانت عليه في خمسينات القرن الماضي، ويكشف عن العمق الحضاري والتحولات الهائلة التي شهدتها خلال تلك المدة.

يتكون المعرض من مجموعة مناطق تبدأ مع المنطقة الأولى التي تستعيد الرحلة التي قادها عبد الله فلبي (الشرق الأوسط)

أبعاد الرحلة العلمية والثقافية

تظهر الصور التي يتيحها المعرض لزواره، حجم ما اكتشفه الفريق العلمي قبل 75 عاماً، عندما كانت الأراضي السعودية بكراً للاستكشافات وتأمل ما أودعته حقب وعصور تاريخية عتيقة مرّت بها وتركت أثراً عليها. فمن جدة إلى أبها ثم نجران وصولاً إلى الرياض، وثّق الرحالة والمستكشفون قصصاً وآثاراً وحكايات، ونمط حياة طالته ملامح التحول والتغيير على النحو الذي استكشفته الرحلة التي استأنفت في أكتوبر من عام 2023 بناء سرديته الرصينة عما طرأ على المملكة من تحولات.

واستهدف المعرض تعزيز مجموعة من الأبعاد المتصلة بالرحلة، ومن بينها البعد الثقافي؛ حيث تستكشف الرحلة عمق التاريخ، وحياة الناس وعاداتهم وتقاليدهم الغنية، وتسلط الضوء على الروابط والممارسات الإنسانية التي شكلت هوية هذه الأرض والبعد البيئي، من خلال تنقل الرحلة عبر المناظر الطبيعية الخلابة في المملكة، من الصحاري الشاسعة إلى الجبال والوديان المهيبة، لتكشف عن الحياة البرية المتنوعة والثراء البيئي للبيئة الطبيعية في المملكة العربية السعودية.

شاهد قبر في سد عكرمة بمدينة الطائف من نتائج الرحلة العلمية عام 1951 (معرض على خطى ريكمنز)

وذلك بالإضافة إلى البعد الأثري، وما وثقته البعثة من الهياكل والقطع الأثرية والمباني القديمة التي تحكي قصص الحضارات السابقة المزدهرة في هذه المناطق، وتسلط الضوء على النقوش القديمة والفنون الصخرية والكتابات التاريخية التي تكشف عن عمق الأهمية الأثرية للمملكة العربية السعودية. وأخيراً البعد الوثائقي، وما ضمّنته نتائج الرحلة من مشاهدات وثائقية فريدة وصور فوتوغرافية لأعضاء البعثة ومذكراتهم، تعكس تفاصيل مغامرتهم الاستكشافية، وتوضح واقع الحياة في تلك الفترة والتحولات المهمة التي شهدتها المملكة منذ ذلك الحين.


مقالات ذات صلة

مدافن حجرية في السعودية تعيد كتابة تاريخ الجزيرة العربية

يوميات الشرق مدفن «ثقب المفتاح» الذي يُعد نمطاً مميزاً في تصميمه وهندسته المعمارية (مجلة Herança)

مدافن حجرية في السعودية تعيد كتابة تاريخ الجزيرة العربية

قدم الباحثان عيد اليحيى وقصي التُّركي تحليلاً أركيولوجياً، نشرته مجلة «Herança» إحدى أهم المجلات العلمية العالمية المحكّمة ضمن مستوعبات سكوباس.

يوميات الشرق «شيبارة» يضم 73 فيللا عائمة فوق الماء وشاطئية (واس)

«شيبارة»... طبيعة بحرية خلابة في السعودية تستقبل زوارها نوفمبر المقبل

يبدأ منتجع «شيبارة» الفاخر (شمال غربي السعودية)، رابع منتجعات وجهة «البحر الأحمر»، استقبال الزوار ابتداءً من شهر نوفمبر المقبل لينغمسوا في تجربة سياحية فاخرة.

«الشرق الأوسط» (تبوك)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وعباس عراقجي استعرضا العلاقات الثنائية هاتفياً الاثنين (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يناقش مع نظيره الإيراني تداعيات التصعيد في المنطقة

ناقش الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، الاثنين، آخر التطورات في المنطقة وتداعيات التصعيد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق المعامل الصحية تنتشر في نحو ٢٢ جهة تشمل الجامعات والمختبرات ومراكز الأبحاث في مناطق المملكة (واس)

36 معملاً سعودياً لتعزيز الابتكارات في «صحة الإنسان»

يعمل ‏36 معملاً صحياً في السعودية على دعم العقول المبتكرة الطامحة إلى تقديم حلول نوعية تضمن جودة حياة صحية، وتعزيز البنية التحتية البحثية.

عمر البدوي (الرياض)
الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث إلى الصحافيين في نيويورك سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

الرياض تحتضن اجتماعاً رفيعاً لتحالف «حل الدولتين»

تحتضن الرياض يومَي الأربعاء والخميس المقبلين، اجتماعاً رفيع المستوى للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، يضم دبلوماسيين ومبعوثين من دول عدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

حين تتفاهم الحضارات بلغة الألوان والفنون

الخط العربي حاضر (من المعرض)
الخط العربي حاضر (من المعرض)
TT

حين تتفاهم الحضارات بلغة الألوان والفنون

الخط العربي حاضر (من المعرض)
الخط العربي حاضر (من المعرض)

إنه مكان فريد عابق بتاريخ أوروبا يستقبل تاريخاً فريداً آخر زاخراً بروائع الشرق. ففي القصر التاريخي لفندق «البحرية» المُطل على ساحة «الكونكورد» في باريس، بمواجهة المسلة المصرية، يُقام معرض لمجموعة مقتنيات آل ثاني القطرية من تحف تعود للعصور القديمة حتى يومنا هذا. إنها واحدة من المجموعات الخاصة المرموقة في العالم، تستقر في عاصمة النور لعام كاملٍ، حتى خريف 2025، لكي تُتاح رؤيتها لأكبر عدد من عشاق الفنون والصناعات التقليدية القديمة.

الخزف بأحلى تجلياته (من المعرض)

ويقدم المعرض مروحة واسعة مفتوحة على عدد من الثقافات والحضارات. إنها مقتنيات تعكس مهارة الإنسان المبدع وروعة المخيلة البشرية والنفوذ الكوني للفن على مرّ القرون. وهي تُدار من مؤسسة تعنى بالترويج لثراء الفنون وتنوع الثقافات. كما تشجع مشروعات إقامة المتاحف وتنظيم المعارض. وسبق لهذه المقتنيات النادرة أن عُرضت في قاعات مرموقة، مثل متحف «متروبوليتان» في نيويورك، و«فكتوريا وألبرت» في لندن، ومتحف «الأرميتاج» في سان بطرسبرغ، والمتحف الوطني في طوكيو.

وريقات هبطت من الشجرة (من المعرض)

استفاد فندق «البحرية» من مجموعة آل ثاني الضخمة لتقديم كنوزٍ من جميع أنحاء العالم تفتّحت عبر العصور. ولهذا فإن المعرض يحمل عنوان: «الألوان تتكلم كل اللغات». إنها 80 قطعة تنتمي إلى 5 قارات مختلفة، يعود تاريخ أقدمها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد. وبما أن الألوان هي العنوان، فقد صُمّم أسلوب العرض وفق هذا التقسيم: القطع التي يطغى عليها اللون الأزرق، ثم الأحمر والأصفر والأخضر والأبيض والأسود. إن استخدام اللون لا يأتي عبثاً. وهناك مفاهيم تتعلق بكل لون حسب الحضارات والمعتقدات.

ثوبها يروي حكايتها (من المعرض)

وقد تختلف الاستخدامات والرموز باختلاف الفترة الزمنية والبلد الذي استُخدمت فيه. ويرى القائمون على المعرض أن هذه المختارات تشكل ما يشبه «صندوق العجائب» بالنسبة للجيل الحالي. فهي فرائد من أزمان ماضية تُبهر المشاهد وتدفعه للتفكير في مدى المهارة التي بلغها الصانع القديم والسعة التي وصل إليها خياله.

من أجواء معرض مجموعة آل ثاني (من المعرض)

وفندق «البحرية» مكان فريد أيضاً، وهو قصر شُيّد في القرن الـ18 ليكون شاهداً على عصر الملك لويس الخامس عشر. ويجاور المبنى قصر مشابه له تماماً يقع على الرصيف المقابل، يشغله اليوم فندق «كريون» العريق. ومنذ 3 سنوات بدأ فندق «البحرية» فتح صالاته لعرض المجموعات الأثرية الخاصة، وأيضاً معارض مؤقتة تُنظّم بالتعاون مع متاحف عالمية ترافقها ندوات لمتخصصين في الآثار ومختلف ميادين الفنون التشكيلية.