مدرسة أميركية تزرع «شجرة القمر» ببذور حلّقت في الفضاء

وُضعت حبال ملوّنة حولها لإظهار الحجم الضخم المتوقَّع لها

«شجرة القمر» على الأرض (أ.ب)
«شجرة القمر» على الأرض (أ.ب)
TT

مدرسة أميركية تزرع «شجرة القمر» ببذور حلّقت في الفضاء

«شجرة القمر» على الأرض (أ.ب)
«شجرة القمر» على الأرض (أ.ب)

على وَقْع تهليل أولاد يرتدون بزّات فضائية وقمصاناً رياضية مرصَّعة بالنجوم، زُرعت شجرة في كاليفورنيا من خارج هذا العالم. فقد زُرِعت «شجرة القمر»، كما أُطلق عليها، ببذور طارت حول القمر، ثم وُضعت على عربة شحن برفقة تلاميذ يحملون مجارف للمساعدة في حفر موطنها الجديد بمدرسة «سانتياغو ستيم ماغنيت» الابتدائية في مدينة ليك فورست.

ووفق «أسوشيتد برس»، كانت المدرسة، البالغ عدد تلاميذها نحو 500، من بين مجموعة وقع عليها الاختيار للحصول على فسيلة سيكويا عملاقة وُضعت بذورها على متن رحلة «أرتميس 1» الفضائية التي نظّمتها وكالة «ناسا» عام 2022.

وقالت إيميلي أغيس، تلميذة بالصف السادس شاركت في احتفال الترحيب بالشجرة: «الأمر جنونيّ بشكل ما. لطالما أردتُ الذهاب إلى الفضاء، وهذا يحفّزني على القيام بذلك».

على وَقْع التهليل جرت المهمّة (أ.ب)

تُعدّ هذه المرّة الثانية التي ترسل فيها «ناسا» بذوراً إلى الفضاء، ثم تعيدها من أجل زراعتها. فقد حمل رائد فضاء في رحلة «أبولو 14» عام 1971، والذي كان رجل إطفاء سابق في هيئة الغابات الأميركية، بذوراً زُرِعت لاحقاً لتكون بذلك الجيل الأول من «أشجار القمر» المزروعة في ولايات ممتدّة من ألاباما حتى واشنطن.

وفي وقت وُزِّعت فيه كثير من تلك الفسائل والنباتات على معالم أثرية وطنية، قُدِّمت هذه الدفعة الأخيرة إلى مدارس ومتاحف؛ من أجل تعزيز العلم، والتوعية بالحفاظ على البيئة، والمساعدة في تقريب الفضاء إلى الأرض.

وقال كبير مؤلّفي الروايات في مختبر الدفع النفاث، التابع لـ«ناسا»، بول بروبستر: «مُبهج وجذاب التواصل مع الجيل القادم من المستكشفين»، موضحاً أنه من غير المعروف ما إذا كان السفر إلى الفضاء له تأثير في كيفية نمو النباتات، والعلماء يواصلون دراسة هذا الموضوع.

الجيل القادم من المستكشفين (أ.ب)

وفي عام 2022، أطلقت «ناسا» و«هيئة الغابات الأميركية» نحو 2000 بذرة من 5 أنواع من الأشجار على سفينة الفضاء «أوريون» التي لا تحمل بشراً، فذهبت إلى محيط القمر، وقضت نحو 4 أسابيع تتحرّك في الفضاء. وبعودتها إلى الأرض، زُرعت البذور لتصبح فسائل من شجر الجمّيز، والعنبر الدماع، وتنوب دوغلاس الصنوبرية، والصنوبر، والسيكويا العملاقة، التي يمكن مشاركتها مع العامة.

ووُزّعت نحو 150 فسيلة، في بداية العام، ومن المتوقّع توزيع دفعة أخرى خلال الخريف الحالي. وقد زرعت مدرسة «سانتياغو» الحكومية المتخصّصة للعلوم والتكنولوجيا، شجرتها في حديقة خارجية تشبه الفضاء، زُيّنت بأحجار ملوّنة زخرفها التلامذة. وسيوفر اتحاد الآباء والمعلّمين فيها خدمات رعاية تطوّعية لـ«شجرة القمر»، التي من المتوقَّع أن تنمو لتزداد طولاً بشكل كبير على مدى عقود، وسط بستان من أشجار الأوكالبتوس (الكافور) التي تظلّ حرم المدرسة في جنوب كاليفورنيا.

ووُضعت حبال ملوّنة بشكل دوائر على الأرض لإظهار الحجم الضخم المتوقَّع للشجرة بعد 50 عاماً من الآن، وربما 500. وقالت ليز غيبسون، وهي أمٌّ لـ3 أبناء في المدرسة، والتي ترأست الاحتفال: «ستنمو (شجرة القمر) مع الأطفال».


مقالات ذات صلة

«المشتري»... كوكب بلا سطح ويتسع لأكثر من 1000 أرض بداخله

يوميات الشرق صورة تخيلية لمركبة «أوروبا كليبر» وهي تحلق بالقرب من قمر «المشتري - أوروبا» (ناسا - رويترز)

«المشتري»... كوكب بلا سطح ويتسع لأكثر من 1000 أرض بداخله

قال بنيامين رولستون الأستاذ المساعد في الفيزياء بجامعة كلاركسون الأميركية، إنه لا توجد لكوكب «المشتري» أرض صلبة ولا سطح مثل العشب أو التراب الذي نطأه على الأرض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الصين تُخطِّط لِما لا يُنسى (أرشيفية - أ.ب)

للبيع في الصين... تذكرتان لاختبار انعدام جاذبية الفضاء

طَرحت شركة صينية للبيع تذكرتين لرحلة فضائية تجارية من المزمع تسييرها عام 2027... ما ثمنهما؟

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق محطة الفضاء الدولية (أ.ب)

تأجيل عودة طاقم بمحطة الفضاء الدولية منذ مارس بسبب الظروف الجوية

تأجلت عودة أفراد الطاقم الموجودين على متن محطة الفضاء الدولية منذ مارس (آذار) بسبب الظروف الجوية السيئة، وفقاً لما ذكرته وكالة «ناسا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم القمر العملاق خلف لافتة أثرية أعلى مبنى سكني في وسط مدينة كانساس سيتي بولاية ميسوري (أ.ب)

قمر الصياد العملاق يضوي سماء العالم... ماذا نعرف عنه؟

سيظهر أقرب قمر عملاق لهذا العام قريباً وكبيراً ومشرقاً في سماء الخريف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الكرملين في العاصمة الروسية موسكو (رويترز)

الكرملين ينفي تأخر برنامجه الفضائي غداة تحقيق «سبايس إكس» سابقة عالمية

نفى الكرملين اليوم الاثنين أن يكون برنامجه الفضائي متأخرا بعد أن نجحت شركة سبايس إكس الأميركية للمرة الأولى عالميا في إعادة طبقة تعزيز صاروخية إلى منصة الإطلاق.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«رفعت عيني للسما» يبدأ رحلته التجارية بدور العرض المصرية

الملصق الدعائي للفيلم  (حساب المخرج على فيسبوك)
الملصق الدعائي للفيلم (حساب المخرج على فيسبوك)
TT

«رفعت عيني للسما» يبدأ رحلته التجارية بدور العرض المصرية

الملصق الدعائي للفيلم  (حساب المخرج على فيسبوك)
الملصق الدعائي للفيلم (حساب المخرج على فيسبوك)

بعد تتويجه بجائزة «العين الذهبية» في مهرجان كان السينمائي، وفوزه أخيراً بجائزة «نجمة الجونة» لأفضل فيلم وثائقي «مناصفة»، وحصول مخرجيه ندى رياض وأيمن الأمير على جائزة مجلة «فارايتي» الأميركية لأفضل موهبة عربية، ومشاركته في مهرجانات دولية من بينها «شيكاغو» الأميركي، بدأ الفيلم الوثائقي المصري «رفعت عيني للسما» المعنون بالإنجليزية «The Brink Of Dreams» رحلته في دور العرض بمصر، حيث يعرض في 20 من دور العرض بالقاهرة والإسكندرية والأقصر وبنها والجونة بالبحر الأحمر، في واقعة غير مسبوقة لفيلم وثائقي، ويعد الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين مصر وفرنسا والدنمارك والسعودية وقطر.

يتتبع الفيلم رحلة مجموعة من الفتيات بقرية «برشا» في صعيد مصر لتأسيس فرقة مسرحية وعرض مسرحياتهن في شوارع القرية لطرح قضايا تؤرقهن، مثل الزواج المبكر والعنف الأسري وتعليم الفتيات، ويواجهن رفض مجتمعهن، بل ويصفهن البعض بالخروج عن الأدب، ويتعرضن لمضايقات من رواد العروض الذين يسخرون منهن.

يعرض الفيلم الذي جرى تصويره على مدى 4 سنوات لوقائع حقيقية، وتنتقل الكاميرات بين الشوارع والبيوت الفقيرة التي يعشن فيها، وأسطح المنازل اللاتي يقمن بعقد اجتماعات الفرقة بها، والتدريب على العروض التي تتسم بالجرأة وتنتقد المجتمع الصعيدي في تعامله مع المرأة، وحاز الفيلم إشادات نقدية واسعة من نقاد عرب وأجانب.

وتصدر الملصق الدعائي للفيلم صور بطلات الفرقة «ماجدة مسعود، وهايدي سامح، ومونيكا يوسف، ومارينا سمير، ومريم نصار، وليديا نصر مؤسسة الفرقة»، وهن صاحبات هذه المبادرة اللاتي بدأنها قبل 10 سنوات، ولفت نشاطهن نظر المخرجين ندى رياض وأيمن الأمير، فقررا توثيق رحلتهن بعدما لاحظا إصراراً من البنات على مواصلة عروضهن.

وحول عرض الفيلم في هذا العدد الكبير من دور العرض ومدى ما يعكسه ذلك كونه فيلماً وثائقياً يقول المخرج أيمن الأمير لـ«الشرق الأوسط»: «الفيلم يحكي قصة وينقل مشاعر، ويعبر عن شخصيات بغض النظر عن نوعه، وهناك جمهور أحبه وتأثر وهو يشاهده، والتقينا به في عروض حضرتها البنات بطلات الفيلم، وقد التف الجمهور يتحدث معهن ويطمئن على أخبارهن، وهذا بالنسبة لي النجاح، وأن تتصدر بنات من الصعيد بطولة فيلم ويعرض فيلمهن بجوار أفلام لنجوم معروفة؛ فهذا بالنسبة لي هو النجاح بعينه».

مخرجا الفيلم الزوجان أيمن الأمير وندى رياض (حساب المخرج على فيسبوك)

وقد تغيرت أحوال بطلاته وبدأن بشق طريقهن الفني، فقد جاءت ماجدة وهايدي إلى القاهرة؛ الأولى لدراسة التمثيل، والثانية لدراسة الرقص المعاصر، فيما طرحت مونيكا 3 أغنيات على مواقع الأغاني المعروفة، من بينها أغنيتها التي تؤديها بالفيلم «سيبوا الهوى لصحابه».

تقول ماجدة لـ«الشرق الأوسط»: «الأوضاع تغيرت تماماً، قبل ذلك كان الناس في قريتنا يرفضون ما قمنا به وكانوا يقولون (عيب أن تتكلموا في قضايا النساء)، ويتهموننا بتحريض البنات على عدم الزواج، لكن بعد الفيلم اختلفت الصورة تماماً، وأقام أخي بعد عودتنا من (كان) احتفالاً كبيراً، والقرية كلها أقامت احتفالاً لاستقبالنا عند عودتنا، وبدأت الأسر ترسل بناتها للانضمام للفرقة، لقد كان الفيلم أكبر حدث تحقق لنا، وقدمنا عروضاً بالشارع خلال مهرجان (كان)، وكانت مصحوبة بترجمة فرنسية، وفوجئنا بالفرنسيات ينضممن لنا ويصفقن معنا».

ماجدة مسعود تتمنى أن تمثل في السينما والمسرح (حساب المخرج على فيسبوك)

وتضيف ماجدة أنه «قبل الفيلم كنا نكتفي بالتمثيل في شوارع القرية وما حولها وما زلنا نواصل ذلك، لكن الآن أصبح لدينا أمل، ليس فقط في مناقشة قضايانا، بل لأن نشق طريقنا في الفن، وقد بدأت منذ عام دراسة المسرح الاجتماعي في (الجيزويت) لأنني أتمنى أن أكون ممثلة في السينما والمسرح».

لكن هايدي التي انضمت للفرقة عام 2016 وجدت تشجيعاً من والدها في الواقع مثلما ظهر بالفيلم يشجعها ويدفعها للاستمرار والتعلم والدراسة، وقد شعرت بالحزن لوفاته عقب تصوير الفيلم، كما شجعتها أيضاً والدتها دميانة نصار بطلة فيلم «ريش»، كانت هايدي تحلم بدراسة الباليه، لكن لأن عمرها 22 عاماً فقد أصبح من الصعب تعلمه، وقد جاءت للقاهرة لتعلم الرقص المعاصر وتتمنى أن تجمع بين الرقص والتمثيل، مؤكدة أن الموهبة ليست كافية ولا بد من اكتساب الخبرة.

هايدي اتجهت لدراسة الرقص المعاصر (حساب المخرج على فيسبوك)

وتلفت هايدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تكاليف الورش التي يتعلمن بها كبيرة وفوق قدراتهن، آملة الحصول على منحة للدراسة لاستكمال طريقهن».

ووفقاً للناقد خالد محمود، فإن الفيلم يعد تجربة مهمة لخصوصية قصته وما يطرحه؛ كونه يخترق منطقة في صعيد مصر ويناقش فكرة كيف يتحرر الإنسان ويدافع عن أحلامه، أياً كانت ظروف المجتمع حوله، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أتمنى أن يكون الشق التوثيقي للفيلم أفضل من ذلك وأن يحمل رؤية فنية أعمق، وأرى أن المشهد الأخير بالفيلم هو أهم مشاهده سينمائياً، حيث تتسلم البنات الصغيرات الراية من الكبار ويقلدهن ويقدمن مسرح شارع مثلهن، ما يؤكد أن فرقة (برشا) تركت تأثيراً على الجيل الجديد».

ويشير محمود إلى أنه «من المهم عرض هذه النوعية من الأفلام في دور العرض كنوع من التغيير لثقافة سينمائية سائدة»، مؤكداً أن عرضها يمكن أن يبني جسوراً مع الجمهور العادي وبالتالي تشجع صناع الأفلام على تقديمها، مثلما تشجع الموزعين على قبول عرضها دون خوف من عدم تحقيقها لإيرادات.