حفل الأوركسترا السعودي في لندن... احتفاء بالوطن وأرجائه

بمشاركة الجوقة الملكية الفلهارمونية البريطانية

TT

حفل الأوركسترا السعودي في لندن... احتفاء بالوطن وأرجائه

الأوركسترا الملكي البريطاني (هيئة الموسيقى)
الأوركسترا الملكي البريطاني (هيئة الموسيقى)

سرت الأنغام السعودية الآتية من قلب الجزيرة العربية في أرجاء إحدى أعرق قاعات لندن، وهي «سنترال ويستمنستر هول» لتطوف بالحاضرين، حاملةً معها روائح الوطن لتُنعشهم، وتجعلهم يتمايلون تارةً، ويرددون خلف الكورال تارةً أخرى، وفي كل الأحوال أعادتهم إلى ذكريات الأهل والأحباب وسهرات الليالي الطيبة.

أداء تراثي من أرجاء المملكة (هيئة الموسيقى)

استمر عرض الأوركسترا الوطني السعودي في أولى حفلاته ببريطانيا لمدة زادت على الساعتين، قدم خلالها مزيجاً ممتعاً من أغاني كبار المطربين في السعودية، ومُزجت أحياناً بنغمات غربية قدمها الأوركسترا الفلهارموني البريطاني، وجمَّلتها لحظات من الرقص الشعبي قدمته فرق «هيئة المسرح والفنون الأدائية».

انطلق الحفل بكلمة من الرئيس التنفيذي لـ«هيئة الموسيقى»، باول باسيفيكو، تحدث فيها عن النجاحات التي حققتها المشارَكات السابقة لـ«روائع الأوركسترا السعودي» في العواصم العالمية. وأشار باسيفيكو إلى أن «روائع الأوركسترا السعودي» من إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع، إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة، وبكوادر سعودية مؤهلة، ومدرَّبة على أعلى مستوى.

الكورال السعودي مع عازفي الأوركسترا الملكي البريطاني (هيئة الموسيقى)

بعدها بدا لائقاً أن يبدأ الحفل بكلمات الشاعر بدر بن عبد المحسن وأغنية فنان العرب محمد عبده: «أنا من هالأرض... أمي الصحراء... ‏احتضنتني رمالها... وارتويت بطُهرها... أطعمتني تمرها... وفرشت لي ظلالها»، وأدَّاها الكورال الوطني السعودي بمشاركة 50 شاباً وشابة، ومع صعود فرق الأداء المصاحبة على خشبة المسرح اكتمل السحر الذي أخذ بألباب الجمهور.

وقدمت الفرقة بعد ذلك أغنية «حنا طلبنا الله»، وهي من الفن التراثي السعودي، وصاحبها أداء ينبعاوي من المنطقة الغربية أرسل نفحات من سواحل البحر الأحمر إلى القاعة في لندن، تلتها أغنية «اسمحيلي يالغرام» لمحمد عبده مع «أداء السامري»، وهو فن جماعي من المنطقتين الوسطى والشرقية يؤديه الرجال والنساء جلوساً.

راقصون يقدمون فاصلاً من الفن الينبعاوي التراثي (هيئة الموسيقى)

كان موفقاً اختيار الأداء الراقص مع كل أغنية، فقد جلب كثيراً من البهجة إلى القاعة، وتضافر مع الغناء والموسيقى وتصفيق الجمهور، ليحوِّل الليلة إلى احتفاء بالوطن وأرجائه. تنوع الأداء بين «السامري» و«الينبعاوي» و«سامر وادي الدواسر» وفن «الربش»، وهو فن غنائي يؤديه الرجال والنساء بالزي التقليدي لمنطقة جازان، جنوب المملكة. وهو أيضاً ما جسده عرض أغنية «سعوديون» الذي تضمن فلكلور عدد من مناطق المملكة؛ من شمالها، وجنوبها وشرقها وغربها.

غير أن مفاجأة الحفل جاءت مع أغنية «عديت في مرقب»، وهي من التراث السعودي. انطلقت الأغنية بمصاحبة رقصة تراثية، ثم تحولت النغمات فجأة إلى الطابع الغربي. وتنفرد مغنية من الكورال بأداء بديع لأغنية أديل «رولينغ إن ذا ديب»، لتسحر الحاضرين بعمق وجمال صوتها وتمكُّنها من أغنية صعبة الأداء.

يمكن القول إن الفقرة جمعت السعودية وبريطانيا بمنتهى البراعة، وكانت من اللحظات التي سيتذكرها كل من حضر الحفل.

جانب من جمهور الحفل (هيئة الموسيقى)

المزج بين الموسيقى السعودية والموسيقى البريطانية استمر في الفقرة الثانية من الحفل مع عزف الأوركسترا الملكي البريطاني عدداً من الألحان العالمية لكبار الموسيقيين العالميين مثل إلغار وهاندل. بعدها قدمت مغنية الأوبرا سارة كونولي أداءً رفيعاً من «أوبرا زرقاء اليمامة،» وهي أول أوبرا سعودية رافقها أداء من فن «الهجيني»، وهو أحد الفنون الشعبية الغنائية الشهيرة في مناطق شمال المملكة العربية السعودية.

في الفقرة الثانية اشترك الأوركسترا والكورال السعودي مع الأوركسترا الملكي الفلهارموني البريطاني في تقديم تشكيلة من أجمل الأغاني السعودية التي أطلقت حناجر الحاضرين بالغناء، وجعلتهم يلوحون بأضواء أجهزة الهاتف متمايلين مع النغمات.

أما ختام الحفل فكان جرعة مركَّزة من الفرح والطرب والأداء الراقص؛ إذ انتشرت الفرق الأدائية بين الصفوف بأزيائها الملوَّنة في الصالات السفلى والعليا في أداء مبهج تجاوب مع أغنية «عاشقينك» للفنان راشد الماجد.

حفل «روائع الأوركسترا السعودي» في لندن كان المحطةَ الرابعة في سلسلة الجولات العالمية للأوركسترا والكورال الوطني السعودي، التي حققت نجاحاً كبيراً في باريس بقاعة «دو شاتليه»، وعلى «المسرح الوطني» في مكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار أوبرا «متروبوليتان» في «مركز لينكولن» بمدينة نيويورك. كما شارك الأوركسترا في «مهرجان جرش الدولي للثقافة والفنون» بالأردن، و«مهرجان الموسيقى العربية» في القاهرة، و«مهرجان البحرين الدولي للموسيقى».


مقالات ذات صلة

بين تايلور سويفت وترمب... من يتمتع بشعبية أكثر؟

الولايات المتحدة​ النجمة تايلور سويفت والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

بين تايلور سويفت وترمب... من يتمتع بشعبية أكثر؟

أظهر استطلاع رأي أن عدد الأميركيين الذين ينظرون إلى نجمة البوب تايلور سويفت بشكل إيجابي أقل من أولئك الذي ينظرون بطريقة إيجابية للمرشح الجمهوري دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق النجمة الأميركية تايلور سويفت (رويترز)

ابنة مارك زوكربيرغ تطمح إلى أن تصبح مثل تايلور سويفت... كيف ردّ والدها؟

كشف الملياردير مارك زوكربيرغ، المؤسس المشارك لشركة «ميتا»، مؤخراً عن كيفية إحباطه لحلم ابنته بأن تصبح يوماً ما مثل نجمة البوب تايلور سويفت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق مَن زرع حصد (مواقع التواصل)

جائزة «البطل المجهول» لممرّضة تُداوي آهات الأطفال بالغناء

فازت الممرّضة المتخصّصة في علاج سرطان الدم سالي سبنسر بجائزة؛ تقديراً لها لابتكارها برنامجاً للتعافي يتضمّن الغناء للأطفال المرضى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية حفلة تايلور سويفت بملعب سانتياغو برنابيو التي جرت في الصيف تسببت بضجيج لسكان الحي (رويترز)

معركة قانونية بين ريال مدريد وجيران برنابيو بسبب «إزعاج الحفلات الموسيقية»

يقول خوسيه مانويل باريديس: «نحن مثل نملة صغيرة في كل هذا». لديك ريال مدريد، وملعب سانتياغو برنابيو، ومجلس بلدية مدريد، وشركة «ليغندز» الأميركية، وصندوق الاستثما

The Athletic (مدريد)
يوميات الشرق علي الحجار منسجماً مع ألحان مكتشفه الموسيقار الراحل بليغ حمدي (دار الأوبرا المصرية)

علي الحجار يستعيد مشوار بليغ حمدي في «100 سنة غنا»

استعاد الفنان المصري على الحجار مشوار الموسيقار بليغ حمدي في ذكرى رحيله الـ31 بحفل كبير، يعد الثالث في مشروعه «100 سنة غنا».

انتصار دردير (القاهرة )

تقنية قديمة تكسب الروبوتات لمسات ناعمة

تتميز الطريقة المطورة بتكلفتها المنخفضة وسلامتها ومرونتها العالية (المعهد الإيطالي للتكنولوجيا)
تتميز الطريقة المطورة بتكلفتها المنخفضة وسلامتها ومرونتها العالية (المعهد الإيطالي للتكنولوجيا)
TT

تقنية قديمة تكسب الروبوتات لمسات ناعمة

تتميز الطريقة المطورة بتكلفتها المنخفضة وسلامتها ومرونتها العالية (المعهد الإيطالي للتكنولوجيا)
تتميز الطريقة المطورة بتكلفتها المنخفضة وسلامتها ومرونتها العالية (المعهد الإيطالي للتكنولوجيا)

نجح فريق بحثي ياباني - أميركي مشترك، في تطوير تقنية قديمة تتميز بتكلفتها المنخفضة وسلامتها ومرونتها العالية، لتصميم وإنتاج محركات هوائية من القماش تكسب الروبوتات قدراً أكبر من النعومة. وعلى عكس الأجزاء الروبوتية التقليدية الصلبة، يمكن للمحركات الهوائية الناعمة المصنوعة من القماش التفاعل بأمان مع البشر والأشياء الأخرى الأكثر حساسة.

ووفقاً لنتائج الدراسة المنشورة في دورية «ساينتفيك روبروتس (Scientific Reports)»، استطاع الباحثون استخدام ما تُعرف بـ«أنماط تورينغ» لتطوير طريقة جديدة لتصميم وإنتاج تلك المحركات الهوائية الناعمة المصنوعة من القماش (FSPAs).

تألّف الفريق البحثي من الدكتور ماساتو تاناكا، والدكتور تسويوشي نومورا من مختبرات البحث والتطوير المركزية لشركة «تويوتا» في اليابان، والدكتور يويانغ سونغ من شركة «تويوتا لهندسة وتصنيع المحركات» في أميركا الشمالية في الولايات المتحدة.

قال تاناكا، في بيان صحافي، صادر السبت: «ينبع الدافع وراء هذا البحث من الحاجة إلى تصنيع روبوتات ناعمة يمكنها إجراء حركات محكومة باستخدام آليات بسيطة».

وأوضح نومورا: «كان هدفنا تطوير أنظمة (FSPA) بسيطة ومنخفضة التكلفة قادرة على تغيير شكلها». وأضاف سونغ: «استلهمنا من عمل آلان تورينغ طريقة لتطوير عملية تصميم الأغشية السطحية للأجهزة».

ووفق الدراسة تنتج «أنماط تورينغ» من أنظمة تحتوي على مكونات تتيح لها التفاعل والانتشار، حيث يمكن لمادتين متفاعلتين أن تعزز حركة إحداهما الأخرى، أو أن تقمع حركة إحداهما الأخرى. وتتكون المحركات الهوائية الناعمة من القماش المستخدَم في بناء المحرك الذي يؤدي تلك الحركات استجابةً للضغط عليه.

كانت الخطوة الأولى في طريقتهم هي تحسين عمليات توجيه تشكّل المادة عبر ترتيب ألياف القماش المرن على سطح المحرك، واعتماداً على أسس تلك الطريقة القديمة تمكّنوا من إنتاج أنماط معينة من المادة يتم التحكم فيها آلياً، إذ تضمن هذه الأنماط تشكل وتشوه المادة بالطريقة المرغوب فيها.

والمحركات الهوائية الناعمة القائمة على القماش هي أجهزة مرنة وناعمة يمكن أن تتشوه، متخذة كثيراً من الأشكال والأوضاع المختلفة أو تتحرك عند الضغط عليها، إذ تعمل عن طريق النفخ أو الانكماش، مما يجعل القماش ينحني أو يمتد أو يلتوي؛ مما يكسب هذه الأجهزة مزيداً من المرونة والنعومة.

وبفضل طبيعتها الناعمة وخفة وزنها، تعدّ تلك المحركات مناسبة للغاية لتطبيقات مثل الأجهزة القابلة للارتداء، وخيام القماش التي يأوي إليها المتنزهون والمغامرون في الأماكن النائية، والأيادي الروبوتية، وبعض الأجهزة المساعدة. وتكمن قيمتها في تكلفتها المنخفضة وسلامتها ومرونتها العالية.

ومع ذلك، فإن تصميم وتصنيع هذا النوع من المحركات يشكلان تحدياً. وقد عالج فريق البحث هذا التحدي من خلال تطوير عمليات التصنيع، مرتكزاً على طريقة آلان تورينغ القديمة. «تستخدم الهياكل الهوائية التقليدية عادةً مواد ذات سمات هندسية محددة»، كما أوضح الدكتور تاناكا.

في حين تُعرف المواد الناعمة بخصائصها التي تتيح لها أن تنتفخ أو تنحني بشكل منتظم عند تطبيق الضغط عليها. ومع ذلك، فإن تصميم وتصنيع مادة تتشوه بطريقة محكومة ويمكن التنبؤ بها يتطلبان التجربة والخطأ، وقد يستغرقان وقتاً طويلاً.

كان هدف فريق البحث تجاوز هذه القيود من خلال أتمتة العمليات وتحسينها بصورة آلية، مما يؤدي إلى حركات أكثر تقدماً، ولكن مع ضمان التحكم في تطبيقاتها.

وكما أوضح نومورا: «يعالج بحثنا هذا التحدي من خلال الاستفادة من (أنماط تورينغ) في تطوير تصميم يرتكز على توجيه تشكل تلك المواد واستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في إنتاجها».

عاجل ميقاتي: فور وفق إطلاق النار مستعد لإرسال الجيش إلى جنوب نهر الليطاني