عمر كمال يُعيد الجدل حول «تحريم أموال الفنانين»

مؤدّي المهرجانات طلب فتوى... ومشايخ قدموا آراء متباينة

عمر كمال أثار الجدل بالحديث عن أموال الفن (حسابه على «فيسبوك»)
عمر كمال أثار الجدل بالحديث عن أموال الفن (حسابه على «فيسبوك»)
TT

عمر كمال يُعيد الجدل حول «تحريم أموال الفنانين»

عمر كمال أثار الجدل بالحديث عن أموال الفن (حسابه على «فيسبوك»)
عمر كمال أثار الجدل بالحديث عن أموال الفن (حسابه على «فيسبوك»)

أعاد مؤدي المهرجانات عمر كمال الجدل حول «تحريم أموال الفنانين» في مقطع فيديو بثّه على حسابه على «فيسبوك»، معرباً عن غضبه من حديث الناس حول تحريم أمواله التي يحصل عليها من الغناء وعدم تقبّل تصدّقه منها.

وطلب عمر كمال في مقطع الفيديو الذي سجّله بعد عودته من جولة في الولايات المتحدة الأميركية، أحيا خلالها حفلات عدّة، أن يحصل على ردٍّ من أي شخص في الأزهر الشريف لحسم الأمر، متطرقاً لسعيه من أجل مساعدة الآخرين.

رسالة عمر كمال وجدت تفاعلاً بين بعض المشايخ، من بينهم الشيخ مظهر شاهين، الذي تحدث عن أن «الغناء ليس حراماً، بل الأموال التي تحصل عليها من فيديوهات بها راقصات عاريات يكون بها شبهة الحرام»، مشيراً إلى أن «الغناء في حد ذاته ليس حراماً، لكن الأمر يتوقف على معاني الكلمات والتصوير المصاحب للأغنية؛ فإذا كانت الكلمات عادية وتصويرها خالياً من الرقص العاري كانت حلالاً».

وأكد أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمة في تصريحات تلفزيونية أن القاعدة في الفقه الإسلامي أن الأعمال الفنية «حسنها حسن وقبيحها قبيح»، مؤكداً أن «الدين يدعو لفعل الخير». في حين قال الدكتور أسامة قابيل، أحد علماء الأزهر الشريف، في تصريحات متلفزة أيضاً: «إن الله وحده العليم بقلوب العباد ونياتهم»، مشيراً إلى «ضرورة التعامل بإيجابية مع نيات الأشخاص الراغبين في مساعدة غيرهم».

عمر كمال (حسابه على «فيسبوك»)

ويفسّر الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن تصريحات المؤدي الشاب بوصفها جزءاً من سعيه نحو جذب الانتباه إليه بتصريحات يعرف أنها ستجذب الانتباه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر لم يكن يستحق الخروج بمقطع فيديو لطلب ردٍّ من الأزهر، الذي يعرف جميع المصريين مكانه ويمكنهم التواصل مع مشايخه عبر أرقام هواتف معلنة وواضحة لطلب الفتوى، وكذلك دار الإفتاء المصرية». لافتاً إلى أن الأزهر غير معنيٍّ بالرد على ما يثار عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أفراد لم يسعوا للتواصل معه بشكل حقيقي.

رأي تدعمه الناقدة ماجدة موريس، التي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن التصريحات بمثابة «مناورة كاذبة»، وأرجعت ذلك إلى أن «أي شخص عندما يقوم بفعل شيء يجب أن يكون مقتنعاً به خصوصاً إذا كان غير مجبر عليه»، لافتة إلى أن «عمر كمال إذا كان لديه قناعة بأن الفن حرام فيجب عليه ألا يعمل به، وعليه أن يتركه».

وأضافت أن «فكرة حديثه عن التصدّق بأموال الفن ومساعدة من حوله تعكس رغبته في محاولة كسب شريحة من الجمهور وإرضائهم»، منتقدة الطريقة التي تحدث بها عن الفن والأموال التي يحصل عليها الفنان مقابل قيامه بعمله.

عمر كمال خلال أدائه العمرة (حسابه على «فيسبوك»)

وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها عمر كمال الجدل حول الفن وتحريمه، مع تأكيده في تصريحات سابقة رفض والدته المنتقبة، التي ظهرت برفقته في مناسبات عدّة، دعمه ومساعدته لها، وعدم قبولها أداء العمرة من الأموال التي يكسبها من الغناء.

يشير عبد الرحمن إلى «تراجع شعبية مؤدي المهرجانات مقارنة ببداية ظهوره، الأمر الذي ينطبق على زملائه أيضاً الذين عرفهم الجمهور بأغاني المهرجانات»، لافتاً إلى أن «عدداً محدوداً منهم لا يزال قادراً على تقديم أغانٍ جديدة تجذب الانتباه، في حين يفضل آخرون الحديث عبر مواقع التواصل لإثارة الجدل».


مقالات ذات صلة

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يوميات الشرق لها في كل بيتٍ صورة... فيروز أيقونة لبنان بلغت التسعين وما شاخت (الشرق الأوسط)

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يُضاف إلى ألقاب فيروز لقب «سيّدة الصمت». هي الأقلّ كلاماً والأكثر غناءً. لكنها عندما حكت، عبّرت عن حكمةٍ بسيطة وفلسفة غير متفلسفة.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص «حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

في الحلقة الثالثة والأخيرة، نلقي الضوء على نشوء «حزب الفيروزيين» في لبنان وسوريا، وكيف تحول صوت فيروز إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة وعشق يصل إلى حد الهوَس أحياناً.

محمود الزيباوي (بيروت)
خاص فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيما يأتي الحلقة الثانية من أضوائنا على المرحلة الأولى من صعود فيروز الفني، لمناسبة الاحتفال بعامها التسعين.

محمود الزيباوي (بيروت)
يوميات الشرق فيروز في صورة غير مؤرّخة من أيام الصبا (أرشيف محمود الزيباوي)

فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

منذ سنوات، تحوّل الاحتفال بعيد ميلاد فيروز إلى تقليد راسخ يتجدّد يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تنشغل وسائل الإعلام بمختلف فروعها بهذه المناسبة، بالتزامن

محمود الزيباوي ( بيروت)
خاص فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

عشية عيدها الـ90 تلقي «الشرق الأوسط» بعض الأضواء غير المعروفة على تلك الصبية الخجولة والمجهولة التي كانت تدعى نهاد وديع حداد قبل أن يعرفها الناس باسم فيروز.

محمود الزيباوي (بيروت)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.