من «تايتانك» إلى «أفاتار»... جدة تستضيف رحلة سيمون فرانغلين الموسيقية

الموسيقى التصويرية لغة الأفلام الخالدة

سيمون فرانغلين خلال محاضرته التي ألقاها في جدة (الشرق الأوسط)
سيمون فرانغلين خلال محاضرته التي ألقاها في جدة (الشرق الأوسط)
TT

من «تايتانك» إلى «أفاتار»... جدة تستضيف رحلة سيمون فرانغلين الموسيقية

سيمون فرانغلين خلال محاضرته التي ألقاها في جدة (الشرق الأوسط)
سيمون فرانغلين خلال محاضرته التي ألقاها في جدة (الشرق الأوسط)

نظمت مؤسسة البحر الأحمر السينمائي في مدينة جدة الساحلية يوم الأحد 20 أكتوبر (تشرين الأول)، لقاء جمع سيمون فرانغلين الذي يعد أحد أبرز ملحّني هوليوود، بعشاق الموسيقى والسينما في السعودية، حيث استضافة سينما «AMC» محاضرة بعنوان «التلحين لأضخم أفلام هوليوود: أفاتار 2»، بهدف تسليط الضوء على مسيرة فرانغلين الطويلة في عالم الموسيقى التصويرية، ومنح الملحنين فرصة لتطوير مستوياتهم لصالح صانعي الأفلام.

موسيقى خالدة

سيمون الذي يمتد مشواره الفني لأكثر من 4 عقود، سبق له أن تعاون مع عمالقة الموسيقى والفن لإنتاج ما يزيد عن 400 ألبوم موسيقي. نال على أثرها العديد من الجوائز، أبرزها جائزة «غرامي» عن إنتاج أغنية «My Heart Will Go On» من فيلم «تايتانك» (1997)، وترشّح لجائزة «غولدن غلوب» عن موسيقى «أفاتار» (2009). كما يعد عمله في Avatar: The Way of Water» (2022)» واحداً من أبرز إنجازاته، وأصبح ثالث أعلى فيلم تحقيقاً للإيرادات في تاريخ السينما.

خلال المحاضرة تحدث فرانغلين عن التحديات الموسيقية التي واجهها في العمل على أفلام «أفاتار»، مشيراً في طيات حديثه إلى اختلاف الألحان المطلوبة لكل بيئة من بيئات الفيلم في الجزء الثاني «The Way of Water»، مبيناً أنه ابتكر موسيقى تتناغم مع الطابع البحري، مستخدماً آلات من الخيزران والطين، إلى جانب أصوات غنائية مستوحاة من ثقافات جنوب المحيط الهادئ. وقال فرانغلين: «الموسيقى التصويرية ليست مجرد خلفية، بل هي نبض قلب الفيلم، ووظيفتي هي إرشاد المشاهدين عاطفياً من خلال الألحان»، وأضاف أن أغنية «الأوتار» التي أدتها زوي سالدانا في بداية الفيلم تمثل تميمة عائلية، تُعيد المشاهد إلى جذور القصة مع كل تكرار لها خلال الأحداث.

موسيقى تلهم الأجيال

إنجازات فرانغلين لم تقتصر على الأفلام، بل تعاون مع أسماء عالمية مثل سيلين ديون، وذا ويكند، وتوني براكستون، بالإضافة إلى عمله مع جيمس هورنر في أفلام «تايتانك» و«أفاتار». كما شارك في مشروعات موسيقية مع ملحنين عظماء، مثل آلان سيلفستري وتوماس نيومان. وفي حديثه عن مستقبل الموسيقى السينمائية، كشف فرانغلين أنه يعمل حالياً على تأليف الموسيقى لفيلم «Avatar: The Seed Bearer» المقرر عرضه في 2025. كما يتطلع إلى تقديم مشاريع أوركسترالية وكورالية جديدة، وذلك ضمن مساعيه المستمرة لتوسيع آفاقه الإبداعية.

إبداع تحت الضغط

أثناء المحاضرة سلّط فرانغلين الضوء على أحد أبرز التحديات التي يواجهها الملحنون في العمل السينمائي، وهو الاعتماد المتزايد على «الموسيقى المؤقتة» من أفلام أخرى خلال مرحلة التحرير. وقال: «في بعض الأحيان، يقع المخرجون في حب هذه الموسيقى لدرجة يصعب معها إقناعهم بتغييرها»، مؤكداً أن الموسيقى الجيدة هي التي تحمل روح الفيلم، لا مجرد نسخة من نجاحات سابقة.

اختُتمت المحاضرة بدعوة الحضور لاستكشاف عالم الموسيقى التصويرية من منظور جديد، وأوضح فرانغلين أن هدفه ليس فقط عرض تجاربه، ولكنه كان يسعى إلى إلهام جيل جديد من الموسيقيين المبدعين، مؤكداً في الوقت نفسه أهمية التعاون بين الملحّنين وصنّاع الأفلام لتقديم تجارب سينمائية تثري الصناعة وتعيد الجمهور إلى صالات العرض.


مقالات ذات صلة

«التعاون الخليجي»: تصريحات خرازي تدخل سافر في شؤون الدول

الخليج جاسم البديوي أمين عام مجلس التعاون الخليجي (مجلس التعاون)

«التعاون الخليجي»: تصريحات خرازي تدخل سافر في شؤون الدول

أعرب جاسم البديوي أمين مجلس التعاون الخليجي عن رفضه تصريحات المسؤول الإيراني كمال خرازي حول الجزر الإماراتية الثلاث وإجراءات الأمم المتحدة بشأن استقلال البحرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق يحتفي المعرض بنتائج رحلتين وحقبتين في السعودية (الشرق الأوسط)

«على خطى ريكمنز» احتفاء بأولى البعثات الاستكشافية لتوثيق التراث السعودي

احتفاءً بأول بعثة استكشافية أثرية في عهد الملك عبد العزيز، سلط معرض «على خطى ريكمنز» الضوء على الرحلة العلمية التي جرت عام 1951، وقطعت آلاف الكيلومترات.

عمر البدوي (الرياض)
الخليج الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي (واس)

وزير الدفاع السعودي يبحث مع نظيره البريطاني خفض التصعيد في المنطقة

بحث وزير الدفاع السعودي مع نظيره البريطاني، المستجدات الإقليمية والدولية، والتنسيق المشترك لخفض التصعيد في المنطقة وتداعياته؛ بما يحافظ على الأمن الدولي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال مقابلة مع قناة العربية (لقطة من فيديو)

ترمب: سيعود السلام إلى الشرق الأوسط إذا عدت رئيساً

قال المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية الرئيس السابق دونالد ترمب، الأحد، إن «السلام سيعود إلى الشرق الأوسط إذا عدت رئيساً».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج قصر العدل في الكويت (الشرق الأوسط)

سجن داعشي خطط لاستهداف أميركيين في الكويت

قررت محكمة الاستئناف في الكويت، الأحد، حبس مواطن كويتي متهم بالانتماء إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، 10 سنوات.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

كيف وقع كريس مارتن في حب الرومي فأدخلَه أغاني «كولدبلاي»؟

كيف وقع كريس مارتن في حب الرومي فأدخلَه أغاني «كولدبلاي»؟
TT

كيف وقع كريس مارتن في حب الرومي فأدخلَه أغاني «كولدبلاي»؟

كيف وقع كريس مارتن في حب الرومي فأدخلَه أغاني «كولدبلاي»؟

منذ نشرت الكاتبة التركية إليف شافاق كتابها «قواعد العشق الأربعون» عام 2009، تضاعف الاهتمام العالمي بإرث جلال الدين الرومي وبالتصوّف بشكلٍ عام. وضعت الرواية الشهيرة شعرَ الرومي ونظريّاته الروحانيّة في متناول العامّة، على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية والفكرية.

بعد 5 سنواتٍ على صدور الكتاب، دخلت سطور الرومي وأفكاره حياة مغنّي فريق «كولدبلاي» البريطاني كريس مارتن. كان الفنان حينذاك في عين عاصفة انفصاله عن زوجته غوينيث بالترو. ومارتن، الذي ربطته علاقة حب كبير بالممثلة الأميركية، غرق في الاكتئاب جرّاء ذلك الطلاق. إلى أن امتدّ حبل الخلاص إليه عبر صديقٍ واكب معاناته، فأهداه كتاباً يضمّ نصوصاً للرومي.

مغنّي «كولدبلاي» كريس مارتن وزوجته السابقة الممثلة غوينيث بالترو (أ.ب)

لم تتأخّر فلسفة الشاعر والعالم المتصوّف في منح الشفاء الروحي لمارتن، ولا في الانعكاس على موسيقى فريقه. فأوّل ألبوم صدر بعد انفصاله عن بالترو، تضمّن تحوّلاً في لغة «كولدبلاي». بدت الأغاني في «Ghost Stories» (حكايات أشباح) الصادر عام 2014، أقلّ ضغينةً ومزاجيّةً عمّا سبق. كما أنّ المحتوى انتقل من الشكوى وإثارة الشفقة على الذات، إلى ما هو مغايرٌ تماماً.

يعزو مارتن، في حديثٍ أجراه في سبتمبر (أيلول) الماضي مع مجلّة «The New Yorker» (ذا نيويوركر) الأميركية، هذا التحوّل الجذريّ في هوية الفريق الموسيقية إلى الاهتمام بفكر جلال الدين الرومي والتعمّق فيه.

شكّل ألبوم «Ghost Stories» نقطة تحوّل في اتّجاه أغانٍ أكثر روحانيّة وإنسانية

من شعر الرومي

انقضت 10 سنوات على دخول الرومي حياة كريس مارتن وفنّه، وما زال الوحي المستمدّ من الروحانيّات يحفر عميقاً في أعمال «كولدبلاي». ولعلّ أحدث ألبومات الفريق «Moon Music» (موسيقى القمر) دليلٌ ساطعٌ على ذلك، لما يحتوي من معانٍ إنسانية وفلسفيّة. هي رحلةُ التزامٍ كرّسَ خلالها الفريق البريطاني الأشهر حول العالم، نفسَه سفيراً للأغنية التي تقرّب بين البشر وتركّز على الروابط التي تجمع بينهم مهما كانت اختلافاتهم.

كانت الانطلاقة العلنيّة الفعليّة للعلاقة بين الرومي و«كولدبلاي» عام 2015، مع صدور ألبوم «A Head Full of Dreams» (رأس مليء بالأحلام). في ذلك العمل، برزت مقطوعة «Kaleidoscope» (مشكال) التي تكوّنت من سطورٍ للرومي بصوت الشاعر الأميركي كولمان باركس، جاء فيها: «الإنسان بيت ضيافة. كل صباح يستقبل زائراً جديداً؛ بهجةً، إحباطاً، أذىً... ولحظة وعي تأتي كزائرٍ غير متوقع. استقبلْهم واعتنِ بهم جميعاً حتى وإن كانوا حشداً من الأسى، يجرفون بعنف كل أثاث منزلك. عامل كل ضيف باحترام. ربّما هم ينظّفون لك المكان لاستقبال فرحٍ جديد».

ومنذ ذلك الحين، باتت ثيماتٌ كالتسامح، والمحبة الإنسانية، والاتّحاد البشري، وتقبّل الآخر، والتطوّر الروحي؛ حاضرةً بشكلٍ شبه دائم في أغاني الفريق. وقد انعكس ذلك على جمهورهم الضخم والمنتشر في كل أصقاع الأرض؛ إذ إنّ محبّي «كولدبلاي» انغمسوا كما فريقهم المفضّل، في رحلة البحث عن الذات عبر المعاني الروحية والإنسانية.

«بني آدم»

لم ينقص هذا العشق للرومي واهتمام «كولدبلاي» بالصوفيّة، سوى تذييلهما بلغتهما الأمّ. وما لم يكن متوقعاً حصل عام 2019، عندما أطلق الفريق على ألبومه عنوان «الحياة اليوميّة» (Everyday Life)، وذلك باللغة العربية المطبوعة على الغلاف.

صدر ألبوم «Everyday Life» عام 2019 مذيّلاً باللغة العربية

إلّا أنّ النفَس العربي لم يتوقّف عند هذا الحدّ، بل انسحب على بعض أغاني الألبوم. في «بني آدم»، التي كُتب عنوانُها بالعربيّة، امتزج البيانو الغربي بالشعر الفارسي والإيقاعات الأفريقية. وتكرّر الأغنية لازمةً هي أشبَه بصلاة كونيّة تقول: «ليَكُن سلامٌ وحبٌّ وكمالٌ عبر كل المخلوقات، عبر الله».

الألبوم الذي تضمّن الكثير من الموسيقى الصوفيّة، اختار الفريق أن يطلقه من العاصمة الأردنيّة، وسط معجبيهم العرب. لم يأتِ اختيار المكان صدفةً؛ إذ إن الألبوم تطرّق إلى الحرب الدائرة في سوريا وإلى أزمة اللاجئين، فتعمّد مارتن وزملاؤه بالتالي انتقاء الموقع الجغرافي الأقرب. ومن قلب قلعة عمّان، قال: «نحن نقف مع الحب والسلام والأخوّة».

«كولدبلاي» خلال حفلهم في عمّان عام 2019 (إنستغرام)

«روزاليم الدمشقيّة»

في أغنية «Orphans» (يتامى) على سبيل المثال، يتحدّث مارتن عن «روزاليم الدمشقيّة» التي ترمز إلى طفلة قُتلت في تفجيرٍ في دمشق عام 2018. أما في أغنية «الحياة اليوميّة»، فيسأل: «انظر إلى كل ما يقاسيه الناس... أي عالم تريد؟ كيف سأراك فيه؟ شقيقاً أم عدوّاً؟».

وتتوالى الرسائل ذات الطابع الإنساني في أغنيات الألبوم، على غرار «أرابيسك»؛ حيث يقول مارتن: «يمكن أن أكون أنت، يمكن أن تكون أنا. قطرتا مطر في البحر ذاته (...) نتشارك الدم ذاته». وعلى الرغم من أن مارتن كان قد سبق أن أعلن عدم اعتناقه أيّ ديانة، فإن الإيمان يتجلّى في أغنية «BrokEn» (مكسور): «ثم أدرك أنني بخير حتى في العتمة... الشمس لا تشرق لكنّي حرٌّ من الداخل؛ لأن الله يصوّب نورَه عليّ».

«موسيقى القمر»

ما كانت كلمات كهذه لتظهر في أغاني «كولدبلاي»، لولا الأثر الذي تركه جلال الدين الرومي والصوفيّة. ومع تفاقم الأزمات والآلام حول العالم، لا سيّما في منطقة الشرق الأوسط، اتّضحت معالم الصلاة أكثر. ففي ألبوم «Moon Music» الصادر قبل أسبوعَين، برزت أغنية «WE PRAY» (نصلّي) التي شاركت فيها المغنّية الفلسطينية الصاعدة إليانا إلى جانب «كولدبلاي» وأصوات أخرى من حول العالم. جاءت تلك الأغنية بمثابة تحيّة إلى فلسطينيي غزّة، ورجاءٍ بأن تنتهي جلجلتهم المستمرة منذ أكثر من سنة.

في أغنية «Moon Music» (موسيقى القمر)، يقول مارتن بصوته الدافئ والأليف: «أحاول أن أثق بالسماء فوقي وبعالمٍ مليء بالحب». وفي أغنية أخرى، يستحضر الفريق صوت الكاتبة والناشطة الحقوقية الأميركية مايا أنجيلو وهي تقرأ: «عندما بدا لي أن الشمس لن تشرق من جديد، وضع لي الله قوس قزح في الغيم».

كبلسمٍ فوق جراح هذا العالم، ينسكب ألبوم «كولدبلاي» الجديد. تتّخذ أغانيه هيئة قنابل حبّ في زمن الحديد والنار والدم البريء المتدفّق. يصرّ الفريق على الاحتفاء بالخير، والسلام، والأمل. يلومه كثيرون من النقّاد على تلك الإيجابية الطافحة، غير أنّ كريس ورفاقه اعتنقوا التفاؤل، ولعلّ تلك هي أبرز أسلحة قوّته واستمراره.