بهدف استقرارهم في البلاد... كيف تحاول البرتغال جذب الشباب دون 35 عاماً؟

رجل يمرّ أمام البرلمان البرتغالي في لشبونة (أ.ف.ب)
رجل يمرّ أمام البرلمان البرتغالي في لشبونة (أ.ف.ب)
TT

بهدف استقرارهم في البلاد... كيف تحاول البرتغال جذب الشباب دون 35 عاماً؟

رجل يمرّ أمام البرلمان البرتغالي في لشبونة (أ.ف.ب)
رجل يمرّ أمام البرلمان البرتغالي في لشبونة (أ.ف.ب)

تعتزم الحكومة البرتغالية خفض الضرائب المفروضة على الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 35 عاماً أو أقل، في محاولة لثني الشباب عن الهجرة وتشجيع الأجانب على الاستقرار في البلاد، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وبصفته جزءاً من الميزانية التي قُدمت إلى البرلمان، الخميس، تهدف حكومة يمين الوسط برئاسة رئيس الوزراء لويس مونتينيغرو إلى خفض ضريبة الدخل على الشباب.

ويدفع الأشخاص الذين يتقاضون راتباً متوسطاً يقل قليلاً عن 20 ألف يورو (16700 جنيه إسترليني) حالياً معدل ضريبة بنسبة 26 في المائة على الأموال التي يكسبونها أكثر من 16 ألفاً و500 يورو.

وبموجب خطة الحكومة، فإن الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 35 عاماً أو أقل والذين يكسبون ما يصل إلى 28 ألف يورو (23400 جنيه إسترليني) لن يدفعوا أي ضرائب على الإطلاق في السنة الأولى. ثم يزداد العبء الضريبي تدريجياً على مدى عشر سنوات. وتنطبق هذه التدابير أيضاً على الأجانب.

في السنوات الأخيرة، توافد الأجانب على البرتغال، منجذبين بإيجاراتها المعقولة وطقسها المعتدل وجمالها الطبيعي.

في العاصمة لشبونة ومنطقة الغارف الجنوبية، ارتفع عدد ما يسمى «البدو الرقميين». وقد دفعت رواتبهم العالية الإيجارات إلى الارتفاع بشكل كبير؛ مما أدى إلى عدم تحمل تكلفتها من قِبل البرتغاليين المحليين.

تعدّ الرواتب المنخفضة في البرتغال أيضاً مشكلة. يبلغ الحد الأدنى للأجور الشهرية 870 يورو (727 جنيهاً إسترلينياً)، وعند 1640 يورو، يعدّ متوسط ​​الراتب الشهري واحداً من أدنى المعدلات في أوروبا.

نتيجة لذلك؛ يختار الكثير من الشباب المغادرة بشكل روتيني. يعيش نحو 30 في المائة من البرتغاليين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و39 عاماً - نحو 850 ألف شخص - الآن في الخارج، وفقاً لبيانات مرصد الهجرة في البلاد.

وكان رئيس الوزراء قد وعد في وقت سابق بأن حكومته سوف «تمنح الشباب المستقبل الذي يستحقونه».

وقال: «نحن في حاجة إلى الشباب البرتغاليين للاستفادة من مهاراتهم في المشروعات... والعمل من أجل البلاد».

وأوضحت وزيرة الشباب، مارغاريدا بالسيرو لوبيز، لوسائل الإعلام البرتغالية أنه في حين أن الإجراء له تكلفة مالية عالية، فإن «التكلفة التي تتحملها البلاد بسبب الفرار والمغادرة والهجرة، أعلى بشكل لا يقارن من التكلفة المادية لهذه الخطة».

لكن جواو المقيم في لشبونة لا يعتقد أن الخطة الجديدة ستفعل أي شيء للشباب. وقال إن الحكومة يجب أن تركز بدلاً من ذلك على السياسات التي تعالج ارتفاع تكلفة الإسكان.

وقال لـ«بي بي سي»: «يبدو أن الحكومة الحالية عازمة على زيادة التفاوت في هذا البلد»، مضيفاً أن السلطات «تساعد الأجانب الأثرياء الذين لا يحتاجون بشكل واقعي إلى أي حوافز أخرى للقدوم إلى هنا».


مقالات ذات صلة

من بينها الشاورما والفلافل... إليكم أفضل الساندويتشات حول العالم

سفر وسياحة رجل يقطع اللحم من سيخ الشاورما (رويترز)

من بينها الشاورما والفلافل... إليكم أفضل الساندويتشات حول العالم

هل هناك طعام أكثر تواضعاً من الساندويتش؟ نادراً ما توجد دولة في العالم لا تلجأ إلى هذا النوع من الطعام؛ إما لسهولة أكله أو لطعمه اللذيذ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
سفر وسياحة مجموعات من لبنان وخارجه تقصد قصرنبا للمشاركة بقطاف الورد ( إنستغرام)

قصرنبا اللبنانية... بلدة بقاعية تعبق برائحة الورود

تشتهر بلدة قصرنبا البقاعية بمروج الزهور التي تغطي مساحات كبيرة من أراضيها. فأهل هذه القرية ينشغلون في فصل الربيع بقطاف الورد.

فيفيان حداد (بيروت)
سفر وسياحة رحلات مائية في أورلاندو (نيويورك تايمز)

كيف تُمضي أجمل 36 ساعة في أورلاندو بفلوريدا؟

تعني الرحلة إلى وسط فلوريدا لمعظم الزائرين، زيارة أحد المتنزهات الترفيهية، بما في ذلك «والت ديزني وورلد»، و«يونيفرسال ستوديوز فلوريدا»

إيلين داسبين (فلوريدا)
أوروبا تتمتع إسبانيا بأماكن سياحية جاذبة حتى لتصوير الأعمال السينمائية (إ.ب.أ)

إسبانيا: مخاوف من زيادة عدد السائحين وسط توقعات باستقبال 100 مليون سائح هذا العام

قال وزير الاقتصاد الإسباني كارلوس كويربو إن بلاده قد تستقبل هذا العام ما يصل إلى 100 مليون سائح، وفقاً لبعض التقديرات.

«الشرق الأوسط» (مدريد )
خاص جانب من زوار فعاليات «موسم الرياض» (واس)

خاص السياحة السعودية... ركيزة اقتصادية جديدة تُوازي النفط بحلول 2030

تستهدف السعودية جعل القطاع السياحي رافداً رئيسياً للناتج المحلي الإجمالي، ليصبح بمنزلة النفط في دعم الاقتصاد الوطني بحلول عام 2030، عبر رفع مساهمته إلى 10%.

آيات نور (الرياض)

مؤثرات أجنبيات يوثقن تجربة العيش في الرياض... بين الأمان والانبهار

الأوكرانية داشا نشرت هذه الصورة قائلة: هل تعرفون هذا المكان؟ إنها الرياض الجميلة (إنستغرام)
الأوكرانية داشا نشرت هذه الصورة قائلة: هل تعرفون هذا المكان؟ إنها الرياض الجميلة (إنستغرام)
TT

مؤثرات أجنبيات يوثقن تجربة العيش في الرياض... بين الأمان والانبهار

الأوكرانية داشا نشرت هذه الصورة قائلة: هل تعرفون هذا المكان؟ إنها الرياض الجميلة (إنستغرام)
الأوكرانية داشا نشرت هذه الصورة قائلة: هل تعرفون هذا المكان؟ إنها الرياض الجميلة (إنستغرام)

«أنا في السعودية، أكثر بلدان العالم أمناً...» بهذه الجملة العفوية اختصرت صانعة المحتوى الأوكرانية «داشا» شعوراً مشتركاً بين آلاف الأجانب المقيمين بالعاصمة السعودية الرياض، حيث ظهرت في أحد المقاطع وهي تخرج من منزلها دون أن تغلق الباب، في إشارة تلقائية إلى شعورها بالأمان في الرياض، بعيداً عن القوالب النمطية التي لطالما أحاطت بصورة العيش في المنطقة.

هذا المقطع ليس استثناءً، فخلال السنوات الأخيرة برزت فئة جديدة من المؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يُصنّفون ضمن ما يُعرف بـ«مؤثري أسلوب حياة المغتربين» (Expat Lifestyle Influencers)، يوثقون تفاصيل تجربتهم في الرياض، ويعيدون رسم صورة المدينة من الداخل، بلغة الحياة اليومية لا بلغة الإعلانات.

من أبرزهم داشا، الفتاة الأوكرانية التي يتابعها أكثر من 73 ألف شخص على حسابها في «إنستغرام»، حيث تنشر مقاطع يومية من شوارع الرياض ومقاهيها وسكانها، وتُظهر كيف يمكن لحياة الاغتراب أن تكون غنية ومليئة باللحظات الآمنة والجميلة، في محتوى يمزج بين العفوية والانبهار، ويعكس نظرة مقيمة وجدت في العاصمة السعودية ما لم تكن تتوقعه.

 

الأوكرانية داشا تحرص على توثيق تجاربها المتنوعة مع مطاعم مدينة الرياض (إنستغرام)

متعة السير ليلاً

أما بولينا سادوخ، صانعة المحتوى البولندية المقيمة في الرياض، التي يتابعها أكثر من 71 ألفاً على «إنستغرام»، فصورّت مقطعاً تقول فيه: «أنا أسير في الشارع في أمان تام، والساعة الآن هي الثالثة صباحاً... فقط في السعودية يمكن للفتيات أن يمشين وحدهن في الخارج بعد منتصف الليل من دون أي خوف». وتعكس بولينا في محتواها اهتماماً بالعناية الشخصية والجمال، لكنها لا تنفصل عن البيئة التي تعيش فيها، كما تشارك جمهورها كيف يمكن للمرأة المغتربة أن تجد لنفسها مكاناً آمناً وراقياً وسط العاصمة السعودية، وأبرز وجهات التسوّق والترفيه المتاحة في المدينة.

 

رحلة في الصحراء وثقتها البولندية بولينا عبر حسابها (إنستغرام)

تعلّم اللغة العربية

ومن الجانب الآخر من أوروبا، تبرز داريا سوتس، وهي فتاة أوكرانية يتابعها أكثر من 83 ألف شخص عبر «إنستغرام»، وتُعد من أبرز من يوثقون تجربة المغتربين في السعودية، ليس فقط من زاوية الأماكن، بل من زاوية التأقلم والانتماء. وفي أحد منشوراتها، أشارت داريا إلى أنها بدأت تعلم اللغة العربية، في خطوة تعكس رغبة حقيقية في التفاعل مع الثقافة المحلية، لا بصفتها مقيمة عابرة، بل بصفتها فتاة تسعى إلى فهم محيطها والاندماج فيه.

ومن نصف الكرة الجنوبي، تشارك كيمبرلي، مغتربة من نيوزيلندا، تجربتها اليومية في العاصمة السعودية عبر حسابها الذي يتابعه أكثر من 14 ألف شخص، والذي تقدّم فيه محتوى عملياً يستهدف الوافدين الجدد، حيث تتناول الحياة داخل المجمعات السكنية، وأنماط اللباس، وخيارات الترفيه، والمواقف اليومية. وتضع نفسها في مكان «المغتربة الجديدة»، وتساعد جمهورها على تجاوز صدمة الانتقال الأولى، وترى في السعودية بلداً غنياً بالتجارب وفرص الاستقرار.

 

⁨الأوكرانية داريا مع عائلتها في صحراء الرياض الفسيحة عبر حسابها (إنستغرام)⁩

اندماج ثقافي

ورغم اختلاف اللهجات والبلدان والاهتمامات، فإن هؤلاء المؤثرين يشتركون في خطاب رقمي ناعم، يبني جسوراً إنسانية بين الرياض والعالم، حيث لا يُجمّلون الواقع، بل يوثقونه كما هو: مدينة تفتح أبوابها، وتتغير بسرعة، وتحتوي قصصاً تستحق أن تُروى.

كما أن المحتوى الذي يقدمه هؤلاء المؤثرون لا يركّز فقط على الحياة اليومية والسكن والعمل، بل إن ما يلفت النظر هو اندماجهم التدريجي مع التفاصيل الثقافية الأصيلة في المجتمع السعودي، ويظهر ذلك في اندهاشهم المتكرر من الأطعمة المحلية، وتجربتهم المتنوعة لتذوق الأكل السعودي، من الكبسة والجريش إلى السليق والمعصوب، ويخصص بعضهم مقاطع كاملة يتحدثون فيها عن حبهم للقهوة السعودية، ليس بصفتها مشروباً فقط، بل إنها رمز للضيافة والانتماء.

كما يوثق كثير منهم رحلات بين كثبان الصحراء، ويُظهرون انبهارهم بجمال الطبيعة الهادئة، وصفاء السماء، وتجربة التخييم على الرمال السعودية. ومن الوجهات التي تتكرر في محتواهم محافظة العلا، التي تمثل لهم رمزاً للتاريخ والجمال الطبيعي والمستقبل السياحي الواعد، ويصفونها غالباً بأنها «أشبه بلوحة مفتوحة على الزمن».

 

البولندية بولينا تعتاد شرب القهوة السعودية وتنشر يومياتها في الرياض عبر حسابها (إنستغرام)

تجارب سعودية

أما تجربة ارتداء «العباية» فتُقدَّم على أنها جزء من اكتشاف المملكة وفهم هويتها، لا كأنها قيد اجتماعي كما يُعتقد في بعض الثقافات، وذكرت إحدى المقيمات أن ارتداء العباية يمنح شعوراً خاصاً بالانغماس في الجو العام، بل وتحاول كثيرات منهن دمجها في إطلالات عصرية تُظهر احترامهن للثقافة دون التخلي عن شخصيتهن. وإلى جانب ذلك، تسجل بعض المقاطع محاولات تعلّم ونطق كلمات عربية، من «السلام عليكم» إلى «شكراً» و«مرحباً»، في وسيلة للتواصل والتعبير عن رغبة حقيقية في التفاعل مع المجتمع المحلي، حتى لو بلفظ مكسّر أو بلكنات ظاهرة، إلا أن المحاولة في ذاتها تعكس تقديراً واحتراماً للبيئة التي يعيشون فيها.

ومع ازدياد عدد الأجانب المقيمين في السعودية، وارتفاع نسبة المهتمين بالانتقال إليها للعمل أو الدراسة، يصبح هذا النوع من المحتوى مؤثراً في تشكيل الانطباع العام عن المملكة، خصوصاً في ظل الانفتاح الاجتماعي والاقتصادي المتسارع الذي تشهده البلاد ضمن «رؤية السعودية 2030». ويمكن القول إنهم ليسوا سفراء رسميين، لكنهم باتوا يمثلون قوة ناعمة جديدة، توصل الرسائل التي قد تعجز عنها الحملات التسويقية المباشرة، من خلف عدسات جوالاتهم، ومن خلال تجربة شخصية صادقة، يرسمون للعالم ملامح الحياة العصرية الزاخرة في مدينة الرياض.