كيف تتعامل مع الضغوط النفسية الناتجة عن تربية طفلك؟

تربية الأطفال أمر صعب ومرهق (رويترز)
تربية الأطفال أمر صعب ومرهق (رويترز)
TT

كيف تتعامل مع الضغوط النفسية الناتجة عن تربية طفلك؟

تربية الأطفال أمر صعب ومرهق (رويترز)
تربية الأطفال أمر صعب ومرهق (رويترز)

أصبحت تربية الأطفال صعبة ومرهقة بشكل متزايد، مع زيادة افتقار الآباء إلى الوقت الكافي والمال والنوم، وكثرة الضغوط والمشكلات المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي، وانتشار الأوبئة والأمراض غير المتوقَّعة.

ونتيجة لارتفاع الضغوط النفسية التي يواجهها الآباء أثناء تربية أبنائهم، أصدر الجرّاح العام الأميركي الدكتور فيفيك مورثي مؤخراً مذكرة صنّفت الضغوط التي يتعرّض لها الوالدان على أنها قضية من قضايا الصحة العامة، ودعا إلى إجراء تغييرات سياسية وثقافية للتصدي لهذه المشكلة، حسبما نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

وقال مورثي في المذكرة: «عندما يكون الضغط النفسي شديداً أو مطوّلاً، يمكن أن يكون له تأثير ضارّ»، مشيراً إلى أن «41 في المائة من الآباء يقولون إنهم في معظم الأيام يشعرون بالتوتر الشديد، لدرجة أنهم لا يستطيعون العمل، ويقول 48 في المائة إن ضغوطهم في معظم الأيام تكون غير محتملة تماماً».

ولا تقتصر آثار هذا الضغط النفسي على الآباء فحسب، بل إنها تتسرّب إلى الأطفال أيضاً.

وقالت الدكتورة بيكي كينيدي، وهي طبيبة نفسية إكلينيكية متخصصة في تربية الأبناء: «هناك خطأ كبير يقع فيه الكثير من الآباء، وهو أنهم يفخرون لعدم اعتنائهم بأنفسهم، أو بحالتهم النفسية، في سبيل الاهتمام بأبنائهم وإسعادهم».

وأضافت: «هذا النوع من الإيثار يرعبني، فلكي تتمكن من رعاية طفلك على النحو الأمثل ينبغي أن تعتني بنفسك أولاً».

وقدّمت كينيدي 5 نصائح للآباء لتفادي الضغوط النفسية أثناء تربية أطفالهم.

وهذه النصائح هي:

تخلَّ عن الإيثار

تقول كينيدي: «إرهاق نفسك لإرضاء الجميع ليس أمراً صحياً».

وأضافت: «لا يحتاج الأطفال إلى آباء مهمِلين في صحتهم النفسية والجسدية، بل يحتاجون إلى آباء أقوياء غير مضغوطين نفسياً».

وتابعت: «الاهتمام باحتياجاتك الخاصة جزء أساسي من تجنّب الضغوط التربوية».

أعطِ نفسك جرعة من التعاطف مع الذات

تقول كينيدي: «عامِل نفسك بالطريقة التي تعامل بها أي شخص لديه وظيفة صعبة ويكافح في أدائها».

وأضافت: «التعاطف مع الذات أمر مهم جداً؛ لذا جرّبه اليوم، وتجنّب عدم الشعور بالرضا لعدم قيامك بكل شيء بدقة تبلغ 100 في المائة».

قم بالإصلاحات بدلاً من السعي إلى الكمال

قالت كينيدي: «عندما ترتكب خطأً في تربية الأبناء، مثل فقدان أعصابك، أو عدم الوفاء بوعد، قم بإصلاح هذا الخطأ ببساطة».

وأكملت: «لا يوجد آباء مثاليون، كلنا لدينا لحظات نتمنّى لو لم تحدث، ونشعر بسببها بذنب كبير تجاه أبنائنا؛ لذا، ذكّر نفسك بأن الأطفال لا يحتاجون إلى آباء مثاليين، الأطفال يحتاجون إلى آباء يعترفون بأخطائهم ويصحّحونها».

شارك مشاعرك مع غيرك

أكّدت كينيدي على ضرورة ألا يخوض الآباء التجارب بمفردهم.

وأضافت: «تذكّر هذا: المشاعر لا تسبّب لنا مشاكل بقدر ما يسبب لنا الشعور بالوحدة، ابحث عن صديق أو فرد من العائلة، أو مختصّ في تربية الأطفال، وشارك تجاربك ومشاعرك معه».

اطلب الدعم

لن يساعدك طلب الدعم من الآخرين على تقليل شعورك بالوحدة فحسب، بل قد يقودك أيضاً إلى حلول جديدة تساعدك في تربية أبنائك، بحسب كينيدي.

وأضافت: «تربية الأطفال هي أصعب وأهم وظيفة في العالم، ومع ذلك فهي وظيفة لا نُمنَح فيها أي تدريب أو موارد أو دعم. إن طلب الدعم ليس علامة على وجود خطأ ما فيك أو في طفلك، بل هو علامة على أنك تعطي الأولوية لصحتك العقلية وصحة طفلك، وهذا شيء يجب أن تفخر به».


مقالات ذات صلة

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق نادرة جداً (مواقع التواصل)

للبيع... تذكرة لدخول مسرح بريستول تعود إلى عام 1766

من المتوقَّع أن تُحقّق ما وُصفَت بأنها «قطعة حقيقية من تاريخ بريستول» آلاف الجنيهات منذ عرضها للبيع في مزاد ببريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تجمعهما الإنسانية (مواقع التواصل)

شاي «وأمور مشتركة» جمعت أطول وأقصر امرأتين في العالم

التقت أطول النساء في العالم، وأقصرهن، لاحتساء شاي الظهيرة احتفالاً بيوم موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية. إليكم تفاصيل اللقاء...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكثير من الناس يتحدثون بصوت عالٍ مع أنفسهم (أ.ف.ب)

خبراء يؤكدون: التحدث مع ذاتك بصوت عالٍ يعزز صحتك النفسية

يتحدث الكثير من الناس بصوت عالٍ مع أنفسهم، وهو ما يُطلق عليه عادةً الحديث الذاتي الخارجي أو الحديث الخاص، فما مميزات أو عيوب هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ممارسة ألعاب الفيديو قد تساعد الأشخاص في حياتهم المهنية (رويترز)

ممارسة ألعاب الفيديو تساعدك في حياتك المهنية

كشفت دراسة جديدة أن ممارسة ألعاب الفيديو قد تساعد الأشخاص في حياتهم المهنية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
TT

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

في كل مرة يُعلن فيها عن الإفراج عن دفعة من المعتقلين السوريين، تتزيّن بطلة فيلم «سلمى» وتهرع مع والد زوجها، علّها تعثر على زوجها «سجين الرأي» الذي اختفى قبل سنوات في ظروف غامضة، متمسكة بأمل عودته، رافضة إصدار شهادة وفاته، ومواصلة حياتها مع نجلها ونجل شقيقتها المتوفاة.

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» في هذا الإطار، وقد جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» في «مهرجان القاهرة السينمائي» في دورته الـ45، وتلعب الفنانة السورية سلاف فواخرجي دور البطولة فيه إلى جانب المخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد الذي يؤدي دور والد زوجها. وقد أُهدي الفيلم لروحه.

تتعرض «سلمى» للاستغلال من أحد أثرياء الحرب سيئ السمعة، لتبدأ بنشر معلومات دعائية لشقيقه في الانتخابات على خلفية ثقة السوريين بها للعبها دوراً بطوليّاً حين ضرب زلزال قوي سوريا عام 2023، ونجحت في إنقاذ عشرات المواطنين من تحت الأنقاض، وتناقلت بطولتها مقاطع فيديو صورها كثيرون. وتجد «سلمى» نفسها أمام خيارين إما أن تتابع المواجهة حتى النهاية، وإما أن تختار خلاصها مع عائلتها.

ويشارك في بطولة الفيلم كلٌ من باسم ياخور، وحسين عباس، والفيلم من إخراج جود سعيد الذي يُعدّه نقاد «أحد أهم المخرجين الواعدين في السينما السورية»، بعدما حازت أفلامه جوائز في مهرجانات عدة، على غرار «مطر حمص»، و«بانتظار الخريف».

سُلاف تحتفل بفيلمها في مهرجان القاهرة (القاهرة السينمائي)

قدّمت سُلاف فواخرجي أداءً لافتاً لشخصية «سلمى» التي تنتصر لكرامتها، وتتعرّض لضربٍ مُبرح ضمن مشاهد الفيلم، وتتجاوز ضعفها لتتصدّى لأثرياء الحرب الذين استفادوا على حساب المواطن السوري. وتكشف أحداث الفيلم كثيراً عن معاناة السوريين في حياتهم اليومية، واصطفافهم في طوابير طويلة للحصول على بعضِ السلع الغذائية، وسط دمار المباني جراء الحرب والزلزال.

خلال المؤتمر الصحافي الذي نُظّم عقب عرض الفيلم، تقول سُلاف فواخرجي، إنه من الصّعب أن ينفصل الفنان عن الإنسان، وإنّ أحلام «سلمى» البسيطة في البيت والأسرة والكرامة باتت أحلاماً كبيرة وصعبة. مؤكدة أن هذا الأمر ليس موجوداً في سوريا فقط، بل في كثيرٍ من المجتمعات، حيث باتت تُسرق أحلام الإنسان وذكرياته. لافتة إلى أنها واحدة من فريق كبير في الفيلم عمل بشغف لتقديم هذه القصة. وأضافت أنها «ممثلة شغوفة بالسينما وتحب المشاركة في أعمال قوية»، مشيرة إلى أن «شخصية (سلمى) تُشبهها في بعض الصّفات، وأن المرأة تظل كائناً عظيماً».

من جانبه، قال المخرج جود سعيد، إن هذا الفيلم كان صعباً في مرحلة المونتاج، خصوصاً في ظل غياب عبد اللطيف عبد الحميد الذي وصفه بـ«الحاضر الغائب».

مشيراً إلى أن قصة «سلمى» تُمثّل الكرامة، «وبعد العشرية السّوداء لم يبقَ للسوريين سوى الكرامة، ومن دونها لن نستطيع أن نقف مجدداً»، وأن الفيلم يطرح إعادة بناء الهوية السورية على أساسٍ مختلفٍ، أوّله كرامة الفرد. ولفت المخرج السوري إلى أن شهادته مجروحة في أداء بطلة الفيلم لأنه من المغرمين بأدائها.

الفنان السوري باسم ياخور أحد أبطال فيلم «سلمى» (القاهرة السينمائي)

ووصف الناقد الأردني، رسمي محاسنة، الفيلم بـ«الجريء» لطرحه ما يقع على المسالمين من ظلمٍ في أي مكان بالعالم؛ مؤكداً على أن كرامة الإنسان والوطن تستحق أن يُجازف المرء من أجلها بأمور كثيرة، وتابع: «لذا لاحظنا رفض (سلمى) بطلة الفيلم، أن تكون بوقاً لشخصية تمثّل نموذجاً للفساد والفاسدين رغم كل الضغوط».

وأوضح رسمي محاسنة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الفيلم قدّم شخصياته على خلفية الحرب، عبر نماذج إنسانية متباينة، من بينها تُجار الحرب الذين استغلوا ظروف المجتمع، ومن بقي مُحتفّظاً بإنسانيته ووطنيته، قائلاً إن «السيناريو كُتب بشكل دقيق، وعلى الرغم من دورانه حول شخصية مركزية فإن المونتاج حافظ على إيقاع الشخصيات الأخرى، وكذلك الإيقاع العام للفيلم الذي لم نشعر لدى متابعته بالملل أو بالرتابة».

سُلاف والمخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد في لقطة من الفيلم (القاهرة السينمائي)

وأشاد محاسنة بنهاية الفيلم مؤكداً أن «المشهد الختامي لم يجنح نحو الميلودراما، بل اختار نهاية قوية. كما جاء الفيلم دقيقاً في تصوير البيئة السورية»؛ مشيراً إلى أن «المخرج جود سعيد استطاع أن يُخرِج أفضل ما لدى أبطاله من أداء، فقدموا شخصيات الفيلم بأبعادها النفسية. كما وفُّق في إدارته للمجاميع».

واختتم محاسنة قائلاً: «تُدهشنا السينما السورية باستمرار، وتقدّم أجيالاً جديدة مثل جود سعيد الذي يتطوّر بشكل ممتاز، وفي رأيي هو مكسبٌ للسينما العربية».