التمارين الخفيفة تساعد في محو ذكريات الخوف

تعزّز نشاط «عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ»

التمارين الرياضية قد تساعد في منع حدوث اضطراب ما بعد الصدمة (مؤسّسة كيسلر)
التمارين الرياضية قد تساعد في منع حدوث اضطراب ما بعد الصدمة (مؤسّسة كيسلر)
TT

التمارين الخفيفة تساعد في محو ذكريات الخوف

التمارين الرياضية قد تساعد في منع حدوث اضطراب ما بعد الصدمة (مؤسّسة كيسلر)
التمارين الرياضية قد تساعد في منع حدوث اضطراب ما بعد الصدمة (مؤسّسة كيسلر)

أظهرت دراسة أجراها باحثون من جامعة «تسوكوبا» اليابانية أنّ ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بانتظام قد تساعد في محو ذكريات الخوف ومنع اضطراب ما بعد الصدمة.

ووفق نتائج الدراسة المنشورة في مجلة «الطب والعلوم في الرياضة والتمارين الرياضية»، تتمثّل إحدى الفرضيات العلمية في أنّ مُركّباً حيوياً يُعرف بـ«عامل التغذية العصبية المشتقّ من الدماغ»، يلعب دوراً حاسماً في القضاء على ذكريات الخوف. ومن المعروف أنّ تأثير التعبير عن هذا المركب في المنطقة المسؤولة عن الذاكرة والتعلم بالدماغ، يتفاقم مع ممارسة التمارين الرياضية المعتادة.

وتشير بحوث حديثة إلى أنّ التمارين الرياضية يمكن أن تساعد في منع اضطراب ما بعد الصدمة وفي علاجه أيضاً. ومع ذلك، فإنّ تأثيرها على أعراض هذا الاضطراب لا تزال غير واضحة.

واضطراب ما بعد الصدمة هو اضطراب عقلي شائع ينجم عن التعرّض للضغوط الشديدة، ويعاني مرضاه غالباً أعراض اكتئاب متزامنة، ويكافحون للحفاظ على روتين ثابت ومستمر للتمرينات الرياضية في مثل هذه الظروف المرضية القاسية.

ووفق باحثي الدراسة: «استخدمنا نموذجاً للتمرين على جهاز المشي لحيوانات التجارب، صُمِّم خصيصاً لتحديد شدّة التمرين بناءً على منحنى اللاكتات».

وأضافوا، في بيان منشور، الجمعة، عبر منصة «ميديكال إكسبريس»: «ساعد هذا النموذج على استكشاف ما إذا كان التمرين المنتظم يمكن أن يمحو ذكريات الخوف، ومعرفة ما إذا كان (عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ) يشارك في هذه العملية أم لا».

ومن المعروف أنه عندما يبذل الجسم مجهوداً معيّناً يستهلك الغلوكوز لإنتاج الطاقة؛ ليتحوّل بعدها الغلوكوز إلى مادة اللاكتات. وتُعدّ نقطة تغير منحنى اللاكتات هي مقياس كثافة التمرين التي يبدأ عندها تركيز هذه المادة في الدم بالزيادة بسرعة.

في هذه التجربة، وُضعت حيوانات التجارب في غرفة، حيث تعرّضت لتحفيز كهربائي خفيف لتحفيز ذكريات الخوف. بعد ذلك، خضعت لتدريب رياضي خفيف لجهة الشدّة لمدة 4 أسابيع.

بعد فترة من التدريب، وُضعت الحيوانات مرة أخرى في الغرفة لملاحظة سلوكها ومقارنته بسلوك الحيوانات الأخرى التي لم تخضع للتدريبات الرياضية. وعادةً ما تُظهر هذه الحيوانات «سلوك التجميد من الصدمة عند الشعور بالخوف».

في البداية، أظهرت جميع الحيوانات سلوك التجميد الناجم عن الخوف، لكنّ الحيوانات التي كانت تمارس الرياضة بانتظام أصبحت أكثر نشاطاً مع الوقت. يشير هذا إلى أنّ التمرين المنتظم سهّل محو ذكريات الخوف.

كما أنه عندما جرى تثبيط إشارات «عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ» في حيوانات التجارب من خلال إعطاء دواء معيّن، اختفت تأثيرات التمرين على محو ذاكرة الخوف؛ مما يشير إلى أنّ إشارات هذا العامل العصبي تشارك في محو ذكريات الخوف عبر ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة.

وتُشدد نتائج الدراسة على أنّ الأعراض النفسية لاضطراب ما بعد الصدمة الناجمة عن التعرُّض للضغوط النفسية الشديدة يمكن تخفيفها من خلال ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل مستمر، عبر تعزيز نشاط «عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ» في المنطقة المسؤولة عن الذاكرة والتعلم بالدماغ.


مقالات ذات صلة

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

يوميات الشرق صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

وجدت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».