العزلة قد تكون أحد أسباب انقراض إنسان نياندرتال

متحف يعرض حياة عائلة من إنسان نياندرتال في كهف بمتحف نياندرتال الجديد في مدينة كرابينا الشمالية في كرواتيا 25 فبراير 2010 (رويترز)
متحف يعرض حياة عائلة من إنسان نياندرتال في كهف بمتحف نياندرتال الجديد في مدينة كرابينا الشمالية في كرواتيا 25 فبراير 2010 (رويترز)
TT

العزلة قد تكون أحد أسباب انقراض إنسان نياندرتال

متحف يعرض حياة عائلة من إنسان نياندرتال في كهف بمتحف نياندرتال الجديد في مدينة كرابينا الشمالية في كرواتيا 25 فبراير 2010 (رويترز)
متحف يعرض حياة عائلة من إنسان نياندرتال في كهف بمتحف نياندرتال الجديد في مدينة كرابينا الشمالية في كرواتيا 25 فبراير 2010 (رويترز)

لا تزال أسباب انقراض إنسان نياندرتال لغزاً، إذ يرى البعض أنه نتيجة تغيّرات مناخية، فيما يرجح آخرون أن يكون ناجماً عن أوبئة، لكنّ دراسة عيّنة من وادي رون، من سلالة قضت 50 ألف سنة من دون تبادل جينات مع مجموعات أخرى، تطرح احتمال أن يكون الانقراض نتيجة هذه العزلة الجينية.

سكن إنسان نياندرتال أوراسيا حتى قرابة 40 ألف سنة قبل الميلاد، وتعايش مع الإنسان العاقل، قبل أن ينقرض.

وفي حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية، قال لودوفيك سليماك، وهو باحث في المركز الوطني للبحوث العلمية، التابع لجامعة تولوز بول ساباتييه، والمعد الرئيسي للدراسة، التي نشرت الأربعاء في مجلة «سيل جينوميكس»، إنها اللحظات الأخيرة التي كانت فيها مجموعات كثيرة من البشر على الأرض في مرحلة استراتيجية وغامضة جداً لعدم فهمنا كيف يمكن لبشرية بأكملها، كانت منتشرة من إسبانيا إلى سيبيريا، أن تنقرض فجأة.

وعُثر على العينة التي تحمل اسم «ثورين»، في إشارة إلى شخصية من إحدى روايات جون رونالد تولكين، عام 2015، في كهف ماندرين الذي كان يؤوي بالتناوب مجموعات من إنسان نياندرتال والإنسان العاقل.

وهذا الاكتشاف نادر، ويمثل أول إنسان نياندرتال يتم اكتشافه في فرنسا منذ عام 1978. ففي مختلف أنحاء أوراسيا، لا يوجد سوى نحو 40 منهم.

وقال سليماك: «بمجرد سحب الجثة من الأرض، أرسلت قطعة عظم صغيرة، متأتية من ضرس، إلى كوبنهاغن لتتسلمها الفرق المتخصصة في علم الوراثة»، مضيفاً: «نحاول منذ 10 سنوات الحصول على حمض نووي في ماندرين، سواء أكان حيوانياً أم بشرياً، ولم ننجح مطلقاً في تحقيق ذلك، إذ بمجرد سحب العظام من الأرض، يتحلل الحمض النووي بسرعة كبيرة».

وبحسب التحليلات الأثرية، «يتراوح عمر هذه الجثة ما بين 40 و45 ألف سنة، لكن بالنسبة إلى علماء الوراثة تعود إلى 105 آلاف سنة، وكان أحد الفريقين مخطئاً حتماً».

زواج الأقارب

استغرق الأمر 7 سنوات من البحث لطرح الموضوع. وأظهرت تحليلات نظائرية أن «ثورين» عاش في مناخ شديد البرودة، يتوافق مع العصر الجليدي الذي لم يشهده سوى إنسان نياندرتال المتأخر.

لكن الجينوم الخاص به قديم جداً. وقال عالم الوراثة السكانية والمعد الرئيسي للدراسة، مارتن سيكورا، من جامعة كوبنهاغن، في بيان مصاحب للدراسة: «إنها بقايا من أقدم مجموعات إنسان نياندرتال في أوروبا».

وأضاف: «إن السلالة المؤدية إلى (ثورين) انفصلت عن سلالات إنسان نياندرتال المتأخرة الأخرى منذ قرابة 105 آلاف سنة».

ثم قضت هذه السلالة 50 ألف سنة «من دون أي تبادل جيني مع إنسان نياندرتال الأوروبي الكلاسيكي»، بما في ذلك مع السكان الذين عاشوا على بعد أسبوعين فقط مشياً، على قول سليماك. وهي عزلة لا يمكن تصورها لدى الإنسان العاقل، وخصوصاً أنّ وادي رون كان آنذاك أحد ممرات الهجرة الرئيسية بين شمال أوروبا والبحر المتوسط.

وقال سليماك: «لقد كان علم الآثار يفيدنا منذ فترة طويلة بأن بشر نياندرتال عاشوا في مناطق صغيرة جداً، على بعد بضع عشرات من الكيلومترات حول موقع معيّن». وعرفنا تالياً أنهم كانوا يعيشون في مجموعات صغيرة، ويعانون من مشاكل مرتبطة بزواج الأقارب.

لدى الإنسان العاقل، «ثمة دوائر أوسع بشكل غير حدود، ومناطق تغطي عشرات الآلاف من الكيلومترات المربعة، فضلاً عن أن انتشار الأغراض، والأصداف، والتواصل الاجتماعي، وبناء شبكات اجتماعية منظمة جداً تشكل خلفية عالمية لكل مجموعات الإنسان العاقل».

وأضاف سليماك أن هاتين المجموعتين «لا تفهمان العالم قط، ولا تنظمان أنفسهما في العالم بالطريقة نفسها»، معتبراً أنّ هذه العناصر هي «مفتاح رئيسي لفهم» انقراض إنسان نياندرتال.

وقالت ثارسيكا فيمالا، عالمة الوراثة السكانية في جامعة كوبنهاغن والمشاركة الرئيسية في إعداد الدراسة: «عندما يكون الإنسان معزولاً لفترة طويلة جداً، يصبح التنوع الجيني محدوداً لديه، ما يعني قدرة أقل على التكيف مع التغير المناخي ومسببات الأمراض، كما أنّ ذلك يحدّه اجتماعياً، لأنه لا يشارك، ولا يتطوّر كمجموعة سكانية».


مقالات ذات صلة

«مستر بيست» يفجر جدلاً في مصر بشأن «تأجير الأهرامات»

يوميات الشرق «مستر بيست» انتهى من تصوير أفلام ترويجية بمنطقة الأهرامات (إنستغرام)

«مستر بيست» يفجر جدلاً في مصر بشأن «تأجير الأهرامات»

أثار «يوتيوبر» أميركي جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بعد حديثه عن «تأجير الأهرامات»، وهو ما نفته وزارة السياحة والآثار المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرون تحت الماء (جمعية «سوبمير»)

سفينة غارقة قبل 2500 سنة تُخبّئ اكتشافات في صقلية

أسفرت حفريات تحت الماء قبالة سواحل صقلية لحطام سفينة عمرها 2500 عام، عن اكتشاف أدوات ومراسٍ قديمة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق إحدى الأيقونات في فيلم «كنيسة أبي سرجة» (يوتيوب)

«أبي سرجة»... فيلم وثائقي يُبرز رحلة العائلة المقدسة في مصر

فوق المغارة التي لجأت إليها العائلة المقدسة خلال رحلتها في مصر، تحديداً في المنطقة المعروفة حالياً بمصر القديمة في «مجمع الأديان».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)

«مستر بيست» يفجر جدلاً في مصر بشأن «تأجير الأهرامات»

«مستر بيست» انتهى من تصوير أفلام ترويجية بمنطقة الأهرامات (إنستغرام)
«مستر بيست» انتهى من تصوير أفلام ترويجية بمنطقة الأهرامات (إنستغرام)
TT

«مستر بيست» يفجر جدلاً في مصر بشأن «تأجير الأهرامات»

«مستر بيست» انتهى من تصوير أفلام ترويجية بمنطقة الأهرامات (إنستغرام)
«مستر بيست» انتهى من تصوير أفلام ترويجية بمنطقة الأهرامات (إنستغرام)

أثار «يوتيوبر» أميركي جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بعد حديثه عن «تأجير الأهرامات»، وهو ما نفته وزارة السياحة والآثار المصرية، مؤكدة أنه «حصل على تصريح تصوير مجموعة من الأفلام في المنطقة الأثرية».

وعبر حسابه على «إنستغرام»، قال «اليوتيوبر» الأميركي جيمس ستيفن دونالدسون، الشهير بـ«مستر بيست»، إنه «استأجر منطقة الأهرامات الأثرية لمدة 100 ساعة لتصوير محتوى يستكشف فيه المنطقة الأثرية التي سيبيت فيها، وسيرافقه مرشد سياحي يشرح له المعلومات التاريخية، وسيتمكن من الوصول إلى مناطق سرية وغرف لم يرها أحد»، مشيراً إلى أنه «عمل مع الحكومة المصرية على إنجاز اتفاق بهذا الشأن»، وفق تعبيره.

وتداولت وسائل إعلام محلية ما أعلنه «مستر بيست»، كما تساءل رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن صحة ما ذكره «مستر بيست»، وسط حالة من الجدل بشأن «تأجير الهرم»؛ وهو ما دفع وزارة السياحة والآثار المصرية لإصدار إفادة رسمية، الخميس، قالت فيها إن «هذا الأمر عارٍ تماماً من الصحة، وإن ما يتردد حول فكرة تأجير المنطقة يعد أمراً غير منطقي وغير وارد بأي شكل من الأشكال».

وأوضحت أن «اليوتيوبر لم يؤجر المنطقة وإنما حصل على تصريح بالتصوير في غير أوقات العمل الرسمية»، مشيرة إلى أنه «انتهى من أعمال التصوير بالكامل، دون أن يتم غلق المنطقة خلال فترة التصوير كما أُشيع ولا حتى لساعة واحدة».

لكن الوزارة أشارت في الوقت نفسه إلى أن ما فعله «مستر بيست» يعد من قبيل الترويج السياحي لمصر، وقالت: «التصوير جاء في ضوء قيام (اليوتيوبر) بتصوير سلسلة أفلام قصيرة داخل المنطقة، وهو ما يعد ترويجاً سياحياً لمصر، ولا سيما لمنتج السياحة الثقافية، من خلال تسليط الضوء على المنطقة الأثرية وما بها من آثار وأسرار عن عراقة الحضارة المصرية القديمة».

وأكدت على أنه «تم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية والأمنية قبل البدء في التصوير، وهو الأمر المتبع بصفة عامة في مثل هذه الحالات»، مشددة على أن «المنطقة كانت تعمل في أيام التصوير بكامل طاقتها في استقبال زائريها خلال ساعات العمل الرسمية».

لقطة من الفيديو المثير للجدل (إنستغرام)

وأشارت الوزارة إلى أنها «اتّبعت جميع الضوابط المنظمة لهذا الشأن، حيث كان يرافق (مستر بيست) آثاريون من المنطقة طوال مدة التصوير للتأكد من الالتزام بكل الإجراءات المنظمة لعملية التصوير، وبما يضمن الحفاظ على المنطقة الأثرية، وعدم الإخلال بأي شيء قد يضر بها».

ووفقاً لمصدر مطلع بمدينة الإنتاج الإعلامي، فإن «اليوتيوبر الأميركي طلب تصوير مجموعة من الأفلام القصيرة بالأهرام، وقضاء عدة ليال بالمنطقة الأثرية». وقال المصدر، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في ضوء الضوابط المعمول بها بشأن التصوير في المناطق الأثرية لا يمكن المبيت داخل الهرم، لذلك تم الاتفاق مع (مستر بيست) على التصوير في أوقات متعددة، ما يوحي بأنه قضى الليل في الهرم، دون السماح له بالمبيت داخله».

اليوتيوبر «مستر بيست» يحظى بشهرة واسعة (حسابه على فيسبوك)

وتعقيباً على الجدل، قال عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس، إنه «لا يوجد شيء اسمه تأجير الهرم، وما حدث أن (اليوتيوبر) طلب تصوير أفلام في الهرم، مقابل رسوم، وفقاً للإجراءات المتبعة بشأن التصوير في المناطق الأثرية والمعمول بها في دول عدة حول العالم».

وأوضح في تصريحات صحافية أن «(مستر بيست) صور لمدة أربعة أيام في الهرم، أفلاماً تعد من قبيل الدعاية السياحية لمصر، لا سيما أن لدى اليوتيوبر ملايين المتابعين»، نافياً أن يكون «(مستر بيست) قد نام داخل الهرم».