محاولات في مصر لإعادة إحياء طقوس فرعونية

عبر الاحتفال برأس السنة القديمة بالنيل

فرقة حدوتة مصرية تقدم قوانين ماعت (الشرق الأوسط)
فرقة حدوتة مصرية تقدم قوانين ماعت (الشرق الأوسط)
TT

محاولات في مصر لإعادة إحياء طقوس فرعونية

فرقة حدوتة مصرية تقدم قوانين ماعت (الشرق الأوسط)
فرقة حدوتة مصرية تقدم قوانين ماعت (الشرق الأوسط)

استعادت جمعيات ومنظمات أهلية وأفراد الاحتفال برأس السنة المصرية القديمة، الذي حلّ في 11 سبتمبر (أيلول) 2024، ليواكب الأول من شهر توت 6266، وفق التقويم المصري الذي يمتد حتى اليوم، ممثلاً في التقويم القبطي.

فعبر رحلة نيلية، انطلقت في جزيرة المنيل (وسط القاهرة) احتفل العشرات من عشاق الحضارة المصرية القديمة، برأس السنة المصرية من خلال ارتداء أيقونات وملابس وتيمات فرعونية، والتعريف بالسمات والخصائص الحضارية للفراعنة، وعرض تمثيلي لقوانين ماعت (إلهة العدالة) قدمته فرقة «حدوتة مصرية».

الاحتفالية التي نظمتها «الجمعية المصرية للتنوير وحراس الهوية المصرية» تضمنت كلمات تعريفية لسمات وخصائص الحضارة المصرية، وطريقة حساب التقويم المصري القديم انطلاقاً من إله الحكمة «تحوت»، أو «توت» الذي ينسب إليه وضع التقويم وتقسيم العام إلى 365 يوماً.

شهور السنة المصرية القديمة في ملصق وزعه منظم الاحتفالية (منظم الاحتفالية)

وتعتمد السنة المصرية على دورة الشمس، ويؤكد التقويم المصري معرفة المصريين القدماء بعلم الفلك وبراعتهم فيه، وتنقسم السنة المصرية إلى 13 شهراً، من بينها 12 شهراً متساوية، 30 يوماً لكل منها، وشهر أخير هو «نسيء» ويتضمن 5 أيام.

وما زالت هذه الشهور تستخدم في الزراعة بالقرى المصرية في الدلتا والصعيد حتى الآن، وفق ما أوضح سامي حرك، منظم الاحتفالية، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «التقويم المصري موجود في عمق ضمير العالم، والدليل على ذلك أن بداية السنة الدراسية والتعليم في معظم دول العالم تدور حول سبتمبر، وهو بداية السنة المصرية الجديدة».

وعدّ أن الحضور الكبير وحب الناس للحضارة المصرية والرغبة في استعادتها هو أكثر ما يميز هذا الاحتفال، فمعظم الحضور يحفظون الأمثال التي تقال على الشهور مثل: «توت يقول للحر موت»، إضافة إلى عادات وتقاليد معينة مرتبطة بالتقويم المصري.

في حين تأتي أسماء شهور السنة التي ما زالت تستخدم في التقويم القبطي لهذا العام 1741 منه، كالتالي: «توت وبابة وهاتور وكيهك وطوبة وأمشير وبرمهات وبرمودة وبشنس وبؤونة وأبيب ومسرا ونسيء».

الأزياء التراثية كانت بارزة في الاحتفالية (الشرق الأوسط)

ولفت حرك إلى أن «الزيادة الحقيقية التي يراها في أعداد المهتمين بالحضارة المصرية القديمة لا تظهر فقط في الاحتفالية السنوية على المركب النيلي وإنما يظهر هذا الزخم بشكل كبير على السوشيال ميديا».

في حين أكد أمين عام «الجمعية المصرية للتنوير»، إسحق حنا، أن «هذه الاحتفالية تسعى لاستعادة ملامح وطقوس وأزياء الحضارة المصرية القديمة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أن الهوية المصرية هي الأساس الذي نلجأ إليه ونحتمي به في كل الأوقات، خصوصاً في أوقات الشدة».

وتحدّث ممثل جماعة باسم «حماة الهوية المصرية»، عن الحد من الهجرات الوافدة من دول الجوار للحفاظ على الهوية المصرية، وهو ما اعترض عليه البعض، وعدّه «دعاية سياسية» ليس مكانها هذه الاحتفالية.

بعض الحاضرين حرصوا على ارتداء تيمات تُعبر عن الحضارة المصرية القديمة (الشرق الأوسط)

في حين عدّ المترجم المصري، محمد أبو رحمة، هذه الاحتفالية «فرصة لاستعادة الهوية المصرية بكل بهائها وتاريخها القديم العريق»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التعويل على خصوصية الهوية المصرية رهان قديم أطلقه طه حسين وغيره من كبار المفكرين بوصفه السبيل لتقدم مصر ونهضتها». وأضاف أن «عشاق الحضارة المصرية يقومون بزيارات دورية إلى أماكن أثرية كثيرة، مثل المتحف المصري أو معبد أبيدوس أو غيرهما من الأماكن».

وتضمنت الاحتفالية إذاعة أغنية «الشهور المصرية» التي تقدمها فرقة «طبلة الست»؛ حيث تربط الأغنية كل شهر بمثال وحكمة أو قول مأثور، وكان من بين حضور الاحتفالية قائدة الفرقة الفنانة سها محمد علي.

قائدة فرقة «طبلة الست» تُشارك في الاحتفالية بأزياء ذات طابع فرعوني (منظم الاحتفالية)

بينما أشار الدكتور كمال فريد إسحق إلى حرصه على حضور هذه الاحتفالية سنوياً، موضحاً أنه رغم تخصصه في الطب البشري فإنه اتجه لدراسة اللغة القبطية وقام بتدريسها في معهد اللغة القبطية، ويستعيد خلال هذه الاحتفالية مظاهر وملامح الحضارة المصرية القديمة.


مقالات ذات صلة

العزلة قد تكون أحد أسباب انقراض إنسان نياندرتال

يوميات الشرق متحف يعرض حياة عائلة من إنسان نياندرتال في كهف بمتحف نياندرتال الجديد في مدينة كرابينا الشمالية في كرواتيا 25 فبراير 2010 (رويترز)

العزلة قد تكون أحد أسباب انقراض إنسان نياندرتال

أشارت دراسة عن إنسان نياندرتال من سلالة قضت 50 ألف سنة من دون تبادل جينات مع مجموعات أخرى، إلى احتمال أن يكون انقراض هذا الإنسان نتيجة لهذه العزلة الجينية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق أصلُه ظلَّ لغزاً (إ.ب.أ)

علماء يفجّرون صدمة: حجر المذبح الضخم نُقل من أسكوتلندا إلى ستونهنج

أظهرت معطيات جديدة أنّ حجر المذبح الذي يزن 6 أطنان، الواقع في قلب ستونهنج، جاء من أقصى شمال أسكوتلندا، وليس من جنوب غربي ويلز، كما اعتُقد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم رئيس بلدية مدينة ناغازاكي اليابانية شيرو سوزوكي يتحدث إلى وسائل الإعلام في مبنى البلدية في ناغازاكي في 8 أغسطس 2024 قبل يوم واحد من إحياء الذكرى التاسعة والسبعين للقصف الذري للمدينة (أ.ف.ب)

سفراء مجموعة السبع يمتنعون عن حضور ذكرى قصف ناغازاكي لعدم دعوة إسرائيل

قال شيرو سوزوكي رئيس بلدية ناغازاكي اليابانية، إنه متمسك بقراره عدم دعوة السفير الإسرائيلي لحضور فعالية مقررة غداً (الجمعة) لإحياء ذكرى القصف النووي على المدينة

«الشرق الأوسط» (ناغازاكي (اليابان))
يوميات الشرق وجه «مومياء المرأة الصارخة» التي اكتشفت عام 1935 في الدير البحري بالقرب من الأقصر ويرجع تاريخها لنحو 1500 قبل الميلاد خلال فترة المملكة الحديثة في مصر القديمة تظهر بالمتحف المصري في القاهرة - 18 يناير 2023 (رويترز)

تفاصيل جديدة عن حياة وموت «المومياء الصارخة» في مصر

رجّح علماء آثار أن مومياء امرأة مصرية دُفنت منذ نحو 3500 عام، وتبدو على وجهها علامات صراخ، «ماتت وهي تتألّم».

شادي عبد الساتر (بيروت)
يوميات الشرق تجربة استثنائية يجدها الزائر في جناح وزارة الثقافة بمنطقة «سيتي ووك» بجدة (الشرق الأوسط)

«عام الإبل»... مبادرة سعودية تعزز القيم الثقافية الفريدة لأبناء الجزيرة العربية

تحتفي السعودية في كل عام بعنصر مميز من العناصر الثقافية وتعرّف بقيمته ودلالته عبر مبادرات وبرامج متنوعة.

إبراهيم القرشي (جدة)

اليونان تستضيف «الأسبوع الثقافي السعودي» أواخر سبتمبر

السعودية تهدف من تنظيم الحدث في اليونان إلى ترسيخ التبادل الثقافي الدولي (رويترز)
السعودية تهدف من تنظيم الحدث في اليونان إلى ترسيخ التبادل الثقافي الدولي (رويترز)
TT

اليونان تستضيف «الأسبوع الثقافي السعودي» أواخر سبتمبر

السعودية تهدف من تنظيم الحدث في اليونان إلى ترسيخ التبادل الثقافي الدولي (رويترز)
السعودية تهدف من تنظيم الحدث في اليونان إلى ترسيخ التبادل الثقافي الدولي (رويترز)

تحتضن العاصمة اليونانية «الأسبوع الثقافي السعودي» الذي تنظمه وزارة الثقافة السعودية خلال الفترة بين 27 سبتمبر (أيلول) و1 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وذلك بمركز زابيون في حدائق أثينا الوطنية.

ويشمل الحدث باقة فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية تعكس ثراء الثقافة السعودية في مختلف المسارات الإبداعية، كما يتضمّن جناحاً خاصاً بمبادرة «عام الإبل 2024»، يُعرّف الزوّار على مكانة هذا العنصر الثقافي الأساسي من عناصر هوية المملكة.

وسيشهد مشاركة هيئات وكيانات ثقافية سعودية ببرامج وأنشطة متنوعة، حيث تحضر هيئة الموسيقى بعروض لفنانين سعوديين بآلات موسيقية تقليدية، في حين تُقدم هيئة المسرح والفنون الأدائية عروضاً تقليديةً متنوعةً من مختلف مناطق المملكة تؤديها فرق أدائية وطنية.

وتتيح خيمة تقيمها هيئة التراث للزوَّار الاطلاع على التراث الثقافي السعودي وكنوزه الثمينة، والمستنسخات الأثرية، وأبرز الألعاب، والحِرف التقليدية السعودية؛ مثل صناعة البشوت، كما ستُقدّم بالتعاون مع المعهد الملكي للفنون التقليدية ورش عمل وفعاليات متنوعة.

وتُشارك هيئة فنون الطهي بفعاليةِ لتحضير أشهر الأطباق التقليدية بالمملكة، وتقديم القهوة السعودية للزوّار بوصفها رمزاً ثقافياً يعكس كرم الضيافة لدى المجتمع، فضلاً عن عرضٍ لأبرز المنتجات الغذائية.

وتعرضُ هيئة المكتبات للجمهور المخطوطات العربية والخط العربي، التي تعكس ثراء التراث الإسلامي من المخطوطات التاريخية، كما تشارك بالتعاون مع مبادرة «مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي» بخطاطين سعوديين يقدمون للزوّار إبداعاتهم في الخط، واستعراض نقوش عربية تعكس جماليته التاريخية.

وتُقدّم هيئة الأزياء معرضاً سعودياً يعكس إبداعات المصممين في المجال، ويُعرّف بالأزياء السعودية وما تختزنه من جمالياتٍ متنوعة، في حين تشارك هيئة الأفلام بعرض مخصص للأعمال القصيرة.

وتهدف الوزارة من تنظيم هذا الحدث في اليونان إلى ترسيخ التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية 2030»، وتعريف المجتمعات بالثقافة السعودية وثرائها الإبداعي، والإسهام في نقلها إلى منصاتٍ جديدةٍ تُتيح لهم الاطلاع على المملكة من زاوية أوسع، ومعرفة تاريخها الإنساني، وإبداعات شعبها على مرِّ التاريخ.