«العميل» يكسر روتين الدراما المعرّبة بجرعات «أكشن» مثيرة

يشكّل محطة استراحة للمشاهد بعيداً عن أخبار الحرب

يارا صبري مع فريق العمل (إنستغرام)
يارا صبري مع فريق العمل (إنستغرام)
TT

«العميل» يكسر روتين الدراما المعرّبة بجرعات «أكشن» مثيرة

يارا صبري مع فريق العمل (إنستغرام)
يارا صبري مع فريق العمل (إنستغرام)

شدّ مسلسل «العميل» متابعه منذ حلقاته الأولى، وأدخله عالم الدراما من بابها العريض، فبقي مواظباً على مشاهدته حتى في هذه الأيام الصعبة التي تعصف بلبنان.

يحقق «العميل» على منصة «شاهد» نسبة مشاهدة مرتفعة. ولا يزال منذ بداية عرضه حتى اليوم يحجز المرتبة الأولى. فقد أسهمت حبكة العمل وفريق الممثلين المشاركين فيه، في تحقيق نجاح كبير. ولعلّ تناوله قصة مثيرة يتخلّلها جرعات عالية من الأكشن والتشويق شكّل عامل جذب أساسياً للمشاهد العربي.

أيمن زيدان في لقطة من المسلسل

كسر المسلسل بحبكته الإنسانية والتشويقية معاً إيقاع الدراما العربية الكلاسيكية، وخرج عن نمط الرومانسية التقليدية. طعّم أحداثه بالألغاز والمؤامرات والمفاجآت، فاستطاع أن يخترق جدار الأعمال المملّة رغم تطويلات تتخلله، تفقده أحياناً هذه الميزة.

مجموعة من الممثلين السوريين واللبنانيين يتشاركون في لعب بطولة «العميل». يطلّ فيه أيمن زيدان، وسامر إسماعيل، ويارا صبري، وفادي صبيح، ورشا بلال من سوريا، وعلى المقلب اللبناني يطلّ كلٌ من وسام فارس، وطلال الجردي، وميا سعيد، وعبدو شاهين وهند باز.

لقطة من المسلسل تجمع بين سامر إسماعيل ووسام فارس في دور الأخوين أمير ووسام

تدور قصة المسلسل حول الأخوين أمير ووسام اللذين يفرّقهما القدر منذ الصغر. يكبر أمير ليصبح ضابط شرطة، لكنه ينضم لعصابة كجزء من عملية سرية. بينما أخوه وسام، الذي اختُطف عندما كان طفلاً، يكبر ليصبح جزءاً من العصابة نفسها. ويعمل الأخوان معاً دون معرفة حقيقتيهما، ويتشابك مصيرهما في إطار مثير مليء بالتشويق.

عقدة المسلسل تشدّ مشاهده منذ اللحظة الأولى لمتابعته. وضمن 90 حلقة تم عرض نحو ربعها، نشهد أحداثاً مشوّقة، فتنتهي كل حلقة منه على عقدة جديدة يواجهها أبطال العمل.

«الشرق الأوسط» حاورت بعض أركان العمل اللبنانيين، الذين أجمعوا على أن نجاح المسلسل شكّل مفاجأة بالنسبة لهم. وعدوا ذلك مكافأة لعمل مضنٍ استغرق الجهد والإقامة الطويلة خارج بلدهم. فقد صوّروه على مدى نحو عام كامل، واضطروا إلى أن يبتعدوا عن أوطانهم ومراكز إقامتهم كل هذا الوقت، فعاشوا تجربة مختلفة على الصعيدين الدرامي والحياتي.

ولكن شعورهم بالهجرة اضمحل كما يؤكدون لـ«الشرق الأوسط» بفضل الأجواء العائلية التي ولدت بين فريق العمل.

طلال الجردي يجسد دور مسؤول أمني (إنستغرام)

واجه المسلسل صعوبات كثيرة في أداء مشاهد الأكشن، ورفض أبطاله استبدال «الرجل المجازف» بهم في المشاهد الخطرة. على هذا الموضوع يعلّق طلال الجردي: «تضمن المسلسل مشاهد ترتكز على الأكشن وحركات محفوفة بالمخاطر. وهو ما عرّض غالبية الممثلين المشاركين فيه إلى حوادث مختلفة. بعضهم من كسرت قدمه أو يده أو أصيب بجروح في أنحاء جسده. أنا شخصياً أصبت في أصابع يدي. شغفنا لتقديم المشاهد بأبهى حلّة، دفعنا للقيام بالخطيرة منها شخصياً ومن دون الاستعانة ببديل».

منذ الحلقة الأولى لـ«العميل» يستوقفك حضور أخاذ لأبطاله. فاختيارهم جاء مثالياً لا مجال للتشكيك به. كل ممثل وضع في مكانه المناسب وأدّى دوره على المستوى المطلوب، وغالبية المشاركين رفضوا مشاهدة حلقات نسخته الأصلية بالتركية. فلم يشاءوا أن يـتأثروا بأبطاله الأتراك في مسلسل «في الداخل». كما أن كاتبه السوري رامي كوسا عرف كيف يحوّل النص الأساسي للتركي أرتان كورتولان لما يتلاءم مع المجتمع العربي. فكان حاذقاً بتفعيل مشاعر وردود فعل ومواقف أبطاله بأسلوب يشبهنا. ربط بين أحداث العمل وطبيعة أصحاب الأدوار بشكل سلس ومقنع، فساهم بدوره في تعزيز ركائز النص الدرامي العربي. لكوسا تاريخ طويل في عالم الدراما، ومن أشهر أعماله «النار بالنار» و«أولاد آدم» و«درب السما» وغيرها.

سامر إسماعيل وهند باز في مشهد من «العميل» (إنستغرام)

ويحصد سامر إسماعيل شعبية كبيرة عند اللبنانيين. فهم في هذا العمل تعرّفوا إليه من كثب. فمن تابعه في «كسر عضم» و«أولاد بديعة» انتظروه بفارغ الصبر في عمل جديد. كما أن بعض المشاهدين يعدّونه اليوم النجم الأول من جيل الشباب الأفضل في الدراما السورية.

ويأتي حضور أيمن زيدان في العمل ليُكمل من خلاله مشواراً مرصّعاً بنجاحات جمّة. فأداؤه الاحترافي العالي المستوى يفرض على متابعه الاستمتاع بمشاهدته. لقبه «إمبراطور الدراما السورية» ترجمه في «العميل» مرّة جديدة بفعل تراكم تجاربه في عالمي الإخراج والتمثيل.

رشا بلال وميا سعيد في لقطة من «العميل»

أما الممثلة رشا بلال فيعدّ المشاهد اللبناني مشاركتها في هذا المسلسل صانعة لنجوميتها الحقيقية. تحضر فيه كالنسمة معطّرة بأنوثة بالغة وأداء محترف. فتُحدث إطلالتها عنده ما يشبه لفحة هواء في عز الصيف، تساعده على التقاط أنفاسه لبرهة ضمن عمل تشويقي بامتياز.

ولا بد من التوقف عند طلال الجردي، ووسام فارس، وهند باز. فهم يجسدون أدوارهم ببراعة. فالجردي وصف مشاركته هذه بأنها فرصة لم يرغب بتفويتها، فقدّم دوره بصفته مسؤولاً أمنياً متسلحاً بحضور قوي على الشاشة، في حين جذب فارس المشاهد بعفويته وأدواته التمثيلية التي ترفعه إلى مستوى النجوم الأصيلين. وتأتي هند باز لتسجلّ العودة المدوية لها إلى عالم الدراما بعد غياب. فجاء خيارها مناسباً لرجعة موفقة إلى الساحة.

ولا بدّ من الاعتراف بأن باقي فريق العمل من فادي صبيح ويارا صبري وعبدو شاهين وميا سعيد وغيرهم، شكلوا إضافة للمسلسل. فكانوا بمثابة أعمدته الرئيسية في حبكة اعتمدت عليهم كي تكتمل خيوطها.


مقالات ذات صلة

الضباط المدخنون في الدراما المصرية... «صورة نمطية» هل تغيرها انتقادات السيسي؟

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «الرجل العناب» (يوتيوب)

الضباط المدخنون في الدراما المصرية... «صورة نمطية» هل تغيرها انتقادات السيسي؟

أثارت الانتقادات التي وجهها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للصورة النمطية التي يظهر بها ضباط الشرطة في الدراما، جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق هند صبري وظافر عابدين في مشهد من المسلسل (الشركة المنتجة)

«البحث عن علا 2»... دراما كوميدية تستغل نجاح الجزء الأول

تواصل الفنانة هند صبري تقديم شخصية «علا عبد الصبور» في مسلسل «البحث عن علا 2» الذي أُذيع عبر منصة «نتفليكس» أخيراً، في ست حلقات.

أحمد عدلي (القاهرة )
الوتر السادس عامر متحمسة لإحياء حفلات غنائية (حسابها على {فيسبوك})

أيتن عامر: لن أتوقف عن مهاجمة الرجال في أغنياتي

تستعدّ الفنانة المصرية أيتن عامر لإطلاق أغنيتين جديدتين خلال الفترة المقبلة، بعد «النجاح» الذي حققته أخيراً أغنية «إفراج»

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق فاخوري أول من كتب دراما الـ«سوب أوبرا» (فيسبوك)

شكري أنيس فاخوري لـ«الشرق الأوسط»: هم مترجمو قصص درامية وليسوا مؤلفين

في رأي شكري أنيس فاخوري أن التّكريم يبرهن على حب الناس للمكرَّم فيحفّزه ويعزّز ثقته بنفسه. وصار اسمه اليوم محفوراً في القلوب وفي التاريخ.

فيفيان حداد (بيروت)

«أيام القاهرة للمونودراما» يواجه الاكتئاب ويحتفي بقضايا حواء

تكريم الفنان الفلسطيني غنام غنام (إدارة مهرجان أيام القاهرة للمونودراما)
تكريم الفنان الفلسطيني غنام غنام (إدارة مهرجان أيام القاهرة للمونودراما)
TT

«أيام القاهرة للمونودراما» يواجه الاكتئاب ويحتفي بقضايا حواء

تكريم الفنان الفلسطيني غنام غنام (إدارة مهرجان أيام القاهرة للمونودراما)
تكريم الفنان الفلسطيني غنام غنام (إدارة مهرجان أيام القاهرة للمونودراما)

هيمنت مساندة لبنان وفلسطين في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية على أجواء افتتاح الدورة السابعة من المهرجان الدولي «أيام القاهرة للمونودراما» الذي انطلق، الثلاثاء، على المسرح المكشوف في دار الأوبرا المصرية، وتستمر فعالياته حتى 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

ويُقصد بمسرح «المونودراما» العروض التي تعتمد في قصتها على وجود ممثل واحد فقط، وأكدت الفنانة إلهام شاهين، أبرز المكرمين في حفل الافتتاح، أنها «ليست قادرة على الفرح بشكل طبيعي، ونحن حولنا حروب ودمار، ولكن قلوبنا مع فلسطين الحبيبة، التي لم تعد بمفردها تمرّ بظروف صعبة، وإنما لبنان وسوريا والعراق والسودان وليبيا». مضيفة في كلمتها خلال الحفل: «قلوبنا موجوعة، وأتمنى أن يصل صوتنا للعالم كله، فنحن شعوب تنادي بالسلام، ولا ننادي بالحرب».

ومن المكرمين الآخرين الذين تحدثوا في الافتتاح، الفنان الفلسطيني غنام غنام الذي أكد أن «فلسطين حاضرة في المهرجان منذ اللحظة الأولى، وأن دعمها واجب علينا جميعاً»، وفق تعبيره.

من عرض مونودراما الصندوق (إدارة المهرجان)

وشملت قائمة المكرمين أيضاً الفنان المصري هاني رمزي، والدكتور جبار جودي نقيب الفنانين العراقيين ورئيس دائرة السينما والمسرح في بغداد، فيما تأجل تكريم الفنانة المصرية نيللي، والفنان التونسي منير العرقي إلى حفل ختام المهرجان المقرر السبت المقبل.

ويشارك في الدورة الجديدة من المهرجان 25 عرضاً تعكس مختلف التوجهات والمدارس المسرحية الحديثة، منها العرض السعودي «يوميات رجل مهزوم» من إخراج مطر زايد، واللبناني «قوم يابا» من إخراج قاسم الإسطنبولي، والجزائري «علب» من إخراج خيرة بوعتو، والكويتي «وجود» من إخراج نصار نصار، والإماراتي «قطرة» للمخرج سعيد الهرش، والأردني «رحيل» لإياد الريموني، فضلاً عن عرض «ميديا» من اليونان و«سينبوسيس» من إسبانيا.

وعُرضت في حفل الافتتاح مسرحية «الصندوق» من تأليف وإخراج وتمثيل مريم راضي، وهي مشروع تخرّجها في أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية، قسم تمثيل. ويناقش العمل أزمة المرض النفسي في بعض المجتمعات العربية التي لا تزال تُنظر إليه بوصفه «وصمة عار» و«سبة مجتمعية»، حيث يدعو العرض إلى التعاطف مع المرضى النفسيين وتفهم حالتهم.

تكريم الفنان هاني رمزي (إدارة المهرجان)

كما عُرضت أيضاً مسرحية «ودارت الأيام» التي ترصد أزمة منتصف العمر في نسختها النسائية من خلال زوجة تكتشف عند موت زوجها أنه خدعها وتزوج عليها سراً، وأن جميع تضحياتها على مدار سنوات حياتها الزوجية ذهبت أدراج الرياح، والمسرحية من إخراج فادي فوكيه، وتمثيل وفاء الحكيم.

وتضمّ اللجنة العليا للمهرجان في عضويتها الفنانين: صفية العمري، ولطفي لبيب، وأحمد وفيق، ولقاء الخميسي، وإيهاب فهمي، في حين تتكون لجنة تحكيم المسابقة العامة للمهرجان من الفنان المصري محسن منصور، مدير فرقة المسرح الحديث، والكاتبة السعودية الدكتورة ملحة عبد الله، والدكتور عامر صباح المرزوق، أستاذ الفنون في جامعة بابل العراقية.

بوستر مهرجان «أيام القاهرة للمونودراما» (إدارة المهرجان)

وتقدم الدكتورة ملحة عبد الله الملقبة بـ«عميدة المسرح السعودي» تعريفها الخاص لمسرح المونودراما قائلة إنه «محاكاة لفعل درامي محدّد له طول معين تقوم به شخصية واحدة يقدمها ممثل واحد، وهو يستعرض أزمة الشخصية تجاه نفسها أو تجاه الآخرين من خلال المناجاة مع الذات».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «للمونودراما وظيفة هامة وهي وظيفة المسرح بشكل عام، التي نجدها في النظريات القديمة عند أرسطو، وهي التّطهر؛ أي إحلال المتلقي نفسه مكان البطل، ومن ثمّ يشعر بالراحة العميقة في أنه على أرض الواقع وبعيد عن الخيال، حيث لم يتورط في أزمة البطل حرفياً».

وتابعت: «المتلقي طيلة العرض يتعرض لما أسميه بـ(الانزلاق الوجداني) والتسرب الانفعالي عبر تماهيه الشديد مع الشخصية والحدث على نحو يجعله يتقلّب بين اللذة والكدر، ويمر بمجموعة من التوترات، وهنا تُفرَّغ الطاقة السلبية وشحنة التوتر، فتُحقن رسالة العمل النبيلة والإنسانية تحت جلد المتفرج بشكل غير مباشر».