لوحات شيخ الخطاطين تزيّن «بيت السناري» في القاهرة

محمود إبراهيم كتب شارتي فيلمي «عمر المختار» و«الرسالة»

معرض شيخ الخطاطين محمود إبراهيم سلامة (مكتبة الإسكندرية - بيت السناري)
معرض شيخ الخطاطين محمود إبراهيم سلامة (مكتبة الإسكندرية - بيت السناري)
TT

لوحات شيخ الخطاطين تزيّن «بيت السناري» في القاهرة

معرض شيخ الخطاطين محمود إبراهيم سلامة (مكتبة الإسكندرية - بيت السناري)
معرض شيخ الخطاطين محمود إبراهيم سلامة (مكتبة الإسكندرية - بيت السناري)

أكثر من 30 لوحةً تضمنت تنويعات من الخطوط العربية لفنان الخط العربي المصري الراحل محمود إبراهيم سلامة، الذي اشتهر بلقب «شيخ الخطاطين» تصدرت معرضاً استعادياً لأعماله مع حلول الذكرى السابعة لرحيله في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2017.

ويعدُّ الفنان الراحل محمود إبراهيم من رواد الخط العربي في القرن العشرين، فهو مواليد 1919 بمحافظة الشرقية (شرق الدلتا)، وتخرج في مدرسة تحسين الخطوط الملكية عام 1939، وحصل على تكريم من الملك فاروق، ثم حصل على دبلوم الزخرفة والتذهيب.

الفنان الراحل كتب مانشيتات الصحف وشارات أفلام شهيرة (مكتبة الإسكندرية - بيت السناري)

وتضمن المعرض الذي أقيم في المركز الثقافي ببيت السناري التابع لمكتبة الإسكندرية، مجموعةً من أعمال الفنان الراحل التي تشهد على تاريخه الطويل والتجديد والإبداع في لوحات الخط العربي، سواء اللوحات الزخرفية أو في مانشيتات الصحف أو شارات الأفلام السينمائية الشهيرة التي كتبها بخط مميز مثل «الرسالة» و«عمر المختار».

وتضمن المعرض نماذج من لوحات تتضمن آيات قرآنية كتبها الراحل بطريقة فنية وزخرفية مميزة، إلى جانب نماذج من القرآن الكريم، حيث كتب «شيخ الخطاطين» المصحف كاملاً بخط النسخ وبخط الثلث.

الفنان الراحل كتب المصحف الكبير بخط الثلث (بيت السناري بالقاهرة)

وحاز الفنان الراحل على العديد من الجوائز، وأشاد به الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خلال تأسيس جريدة «الجمهورية» التي صدرت رخصتها باسم الرئيس، وكان لمحمود إبراهيم السبق في كتابة المانشتات المهمة في أحداث كبرى مرت بها مصر خلال عمله رئيساً لقسم الخط في جريدة «الجمهورية».

وقال محسن عبد الفتاح، مدير إدارة بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سابقاً، من أسرة الخطاط الراحل وهو منسق المعرض أن «هذا المعرض يضم العديد من عناصر إبداع شيخ الخطاطين في مجالات مختلفة وبخطوط وزخراف فنية متنوعة».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «فكرة المعرض جاءت من رغبة أسرة شيخ الخطاطين في تقديم بعض لوحات الخط العربي المميزة ومصحف مخطوط لمكتبة الإسكندرية كنوع من الحفظ لأعمال رواد الخط العربي، فقدمت مصحفاً كاملاً بخط النسخ مقاس 50 في 35، إضافة إلى كتب ومراجع في فنون الخط العربي من النادر أن نجدها اليوم».

الفنان الراحل محمود إبراهيم سلامة (أسرة الفنان )

وتابع: «بعد قبول المكتبة لهذه الفكرة وتنفيذها تم إعداد ملتقى وندوة عن شيخ الخطاطين في مكتبة الإسكندرية، العام الماضي، وكان متميزاً للغاية، ثم فكرنا في تنظيم الندوة والمعرض هذا العام في القاهرة في الذكرى السابعة لرحيل شيخ الخطاطين، وتم الاتفاق على إقامة الندوة والمعرض ببيت السناري من 6 أكتوبر (تشرين الأول) وحتى اليوم (الجمعة)».

من أعمال الفنان الراحل محمود إبراهيم (مكتبة الإسكندرية - بيت السناري)

حرصت أسرة «شيخ الخطاطين» أن تعرض في كل مناسبة لوحات جديدة، لأن الفنان الراحل كان حريصاً دائماً على تنمية موهبته بكل أنواع الخطوط: النسخ والرقعة والديواني والفارسي والثلث، وكان متخصصاً ومحباً بشكل خاص لخط الثلث، وكذلك كان متخصصاً في التذهيب وفي الفنون الإسلامية، وفق منسق المعرض.

المعرض شهد جمهوراً من جنسيات مختلفة (مكتبة الإسكندرية - بيت السناري)

وأشار عبد الفتاح إلى أن الأسرة حرصت على تقديم نماذج للمصاحف التي كتبها الراحل، منها مصحف بخط النسخ بطريقة مشرقية، وآخر بطريقة مغربية، ثم صفحة وحيدة موجودة في مصر بخط الثلث لمصحف طوله متر في 70، وهي مساحة كبيرة لم يحدث أن كتب بها خطاط منذ عصر المماليك. وكان شيخ الخطاطين على علاقة طيبة مع الشيخ سلطان القاسمي، حاكم الشارقة، ووهبه المصحف السادس الذي كتبه بخط الثلث، وفق منسق المعرض.

لوحات محمود إبراهيم تتميز بالقيمة الفنية العالية (بيت السناري بالقاهرة)

وأوضح أن الأسرة حريصةٌ من حين إلى آخر على إقامة معارض وندوات حول أعمال شيخ الخطاطين الذي عاش لما يربو عن مائة عام، وفق التقويم الهجري الذي كان يسير عليه.

وقدم شيخ الخطاطين 7 أجزاء من سلسلة مبسطة بعنوان «تعلم الخط العربي»، لتسمح للنشء والشباب ومن يرغب في تعلم فنون الخط العربي.


مقالات ذات صلة

مصر لإعادة توظيف المباني التاريخية بطريقة عصرية

يوميات الشرق عرض لإحياء مدرج غرناطة وقصر السلطانة ملك بمصر الجديدة (الجهاز القومي للتنسيق الحضاري)

مصر لإعادة توظيف المباني التاريخية بطريقة عصرية

تحت عنوان «حياة جديدة لتراث قديم: توجّهات معاصرة لإعادة توظيف المباني التاريخية في مصر»، افتُتح معرض يستهدف إعادة إحياء المباني التاريخية وتوظيفها بطرق عصرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق «أصدقاء مع الرماد» عمل فني للقمان (الشرق الأوسط)

معرض جديد للفنان جلال لقمان بعنوان «ما لم تأكله النار»

يقيم الفنان التشكيلي الإماراتي جلال لقمان تحت عنوان «ما لم تأكله النار» في «غاليري آرت إن سبيس» بدبي، في الفترة من 31 أكتوبر حتى 18 نوفمبر، معرضه الفردي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
يوميات الشرق المأساة في نظرة (الشرق الأوسط)

العراقية هناء مال الله تكشف وجوه الأطفال المموَّهة في غزة

تتفنّن هناء مال الله في إعادة إنتاج آثار الحريق حدَّ أنّ مَن يقف أمام أعمالها السابقة يشمّ رائحة الشواء. وهي تسعى وراء جماليات النار وما تتركه على الورق.

«الشرق الأوسط» (عمّان)
يوميات الشرق امرأة تنظر إلى لوحة «الذئبة» للفنان الأمريكي جاكسون بولوك (أ.ف.ب)

مسيرة «جاكسون بولوك» بمتحف بيكاسو في باريس

يقدم متحف بيكاسو في باريس بدءاً من الثلاثاء معرضاً مخصصاً للسنوات الأولى للرسام الأميركي جاكسون بولوك (1912-1956) التي تميزت بتأثير بابلو بيكاسو.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المفارقة بين الظاهر والمخفي في عمل لدانية الصالح من المعرض (الفنانة)

أصداء الزمن... القصص الكامنة في قلب الصحراء تمد جسورها للواقع

قامت الفنانتان دانية الصالح وسوزان كريمان بمرافقة البعثة الألمانية في رحلة عمل بمدينة تيماء السعودية، ثم قُدّمت نتائج تلك التجربة في معرض فني بالرياض.

عبير مشخص (لندن)

معرض جديد للفنان جلال لقمان بعنوان «ما لم تأكله النار»

«أصدقاء مع الرماد» عمل فني للقمان (الشرق الأوسط)
«أصدقاء مع الرماد» عمل فني للقمان (الشرق الأوسط)
TT

معرض جديد للفنان جلال لقمان بعنوان «ما لم تأكله النار»

«أصدقاء مع الرماد» عمل فني للقمان (الشرق الأوسط)
«أصدقاء مع الرماد» عمل فني للقمان (الشرق الأوسط)

يقيم الفنان التشكيلي الإماراتي جلال لقمان، تحت عنوان «ما لم تأكله النار» في «غاليري آرت إن سبيس» بدبي، في الفترة من 31 أكتوبر (تشرين الأول) حتى 18 نوفمبر (تشرين الثاني)، معرضه الفردي الأول بعد الحريق المؤسف الذي أصاب أعماله المخزونة في مستودعه الخاص، وأتى على ما أنجزه الفنان من أعمال فنية طوال أكثر من 34 عاماً، كان يعُدُّ خلالها رائد الفن الرقمي وأول فنان تشكيلي رقمي في دولة الإمارات.

الفنان التشكيلي جلال لقمان (الشرق الأوسط)

وأشار الفنان التشكيلي جلال لقمان إلى أهمية أن يخوض الفنان كما كل إنسان، تجارب الحياة بحلوها ومرّها، مؤمناً بقضاء الله المقدّر له، ومستكشفاً الفرص السانحة في التحديات التي تفرضها عليه الظروف والمفاجآت، وخاصةً إذا كانت بفعل عوامل خارجة عن إرادته مثل النيران التي أتت على كل ما أنجزه طوال 3 عقود ونصف عقد من مسيرته الفنية.

وتابع لقمان: «كلُّ عمل من أعمال المعرض يعني لي الكثير كونه يحمل رسالة قيامة الحياة من رحم الموت، وانبعاث الأمل كما طائر العنقاء من الرماد، وخاصة عمل كلمة (القيّوم بعد النار)، وهو العمل الأول الذي فكّرت أن أعيد إنتاجه بعد احتراق منحوتته الأصلية، والذي لوّنته بالأحمر، وشكّلته، كما الأعمال الجديدة الأخرى، على ما أنا مقتنعٌ به من علاقة بناء وصمود وثبات بالمعدن والحديد الخرساني والمسامير والقضبان المعدنية، كعلامة قوة ضد النار والفناء».

«وردة»... عمل فني (الشرق الأوسط)

وختم الفنان لقمان بالقول: «عمل كلمة (الله) لم أستطع للأسف أن أعيد تشكيله لأنه ذاب وانصهر بشكل لم يعد من الممكن إعادة العمل عليه، لذا جمعت بقايا الألمنيوم الذائب وكوّنت منها مجموعة من المنحوتات المتوسطة الحجم والصغيرة لتكون ضمن المجموعة المعروضة، إلى جانب بعض الأعمال القديمة التي نجت من النيران وعددها 4 أعمال».

ورغم النيران التي أتت على معظم أعماله الفنية، فإن هذا المعرض يأتي تتويجاً لتجربة الفنان خلال العقود الماضية عبر أكثر من 30 عملاً من الديجيتال والمنحوتات بخامات الحديد والألمنيوم المنصهر بفعل الحريق، إلى جانب 3 أعمال فنية غامرة متعددة الحواس، حيث يدخل المتلقي في عالم الحريق عبر شاشات 360 درجة، ليعيش التجربة الفنية بجميع حواسه، بالإضافة إلى مجموعة من 12 عملاً رسمها الفنان، ثم استعان بالذكاء الاصطناعي للإضافة الجمالية والتقنية عليها وتقديمها بشكل فني مبتكر.

ويتضمن المعرض الفردي للفنان، الذي يجسّد تجربته في الفن التقليدي والرقمي الثابت والمتحرك والفن بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، أعمالاً متنوّعة إلى جانب عمل «القيّوم بعد النار»، وبينها عمل «ماء» بلونه الأزرق، كأنه الانهمار المائي الذي يجمع السماء والماء معاً من بحر ونهر وجداول بلون ومعنى واحد من سورة الأنبياء، الآية الثلاثون: «وجعلنا من الماء كل شيء حي».

«المساعد»... عمل فني (الشرق الأوسط)

أما عمل «سحاب» فتغلب عليه ثيمة ارتفاع قامة الفنان وثباته في وجه النيران، التي أدّت إلى احتراق أعماله الفنية كلها، وما عناه ذلك له من تحوّل وتحدٍّ لعزيمته وإصراره على استكمال مسيرته الفنية، كما سحاب ينهمر ليروي ظمأ الناس إلى الإبداع، بينما يمثّل عمل «وردة» زهرة الدم الحمراء التي تؤاخي النار وتنسجم مع لهيبها المستعر، رغم أنها تناقضها بفعل انزراع وقيامة في باحات الجمال وتربة التكوين الخصبة عبر الجهات الأربع.

ويجسّد عمل «جنين بقلب كبير» فعل الولادة المتجددة بفكر خلاق منفتح على الاحتمالات المتناقضة من خير وشر وولادة وموت وظلام ونور، مع تركيزه على حقيقة أن في داخل كلِّ فنان طفلاً يتعلق بالحياة ويحبّها، مهما عاندته وآلمته، بينما يثير عمل «برد» بلونه الأزرق تساؤل المتلقي بين اسمه والشعور به فكأنّ جلال لقمان يحاول توثيق لحظة الموت والاحتراق بشكلها البهي المسالم، ونزوعها الفني إلى الشعور ببرودة موت الأحياء، لا الأشياء والأجساد، لا الأرواح التي تبقى لتجعلنا أكثر تعلقاً بالذاكرة والذكريات التي تركتها خلفها.

ويذكر أنّ الفنان جلال لقمان، منذ ما يقارب 3 عقود ونصف عقد من الزمن، افتتح عهداً جديداً مغايراً في مسيرة الفن التشكيلي الإماراتي، مخلصاً لتقنيات الرسم وقيمه الفنية القديمة، ولكن عاملاً على تقديمها إلى جمهور معاصر مختلف، بتقنيات الكمبيوتر والرقمية، حيث مارس لعبة الإبداع الفني إلى أقصى حدوده، مستقرئاً الخامات المتعددة، معدناً وحجراً وخشباً، وقماشاً وورقاً وألواناً. كما كان عبر برنامج التدريب الفني السنوي «رحلة جلال لقمان» الذي أطلقه عام 2008، مرشداً لفنانين ناشئين أصحاب تجارب إبداعية كثيرة، إماراتيين وعرباً وأجانب، عمل معهم بلا كلل ولا ملل، في رحلاته إلى الطبيعة الإماراتية والفضاءات المفتوحة، عاملاً على زرع تقنياته الفنية وقيمه ومُثُله الأخلاقية فيهم.

كما عدّد جلال لقمان خلال مسيرته الفنية الحافلة، أنماط عمله التشكيلي والمفاهيمي بالوسائط والخامات المتعددة، من اللوحات والمنحوتات والأعمال التركيبية والمجسمات، بآفاق فنية شاسعة، وطموح إبداعي يحوّل الخشب والألمنيوم والزجاج والفولاذ المجلفن إلى أدوات تعبيرية ذات قيمة جمالية فنية عالية، في محاولة تجسيد الفنان للعاطفة الخام التي تعتمل فيه، ولا يستطيع أن يأسرها ببعدين اثنين، كما في اللوحة.