نظام إلكتروني لمراقبة نحل العسل وحمايته

تسهم هذه الحشرات الصغيرة في تلقيح نحو ثلث المحاصيل الغذائية حول العالم

النظام يستخدم ضوء الأشعة تحت الحمراء لتجنُّب إزعاج النحل (جامعة دورهام)
النظام يستخدم ضوء الأشعة تحت الحمراء لتجنُّب إزعاج النحل (جامعة دورهام)
TT

نظام إلكتروني لمراقبة نحل العسل وحمايته

النظام يستخدم ضوء الأشعة تحت الحمراء لتجنُّب إزعاج النحل (جامعة دورهام)
النظام يستخدم ضوء الأشعة تحت الحمراء لتجنُّب إزعاج النحل (جامعة دورهام)

طوّر باحثون في جامعة «دورهام» البريطانية، بالتعاون مع شركاء دوليين، نظاماً إلكترونياً يُجري مراقبة مستمرّة وطويلة الأمد لمستعمرات نحل العسل.

وأوضحوا أنه يتيح جمع بيانات دقيقة وشاملة حول سلوك النحل وأنشطته، للمساهمة في تطوير استراتيجيات فعالة للحفاظ على نحل العسل؛ وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «ساينتفك ريبورتس».

وتُعدّ مراقبة نحل العسل وحمايته أمراً بالغ الأهمية للبيئة والاقتصاد، للعبه دوراً حيوياً في تلقيح النباتات، مما يسهم في تعزيز إنتاج المحاصيل الزراعية وضمان تنوّع النظام البيئي.

وتسهم هذه الحشرات الصغيرة في تلقيح نحو ثلث المحاصيل الغذائية حول العالم، بما فيها الفاكهة والخضراوات والمكسّرات. ومع تزايد التهديدات التي تُواجه نحل العسل، مثل المبيدات الحشرية، وفقدان الموائل، وأمراض النحل، فإنّ الحفاظ على صحتها ضروري لضمان استدامة الأمن الغذائي والتوازن البيئي.

وطُوِّر النظام المبتكر ضمن مشروع مموَّل من الاتحاد الأوروبي يُعرف باسم «RoboRoyale»؛ يتيح المراقبة على مدار الساعة لنحلات الملكة وتفاعلاتها مع النحلات العاملات.

ويعتمد النظام على استخدام روبوتات مستقلّة وخوارزميات ذكاء اصطناعي متقدِّمة، تُمكن الباحثين من تحليل ملايين الصور عالية الدقة واستخراج بيانات مهمّة حول سلوك النحل، وهو ما استحال تحقيقه في السابق.

ويجمع النظام الروبوتي بيانات متنوّعة تشمل أنماط حركة الملكة، وسلوك وضع البيض، وتعداد النحل، ونجاح التكاثر، بالإضافة إلى خريطة محدَّثة باستمرار لمحتويات قرص العسل. وتتيح هذه المقاربة الشاملة فهماً أعمق لتنظيم مستعمرات النحل بشكل ذاتي.

وكشفت النتائج الأولية عن معلومات مذهلة تتعلّق بسلوك النحل، إذ اكتشف الفريق أنّ نحلة الملكة تقطع نحو 1.5 كيلومتر داخل الخلية شهرياً، عبر قرصين من العسل بقياس 42x33 سم. والأكثر دهشة هو أنّ نحلة الملكة تضع في المتوسّط 187 بيضة يومياً حتى في موسم تناقص عدد النحل في شهر أكتوبر (تشرين الأول).

ووفق الباحثين، يتألّف النظام من كاميرتين عاليتَي الدقة تعملان بشكل مستقل لتتبع نحلة الملكة ورسم خريطة لمحتويات قرص العسل. وباستخدام ضوء الأشعة تحت الحمراء لتجنُّب إزعاج النحل، تمكّن النظام من التقاط أكثر من 100 مليون صورة فردية، وتحليلها، وهو حجم تصعب معالجته يدوياً من العلماء.

وأشار الباحثون إلى أنّ البيانات غير المسبوقة التي يجمعها النظام حول سلوك نحل العسل يمكن أن تُحدث ثورة في فهمنا لهذه الحشرات الاجتماعية المعقَّدة، وتسهم في الحفاظ عليها.

ونوَّه الفريق بأنّ الدراسة تُظهر إمكانات الروبوتات المتقدِّمة والذكاء الاصطناعي في دراسة النظم البيئية المعقَّدة، وأشاروا إلى أنهم يهدفون إلى تطبيق هذه الطرق الرقمية على أنواع أخرى من الحيوانات والنباتات المهمّة، ما قد يُحدث تحوّلاً في مجال البحوث البيئية.


مقالات ذات صلة

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

يوميات الشرق صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

وجدت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».