أزمة المياه العالمية تُعرض نصف إنتاج الغذاء للخطر

الطلب على المياه العذبة سوف يتجاوز العرض بنسبة 40 في المائة بحلول نهاية العقد (رويترز)
الطلب على المياه العذبة سوف يتجاوز العرض بنسبة 40 في المائة بحلول نهاية العقد (رويترز)
TT

أزمة المياه العالمية تُعرض نصف إنتاج الغذاء للخطر

الطلب على المياه العذبة سوف يتجاوز العرض بنسبة 40 في المائة بحلول نهاية العقد (رويترز)
الطلب على المياه العذبة سوف يتجاوز العرض بنسبة 40 في المائة بحلول نهاية العقد (رويترز)

حذّر بعض الخبراء في مراجعة تاريخية من أن أكثر من نصف إنتاج العالم من الغذاء سيكون معرضاً للخطر خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة، مع تفاقم أزمة المياه المتسارعة التي تجتاح الكوكب، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على موارد المياه، وإنهاء تدمير النظم البيئية التي تعتمد عليها مياهنا العذبة.

ووفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد أشار تقرير صادر عن اللجنة العالمية للاقتصاد المائي، نُشر الخميس، إلى أن نصف سكان العالم يواجهون بالفعل ندرة المياه، ومن المقرر أن يرتفع هذا الرقم مع تفاقم أزمة المناخ.

وقد وجد التقرير أن الطلب على المياه العذبة سوف يتجاوز العرض بنسبة 40 في المائة بحلول نهاية العقد، وذلك لأن أنظمة المياه في العالم تخضع «لضغوط غير مسبوقة».

وأشار إلى أن العواقب ستكون أكثر كارثية في غياب أي إجراءات عاجلة، وأن أزمة المياه تهدد أكثر من 50 في المائة من إنتاج الغذاء العالمي، وتهدد بخفض متوسط ​​الناتج المحلي الإجمالي للدول بنسبة 8 في المائة بحلول عام 2050، مع خسائر أعلى بكثير قد تصل إلى 15 في المائة متوقعة في البلدان منخفضة الدخل.

وأشار التقرير إلى الفرق بين «المياه الزرقاء»، وهي المياه السائلة في البحيرات والأنهار والخزانات الجوفية، و«المياه الخضراء»، المخزنة في التربة والنباتات.

وقالوا إنه في حين جرى تجاهل إمدادات المياه الخضراء لفترة طويلة، فإنها مهمة بالقدر نفسه لدورة المياه؛ حيث تعود إلى الغلاف الجوي عندما تطلق النباتات بخار الماء، ما يولّد نحو نصف إجمالي الأمطار على الأرض.

ووجد التقرير أن الاضطرابات في دورة المياه «متشابكة بشكل عميق» مع تغيُّر المناخ.

وقد أشارت اللجنة إلى أن الأزمة تزداد إلحاحاً بسبب الحاجة الهائلة إلى المياه، مؤكدين أن الحكومات والخبراء قللوا كثيراً من تقدير كمية المياه اللازمة للناس، مشيرين إلى أن الناس يحتاجون في المتوسط ​​إلى نحو 4 آلاف لتر من المياه يومياً ليعيشوا «حياة كريمة»، وهو ما يفوق كثيراً الكمية التي تقول الأمم المتحدة إنها تتراوح بين 50 و100 لتر لـ«تلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان»، وهو ما يفوق ما تستطيع أغلب المناطق توفيره من مصادر محلية.

ويقول مؤلفو التقرير إن حكومات العالم يجب أن تعترف بدورة المياه بوصفها «خيراً مشتركاً» وأن تعالجها بشكل جماعي، موضحين أن البلدان تعتمد على بعضها البعض، ليس فقط من خلال البحيرات والأنهار التي تمتد عبر الحدود، ولكن أيضاً بسبب المياه في الغلاف الجوي، مشيرين إلى أن القرارات المتخذة في بلد ما يمكن أن تعطل هطول الأمطار في بلد آخر.


مقالات ذات صلة

مصادر: إسرائيل توقف فحص طلبات استيراد الأغذية إلى قطاع غزة

المشرق العربي أطفال فلسطينيون يتزاحمون للحصول على الطعام في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)

مصادر: إسرائيل توقف فحص طلبات استيراد الأغذية إلى قطاع غزة

قال 12 مصدراً إن إسرائيل أوقفت النظر في طلبات يقدمها تجار لاستيراد أغذية إلى قطاع غزة، ما أدى إلى تعطل عمليات دخول الأغذية للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي حذرت الأمم المتحدة بأن سكان قطاع غزة سيواجهون شتاءً كارثياً بعد تراجع إيصال المساعدات الإنسانية (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: 345 ألفاً من سكان غزة سيواجهون جوعاً «كارثياً» هذا الشتاء

أفاد تقييم صادر عن الأمم المتحدة، اليوم الخميس، بأن نحو 345 ألفاً من سكان غزة سيواجهون جوعاً «كارثياً» هذا الشتاء، بعد تراجع إيصال المساعدات.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي لبنانيون يتفقدون مبنى مدمراً بغارات إسرائيلية في دورس جنوب مدينة بعلبك (أ.ف.ب)

استهداف البقاع يعطل الحياة اليومية... والسكان يفتقدون المواد الأساسية

انعكست نسب الإقفال المتفاوتة بين المحال التجارية و«السوبر ماركت» والصيدليات، وندرة التخزين بالمناطق الملتهبة في بعلبك - الهرمل، تراجعاً في توفر المواد الغذائية.

حسين درويش (بيروت)
الاقتصاد عمال يرصُّون أجولة من السكر لشحنها في ميناء بولاية غوجارات الهندية (رويترز)

السكر يقود قفزة شاملة بأسعار الغذاء العالمي في سبتمبر

أظهرت بيانات أن مؤشر أسعار الغذاء العالمية قفز في سبتمبر (أيلول) مسجلاً أكبر زيادة له في 18 شهراً بدعم من ارتفاع أسعار السكر.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي المساعدات بما في ذلك الإمدادات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي خارج مركز توزيع تابع للأمم المتحدة وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في جباليا شمال قطاع غزة 24 أغسطس 2024 (رويترز)

مصادر: تراجع المساعدات الغذائية لغزة بعد قواعد إسرائيلية جديدة

قالت مصادر مشاركة في توصيل البضائع إلى غزة لوكالة «رويترز» للأنباء، إن الإمدادات الغذائية للقطاع تراجعت بصورة حادة في الأسابيع القليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

نفد الصبر... «ناشونال غاليري» يضاعف إجراءاته الأمنية ضد محتجي المناخ

حساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ (غيتي)
حساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ (غيتي)
TT

نفد الصبر... «ناشونال غاليري» يضاعف إجراءاته الأمنية ضد محتجي المناخ

حساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ (غيتي)
حساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ (غيتي)

على مر الزمن كانت حركات الاحتجاج تلجأ إلى وسائل مستفزة وصادمة مثل إيقاف المرور في الطرق السريعة، أو استخدام الصمغ لإلصاق الأيدي بالحواجز وواجهات المحال. وتاريخياً اختارت ناشطات حق المرأة في التصويت تكسير النوافذ أو إشعال النار في المباني، وغيرها كثير من التكتيكات التي تهدف إلى تعطيل حركة الحياة اليومية لصدمة الجمهور ومحاولة إقناعهم بفكرةٍ ما. وقد تجد بعض الممارسات قبولاً أو تعاطفاً من البعض، ولكن ذلك لم يحدث في حال مهاجمة الأعمال الفنية خلال الأعوام القليلة الماضية التي أتت بنتائج عكسية. فشهدنا من استخدم الصمغ للزق وجهه بلوحة فيرمير «الفتاة ذات القرط اللؤلئي»، أو من اختار نثر مسحوق أحمر اللون على أثر ستونهنج في بريطانيا، أو إلقاء البطاطس المهروسة على لوحة «كومة القش» لمونيه، أو إلقاء حساء القرع على «الموناليزا» في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.

عددت صحيفة «الغارديان» 38 عملية هجوم على الأعمال الفنية في عام 2022 وحده، وفي الأسابيع الماضية حدثت آخر تلك الهجمات، وكانت بحساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ التي تُعرض في «ناشونال غاليري» بلندن ضمن معرض قائم لأعمال الفنان. ويبدو أن الصبر قد نفد، ليس فقط صبر الجمهور الذي شهد على مرور أشهر محاولة بعد أخرى للتعدي على عمل فني مهم، بل أيضاً صبر مديري المتاحف في بريطانيا الذين أصدروا رسالة مفتوحة في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي يطالبون فيها بإنهاء الاحتجاجات داخل صالات العرض، وبالأخص التوقف عن استهداف الأعمال الفنية في المتاحف والغاليريهات. الخطاب أصدره مجلس مديري المتاحف الوطنية، وتناول الاحتجاجات في الفترة الأخيرة، وخص بالذكر «ناشونال غاليري» في لندن. وجاء في الخطاب: «وقعت اثنتان من هذه الهجمات في الأسبوعين الماضيين، ولهذا السبب قررنا الآن أن الوقت قد حان للتحدث. على مدى السنوات القليلة الماضية، أصبحت المتاحف والمعارض الفنية في المملكة المتحدة، والأعمال الفنية التي تحتوي عليها، وبالتالي الأشخاص الذين يزورونها والذين يعملون فيها، أهدافاً متزايدة للاحتجاجات».

ناشطة ألصقت صورة على لوحة لمونيه في متحف أوراس بباريس (أ.ب)

وأشارت الرسالة إلى أن الاحتجاجات في السنوات الأخيرة تسببت في «ضرر مادي للأعمال الفنية، وضيق للزوار والموظفين على حد سواء، وتعطيل مهمتنا الجماعية لضمان توفر الفن والتحف الفنية الرائعة للجميع في كل مكان للاستمتاع بها». وتابعت الرسالة: «بينما نحترم حق الناس في الاحتجاج، وكثيراً ما نتعاطف مع القضية، يجب أن تتوقف هذه الهجمات. إنها تلحق ضرراً كبيراً بسمعة المتاحف في المملكة المتحدة، وتسبب ضغوطاً هائلة للزملاء على كل مستوى من مستويات المنظمة، إلى جانب الزوار الذين لم يعودوا يشعرون بالأمان الآن عند زيارة أفضل المتاحف والمعارض الفنية في البلاد». وأشار الخطاب إلى أن تأثير هذه الهجمات قد يدفع المؤسسات الفنية لوضع المزيد من الحواجز بين الناس وأعمالهم الفنية «للحفاظ على هذه الأشياء الهشة للأجيال القادمة».

يُذكر أنه في عام 2022، نشرت منظمة المجلس الدولي للمتاحف (ICOM) رسالة مفتوحة وصفت فيها الاحتجاجات التي تشمل أعمالاً فنية بأنها «تعريض خطير» لأشياء لا يمكن تعويضها. وقد وقّع على الرسالة مديرو المعرض الوطني والمتحف البريطاني ومتحف فيكتوريا وألبرت. ويبدو أن الاعتداءين اللذين حدثا خلال شهر أكتوبر في «ناشونال غاليري» على لوحة لبيكاسو ولوحة لفان جوخ، قد عجّلا برد من «ناشونال غاليري»؛ إذ أصدر الغاليري بالأمس بياناً تضمن لائحة شروط أمنية جديدة لمحاولة مواجهة المزيد من الاحتجاجات. وجاء في البيان: «في أعقاب الحوادث الأخيرة التي وقعت داخل المعرض، أصبح من الضروري الآن تطبيق تدابير أمنية مشددة لضمان سلامة جميع زوار المعرض وموظفي المعرض الوطني ومجموعة اللوحات الوطنية». وأشار البيان إلى أهمية ومكانة «ناشونال غاليري» الذي يسمح للزوار بالدخول المجاني لمعاينة روائع الفن العالمي عبر التاريخ، وأضاف البيان أن «الدخول المجاني إلى المعرض الوطني يتيح للجميع أن يستلهموا من أعظم إنجازات البشرية»، مشيراً إلى أن «المجموعة القيمة من الأعمال في الغاليري لا يمكن تعويضها، وأن الهجمات المتكررة عليها قد أدت إلى زيادة الاحتياطات الأمنية بإضافة الحواجز بين أفراد الجمهور واللوحات المعروضة، وهو ما كان محزناً، فقد اعتاد الجمهور سهولة مطالعة الأعمال الفنية، ولكن ذلك الإجراء لم يثنِ بعض المحتجين عن إلقاء الحساء أو غيره على تلك اللوحات، ما جعل إدارة الغاليري تتجه إلى فرض تشديدات أمنية لحماية الأعمال والزوار».

من مقطع فيديو نشرته جماعة «جاست ستوب أويل» بعد أن أُلقي طلاء أحمر على أثر ستونهنج في بريطانيا (أ.ب)

ومن الإجراءات التي ستبدأ من يوم الجمعة 18 أكتوبر، منع إدخال السوائل إلى داخل الغاليري باستثناء الأدوية الطبية وحليب الأطفال. وسيتم تفتيش الحقائب بدقة للتأكد من خلوها من أي قطع حادة أو سوائل أو رشاشات طلاء، أو ما قد يجده مسؤولو الأمن مثيراً للشبهات. كما سيُمنع إدخال أو توزيع أي أوراق أو منشورات احتجاجية، وستُمنع الاحتجاجات التي تقام في مداخل المؤسسات الفنية أحياناً للاعتراض على دعم شركات البترول لبعض المعارض. وبالنسبة إلى حركة أفراد الجمهور داخل الغاليري، تشير قائمة التدابير الأمنية المعدلة إلى منع تعدي الحواجز أمام اللوحات، ومنع لمسها، وعدم الإشارة للوحات باستخدام عصي خشبية أو ما يشابه ذلك.

يُذكر أن «ناشونال غاليري» قد تعرض لخمس هجمات منفصلة على لوحات فنية أيقونية مثل «زهور عباد الشمس» لفان جوخ، ولوحة «عربة القش» لجون كونستابل، ولوحة فلاسكويز «روكبي فينوس»، منها هجمتان في الأسبوعين الماضيين.