«وصلون» يحتفي بالحروفية والروحانيات بالأوبرا المصرية

معرض تشكيلي يضم 60 لوحة لفنانين عرب وأجانب

أعمال فنية من اتجاهات مختلفة شاركت في المعرض (الشرق الأوسط)
أعمال فنية من اتجاهات مختلفة شاركت في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«وصلون» يحتفي بالحروفية والروحانيات بالأوبرا المصرية

أعمال فنية من اتجاهات مختلفة شاركت في المعرض (الشرق الأوسط)
أعمال فنية من اتجاهات مختلفة شاركت في المعرض (الشرق الأوسط)

تجمعت أعمال 17 فناناً من 16 دولة عربية وأجنبية في ملتقى «وصلون» الذي يعرض أعماله بقاعة زياد بكير في دار الأوبرا المصرية، لتعبر عن التواصل بين الحضارات والثقافات، كما يحتفي بالحروفية والروحانيات في أكثر من عمل فني.

المعرض الذي يضم60 لوحة بخامات مختلفة مثل الأكريليك، والزيت والأحبار، يشارك فيه فنانون من الهند ولبنان والمملكة العربية السعودية وسويسرا وتونس وإيطاليا والمغرب والكويت ومصر والعراق والأردن واليمن وفلسطين وسلطنة عمان وسوريا والولايات المتحدة، وحل الفنان المصري طاهر عبد العظيم ضيف شرف للمعرض.

الفنان اليمني ردفان المحمدي منظم المعرض (الشرق الأوسط)

وجاء اسم «وصلون» اختصاراً لكلمتي وصل ولون، باعتبار أن الفن بألوانه المختلفة لغة تواصل عالمية، وتنوعت المشاركات بين أصحاب تجارب رائدة، وتجارب شبابية واعدة.

وتنوعت أعمال المعرض لتمثل أكثر من اتجاه فني، وهو ما أشار إليه الفنان اليمني ردفان المحمدي، منظم المعرض، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الملتقيات الفنية تعتمد على تفاعل الفنانين من اتجاهات وتجارب ودول مختلفة، وكل الأعمال الموجودة في المعرض هي نتاج ورشة عمل شارك فيها الفنانون».

الفنان الإيطالي قسطنطين ميجليوريني يشارك بثلاث لوحات تجسد ثلاث نساء في تراتبية معينة، تشير إلى الاهتمام بالمرأة وما تخفيه من غموض وحزن في روحها، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حاولت تقديم لوحات تمثل الاتجاه الفني الذي أميل إليه، من خلال الأسلوب التعبيري، وكذلك عبر ثنائية الأبيض والأسود».

أعمال الفنان الإيطالي المشارك في الملتقى (الشرق الأوسط)

ولفت منظم المعرض إلى أن «الفكرة جاءت بالاتفاق بيني وبين مروان الخالد راعي هذا الحدث، لتنظيم ورشة فنية يشارك فيها فنانون عرب وأجانب لتكون حلقة وصل بين الشعوب، والاطلاع على تجارب الفنانين من دول مختلفة، ومن هنا جاء اسم الملتقى (وصلون) من التواصل وتعدد الألوان المشاركة».

وأشار إلى أن «كل دولة تكاد تكون لها خصوصيتها وطابعها الفني المميز، فعلى سبيل المثال في اليمن المدرسة الواقعية هي الأبرز، في أوروبا يميلون للسريالية والرمزية والتجريد، في السعودية مثلاً يميلون أكثر للحروفية، ما يعطي زخماً كبيراً للملتقى».

من أعمال ملتقى وصلون بالأوبرا المصرية (دار الأوبرا المصرية)

بعض اللوحات تتداخل فيها الألوان والخطوط مع النصوص المكتوبة، وهو ما يعتمد عليه الفنان التونسي المقيم في باريس عبد الرزاق حمودة، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنه ينطلق من النصوص لرسم اللوحة، ومنها 3 لوحات شارك بها في المعرض ضمن اتجاه الخط التشكيلي: «كما يتمحور كل شيء في العالم حول الإنسان، فكل شيء في لوحاتي يتمحور حول النص، النصوص هي بداياتي، إحدى اللوحات كتبت فيها نص (مصر يا أمه يا بهية) لأحمد فؤاد نجم والتي غناها الشيخ إمام، ورسمت حولها، واللوحتان الأخريان استخدمت فيهما نصوصاً لجبران خليل جبران وهو يحكي عن البحر، والشاعر التونسي أولاد أحمد يتكلم عن القبلة المحرمة، ورسمت حولها».

الفنانة الأردنية ربا أبو شوشة أمام لوحاتها (الشرق الأوسط)

ويتجلى الحس الصوفي في بعض الأعمال التي تنطلق من أفكار بسيطة مرتبطة بالارتقاء نحو الأعالي، مع مساحات لونية زرقاء.

وكان لتبادل الخبرات وتنوع الثقافات بين المشاركين دور كبير في خروج الأعمال الفنية للنور بهذا الزخم والتنوع، بحسب ما تقول الفنانة الأردنية ربا أبو شوشة إن هناك أعمالاً خارجة من هذا المفهوم، مضيفة: «الورشة الفنية أعطتنا فرصة كبيرة للخروج بأعمال فنية مختلفة»، وتابعت: «كل فنان يعمل بالأسلوب الذي يريده ويهواه، ورغم أن دراستي هي العمارة التقليدية وأحاضر عنها في الجامعة، فإنني في أعمالي أعتمد على الانطباعية وبعض التجريد وكذلك الاتجاه الرمزي يدخل ضمن أعمالي، وهي تشير إلى الطريق الذي يبحث عنه الكثيرون لكي يصلوا إلى الهدوء والسكينة بدعم إلهي».

كما لفتت إلى مفارقة في إحدى لوحاتها، فقد رسمت السمك يطير في الهواء والطيور تغطس في البحر، وهي لقطات يمكن أن نشاهدها استثنائياً في عالم الواقع، وتشير إلى تبدل الأدوار من وجهة نظر فنية.

وقالت: «هذا يمكن أن نشاهده في عالم موازٍ واحتمالات وجود مختلفة عن العالم الذي نعيش فيه».

وينطلق الفنان المغربي عبد الرحيم حمزة من فنون الحروفية ليقدم لوحة كبيرة تضم حروفاً ورموزاً مختلفة، ويقول حمزة لـ«الشرق الأوسط»: «شاركت في ملتقى وصلون عبر مباراة على الإنترنت اشترطت أن يكون المشاركون لهم أكثر من معرض خارج بلدهم، وقد قدمت معارض كثيرة في كندا والهند ودول أخرى كثيرة، كما قدمت مشاركات كثيرة داخل المغرب من بينها منتدى أصيلة، وأعمل على الخط العربي ولكن ليس الكلاسيكي وإنما على الخط المغربي».

اللوحات الحروفية في منتدى أصيلة بوقت سابق (دار الأوبرا المصرية)

وأوضح أن «الخط المغربي فيه 5 أنواع منها المبسوط وهو الأشهر والثلث المغربي والكوفي المغربي والمجوهر والمسند، ولكنني في لوحاتي أنفتح على كل الثقافات والرموز، فبحكم إقامتي في مراكش وهي مدينة لها طابع دولي كوزموبوليتاني تخرج لوحاتي متأثرة بالعديد من المفردات الخطية التي يمكن أن يفهمها أي شخص في أي مكان».

وتابع حمزة: «اللوحة التي شاركت بها تحمل الطابع الغرافيتي، أو فن الشارع، وفيها إلى جانب الحروف العربية توجد حروف أمازيغية، وحروف لاتينية، أعتمد على التيمات الحروفية لأصنع منها عملاً فنياً بصرياً بلا هوية محددة».

 

لوحة حروفية للفنان المغربي عبد الرحيم حمزة (الشرق الأوسط)

 


مقالات ذات صلة

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي.

حمدي عابدين (القاهرة )

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».