اتهامات بالاعتداء الجنسي تلاحق محمد الفايد مجدداً

محمد الفايد (رويترز)
محمد الفايد (رويترز)
TT

اتهامات بالاعتداء الجنسي تلاحق محمد الفايد مجدداً

محمد الفايد (رويترز)
محمد الفايد (رويترز)

قالت 5 سيدات، إنهن تعرّضن للاغتصاب من قبل رئيس «هارودز» السابق محمد الفايد، عندما كنّ يعملن في متجره الفاخر في العاصمة البريطانية، لندن.

واستمعت «هيئة الإذاعة البريطانية» إلى شهادات أكثر من 20 موظفة سابقة قلن إن الملياردير، الذي توفي العام الماضي عن عمر يناهز 94 عاماً، اعتدى عليهن جنسياً بما في ذلك الاغتصاب.

وجمع الفيلم الوثائقي والبودكاست «الفايد: المفترس في هارودز» أدلة على أنه خلال ملكية الفايد، لم يفشل «هارودز» في التدخل فحسب، بل ساعد أيضاً على التستر على مزاعم الاعتداءات.

وقال مالكو «هارودز» الحاليون إنهم «فزعوا تماماً» من المزاعم، واعتذروا عمّا حدث بصدق، وفقاً لما ذكرته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

شهادات مفزعة

وقالت إحدى السيدات إن الفايد اغتصبها في شقته في بارك لين: «لقد أوضحت أنني لا أريد أن يحدث ذلك. لم أعطِ موافقتي. أردت فقط أن ينتهي الأمر».

وتقول امرأة أخرى إنها كانت مراهقة عندما اغتصبها في عنوانه في مايفير. وأضافت: «كان محمد الفايد وحشاً، ومفترساً جنسياً، لا يملك أي بوصلة أخلاقية على الإطلاق»، وفقاً لما ذكرته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

وواجه الفايد ادعاءات بالاعتداء الجنسي وهو على قيد الحياة، لكن هذه الادعاءات غير مسبوقة في النطاق والخطورة، وتعتقد «هيئة الإذاعة البريطانية» بأن عديداً من النساء ربما تعرّضن للاعتداء.

تقول صوفيا، إحدى النساء، التي عملت مساعدةً شخصيةً له من عام 1988 إلى عام 1991: «كان شريراً». وصرّحت بأنه حاول اغتصابها أكثر من مرة.

في حين قالت جيما، التي عملت ضمن مساعدي الفايد الشخصيين بين عامي 2007 و2009، «إن سلوكه أصبح مخيفاً للغاية في أثناء رحلات العمل في الخارج». وتقول إن هذا السلوك بلغ ذروته عندما تعرّضت للاغتصاب في فيلا وندسور في بوا دو بولون في باريس، وهو منزل سابق للملك إدوارد الثامن وزوجته واليس سيمبسون بعد تنازلهما عن العرش.

سر مكشوف

يقول توني ليمينغ، مدير قسم هارودز من عام 1994 إلى عام 2004: «كنت على علم بإساءة معاملة النساء عندما كنت في المصنع». ويتذكر ليمينغ، الذي يقول إنه لم يكن يعرف أي ادعاءات أكثر خطورة بالاعتداء أو الاغتصاب: «لم يكن الأمر سراً على الإطلاق».

وأضاف: «بما أني أعرف، فالجميع يعرفون. إن أي شخص يقول إنه لم يفعل ذلك فهو يكذب، أنا آسف».

وتعدّ شهادة ليمينغ مدعومةً بأعضاء سابقين في فريق أمن الفايد.

«كنا على علم بأنه كان لديه هذا الاهتمام القوي بالفتيات الصغيرات»، كما يقول إيمون كويل، الذي انضم إلى «هارودز» في عام 1979 محققاً في المتجر، ثم أصبح نائب مدير الأمن من عام 1989 إلى عام 1995.

وفي الوقت نفسه، عمل ستيف، لصالح الملياردير بين عامَي 1994 و1995، وقال أن موظفي الأمن «كانوا يعرفون أن أشياء معينة كانت تحدث لبعض الموظفات في هارودز وبارك لين».

وصرح بأن عديداً من النساء عندما بدأن العمل بشكل مباشر مع الفايد خضعن لفحوص طبية، بما في ذلك اختبارات الصحة الجنسية التي أجراها الأطباء.

ثقافة الخوف

وصفت جميع النساء اللاتي تحدّثت معهن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) شعورهن بالخوف في العمل، الأمر الذي جعل من الصعب عليهن التحدث علناً.

أوضحت سارة، إحدى العاملات في المتجر: «كانت هناك بالتأكيد ثقافة خوف في جميع أنحاء المتجر، من أدنى الناس إلى أعلاهم منصباً».

وصرّحت أخريات بأنهن يعتقدن بأن الهواتف في «هارودز» كانت مُنصتة، وأن النساء كنّ خائفات من التحدث إلى بعضهن البعض بشأن إساءة الفايد؛ خوفاً من تصويرهن بواسطة كاميرات خفية، وفقاً لما ذكرته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

وأكد كويل هذا، موضحاً أن جزءاً من وظيفته كان الاستماع إلى أشرطة المكالمات المسجلة. وقال إنه تم تركيب كاميرات قادرة على التسجيل في جميع أنحاء المتجر، بما في ذلك في الأجنحة التنفيذية. وقال: «لقد كان (الفايد) يتجسس على كل مَن أراد التنصت عليه».

وصرّح متجر «هارودز»، في بيان، بأن هذه كانت تصرفات فرد «عازم على إساءة استخدام سلطته»، وهو ما أدانته الشركة بأشد العبارات. وجاء في البيان: «إن هارودز اليوم هي منظمة مختلفة تماماً عن تلك التي كانت مملوكة وخاضعة لسيطرة الفايد بين عامَي 1985 و2010، وهي منظمة تسعى إلى وضع رفاهية موظفينا في قلب كل ما نقوم به»، وفقاً لما ذكرته «هيئة الإذاعة البريطانية».

اتهامات سابقة

في عام 2017 كشفت صحيفة «التلغراف» البريطانية، اتهام الفايد بالتحرش جنسياً بموظفة في متجر «هارودز»، تبلغ من العمر 17 عاماً، وإجبارها على ارتداء ملابس السباحة وتصويرها، قبل أن يعرض عليها تمكينها من العمل ممثلةً، مقابل مرافقته إلى غرفة نومه. واستضافت القناة الرابعة البريطانية في برنامج وثائقي 3 نساء اتّهمن الفايد بالتحرش بهن جنسياً خلال فترة عملهن في «هارودز». وبينما اختارت ضحيتان من النساء اللاتي استضافهن «الوثائقي»، عدم الكشف عن هويتيهما، فضلت شيسكا هيل وود التي تدير معرضاً فنياً وتعمل أيضاً ممثلةً مدربةً، كشف هويتها، مؤكدة أن الادعاءات كانت علنية ضد عدد من الشخصيات العامة التي اتُّهمت بإساءة استخدام مواقع السلطة للتحرش بالشابات وأحياناً بالشباب.

النقود واتفاقيات عدم الإفصاح

ويكشف «الوثائقي» الذي بثته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن أنه كجزءٍ من تسوية جيما (إحدى الضحايا) في عام 2009، كان عليها أن توقّع على اتفاقية عدم الإفصاح، وهي عقد ملزم قانوناً يضمن بقاء المعلومات سرية.

وتقول إنها بعد أن تعرّضت للاغتصاب، اتصلت بمحامٍ أخبر «هارودز» أنها ستترك وظيفتها على أساس التحرش الجنسي. وتقول جيما إنها لم تشعر في ذلك الوقت بالقدرة على الكشف عن مدى خطورة اعتداءات الفايد. وافق «هارودز» على أنها تستطيع المغادرة وسيدفع مبلغاً من المال مقابل تمزيقها جميع الأدلة، والتوقيع على اتفاقية عدم الإفصاح. وتقول جيما إن أحد أعضاء فريق الموارد البشرية في «هارودز» كان حاضراً في أثناء تمزيق الأدلة.

وقد علمت «هيئة الإذاعة البريطانية» أن النساء تعرّضن للتهديد والترهيب من قبل مدير الأمن في «هارودز» آنذاك، جون ماكنمارا؛ لمنعهن من التحدث. وقد رفعت 14 امرأة من النساء اللاتي تحدّثت معهن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) دعاوى مدنية ضد «هارودز» للمطالبة بالتعويضات. بدأ أصحاب المتجر الحاليون، الذين لا يطلبون من النساء التوقيع على اتفاقيات عدم الإفصاح، في تسوية هذه الاتفاقيات في يوليو (تموز) من العام الماضي. يفكر عديد من النساء الآن في اتخاذ إجراءات قانونية ضد «هارودز».


مقالات ذات صلة

الناجيات من العنف الجنسي في السودان يخضن رحلة شاقة للتعافي

العالم العربي وقعت آلاف السودانيات ضحايا للعنف الجنسي منذ بدأت الحرب في أبريل 2023 (أ.ف.ب)

الناجيات من العنف الجنسي في السودان يخضن رحلة شاقة للتعافي

حين اقتحم أحد عناصر «قوات الدعم السريع» منزل عائشة في الخرطوم، أعطاها خيارين أحلاهما مُرّ: أن تتزوجه، أو يقتل والدها.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان )
يوميات الشرق الممثل الفرنسي جيرار دوبارديو (د.ب.أ)

السجن 18 شهراً مع وقف التنفيذ للممثل جيرار دوبارديو في قضية الاعتداء الجنسي

أدانت محكمة الجنايات في باريس اليوم (الثلاثاء) الممثل الفرنسي جيرار دوبارديو بارتكاب اعتداءات جنسية في موقع تصوير فيلم عام 2021.

«الشرق الأوسط» (باريس )
يوميات الشرق واحدة من كل 5 نساء ورجل من كل سبعة في العالم تعرَّضوا للعنف الجنسي قبل سن 18 عاماً (رويترز)

خُمس النساء وواحد من كل 7 رجال حول العالم تعرَّضوا للعنف الجنسي خلال المراهَقة

كشفت دراسة جديدة عن أن واحدة من كل 5 نساء ورجلاً من كل سبعة في العالم تعرَّضا للعنف الجنسي قبل سن 18 عاماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل الكوميدي البريطاني راسل براند يصل إلى محكمة وستمنستر في لندن (إ.ب.أ)

بتهم الاغتصاب والاعتداء... الممثل راسل براند يظهر أمام محكمة في لندن

وصل الممثل البريطاني راسل براند إلى مقر محكمة وستمنستر في لندن لمواجهة اتهامات بالاغتصاب والاعتداء الجنسي على أربع سيدات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأميركي جيمس أوزغود المتهم باغتصاب وقتل امرأة (أ.ب)

ولاية أميركية ستعدم رجلاً طلب حكم الإعدام ليتوقف عن «إضاعة وقت الجميع»

من المقرر أن تُعدم ولاية ألاباما الأميركية رجلاً، اليوم الخميس، بعد أن تنازل عن استئنافه، مُقراً بذنبه في اغتصاب وقتل امرأة قبل 15 عاماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

طبيب يروج لطريقة فعالة للتعامل مع سلوك الطفل السيئ: دعه يختر عقابه

لماذا يُجدي السماح للأطفال باختيار عقابهم نفعاً؟ (رويترز)
لماذا يُجدي السماح للأطفال باختيار عقابهم نفعاً؟ (رويترز)
TT

طبيب يروج لطريقة فعالة للتعامل مع سلوك الطفل السيئ: دعه يختر عقابه

لماذا يُجدي السماح للأطفال باختيار عقابهم نفعاً؟ (رويترز)
لماذا يُجدي السماح للأطفال باختيار عقابهم نفعاً؟ (رويترز)

عندما يخالف الطفل قاعدة أساسية، أو يؤذي أحداً، أو يرتكب مخالفة جسيمة، يشعر معظم الآباء بضرورة معاقبة أبنائهم.

وأشار الدكتور ج. تيموثي ديفيس، الذي يملك 30 عاماً من الخبرة السريرية والاستراتيجيات المُدعّمة بالأبحاث للآباء الذين يُواجهون صعوبات تربية الأطفال ذوي السلوكيات الصعبة، لموقع «سايكولوجي توداي»، إلى أنه يسأل كثيراً: «ما العقاب المناسب لما فعله؟»، وعادة ما تُفاجئهم الإجابة: «دع طفلك يختَر عاقبته بنفسه».

ووفقاً له، يتفاعل معظم الآباء بعدم التصديق: «سيقول ببساطة إن عقابه هو آيس كريم على العشاء!».

وقال: «قبل أن تستبعد الفكرة، دعونا نستكشف لماذا تفشل العقوبات غالباً، ولماذا يكون إعطاء الأطفال فرصة للتعبير عن أنفسهم أكثر فعالية».

لماذا تأتي العقوبات بنتائج عكسية؟

غالباً ما يبدو العقاب فعالاً. تقول: «لا (إكس بوكس) ​​لمدة أسبوع! وإذا استمررت على هذا المنوال، فسيستمر لمدة أسبوعين!»، ويتوقف سوء السلوك. ومع ذلك، هناك أكثر من ذلك بكثير في قصة العقوبات:

1- لا تعالج السبب الجذري لسوء السلوك

يحدث معظم سوء السلوك لأن الأطفال يشعرون بالإرهاق، وليس لأنهم يتصرفون بتحدٍّ. قد يُوقف العقاب السلوكَ في اللحظة، لكنه لا يُعلّم مهارات ضبط الانفعالات اللازمة لحل مشاكل السلوك على المدى البعيد.

2- تُولّد الاستياء لا التأمل

لا يتعلم الأطفال درسهم بالعقاب. فبدلاً من التفكير في مدى إيذاء أفعالهم، تدفعهم العقوبات إلى التفكير ملياً في مدى ظلم معاملتهم.

3- تُعزز السلوكيات الخاطئة من دون قصد

عندما يُسيء طفلك التصرف ويحظى باهتمامك الغاضب، فإنه يحصل على ما يتوق إليه تماماً - تفاعلك. ما الرد الأكثر فعالية على سوء السلوك؟ تجاهله عندما يكون ذلك آمناً. والأفضل من ذلك: «اكتشف طفلك وهو يُحسن التصرف»، من خلال البحث عن الفرص عندما يُحسن التصرف، وكافئه باهتمامك الإيجابي ومدحك.

4- يُضِرّ بعلاقتكما

العقاب يضعكما في فريقين مُتعارضين. يُعلّمكما نهج الفوز والخسارة في الخلاف: «أنا أفعل بك شيئاً مؤلماً لأنك فعلتَ شيئاً لم يُعجبني». بمرور الوقت، يُقوّض هذا الثقة. ماذا لو بدت الإساءة «أكبر من أن تُتجاهل»؟

لنفترض أن طفلك يضرب أحد إخوته، أو يكذب بشأن أمر مهم، أو يخالف قاعدة عائلية أساسية. قد تشعر بأن عدم فعل أي شيء يُرسل رسالة خاطئة؛ بأنك تتغاضى عن السلوك أو تتغاضى عن الضرر الذي وقع. في مثل هذه الحالات، يشعر العديد من الآباء بأنهم مُجبرون على معاقبة الطفل؛ ليس فقط لتصحيح السلوك، بل لتحقيق العدالة وتعزيز قيم الأسرة.

ويوصي ديفيس غالباً بتجربة الممارسات الإصلاحية أولاً: ساعد طفلك على إصلاح أخطائه بتقديم اعتذار صادق، واتخاذ خطوات لإصلاح الضرر.

ولكن ماذا لو لم يكن ذلك كافياً؟

هنا يصبح السماح لطفلك باختيار العقاب أداة قوية بشكل مدهش. فهو يُحوّل لحظة رد الفعل إلى لحظة تأمل - ويفتح الباب أمام المساءلة دون خجل.

لماذا يُجدي السماح للأطفال باختيار عقابهم نفعاً؟

بمجرد أن تهدأ المشاعر، ابدأ بمشاركة مشاعرك: «لقد جرحتني مشاعري حقاً عندما (اسم السلوك)».

ثم عبّر عن تعاطفك مع تجربة طفلك: «أعلم أنك كنت منزعجاً وغاضباً جداً عندما حدث ذلك».

من هنا، قدّم بلطف فكرة العقاب: «الآن وقد هدأنا، لنتحدث عن العاقبة العادلة».

هذا التغيير البسيط يُحوّل العقاب إلى حل للمشاكل.

في البداية، قد يختبر طفلك ما إذا كنتَ جاداً: «عقابي هو قضاء وقت غير محدود أمام الشاشات في نهاية هذا الأسبوع!». لا بأس. حافظ على هدوئك. امنحه دقيقة واحدة لمعالجة طلبك. إذا لم يأخذ الأمر على محمل الجد، فقل: «أرى أنك لست مستعداً تماماً للقيام بذلك. لنحاول مرة أخرى غداً». ثم عد إلى الموضوع في اليوم التالي.

عندما يُمنح الأطفال مساحة للتفكير، غالباً ما يقترحون عواقب قاسية بشكل مفاجئ - «لا شاشات لمدة ستة أشهر»، أو «سأتخلى عن لعبتي المفضلة»؛ ذلك لأن ضمائرهم لا تزال في طور النمو، وتميل إلى الصرامة المفرطة، وهذا ينطبق حتى على أكثر الأطفال تحدياً (نعم، حتى أولئك الذين يخشى الآباء أن يكونوا «مختلين اجتماعياً في طور التكوين»). غالباً ما يكون شعورهم بالذنب ورغبتهم في تصحيح الأمور أقوى بكثير مما نتوقع.

لماذا يُعد هذا النهج فعالاً جداً؟

1- يُقلل من الدفاعية، ويدعو إلى التأمل الحقيقي. يبدأ الأطفال بربط أفعالهم بالعواقب - وهي خطوة حيوية في تغيير السلوك على المدى الطويل.

2- يمنحهم شعوراً بالسيطرة، وهو أمر بالغ الأهمية، لأن سوء السلوك غالباً ما ينبع من الشعور بفقدان السيطرة.

3- كما أنه يُبقيكما في الفريق ذاته. يُحوّل طبيعة العقاب العدائية إلى تعاون.