جوزيف عازار يرسم عمالقة الفن في لوحة «لقاء الأحد اللبناني»

الرسام اللبناني قال لـ«الشرق الأوسط» إنها بمثابة علاج يشفي تشوّهات تصيب الساحة

لوحة «لقاء الأحد اللبناني» وتجمع 15 نجماً لبنانياً (جوزيف عازار)
لوحة «لقاء الأحد اللبناني» وتجمع 15 نجماً لبنانياً (جوزيف عازار)
TT

جوزيف عازار يرسم عمالقة الفن في لوحة «لقاء الأحد اللبناني»

لوحة «لقاء الأحد اللبناني» وتجمع 15 نجماً لبنانياً (جوزيف عازار)
لوحة «لقاء الأحد اللبناني» وتجمع 15 نجماً لبنانياً (جوزيف عازار)

يسبق اسمه شهرته كونه يذكّرك بفنان عريق من لبنان، فالمهندس جوزيف عازار رأى في فن الرسم مساحة تعبير مختلفة، وعَدّها نافذة يطلّ منها على الأمل والرجاء. وتُحدِث عنده توازناً يخلّصه من مشاهد نافرة تطالعه على الساحة الفنية.

يقول في هذا الصدد: «يولّد الفن التوازن النفسي والعاطفي. كما يولّد الأمل والتفاؤل فيسهّل علينا الحياة. إنه بمثابة علاج يشفينا من تشوّهات عدة وبينها ما يصيب الساحة الفنية اليوم من فوضى ونشاز».

في لوحته «لقاء الأحد اللبناني» يجمع حولها 14 من عمالقة الفن في لبنان. يختصر من خلالها حقبة فنية ذهبية. وكذلك تمثّل نافذة أمل نحو رؤية مستقبلية زاهية.

رسمها في عام 2012 وانتظر حتى عام 2024 ليضيف إليها اسماً جديداً. فاختار الفنان المتعدد المواهب جورج خبّاز ليصبح عدد ضيوفها 15 شخصاً.

يخطّط عازار لضم أسماء جديدة للوحة في الوقت المناسب (جوزيف عازار)

تجمع اللوحة كلاً من الراحلين صباح، وسعيد عقل، ووديع الصافي، وزكي ناصيف، وعاصي ومنصور الرحباني، وشوشو وغيرهم. ومن المبدعين الآخرين يصوّر فيها فيروز، وزياد الرحباني، وعبد الحليم كركلا، ونادين لبكي، وأمين معلوف، وجورج خباز.

اللوحة نفسها تزين اليوم أحد شوارع البترون في حي الميناء. وتشكّل جدارية مطبوعة تتأهل بزوّار هذه المدينة التي تضج بالحياة.

ويوضح جوزيف عازار لـ«الشرق الأوسط»: «في زحمة الحياة التي نعيشها أردت فسحة هدوء وأمل. عدت إلى زمن الفن الجميل وحقبة لبنان الذهبية، ليس من باب الحنين لعمالقة لن يتكرروا، فرؤيتي في هذه اللوحة أخذتني نحو مستقبل مشع، وأنا على اقتناع بأن لبنان لا يزال يولّد المبدعين».

تُعد لوحته بمثابة ذاكرة موثقة بلوحة، وتكريم للفنانين أيام الزمن الجميل، ولكنه يُعدّها في الوقت نفسه استمرارية لمستقبل يشهد ولادة عباقرة في الفن.

عندما رسم لوحته «لقاء الأحد اللبناني» انطلق عازار من تقليد اجتماعي لبناني أصيل. ففي هذا اليوم من نهاية الأسبوع تحلو إقامة هذا النوع من الجلسات. إنها عادة لا تستغني عنها العائلات. تضمّ أفرادها وضيوفاً يحبونهم ويعتبرونهم من أهل البيت. وتنهمك ربات المنازل بتحضير ألذ الأطباق تكريماً للضيوف.

أخذ المهندس والرسام جوزيف عازار بعين الاعتبار كل هذه التفاصيل. وضع على مائدة عمالقة الفن أشهى المأكولات. كما صوّرهم يتسامرون وبينهم من يغنّي وينطرب، وآخر يلقي قصيدة بالمناسبة. من ضيوفها الحاضرين وقوفاً الراحل سعيد عقل، وإلى جانبه يقف عبد الحليم كركلا حاملاً علبة الحلوى المشهورة في لبنان قديماً «البسكوت مع الراحة». فيروز الأنيقة تصغي، وصباح الحلوة تبتسم كعادتها. زياد الرحباني يدخّن السيجارة، وشوشو يتطلّع إلى المستقبل بعين ثاقبة.

في عام 2012 عندما رسم هذه اللوحة بيد أنه ترك فيها مقعداً خالياً. ويستدرك: «تركته للوقت وللزمن الذي أعثر فيهما على من يستحق من الجيل الجديد المشاركة في هذه الجلسة. وقع اختياري على جورج خباز ابن البترون وأحد نجوم الفن المشهورين في لبنان. فهو في رأيي فنان عبقري بشهادة الجميع. واستطاع إثبات مكانته مبدعاً أكثر من مرة. ومشواره مليء بالنجاحات والخبرات المتراكمة في شتّى المجالات الفنية».

استغرق جوزيف عازار نحو 12 سنة ليعثُر على الشخص المناسب في المكان المناسب. فمن من الجيل الفني الجديد سيضيفه ليلتحق بقطار رؤيته الفنية المستقبلية؟

يردّ لـ«الشرق الأوسط»: «ليس الأمر بهذه السهولة والدّليل على ذلك استغراقي 12 سنة لإضافة اسم جديد عليها. تلفتني مواهب عدة، ولكن الوقت سيغربلها ويثبت استمراريتها أو العكس».

جوردن بيترسون وأفكاره الفلسفية في لوحة (جوزيف عازار)

فكرة جوزيف عازار هذه بدأها برسمة لفيلسوف واختصاصي نفسي كندي جوردن بيترسون، «أنا من المعجبين بمؤلفاته وأحبّ الاستماع إليه في منشوراته على (إنستغرام)، أرسلت له الرسمة ولإعجابه الكبير بها ونشرها على حساباته الإلكترونية. فشكّلت نقطة الانطلاق الحقيقية لي في هذا المجال. وتوالت علي طلبات من النوع هذا من مختلف دول العالم».

التقنية التي يستخدمها الفنان اللبناني لا تعتمد على أسلوب واحد. فيجمع فيها ما بين الـ«ميكسد ميديا» و«الديجيتال» والحبر والزيت. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «لا أتقيّد بتقنية محدّدة بل أمزج ما بينها حسب رؤيتي للوحة. وعادة ما أبدأ برسمها بأناملي. ومن ثم أجري عليها التّعديلات والإضافات المطلوبة كي تولد لوحة فنية».

زيّن جوزيف عازار لوحته بخلفية فنية أيضاً تتألف من لوحات صغيرة لبيوت لبنانية.

«تصرفت فيها أكثر بخيالٍ واسعٍ لأشير إلى ضرورة الحفاظ على العمارة اللبنانية. فأثرت موضوع القواعد الجمالية للهندسة المعمارية والتنظيم المدني».

لاحقاً قد يوسّع مساحة اللوحة لتتضمّن نجوماً آخرين من بينهم الراحل ملحم بركات. ويختم لـ«الشرق الأوسط»: «لا بدّ من اكتشاف عباقرة جُدد من لبنان في المستقبل القريب. وأعتقد أني سأضيف إليها أسماءً ووجوه نجوم جددٍ يسهمون في تكملة تاريخ لبنان الفني».


مقالات ذات صلة

هل ينجح الذكاء الاصطناعي في توقّع الزلازل؟

تكنولوجيا دمار ناتج عن زلزال في كاليفورنيا (أرشيف - رويترز)

هل ينجح الذكاء الاصطناعي في توقّع الزلازل؟

لسنوات عديدة، كانت فكرة القدرة على توقّع الزلزال أمراً مستبعداً؛ فهل ينجح الذكاء الاصطناعي في هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سلالم معدنية بُنيت بأيادي جنود البحرية الأميركية أثناء الحرب العالمية الثانية (غيتي)

سلالم «هايكو» بجزيرة هاواي ممنوع تسلقها وتؤدي للسجن

أصبحت أكثر بقاع الطبيعة إثارة للجدل في هاواي، مبعثاً للقلق، وذلك بعد اعتقال 14 شخصاً، حديثاً، لدخولهم منطقة «سلالم هايكو» في جزيرة أوهو، وفقاً لمسؤولين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اللوحة تعود للقرن السابع عشر لفتاة صغيرة (دار مزادات «توماستون بليس»)

العثور على لوحة في أميركا... هل هي من أعمال رمبرانت المفقودة؟

خلال زيارة روتينية لمنزل خاص بمنطقة كامدن بولاية مين الأميركية، توصل كاجا فيلوكس، مالك ومؤسس دار مزادات شهيرة، إلى اكتشاف غير متوقع في الطابق العلوي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق إيلون ماسك (رويترز)

بحلول 2027... إيلون ماسك سيصبح «أول تريليونير في العالم»

قال تقرير جديد صادر عن مجموعة تتعقب الثروات، إن الملياردير إيلون ماسك في طريقه ليصبح أول تريليونير في العالم بحلول عام 2027.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا في جزيرة سيليبس شمال إندونيسيا يجري منذ أسابيع الاحتفال بـ«مانيني» وهي مناسبة خاصة بمجموعة توراجا (أ.ف.ب)

لماذا تُخرج مجموعة عِرقية إندونيسية جثث الموتى من المقابر؟

في جزيرة سيليبس شمال إندونيسيا يجري، منذ أسابيع عدة، الاحتفال بـ«مانيني» وهي مناسبة خاصة حيث يجري إخراج مئات الجثث بينها أطفال لإجراء طقوس تكريم لها.

«الشرق الأوسط» (سولاوسي الجنوبية (إندونيسيا))

سلالم «هايكو» بجزيرة هاواي ممنوع تسلقها وتؤدي للسجن

سلالم معدنية بُنيت بأيادي جنود البحرية الأميركية أثناء الحرب العالمية الثانية (غيتي)
سلالم معدنية بُنيت بأيادي جنود البحرية الأميركية أثناء الحرب العالمية الثانية (غيتي)
TT

سلالم «هايكو» بجزيرة هاواي ممنوع تسلقها وتؤدي للسجن

سلالم معدنية بُنيت بأيادي جنود البحرية الأميركية أثناء الحرب العالمية الثانية (غيتي)
سلالم معدنية بُنيت بأيادي جنود البحرية الأميركية أثناء الحرب العالمية الثانية (غيتي)

أصبحت أكثر بقاع الطبيعة إثارة للجدل في هاواي، مبعثاً للقلق مرة أخرى، وذلك بعد اعتقال 14 شخصاً، حديثاً، لدخولهم منطقة «سلالم هايكو» في جزيرة أوهو، وفقاً لمسؤولين.

ورغم روعة السلالم، فإن تصميمها يبدو غير متوقع؛ إذ يبلغ عدد درجاتها 4 آلاف درجة معدنية بناها جنود البحرية الأميركية، في أثناء الحرب العالمية الثانية، قبل التخلي عنها بعد فترة وجيزة. تقع السلالم في منطقة نائية من كانيوهي، والسبيل الوحيد للوصول إلى السلالم رحلة تسلق صعبة وغير مصرح بها.

وقال جيسون ريدولا، مدير «إدارة الحفاظ على البيئة وإنقاذ الموارد» في هاواي، في بيان حمل تحذيراً مخيفاً، إن «شخصاً ما سيصاب بأذى أو يفقد حياته».

ووفقاً للإدارة، فقد جرى توجيه الاتهام لجميع الأشخاص الذين جرى اعتقالهم، الأسبوع الماضي، بالتعدي على ممتلكات الغير ـ جنحة يمكن أن تؤدي إلى ما يصل إلى السجن 30 يوماً. في المجمل، جرى توقيف ثمانية من أصل 14 شخصاً، في 3 سبتمبر (أيلول)، رغم أنه لم يكن واضحاً ما إذا كانوا قد تسلقوا جميعاً.

وقال ريدولا: «من الخطر على الناس دخول منطقة البناء، وكذلك محاولة النزول من التلال. عليهم التفكير في العواقب إذا أصيب شخص ما، والأسوأ من ذلك أن يحتاج إلى إنقاذ. إنه مكان يصعب لفرق الإنقاذ من فرق الإسعاف الوصول إليه، ما قد يؤخر العلاج الطبي».