«حي القاهرة للفنون» ينفتح على الذكاء الاصطناعي مازجاً التاريخ بالمعاصر

100 مبدع من العالم يشاركون في مهرجان يكتشف القصص

مؤسِّسة مهرجان «حي القاهرة للفنون» نادين عبد الغفار (إدارة المهرجان)
مؤسِّسة مهرجان «حي القاهرة للفنون» نادين عبد الغفار (إدارة المهرجان)
TT

«حي القاهرة للفنون» ينفتح على الذكاء الاصطناعي مازجاً التاريخ بالمعاصر

مؤسِّسة مهرجان «حي القاهرة للفنون» نادين عبد الغفار (إدارة المهرجان)
مؤسِّسة مهرجان «حي القاهرة للفنون» نادين عبد الغفار (إدارة المهرجان)

من وسط القاهرة الخديوية، وتحديداً في شارع وميدان رائد الاقتصاد المصري طلعت حرب، انطلق مهرجان «حي القاهرة الدولي للفنون- CIAD»، مازجاً بين التاريخ والفنون المعاصرة، ومنفتحاً على الذكاء الاصطناعي للمرّة الأولى، بمشاركة 100 مبدع عربي وأجنبي في دورته الرابعة من 10 إلى 30 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

يكتشف المهرجان القصص غير المروية، والأماكن الخفيّة في المدينة، معبِّراً عنها في لوحات تشكيلية وأعمال فوتوغرافية ومنحوتات وأفلام، وكذلك الأزياء والسجاد وأعمال مُركّبة، مُنفتحاً هذا العام على أعمال فنّية اعتمدت على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

الحدث الذي تقيمه مؤسّسة «آرت دي إيجبت»، يتعاون مع مفوّضية شؤون اللاجئين وهيئة الأمم المتحدة للمرأة لاستخدام الفنّ منصةً لمعالجة القضايا الإنسانية الحرجة، واستطاع أن يجتذب أعداداً كبيرة من الفنّانين والجماهير لتنوّع أعماله التي تعبّر عن مختلف الاتجاهات الفنّية.

وقالت مديرة مؤسّسة «آرت دي إيجبت»، نادين عبد الغفار، إنّ «المهرجان في دورته الرابعة يضمّ أكثر من 100 فنان أغلبهم من المصريين»، وأبدت سعادتها بالحضور في «وسط البلد» بما يحمله من ماضٍ عريق وحاضر نابض بالحياة، ليكون مكاناً يجمع الناس من مختلف الأعمار والأطياف، وفق قولها. مضيفةً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «هذه الدورة تشهد للمرّة الأولى مشاركة اثنين من فناني الذكاء الاصطناعي؛ هما الأميركي من أصل مصري حسن رجب، والفنان السعودي خالد زاهر».

كما أشارت إلى تجربة فنّية فريدة تتمثّل في مشاركة 4 فنانين من المصريين والأجانب في تصميم لوحات على السجاد بالتعاون مع مؤسّسة «الكحّال»، مؤكدةً حرص المهرجان على تقديم كل الفنون، فالفنّ ليس فقط لوحات تشكيلية، وإنما يشمل الفوتوغرافيا و«الفيديو آرت» وتصميم الملابس التي يقدّمها «نيجادا» في المعرض لملابس تراثية من محافظة الفيوم.

كذلك لفتت إلى مشاركة فنانات سودانيات بسرد قصصهن عبر أعمال تحاكي معاناتهن خلال الحرب، مؤكدة أنه «للمرّة الأولى، تُطلق مبادرة دائرة المصمّمين الهادفة إلى تعزيز التعاون بين الفنّانين والمهندسين المعماريين لتحرير خيالهم ورعاية المواهب الإبداعية».

واعتاد المهرجان في كل دورة الاحتفاء بشخصية أو رمز من التاريخ المصري القديم تشكّل تيمته، فاختار هذا العام «الجعران»؛ ليقدّمه كل فنان بخياله وما يستوحيه منه.

لوحة بتقنية الذكاء الاصطناعي للفنان حسن خضر (إدارة المهرجان)

وفي سياق متصل، قدّم الفنان المصري الأميركي حسن رجب 3 لوحات بتقنيات الذكاء الاصطناعي تجمع بين الأهرامات والوجوه المصرية السمراء، إحداها يحمل فيها عمّالٌ مصريون الأهرامات، وفي الثانية يقفون وسطها، وفي الثالثة يعطونها ظهورهم. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «الأعمال الثلاثة تعبّر عن مواقف مختلفة، وقد اخترتُ الهرم كونه رمزاً مصرياً لا يختلف عليه أحد. لا أريد فَرْض رؤيتي على الجمهور، وإنما أفضّل تَرْك حرية قراءة اللوحة لهم، وأحياناً أكتشف أنهم يضيئون على أفكار لم ترد في ذهني»، مؤكداً أنه استخدم في لوحاته صوراً من الذكاء الاصطناعي مع وسائل تقنية أخرى مثل «الفوتوشوب» وغيرها.

وشاركت بثينة الكحّال، ابنة الفنانة رغدة، بصفتها مديرة فنّية لمؤسّسة والدها عبد الله الكحّال، بتقديم 6 سجاجيد لوحاتٍ فنيةً نفّذتها عبر تصاميم لفنانين مصريين ممن شاركوا العام الماضي في هذا المهرجان. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «درستُ تصميم الأزياء في لندن، ولكن من المهم رعاية العمل الخاص بعائلتي، وتكمن مهمتي في مراقبة جودة الخامة والتنفيذ».

لوحات للفنانة هبة طارق من وحي القاهرة (إدارة المهرجان)

بدورها، قدّمت 19 فنانة سودانية يُقمن في القاهرة أعمالاً تروي معاناتهن من الحرب، عبر لوحات تشكيلية ورسم على حقائب مدرسية حملنها معهن عند النزوح، وقد رسمت بعضهن الدماء والقنابل فوق الحقائب.

ويستكشف «حي القاهرة الدولي للفنون» الدور المهمّ للفنانين في توثيق المشهد، ويحتفي بالعلاقة الديناميكية بينهم وبين بيئاتهم، وفق الفنان المصري محمد بنوي الذي أشار إلى أنّ «(حي القاهرة الدولي للفنون) يتطوّر كل عام؛ وهو مبادرة مهمّة تُبرز أعمال الفنّانين المعاصرين وأفكارهم ورؤيتهم، كما أنّ عرضها في منطقة وسط البلد يُكسبها ثقلاً فنياً وأبعاداً مختلفة».

ويُقام المهرجان في مسرح وسينما راديو «الفاكتوري» و«أكسس آرت سبيس» في شارع طلعت حرب وسط القاهرة.


مقالات ذات صلة

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» الذي جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، وتلعب بطولته الفنانة سلاف فواخرجي.

انتصار دردير (القاهرة)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
TT

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

كل 10 دقائق تُقتل امرأةٌ عمداً في هذا العالم، على يد شريكها أو أحد أفراد عائلتها. هذا ليس عنواناً جذّاباً لمسلسل جريمة على «نتفليكس»، بل هي أرقام عام 2023، التي نشرتها «هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة» عشيّة اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يحلّ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام.

ليس هذا تاريخاً للاحتفال، إنما للتذكير بأنّ ثلثَ نساء العالم يتعرّضن للعنف الجسدي، على الأقل مرة واحدة خلال حياتهنّ، وذلك دائماً وفق أرقام الهيئة الأمميّة. وفي 2023، قضت 51100 امرأة جرّاء التعنيف من قبل زوجٍ أو أبٍ أو شقيق.

كل 10 دقائق تُقتَل امرأة على يد شريكها أو فرد من عائلتها (الأمم المتحدة)

«نانسي» تخلّت عن كل شيء واختارت نفسها

من بين المعنَّفات مَن نجونَ ليشهدن الحياة وليروين الحكاية. من داخل الملجأ الخاص بمنظّمة «أبعاد» اللبنانية والحاملة لواء حماية النساء من العنف، تفتح كلٌ من «نانسي» و«سهى» و«هناء» قلوبهنّ المجروحة لـ«الشرق الأوسط». يُخفين وجوههنّ وأسماءهنّ الحقيقية، خوفاً من أن يسهل على أزواجهنّ المعنّفين العثور عليهنّ.

جسدُ «نانسي» الذي اعتادَ الضرب منذ الطفولة على يد الوالد، لم يُشفَ من الكدمات بعد الانتقال إلى البيت الزوجيّ في سن الـ17. «هذا التعنيف المزدوج من أبي ثم من زوجي سرق طفولتي وعُمري وصحّتي»، تقول الشابة التي أمضت 4 سنوات في علاقةٍ لم تَذُق منها أي عسل. «حصل الاعتداء الأول بعد أسبوع من الزواج، واستمرّ بشكلٍ شبه يوميّ ولأي سببٍ تافه»، تتابع «نانسي» التي أوت إلى «أبعاد» قبل سنتَين تقريباً.

تخبر أنّ ضرب زوجها لها تَركّزَ على رأسها ورجلَيها، وهي أُدخلت مرّتَين إلى المستشفى بسبب كثافة التعنيف. كما أنها أجهضت مراتٍ عدة جرّاء الضرب والتعب النفسي والحزن. إلا أن ذلك لم يردعه، بل واصل الاعتداء عليها جسدياً ولفظياً.

غالباً ما يبدأ التعنيف بعد فترة قصيرة من الزواج (أ.ف.ب)

«أريد أن أنجوَ بروحي... أريد أن أعيش»، تلك كانت العبارة التي همست بها «نانسي» لنفسها يوم قررت أن تخرج من البيت إلى غير رجعة. كانا قد تعاركا بشدّة وأعاد الكرّة بضربها وإيلامها، أما هي فكان فقد اختمر في ذهنها وجسدها رفضُ هذا العنف.

تروي كيف أنها في الليلة ذاتها، نظرت حولها إلى الأغراض التي ستتركها خلفها، وقررت أن تتخلّى عن كل شيء وتختار نفسها. «خرجتُ ليلاً هاربةً... ركضت بسرعة جنونيّة من دون أن آخذ معي حتى قطعة ملابس». لم تكن على لائحة مَعارفها في بيروت سوى سيدة مسنّة. اتّصلت بها وأخبرتها أنها هاربة في الشوارع، فوضعتها على اتصالٍ بالمؤسسة التي أوتها.

في ملجأ «أبعاد»، لم تعثر «نانسي» على الأمان فحسب، بل تعلّمت أن تتعامل مع الحياة وأن تضع خطة للمستقبل. هي تمضي أيامها في دراسة اللغة الإنجليزية والكومبيوتر وغير ذلك من مهارات، إلى جانب جلسات العلاج النفسي. أما الأهم، وفق ما تقول، فهو «أنني أحمي نفسي منه حتى وإن حاول العثور عليّ».

تقدّم «أبعاد» المأوى والعلاج النفسي ومجموعة من المهارات للنساء المعنّفات (منظمة أبعاد)

«سهى»... من عنف الأب إلى اعتداءات الزوج

تزوّجت «سهى» في سن الـ15. مثل «نانسي»، ظنّت أنها بذلك ستجد الخلاص من والدٍ معنّف، إلا أنها لاقت المصير ذاته في المنزل الزوجيّ. لم يكَدْ ينقضي بعض شهورٍ على ارتباطها به، حتى انهال زوجها عليها ضرباً. أما السبب فكان اكتشافها أنه يخونها واعتراضها على الأمر.

انضمّ إلى الزوج والدُه وشقيقه، فتناوبَ رجال العائلة على ضرب «سهى» وأولادها. نالت هي النصيب الأكبر من الاعتداءات وأُدخلت المستشفى مراتٍ عدة.

أصعبُ من الضرب والألم، كانت تلك اللحظة التي قررت فيها مغادرة البيت بعد 10 سنوات على زواجها. «كان من الصعب جداً أن أخرج وأترك أولادي خلفي وقد شعرت بالذنب تجاههم، لكنّي وصلت إلى مرحلةٍ لم أعد قادرة فيها على الاحتمال، لا جسدياً ولا نفسياً»، تبوح السيّدة العشرينيّة.

منذ شهرَين، وفي ليلةٍ كان قد خرج فيها الزوج من البيت، هربت «سهى» والدموع تنهمر من عينَيها على أطفالها الثلاثة، الذين تركتهم لمصيرٍ مجهول ولم تعرف عنهم شيئاً منذ ذلك الحين. اليوم، هي تحاول أن تجد طريقاً إليهم بمساعدة «أبعاد»، «الجمعيّة التي تمنحني الأمان والجهوزيّة النفسية كي أكون قوية عندما أخرج من هنا»، على ما تقول.

في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة تحث الأمم المتحدة على التضامن النسائي لفضح المعنّفين (الأمم المتحدة)

«هناء» هربت مع طفلَيها

بين «هناء» ورفيقتَيها في الملجأ، «نانسي» و«سهى»، فرقٌ كبير؛ أولاً هي لم تتعرّض للعنف في بيت أبيها، ثم إنها تزوّجت في الـ26 وليس في سنٍ مبكرة. لكنّ المشترك بينهنّ، الزوج المعنّف الذي خانها وضربها على مدى 15 سنة. كما شاركت في الضرب ابنتاه من زواجه الأول، واللتان كانتا تعتديان على هناء وطفلَيها حتى في الأماكن العامة.

«اشتدّ عنفه في الفترة الأخيرة وهو كان يتركنا من دون طعام ويغادر البيت»، تروي «هناء». في تلك الآونة، كانت تتلقّى استشاراتٍ نفسية في أحد المستوصفات، وقد أرشدتها المعالجة إلى مؤسسة «أبعاد».

«بعد ليلة عنيفة تعرّضنا فيها للضرب المبرّح، تركت البيت مع ولديّ. لم أكن أريد أن أنقذ نفسي بقدر ما كنت أريد أن أنقذهما». لجأت السيّدة الأربعينية إلى «أبعاد»، وهي رغم تهديدات زوجها ومحاولاته الحثيثة للوصول إليها والطفلَين، تتماسك لتوجّه نصيحة إلى كل امرأة معنّفة: «امشي ولا تنظري خلفك. كلّما سكتّي عن الضرب، كلّما زاد الضرب».

باستطاعة النساء المعنّفات اللاجئات إلى «أبعاد» أن يجلبن أطفالهنّ معهنّ (منظمة أبعاد)

«حتى السلاح لا يعيدها إلى المعنّف»

لا توفّر «أبعاد» طريقةً لتقديم الحماية للنساء اللاجئات إليها. تؤكّد غيدا عناني، مؤسِسة المنظّمة ومديرتها، أن لا شيء يُرغم المرأة على العودة إلى الرجل المعنّف، بعد أن تكون قد أوت إلى «أبعاد». وتضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»: «مهما تكن الضغوط، وحتى تهديد السلاح، لا يجعلنا نعيد السيّدة المعنّفة إلى بيتها رغم إرادتها. أما النزاعات الزوجيّة فتُحلّ لدى الجهات القضائية».

توضح عناني أنّ مراكز «أبعاد»، المفتوحة منها والمغلقة (الملاجئ)، تشرّع أبوابها لخدمة النساء المعنّفات وتقدّم حزمة رعاية شاملة لهنّ؛ من الإرشاد الاجتماعي، إلى الدعم النفسي، وتطوير المهارات من أجل تعزيز فرص العمل، وصولاً إلى خدمات الطب الشرعي، وليس انتهاءً بالإيواء.

كما تصبّ المنظمة تركيزها على ابتكار حلول طويلة الأمد، كالعثور على وظيفة، واستئجار منزل، أو تأسيس عملٍ خاص، وذلك بعد الخروج إلى الحياة من جديد، وفق ما تشرح عناني.

النساء المعنّفات بحاجة إلى خطط طويلة الأمد تساعدهنّ في العودة للحياة الطبيعية (رويترز)

أما أبرز التحديات التي تواجهها المنظّمة حالياً، ومن خلالها النساء عموماً، فهي انعكاسات الحرب الدائرة في لبنان. يحلّ اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في وقتٍ «تتضاعف فيه احتمالات تعرّض النساء للعنف بسبب الاكتظاظ في مراكز إيواء النازحين، وانهيار منظومة المساءلة». وتضيف عناني أنّ «المعتدي يشعر بأنه من الأسهل عليه الاعتداء لأن ما من محاسبة، كما أنه يصعب على النساء الوصول إلى الموارد التي تحميهنّ كالشرطة والجمعيات الأهليّة».

وممّا يزيد من هشاشة أوضاع النساء كذلك، أن الأولويّة لديهنّ تصبح لتخطّي الحرب وليس لتخطّي العنف الذي تتعرّضن له، على غرار ما حصل مع إحدى النازحات من الجنوب اللبناني؛ التي لم تمُت جرّاء غارة إسرائيلية، بل قضت برصاصة في الرأس وجّهها إليها زوجها.