أفلام مصرية تدخل «ثلاجة الرقابة» بفعل الجدل

«الملحد» و«أوراق التاروت» أحدثها

الملصق الدعائي لفيلم «أوراق التاروت» (فيسبوك)
الملصق الدعائي لفيلم «أوراق التاروت» (فيسبوك)
TT

أفلام مصرية تدخل «ثلاجة الرقابة» بفعل الجدل

الملصق الدعائي لفيلم «أوراق التاروت» (فيسبوك)
الملصق الدعائي لفيلم «أوراق التاروت» (فيسبوك)

دخلت أفلامٌ مصرية كثيرة «ثلاجة الرّقابة» بعد جدل أثير حولها قبل عرضها، وأحدثُها «أوراق التاروت» و«الملحد»؛ وقبل ذلك شهدت أفلام أخرى تعثّراً في العرض لأسباب رقابية، كان من بينها فيلم «القاهرة مكة» الذي تغير عنوانه إلى «رحلة 404».

ورفض مهرجان الغردقة لسينما الشباب المقام حالياً ويستمر حتى 24 سبتمبر (أيلول) عرض فيلم بعنوان «هاني» من بطولة أحمد مالك وإنتاج وإخراج محمد علّام، وأرجع مصدر في المهرجان الرفض لعدم حصوله على موافقة الرقابة على السيناريو، وذكر المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن مخرج الفيلم تواصل معهم متأخراً بعد وضع برنامج الدورة الحالية، وأنهم لم يعرضوا الفيلم «لوجود مشاهد غير لائقة»، حسب وصفه.

وخلال اليومين الماضيين لفت فيلم «أوراق التاروت» الاهتمام في مصر، وتصدَّر قوائم «التريند» على «غوغل» بعد نشر صور منه، وفي جانب من قصته يشير إلى مشاهد وصفها معلّقون على «السوشيال ميديا» بأنها «غير لائقة».

الفيلم الذي تقوم ببطولته سمية الخشاب، ورانيا يوسف، ومي سليم، وعبد العزيز مخيون، ومحمد عز، وعلاء مرسي، من تأليف معتز المفتي، وإخراج إبرام نشأت، يحكي قصة 3 سيدات تربطهن علاقة بأوراق التاروت، وقد طلبت الرّقابة تعديل وحذف مشاهد فيه للموافقة على عرضه، وهو ما حدث بالفعل، وفق تصريحات صحافية لمنتج الفيلم بلال صبري، أكد خلالها تنفيذ ما طلبته الرّقابة، وحذف مشاهد معينة.

وقبل ذلك أثار الإعلان الترويجي لفيلم «الملحد» كثيراً من الجدل على «السوشيال ميديا»، ما اضطر صنّاعه لتأجيل عرضه الذي كان مقرراً في 18 أغسطس (آب) الماضي، ولم يُحدّد بعد موعد جديد للعرض، وزاد الأمر تعقيداً دخول الفيلم في مسار الدعاوى القضائية بحجة «المساس بقيم المجتمع».

الناقد الفني المصري طارق الشناوي يرى أن «معايير الرقابة في مصر ليست من داخلها، وإنما من خارجها»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «أشاد الرقيب مثلاً بفيلم (الملحد) وقال إنه يدافع عن فكرة الإيمان، وأعطاه تصريحاً للعرض في 14 أغسطس الماضي، ولا يوجد أي شيء رسمي يمنع عرضه، لكن المنتج تلقّى إشارة من الجهات المعنية بعدم عرضه الآن».

الإعلان سابقاً عن عرض فيلم «الملحد» (الشركة المنتجة)

الفيلم بطولة أحمد حاتم، ومحمود حميدة، وحسين فهمي، وصابرين، ومن تأليف إبراهيم عيسى، وإنتاج أحمد السبكي، وإخراج محمد العدل، وتدور قصته حول طبيب يتمرّد على أفكار والده المتشدد، ويدخل في صدام معه.

ويضيف الشناوي: «هناك أنواع عدّة من الرقابة، ما بين أجهزة في الدولة وبين الرقابة المجتمعية، خصوصاً أن المجتمع تراجع عن استقبال أفكار جدلية، وأصبح عنيفاً في رأيه، وهذا العنف يظهر في تعليقات الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن الواضح أن الرقابة تستجيب وتتراجع بناءً على مؤشر (السوشيال ميديا)، وكأن لسان حالها يقول لا نريد وجع دماغ».

ومن بين الأفلام التي دخلت «ثلاجة الرقابة» لفترة قصيرة كان «القاهرة مكة»، وتحدّث منتجه محمد حفظي في تصريحات صحافية سابقة في هذا الأمر مؤكداً «تأجيل عرض الفيلم أكثر من مرّة لإجراء تعديلات طلبتها الرقابة». ولذلك لم يُشارك في مهرجان «البحر الأحمر» السينمائي عام 2022 .

الملصق الدعائي لفيلم «رحلة 404» (الشركة المنتجة)

وأشار الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين إلى أن «فيلم (الملحد) لديه تصريح بالعرض العام، ولكن هناك اتفاقاً شفوياً بتأجيل عرضه، فهذا لا يُعدّ في (ثلاجة الرقابة)»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أفلام أخرى من الممكن أن تظلّ في الرقابة فترة طويلة مثل (أوراق التاروت)، وفيلم آخر لهالة خليل منذ فترة طويلة، كل هذا يتوقف على صلاحية السيناريو، هل به مشاكل دينية أو سياسية أو اجتماعية، هذا ما يجعل الرّقابة تتدخل لوقف العرض أو تطلب تعديلات، وعادة ما يكون (الزّخم السوشيالي) مؤثراً في هذا الصدد».

وسابقاً، واجه فيلم «حلاوة روح»، من إنتاج عام 2014، موجة غضب «سوشيالية» لدى طرح الإعلان الترويجي له، فأوقفت الرّقابة عرضه حتى مراجعته، وعَدَّ البعض أن الفيلم يحمل إيحاءات «غير لائقة» خصوصاً مشاهد تلصّص طفل على بطلة الفيلم هيفاء وهبي. والفيلم الذي كتبه علي الجندي، وأخرجه سامح عبد العزيز، وأنتجه محمد السبكي، عُرض بعد فترة من إيقافه، وحقّق نجاحاً لافتاً.


مقالات ذات صلة

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».