ميوزيكال «كلو مسموح» بالعربي يعيد كارول سماحة إلى المسرح

بعد 90 سنة على عرضه الأول في برودواي

المنتجة نايلة الخوري (فريق مسرحية «كلو مسموح»)
المنتجة نايلة الخوري (فريق مسرحية «كلو مسموح»)
TT

ميوزيكال «كلو مسموح» بالعربي يعيد كارول سماحة إلى المسرح

المنتجة نايلة الخوري (فريق مسرحية «كلو مسموح»)
المنتجة نايلة الخوري (فريق مسرحية «كلو مسموح»)

أغان، وموسيقى، ومرح، وفكاهة، ورقص ومقالب طريفة، على متن سفينة مغادرة من أميركا إلى لندن، يسافر عليها خليط مجنون من المغامرين، بينهم المغنية والعاشق والقسّ وأفراد عصابة. هذه العناصر مجتمعة تصنع الأجواء الحيوية للمسرحية الغنائية «كلو مسموح» التي ستُعرض في لبنان قريباً، بعد 90 سنة من عرضها الأول في برودواي.

بعد الإقبال الكبير الذي لقيه ميوزيكال «شيكاغو» بنسخته العربية، يعود المخرج والممثل والكوريغراف، روي الخوري بعمل معرّب جديد، من برودواي هو «كلو مسموح» (Anything Goes). انطلقت الفكرة بالاتفاق مع الفنانة كارول سماحة، التي غابت لفترة طويلة عن المسرح الغنائي والاستعراضي. وها هي تعود إلى جانب روي الخوري، لترقص وتغني وتمثّل على المسرح.

وكانت سماحة قد تألقت على المسرح الرحباني، في أعمال غنائية عدة، بينها «آخر أيام سقراط»، و«ملوك الطوائف»، و«أبو الطيب المتنبي» التي كتبها الراحل منصور الرحباني، ومن ثَمّ عادت في عمل استعراضي غنائي، على مسرح «كازينو لبنان» عام 2013 لتثبت من جديد أنها نجمة مسرحية غنائية تفرض حضورها على الخشبة.

ملصق المسرحية (فريق مسرحية «كلو مسموح»)

هذه المرة، التجربة مختلفة، والميوزيكال ليس فناً متجذراً في العالم العربي. ومسرحية «كلو مسموح» مأخوذة عن مسرحية عالمية معروفة بدأ عرضها للمرة الأولى عام 1934، ومع ذلك لا يزال موضوعها معاصراً. وأُعيد إحياؤها عام 1962 خارج برودواي، وعُمل عليها أيضاً عام 1987، ومن بعدها عام 2011، وبقيت الشخصيات تقريباً هي نفسها، والتعقيدات هي عينها، وغالبية التّعديلات كانت على الأغنيات التي يُحذف بعضها أو يضاف غيرها. أربع نسخٍ إذن، لكن العروض لم تنقطع بين أميركا وإنجلترا.

«تناقشنا طويلاً مع كارول سماحة، في احتمالات لمسرحيات مختلفة، قبل أن يقع الخيار على العمل هذا. فالدور الذي تلعبه، في العمل، ليس لأميرة، ولا ملكة، وإنما مختلف تماماً عن أي دور سابق لها. فهي على المسرح امرأة تدبّر المقالب، وتحيك الأحابيل، لتوقع الآخرين». ويضيف المخرج روي الخوري: «أحبت كارول أن تطلّ بعمل (كوميدي لايت)، لتكسر الصور السابقة التي أطلت بها».

القصة كلها تدور على باخرة، يجتمع عليها الممثلون، لا يتوقفون عن تدبير المقالب.

كارول سماحة (فريق مسرحية «كلو مسموح»)

تسافر مغنية الملاهي الليلية أو الواعظة ياسمينا (كارول سماحة) من نيويورك إلى إنجلترا. يختبئ صديقها كريم (روي الخوري) ليكون بالقرب من حبيبته، لكن المشكلة أن الحبيبة مخطوبة للورد ثري هو رامي العلم (دوري سمراني). ينضمّ إلى مثلث الحب هذا على متن السفينة الفاخرة العدو العام رقم 13، ومجاعص (فؤاد يميّن)، ورفيقته في الجريمة ألمازا (جوي كرم).

وبمساعدة بعض الألعاب التنكرية التي تلجأ إليها بعض الشخصيات، ومع حيل البحارة الراقصين، وبممارسة بعض الابتزاز الطّريف، يوحد ياسمينا ومجاعص جهودهما لمساعدة كريم في سعيه للفوز بقلب حبيبته.

يعدنا المخرج الخوري الذي كتب النّص مع فؤاد يميّن وعرّباه بالمحكية اللبنانية، بكثير من الضحك والفكاهة. فالقصة في الأصل طريفة وحيوية، وقد تمكّن الكاتبان من منحها بُعديها اللبناني والعربي أثناء صياغة الأحداث، دون أن يؤثّر ذلك على طبيعة القصة والمضمون، والطّرح الأصل.

يشارك على المسرح إضافة إلى الفرقة الموسيقية التي تتألف من 16 موسيقياً، يقدمون عزفاً حيّاً، 10 ممثلين، و20 راقصاً وراقصة. كتب الأغنيات بالعربية كلود أبو حيدر، والكوريغرافيا والتدريب على الرقص يعنى بهما المخرج نفسه الذي له مدرسة رقص خاصة به. وميزة الاستعراض في المسرحية أنها تتضمن رقصات ذات أساليب مختلفة، من التانغو إلى الجاز والتاب، وغيرها، وهو ما يضفي تنوعاً كبيراً على المشهديات.

روي الخوري (فريق مسرحية «كلو مسموح»)

وكان لنجاح ميوزيكال «شيكاغو» الدور الرئيسي في تشجيع مؤسسة الإنتاج الأميركية نفسها على منح رخصة ثانية للمخرج لتعريب مسرحية أخرى، خصوصاً بعد أن نشرت «نيويورك تايمز» مقالة على صفحتها الأولى تشيد بميوزيكال «شيكاغو» بالعربي. وهو ما جعل سمعة فريق العمل مشجّعة على منحهم الثقة.

تعرض «كلو مسموح» على خشبة «كازينو لبنان» في الصالة الكبرى التي تتّسع لأكثر من ألف شخص، على مدى أسبوعين، بدءاً من 11 أكتوبر (تشرين الأول). وهي مدة قابلة للتمديد.

التدريبات اليومية تسير على قدم وساق، وعلى مدار الساعة. «أدرب الراقصين بشكل منفصل، والممثلين وحدهم، والموسيقيين في وقت محدّد، ثم في النهاية يركّب (البازل). لهذا أعمل طوال النهار مع المشاركين في المسرحية»، يقول خوري.

أمّا كارول سماحة، فهي ممتلئة حماسة لهذه العودة، «وأنا فخورٌ للغاية لأنّها منحتني ثقتها، لتنال الإطلالة التي ترغب بها».


مقالات ذات صلة

«ضوء»... رحلة فلسفية تبحث عن الحقيقة

يوميات الشرق السرير أبرز ملامح الديكور بالعمل (القاهرة التجريبي)

«ضوء»... رحلة فلسفية تبحث عن الحقيقة

لفتت المسرحية السعودية «ضوء» التي تُعرض حالياً ضمن فعاليات مهرجان «القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» الأنظار إليها بقوة.

رشا أحمد (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان أحمد راتب قدم مسيرة حافلة (حساب لمياء راتب على فيسبوك)

لمياء أحمد راتب: والدي أفنى عمره في المسرح... وتكريمه تأخر كثيراً

بعد شكوى لمياء أحمد راتب المتكررة من تجاهل تكريم والدها في أي محفل فني مصري أعلن مهرجان «القاهرة للمسرح التجريبي» عن تكريمه خلال حفل الختام.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج أبو حدبة كتب المسرحية وأخرجها (مخرج العمل)

«ميوزيكال»... راني أبو حدبة يجمع ذكريات «شارع الحمرا»

شارع الحمراء في بيروت من أكثر الأماكن التي يحمل منها اللبنانيون على اختلاف أعمارهم ذكريات جمّة، اكتسب شهرته من مقاهيه وصالاته السينمائية ومسارحه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

اختتم مهرجان «العلمين الجديدة» نسخته الثانية بحفل غنائي للمطرب المصري الشاب ويجز، الجمعة، بعد فعاليات متنوعة استمرت 50 يوماً.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق د ملحة عبد الله  (حسابها على فيسبوك)

ملحة عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: أقسو على المرأة لتنفض غبار الاستكانة

لم يتم إطلاق لقب «سيدة المسرح السعودي» على د. ملحة عبد الله من فراغ، فهي أول سعودية تحصل على درجة الدكتوراه في المسرح.

رشا أحمد (القاهرة )

موسيقى «الهيفي ميتال» تتوسع سريعاً في السعودية

جيجي أرابيا (الشرق الأوسط)
جيجي أرابيا (الشرق الأوسط)
TT

موسيقى «الهيفي ميتال» تتوسع سريعاً في السعودية

جيجي أرابيا (الشرق الأوسط)
جيجي أرابيا (الشرق الأوسط)

تفاعُل الشبان السعوديين مع موسيقى «الهيفي ميتال» لم يكن مشهداً مألوفاً قبل عقد من الزمان، لكنه اليوم بات رائجاً بدرجة كبيرة، فمع ازدهار صناعة الموسيقى في السعودية زادت شعبية أنماط موسيقية لم تكن حاضرة، من ذلك موسيقى «الهيفي ميتال» التي تعود أصولها إلى أواخر الستينات من القرن الماضي، وارتفع استهلاكها بين الجيل الجديد، مع تنامي فرق الميتال المحليّة التي تنتشر اليوم بين الرياض وجدة والمنطقة الشرقية.

تحدثت «الشرق الأوسط» مع جيجي أرابيا، وهي سيدة سعودية مؤثرة في مجال موسيقى الهيفي ميتال محلياً، بصفتها المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة «هيفي أرابيا إنترتينمنت»، أول شركة في السعودية مكرَّسة للترويج وإدارة موسيقى الهيفي ميتال. تقول جيجي إن رحلتها في عالم موسيقى الهيفي ميتال بدأت من خلال تجربتها في الترويج للحفلات الموسيقية في دبي، حيث شاركت في الترويج لفعاليات فرق ميتال شهيرة مثل Omnium Gatherum وSepultura، ثم قررت إنشاء شركتها بعد أن أدركت الإمكانات والطلب على موسيقى الهيفي ميتال محلياً، مضيفةً: «هدفي هو جعل السعودية وجهة مهمة لموسيقى الهيفي ميتال، مثلما تعد الدول الاسكندنافية مرجعاً رئيسياً في هذا المجال».

مشاريع جديدة

بالسؤال عن واقع موسيقى الروك والميتال في المملكة اليوم، تجيب بالقول: «يشهد تطوراً ملحوظاً، لكنه لا يزال في مرحلة مبكرة نسبياً. لا شكّ أن هناك اهتماماً متزايداً بهذه الأنواع الموسيقية من الجمهور أو من الموسيقيين على حد سواء، وهو ما يعكسه ظهور مشاريع وإصدارات فنّية وفرق جديدة باستمرار. مثل فرقة (سيرا) النسائية التي تعد رمزاً للتغيير في هذا المجال. إضافةً إلى توفر منصات لأداء هذا اللون الفني في فعاليات ثقافية مثل مؤتمر (XP Music Futures) للموسيقى والعروض التاريخية لفرق عالمية مثل (Metallica) و(Cryptopsy) في السعودية والتي تعد مؤشرات واضحة على أن هذه الأنواع الموسيقية أصبحت تحظى باهتمام أكبر، كما أن هناك مبادرات جديدة ستظهر في نهاية سنة 2024 بهدف تسليط الضوء على هذا اللون الفني بشكل مختلف وأكثر توسعاً».

الفرقة الأميركية الأشهر عالمياً «ميتاليكا» قدمت حفلاً في الرياض ديسمبر الماضي (إنستغرام الفرقة)

جمهور «الهيفي ميتال»

لكن هل هناك جمهور حقيقي لموسيقى الهيفي ميتال في السعودية؟ تجيب جيجي: «نعم! على الرغم من أن هذا النوع من الموسيقى قد لا يكون رائجاً بشكل كبير في التيار الرئيسي، فإن هناك قاعدة جماهيرية متزايدة والتي برأيي أكثر ولاءً من غيرها في المملكة. ومع التغييرات الثقافية والاجتماعية التي يشهدها المجتمع السعودي، وضمن إطار (رؤية 2030) بدأت هذه الأنواع من الموسيقى تجد جمهورها وتلقى قبولاً أكبر مما كانت عليه في السابق».

وتشير هنا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً كبيراً في تمكين عشاق هذا النوع من الموسيقى من التواصل وتبادل الاهتمامات، بالإضافة إلى تسهيل اكتشاف الموسيقيين المحليين الذين يتبنون هذا الأسلوب، مما يعزز نمو هذه الثقافة الموسيقية في البلاد، وتردف: «نرى كثرة هذا الجمهور من خلال حضور الحفلات المستقلة الصغيرة أو متابعة الفنانين المحليين عبر الإنترنت. ومع زيادة الانفتاح الثقافي في المملكة، من المتوقع أن يتسع هذا الجمهور بشكل أكبر في المستقبل».

تهدف جيجي لجعل السعودية وجهة مهمة لموسيقى الهيفي ميتال (الشرق الأوسط)⁩

الفِرق النشطة

وبسؤالها عن عدد فرق الهيفي ميتال الموجودة في السعودية اليوم، تقول جيجي: «من الصعب تحديدها بشكل دقيق، حيث إن العديد من هذه الفرق تعمل بشكل مستقل أو غير رسمي. ومع ذلك، يُقدّر أن هناك نحو 15 إلى 20 فرقة هيفي ميتال نشطة في المملكة، تتنوع بين الفرق التي بدأت تحقق بعض الشهرة على الصعيد العالمي وتلك التي لا تزال في مراحلها الأولى. ومع زيادة الانفتاح الثقافي والدعم الحكومي واهتمام الشباب بمختلف أنواع الموسيقى، من المتوقع أن يستمر هذا العدد في النمو خلال السنوات القادمة».

وتتناول جيجي جدوى الاستثمار والعائد المادي من هذه الفرق، مبينةً أنه في ظل غياب مبيعات الألبومات بشكل كبير في مجتمع الموسيقى المحلي، والذي يعد أحد أكبر مصادر الدخل للفنان، فإن الفنانين باتوا يعتمدون بشكل أساسي على البث الرقمي وسيلةً لنشر أعمالهم. ومع ذلك، يبقى الأداء الحي هو المصدر الرئيسي للدخل لهذه الفرق في الوقت الحالي. وتضيف: «تواجه فرق الروك والميتال في السعودية تحديات إضافية تتعلق بقدرة الأماكن المحدودة على توسيع طاقتها الاستيعابية، مما يجعل من الصعب عليها توسيع نطاق جمهورها أو جذب رعاة محتملين، وهو مصدر آخر مهم للدخل».

وتتابع: «العائد على الاستثمار في هذه الفرق في الوقت الحالي قد لا يكون كبيراً، ولكن هناك تفاؤل بأن الأمور ستتحسن مع الوقت من خلال بعض الحلول التي قد تسهم في تحسين العوائد، مثل خلق مبادرات مستقبلية واعدة وأكثر شمولية، وزيادة الدعم الحكومي للمبادرات الموسيقية المتنوعة كما رأينا مؤخراً من خلال توقيع وزارة الثقافة والهيئة العامة للترفيه اتفاقية تهدف إلى إطلاق مشاريع مشتركة تركز على تطوير مجالات مثل السينما والموضة والموسيقى، بما يتماشى مع أهداف (رؤية السعودية 2030)».

وعن تعزيز البنية الموسيقية، ترى جيجي أن ذلك من شأنه زيادة فرص نمو الفرق والفنانين بشكل عام وفرق الروك والهيفي ميتال في المملكة بشكل خاص، إضافةً إلى أن تطوير البنية التحتية الموسيقية في المملكة، مثل بناء مساحات أداء ذات طاقة استيعابية أكبر، وتعزيز ثقافة الرعاية من الشركات والمؤسسات التي ترغب في دعم ألوان جديدة ومختلفة من الفن والموسيقى، وخلق منصات ومبادرات مخصصة لدعم وتطوير فرق الروك والميتال محلياً وإقليمياً.

ولأنها تركز على الترويج لحفلات الميتال في السعودية، تؤكد جيجي أن شركتها أسهمت في تنظيم أول العروض الموسيقية المحلية والإقليمية والسعي لإدراجها في الفعاليات الثقافية العامة، مما ساعد في جلب الاهتمام المحلي والعالمي لموسيقى الميتال. وهذا يشمل العرض الموسيقي في مؤتمر XP في سنة 2023 وإعطاء الفرق المحلية الفرصة للأداء في العروض الحيّة لفرق عالمية مثل Cryptopsy، والتي كانت إقامتها لحظة تاريخية لمشهد الميتال في السعودية. وتختتم حديثها بالقول: «رؤيتي تتجاوز الترويج المحلي؛ فهي تهدف إلى تصدير فرق الميتال السعودية إلى الأسواق الدولية وخلق صناعة موسيقية مستدامة داخل المملكة».