الروائية القطرية د. هدى النعيمي: نتطلع لمشاريع قوية توحّد الثقافة الخليجية

المؤسسات الثقافية مسؤولة عن تشجيع الإبداع الأدبي والفني المشترك

الروائية والناقدة القطرية د. هدى النعيمي (الشرق الأوسط)
الروائية والناقدة القطرية د. هدى النعيمي (الشرق الأوسط)
TT
20

الروائية القطرية د. هدى النعيمي: نتطلع لمشاريع قوية توحّد الثقافة الخليجية

الروائية والناقدة القطرية د. هدى النعيمي (الشرق الأوسط)
الروائية والناقدة القطرية د. هدى النعيمي (الشرق الأوسط)

تركّز أعمال الروائية والناقدة القطرية الدكتورة هدى النعيمي، على التحولات الاجتماعية والفردية في البيئات العربية، كما في عملها الروائي الأول «زعفرانة»، الذي صدر مؤخراً عن «الدار المصرية اللبنانية»، وتتناول فيه سيرة «زعفرانة»، وهي سيدة عاشت في ستينات القرن الماضي، وعانت غياب الزوج الذي شارك في إحدى الحروب، كما عانت غياب الأولاد الثلاثة الذين اختار كل واحد منهم عالماً ليعيش فيه، فتناثرت حياتها ما بين قطر وظفار وبغداد والقاهرة وعدن. والرواية تدور حول الحب والحرب والموت والحياة، ويعيش أبطالها حيوات مختلفة، وتشكل الأسطورة حيزاً من جوهرها.

الكاتبة القطرية هدى النعيمي قدمّت أيضاً عدداً من التجارب الإبداعية تنوعّت بين الرواية والقصة القصيرة ومسرح الطفل، ومن أبرز أعمالها القصصية: «المكحلة» و«أنثى» و«حالة تشبهنا» و«أباطيل»، «حين يبوح النخيل»، وكتاب «عين ترى»، وهو دراسة أدبية تقدّم نقداً انطباعياً حول السرد والشعر والمسرح. وشاركت النعيمي عضواً في لجنة تحكيم جائزة الرواية العربية العالمية (البوكر) وجائزة (كتارا) للرواية العربية.

«الشرق الأوسط» التقت الروائية القطرية د. هدى النعيمي، بمناسبة اختيار دولة قطر، «ضيف شرف» معرض الرياض الدولي للكتاب 2024 الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية، تحت شعار «الرياض تقرأ»، وتستمر فعالياته حتى 5 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ويُقام بجامعة الملك سعود، بمشاركة رواد الثقافة والأدب والفكر من المملكة والمنطقة والعالم.

ما أهمية الحضور الثقافي القطري في معرض الرياض الدولي للكتاب؟

- الحضور، أو الوجود الخليجي في الفعاليات الثقافية في الدول الشقيقة المجاورة مهمٌّ جداً للتعارف، وتبادل المعلومات، والتعرف على الإنتاج الأدبي في الجوار، حيث إن هذه الإصدارات من الصعب أن توجد في المكتبات المحلية، فتكون معارض الكتاب هي الفرصة الحقيقية لتناول هذا الإنتاج، الذي نحن معنيون به كما نحن معنيون بالإنتاج المحلي.

ما دور الثقافة في المساهمة في تعزيز التواصل بين الناس؟

- لها دور أساسي بالطبع، الثقافة بمعناها الواسع لا تعني الكتاب فقط، ولكن السلوك والأفكار، ونمط الحياة، وهو ما نسميها «ثقافة شعب»، التي قد تدخل فيها أحياناً حتى فنون الطبخ والأزياء، ولا شك أن ثقافة الشعوب حين تتفاعل تؤثر في كتّابها ومفكريها الكبار، فنحن مثلاً بالتعرف على شكسبير نعرف الكثير ونقترب من الثقافة الإنجليزية، وكذلك الأمر مع غوته والثقافة الألمانية، أو فولتير والثقافة الفرنسية.

ما رأيكم في المشاريع الثقافية المشتركة بين الخليجيين... كيف يمكن الدفع بها إلى الأمام وزيادتها؟

- نحن جيل نشأنا وتعلمنا تحت مظلة مشروع ثقافي تعليمي خليجي مشترك ألا وهو برنامج «افتح يا سمسم»، ذاك البرنامج الذي احتشدت له الطاقات الفنية، والتعليمية والتربوية حتى خرج بالشكل الجميل، فصار لنا نبراساً لباقي الحياة على امتداد الخليج، وللأسف انفكَّت تلك الكوكبة ولم نقدم حتى اليوم مشروعاً شبيهاً به، ولكن لا نزال نأمل في مشاريع قوية توحّد الثقافة الخليجية، وتقرّبنا بعضنا من بعض، وتعطي الجيل الجديد حقه في التعليم الصحيح في اللغة، والدين والأسس العلمية.

ما الجهة المسؤولة عن تشجيع الإبداع الخليجي المشترك؟

- في الوقت الحالي، ومع تغيّر مسميات المؤسسات الثقافية، كل وزارات الثقافة في الخليج لها مسؤولية مشتركة في تشجيع الإبداع الأدبي والفني. والمسؤولية ليست محصورة فقط بالوزارات، فاليوم هناك عدد من المؤسسات الثقافية في دول الخليج كافة، مثل «كتارا» في قطر، والمتاحف ومراكز الفنون في دول المنطقة كافة، وهيئة الترفيه في السعودية، وعلى كل منها تحمل جزء من هذه المسؤولية في تشجيع الإبداع، هذا إضافةً إلى المؤسسات التعليمية التي هي أساس بناء مبدع أو فنان المستقبل.

لقطة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2024 (واس)
لقطة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2024 (واس)

ما مدى الحاجة إلى تعريف القارئ والمثقف الخليجي بالإبداع الروائي والشعري لهذه الدول؟

- أؤكد هذه الحاجة، من الصعب -وهذا هو الحال في الوقت الحالي مع الأسف- ألا يعرف بعضنا بعضاً فيما تفصل بيننا مسافات بسيطة، والكل منَّا يتشدق بأنه يقرأ كونديرا وتشارلز ديكنز وغيرهما، ونجهل الروائي السعودي أو العماني. عندما نتحدث إلى الآخر -في الغرب مثلاً- فإننا نمثل المنطقة، ولا نمثل فقط الدولة التي ننتمي إليها، والتقوقع داخل الذات لن يفيد إلا من لا يريد بنا خيراً.

هل ترون أهمية لعقد لقاءات وأمسيات ثقافية دورية لهذا الغرض؟

- لا أتبني هذا الاقتراح ولا أرفضه، لكن لا بد من برامج تبادل ثقافي مستمر بين أطراف الخليج. لا بد من إعادة اللُّحمة الثقافية التي كنا نتمسك بها ذات يوم، ثم إنها -ولسبب أو لآخر- سُحبت من بين أيدينا، وصرنا ندور حولها، يبحث كلٌّ منّا عن الآخر، لا بد من عودة التمسك ببرامج تضيء هامش المشترك بين دولنا، وبالتالي تذوب الاختلافات الجانبية، أو الذات المتضخمة أمام الآخر الذي هو في الحقيقة، أنا الأخرى.

كيف ترين الرواية في قطر؟ ما الذي يميز الرواية القطرية؟

- لا أستطيع أن أقول إن هناك ما يميّز الرواية القطرية عن غيرها من الروايات الخليجية، فالرواية في الخليج الطابع الخاص بها مشترك، صنعته البيئة الشعبية المتشابهة، والتاريخ المشترك الذي قد يميِّزها عن الرواية العربية، والمشترك بين الرواية الخليجية كثير، وهناك بالطبع ما يميز كاتب عن آخر في قطر نفسها، كما أن هناك ما يميز كاتب عن آخر في السعودية، أو في مصر، وهذا هو حال الإبداع بصفة عامة.

ألا يمكننا الحديث عن هوية قُطْرِيّة خاصة بكل دولة في الخليج، أم أنّ السمات والهوية والتاريخ أدوات مشتركة؟

- بالفعل هذا ما حدث في السنوات الأخيرة، أقصد الحديث والتشدد للهوية الخاصة، رغم المشترك الواسع، الذي يخص التاريخ والعادات والتقاليد، ولكنْ هناك شيء من الخصوصية في أقطار معينة، بل في مناطق معينة من الخليج، مثل سلطنة عمان التي تتعدد فيها الطوائف أو المِلل وأيضاً تعدد اللغات الخاصة بأهل البلاد، بعكس عدد آخر من دول الخليج، كما أن لجبال عمان سواء الجبل الأخضر أو جبال ظفار، طبيعة جغرافية خاصة تنعكس على طبيعة الحياة وتنعكس على الهوية. من جانب آخر، نجد في السعودية، طبيعة صحراوية، بما لها من عالم فسيح استطاع عبد الرحمن منيف أن يصوره في «مدن الملح»، ولا يزال العالم الصحراوي يحتمل كثيراً من الوصف الذي لا ينتهي... باختصار؛ الطبيعة الجبلية، أو الصحراوية، أو الساحلية، هي من يخلق هوية قُطرية في بعض المناطق في قطر، وفي الخليج أيضاً، فهناك كثير من السمات المشتركة في خليجنا.


مقالات ذات صلة

سباق بين أندية سعودية وقطرية للتعاقد مع مودريتش

رياضة سعودية المخضرم لوكا مودريتش قائد ريال مدريد (إ.ب.أ)

سباق بين أندية سعودية وقطرية للتعاقد مع مودريتش

ترغب أندية قطرية في التعاقد مع لاعب ريال مدريد المخضرم لوكا مودريتش بداية من الموسم المقبل.

مهند علي (الرياض)
الاقتصاد يجتمع الناس على مقعد في ميناء الدوحة القديم بقطر خلال شهر رمضان 2025 (أ.ف.ب)

مؤشر مديري المشتريات القطري يرتفع لأول مرة خلال 3 أشهر في فبراير

مؤشر مديري المشتريات القطري يرتفع إلى 51 نقطة في فبراير 2025، مدعوماً بتحسُّن التوظيف والنشاط التجاري، مع زيادة في الطلب بالصناعات التحويلية والبيع بالجملة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
رياضة عربية نادي السد القطري يستعد لمواجهة كاواساكي فرونتال الياباني (نادي السد)

مدير السد القطري: قرعة أبطال آسيا للنخبة صعبة

اعترف عبد الله البريك، مدير الفريق الأول لكرة القدم بنادي السد القطري، بصعوبة وقوة قرعة دور الثمانية لدوري أبطال آسيا للنخبة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
رياضة عالمية أكرم عفيف تقدم قائمة «العنابي» لتصفيات المونديال (رويترز)

قطر تعلن تشكيلتها لمواجهتي تصفيات المونديال

أعلنت قطر تشكيلة من 30 لاعباً لمواجهة كوريا الشمالية وقرغيزستان في وقت لاحق هذا الشهر في التصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
رياضة عربية الوصل الإماراتي تعادل مع السد القطري (نادي السد)

«النخبة الآسيوي»: السد القطري يتعادل مع الوصل الإماراتي

تعادل السد القطري مع مضيفه الوصل الإماراتي 1 – 1، الاثنين، في ذهاب دور الستة عشر لدوري أبطال آسيا للنخبة.

«الشرق الأوسط» (دبي)

العزلة الاجتماعية تُفسد شهية كبار السنّ

العزلة تُضعف جودة النظام الغذائي لدى كبار السنّ (جامعة كاليفورنيا)
العزلة تُضعف جودة النظام الغذائي لدى كبار السنّ (جامعة كاليفورنيا)
TT
20

العزلة الاجتماعية تُفسد شهية كبار السنّ

العزلة تُضعف جودة النظام الغذائي لدى كبار السنّ (جامعة كاليفورنيا)
العزلة تُضعف جودة النظام الغذائي لدى كبار السنّ (جامعة كاليفورنيا)

كشفت دراسة كندية عن أنّ النساء المُسنّات اللواتي يعانين عزلة اجتماعية مستمرّة أكثر عرضة لانخفاض استهلاكهن للفاكهة والخضراوات؛ ما يؤدّي إلى تراجع عام في شهيتهن وجودة نظامهن الغذائي.

وأوضح الباحثون من جامعة كولومبيا البريطانية، أنّ الدراسة تؤكد أنّ العزلة الاجتماعية لا تؤثّر فقط في الصحة النفسية، بل تمتدّ أيضاً إلى العادات الغذائية؛ ما قد يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Nutrients».

وتُشير العزلة الاجتماعية إلى حالة من الانفصال أو ضعف الروابط الاجتماعية مع الآخرين، إذ يفتقر الفرد إلى التفاعل المنتظم والمستمر مع العائلة أو الأصدقاء أو المجتمع المحيط به. وتُعدّ هذه الحالة شائعة بشكل خاص بين كبار السنّ، خصوصاً النساء، نتيجة لعوامل مثل التقاعد، وفقدان الشريك، أو محدودية الحركة. وقد تؤثّر العزلة الاجتماعية سلباً في الصحة الجسدية والنفسية، إذ ترتبط بزيادة خطر الاكتئاب، وتدهور النظام الغذائي، وانخفاض المناعة، مما يجعلها أحد العوامل الاجتماعية المهمّة التي تجب مراعاتها عند الحديث عن صحة كبار السنّ وجودة حياتهم.

واعتمدت الدراسة على بيانات مستمدة من دراسة وطنية تابعت أكثر من 30 ألف سيدة مسنّة على مدى 6 سنوات، لفهم تأثير أنماط العزلة الاجتماعية طويلة الأمد على العادات الغذائية. وتناولت أيضاً مدى تنوّع الأنشطة الاجتماعية التي شاركت فيها السيدات، مثل زيارة الأصدقاء، والتطوّع، وحضور الاجتماعات أو الفعاليات التعليمية، أو ممارسة الرياضة.

ووجد الباحثون أنّ النساء اللواتي شاركن في مجموعة متنوّعة من الأنشطة الاجتماعية كنّ أكثر قدرة على الحفاظ على نظام غذائي صحي، في حين أظهرت النساء اللواتي توقّفن عن هذه الأنشطة أو قلّ تنوّعها تراجعاً في جودة التغذية.

نشاط اجتماعي

والمفاجأة كانت أنّ النساء اللواتي أصبحن أكثر نشاطاً اجتماعياً بعد فترة من العزلة لم تظهر لديهن تحسّنات غذائية، وإنما استمر تدهور النظام الغذائي لديهن، وهذا يشير إلى أنّ نوعية النشاط الاجتماعي تؤدي دوراً مهماً، فبعض البيئات، مثل جلسات ألعاب الورق أو اللقاءات الترفيهية، قد تشجّع على تناول الوجبات الخفيفة أو المشروبات غير الصحية، مما يجعل التحوّل إلى الانخراط الاجتماعي مصدراً للمخاطر الغذائية، وبالتالي قد يُسهم في تدهور النظام الغذائي.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة بجامعة كولومبيا البريطانية، الدكتورة أنالين كونكلين: «تُظهر النتائج أهمية المحددات الاجتماعية الأوسع لصحة النساء، خصوصاً في ظلّ الأدوار المتعدّدة التي تؤدّيها المرأة المسنّة بكونها شريكة، وأماً، وعضوة نشطة في المجتمع. وعندما تتلاشى هذه الروابط، تزداد درجة هشاشتهن».

وأضافت، عبر موقع الجامعة: «النتائج تساعد في تصميم برامج فعّالة تعتمد على تشجيع الأنشطة التي تدعم الصحة النفسية والغذائية معاً؛ فالنصيحة العامة بالخروج من المنزل ليست كافية، بل يجب أن نُحدّد الأنشطة التي تدعم العادات الصحية بالفعل، ونقدّم توصيات مخصَّصة للنساء والرجال على السواء».