محمد فوزي... 58 عاماً على رحيل «شحَّات الغرام»

نقاد وخبراء عدّوه أحد أبرز الموسيقيين في القرن العشرين

تميز فوزي بأعماله الحديثة والسهلة (أرشيفية)
تميز فوزي بأعماله الحديثة والسهلة (أرشيفية)
TT

محمد فوزي... 58 عاماً على رحيل «شحَّات الغرام»

تميز فوزي بأعماله الحديثة والسهلة (أرشيفية)
تميز فوزي بأعماله الحديثة والسهلة (أرشيفية)

رغم مرور قرابة 6 عقود على رحيل الموسيقار والملحّن المصري محمد فوزي، فإن أغنياته واستعراضات أفلامه وأدواره في السينما التي مزجها بالموسيقى وخِفة الدم والمواقف المُبهجة تأبى النسيان، مما جعل كثيراً من النقاد والمهتمين بالموسيقى يَعدّونه أحد أهم الموسيقيين المصريين في القرن العشرين.

وفي الذكرى الـ58 لرحيله (28 أغسطس/ آب 1918- 20 أكتوبر/ تشرين الأول 1966)، احتفت وسائل إعلام مصرية ومتابعون، عبر حساباتهم على «السوشيال ميديا»، بمسيرة الموسيقار الراحل المميزة.

ووفق الناقد أشرف غريب، الذي ألف كتاباً عن «شحّات الغرام»، فإن ما حقق لمحمد فوزي مكانته المتفردة، وجعله أبرز الملحنين في القرن العشرين، روحه الخاصة جداً، والتي أتاحت له تقديم ألحان وأغنيات متنوعة ومختلفة، وعدَّ أن «إسهامات محمد فوزي كبيرة وتحتاج لمؤلفات ضخمة».

ويضع متخصصون الموسيقار الراحل ضمن خمسة رموز أسهموا بإنجازات مهمة في الأغنية العربية هم: سيد درويش، ومحمد عبد الوهاب، وبليغ حمدي، وعمار الشريعي.

ويذكر غريب، في تصريحات، لـ«الشرق الأوسط»، أن «وضع اسم محمد فوزي وسيد درويش في مستوى واحد يعني أنه صاحب منجَز موسيقى ومجدِّد بارز، أخذ الألحان في طريق يمكن عدُّه أغنية القرن العشرين الحديثة، فبعد أن حرَّر سيد درويش الأغنية من الصنعة العثمانية، وأكمل عبد الوهاب طريقه، جاء فوزي وقدَّم نقلته الموسيقية الخاصة به، فجاءت ألحانه مرِحة خفيفة سريعة الإيقاع، تمتلئ بالحيوية والحركة».

الموسيقار محمد فوزي (أرشيفية)

ووفق غريب، فقد اكتسب فوزي روح الفكاهة في ألحانه من عمله في كازينو بديعة مصابني، إذ كان، وقتها، لا يزال في معهد الموسيقى، وحصل على خبرة كبيرة في مجال «الكوميديات الموسيقية»، فقد كانت بديعة تشتغل على الاستعراضات الراقصة والأوبريتات والصور الغنائية خفيفة الدم التي كان يكتبها أبو السعود الإبياري، هذه الخبرة امتلكها فوزي من العمل هناك، وعندما انتقل للسينما، وسط أجواء كانت فيه الكوميديا الموسيقية سائدة بعد الحرب العالمية الثانية، صادف ذلك هوى لدى السينمائيين، وتوافق مع روحه الخفيفة المُحبة للمواقف المضحكة.

وتُعد «الأغنية السينمائية لدى محمد فوزي مهمة جداً، فلولا تقديمه 36 فيلماً لكانت المكتبة الموسيقية الغنائية العربية فاقدة كثيراً من أغنيات الموقف التي تحمل أفكاراً مختلفة ومتنوعة، فهو لديه أغنيات يستحيل تقديمها خارج السياق الدرامي، على غرار غنوة يقول فيها (حبك خلاني روح من غير جسد) في فيلم (من أين لك هذا)، و(شَحَّات الغرام)، وغيرها»، وفق غريب.

وغنَّى محمد فوزي 298 أغنية، وقدَّم ما يزيد على 200 لحن آخر لمطربات ومطربين عمل معهم، كما غنَّى 3 أغنيات من ألحان محمود الشريف ورياض السنباطي، فضلاً عن 36 فيلماً سينمائياً.

قدم أعمالاً خالدة (أرشيفية)

ويتفق الموسيقار أحمد الصاوي مع رأي غريب قائلاً، في تصريحات، لـ«الشرق الأوسط»: «موهبة فوزي كانت كبيرة، وامتلك أشياء لم يمتلكها سواه، وكان أكثر ما ميّز أغنياته هو الشكل الإيقاعي الذي سبق به غيره من موسيقيين، إذ أدخل مقامات موسيقية من الموسيقى الإسبانية واللاتينية، واستفاد بإيقاعات التانجو والسامبا، وهي إيقاعات راقصة وفّقها بطريقة عبقرية في الغناء والألحان العربية».

تميز فوزي بأعماله الحديثة والسهلة (أرشيفية)

ويُحسب لمحمد فوزي، وفقاً للصاوي، أن ألحانه كانت بسيطة، وقرَّبتها السينما للناس أكثر، وقد أضفتْ خِفة روحه على موسيقاه جمالاً وبهجة لم يتميز بها سواه، ولم يقف فوزي عند حدود البساطة وخفة الروح والإيقاعات الراقصة والسريعة التي نقلت الأغنية المصرية إلى مستوى عال، بل كانت أغنية «كلمني طمني» الوحيدة في مجال موسيقى «علم الكونتربوينت»، التي استخدم فيها الأصوات بديلاً عن الآلات الموسيقية. «وفي القالب الشرقي يمكن ملاحظة أوبريت (الورد له في روايحه لغات)، الذي أدخل فيه الموسيقار الراحل عدة أنواع من الموسيقى بإيقاعات التانجو والإيقاعات الشرقية وموسيقى الجاز والبلوز، وقد قدم كل هذا في (عقد لحني واحد)».

وداهم المرض محمد فوزي، صاحب لحن النشيد الوطني للجزائر «قسماً»، في منتصف ستينات القرن الماضي، وقرر السفر للعلاج في بريطانيا ثم ألمانيا، قبل أن يتمكن منه المرض الذي احتار فيه الأطباء ليموت بسببه في عام 1966.


مقالات ذات صلة

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

ثقافة وفنون الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

يسرا سلامة (القاهرة)
يوميات الشرق لها في كل بيتٍ صورة... فيروز أيقونة لبنان بلغت التسعين وما شاخت (الشرق الأوسط)

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يُضاف إلى ألقاب فيروز لقب «سيّدة الصمت». هي الأقلّ كلاماً والأكثر غناءً. لكنها عندما حكت، عبّرت عن حكمةٍ بسيطة وفلسفة غير متفلسفة.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص «حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

في الحلقة الثالثة والأخيرة، نلقي الضوء على نشوء «حزب الفيروزيين» في لبنان وسوريا، وكيف تحول صوت فيروز إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة وعشق يصل إلى حد الهوَس أحياناً.

محمود الزيباوي (بيروت)
خاص فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيما يأتي الحلقة الثانية من أضوائنا على المرحلة الأولى من صعود فيروز الفني، لمناسبة الاحتفال بعامها التسعين.

محمود الزيباوي (بيروت)
يوميات الشرق فيروز في صورة غير مؤرّخة من أيام الصبا (أرشيف محمود الزيباوي)

فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

منذ سنوات، تحوّل الاحتفال بعيد ميلاد فيروز إلى تقليد راسخ يتجدّد يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تنشغل وسائل الإعلام بمختلف فروعها بهذه المناسبة، بالتزامن

محمود الزيباوي ( بيروت)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
TT

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ازدهرت ألحان وألوان من الموسيقى السعودية على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، وشارك 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، في رسم لوحة جمالية، جمعت التراث بالثقافة وعذوبة المفردة الموسيقية السعودية.

وعزفت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، أجمل الألحان الموسيقية في ليلة استثنائية كان الإبداع عنوانها، وقدمت التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام وحضور جماهيري كبير.

‏وبدأت الليلة السعودية في اليابان، بجمالية الاستقبال بالقهوة السعودية لجمهور حفل روائع الأوركسترا السعودية في طوكيو، قبل أن ينطلق العرض الموسيقي الذي افتتحه باول باسيفيكو الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى بالسعودية، وقال في كلمته خلال الحفل، إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازياً ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي شاركوا في الليلة الختامية (واس)

وعدّ باسيفيكو «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيراً إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وبدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية - بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم. وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفل بأداء مُتناغم لـ«ميدلي الإنمي» باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

حضور جماهيري كبير شهدته ليلة "روائع الأوركسترا السعودية" على مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" (واس)

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين، اختتم الحفل بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي، وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

واختتمت هيئة الموسيقى «روائع الأوركسترا السعودية» الجمعة، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، في جولتها الخامسة بعد النجاحات التي حققتها في 4 محطات سابقة، حيث تألقت في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر».

اروقة مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" اكتضت بالحضور منذ وقت مبكر (هيئة الموسيقى)

وتعتزم هيئة الموسيقى في السعودية استمرار تقديم عروض حفلات «روائع الأوركسترا السعودية» في عدة محطات، بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزاً للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.