«أرزة»... فيلم يعزّز صورة اللبنانية المناضلة

مخرجته ميرا شعيب لـ«الشرق الأوسط»: حمّلته ذكرياتنا مع بيروت الحبيبة

بيوت اللبنانيين البسيطة تتميّز بالدفء (صور المخرجة)
بيوت اللبنانيين البسيطة تتميّز بالدفء (صور المخرجة)
TT

«أرزة»... فيلم يعزّز صورة اللبنانية المناضلة

بيوت اللبنانيين البسيطة تتميّز بالدفء (صور المخرجة)
بيوت اللبنانيين البسيطة تتميّز بالدفء (صور المخرجة)

انطلقت عروض الفيلم اللبناني، «أرزة»، في صالات السينما. قصته مستوحاة من حكايات كل لبناني رفض الاستسلام، فواجه المصاعب والأزمات بصلابة، وتمسَّك بالأمل. وقد صُوِّر في مختلف مناطق بيروت، مُقدِّماً تحية تكريمية لمدينة قوامها التعدّدية والتنوّع.

ينقل «أرزة» تفاصيل حياة اللبناني، ويبرز أشكال العلاقات الاجتماعية. يُمرّر رسائل مبطّنة وأخرى مباشرة عن تشعّبات المجتمع وانقساماته، ويضع إصبعه على الجرح، فيستخدم قصة سرقة دراجة نارية اختزالاً لودائع اللبنانيين التي نُهبت في المصارف. والرسالة الأبرز التي يضعها في كادر عريض تصبّ في مصلحة تعزيز صورة المرأة اللبنانية المناضلة.

ميرا شعيب في موقع التصوير (صور المخرجة)

مدته نحو 90 دقيقة؛ وهو من كتابة فيصل سام شعيب ولؤي خريش. وقّعت إخراجه ميرا شعيب، ويؤدّي بطولته ممثلون لبنانيون، منهم بيتي توتل، وديامان بو عبود، وفؤاد يمين، وفادي أبي سمرا، وإيلي متري، وجنيد زين الدين، وطارق تميم. ويجسّد دور «كنان»، ابن «أرزة» (ديامان بو عبود)، بلال الحموي.

طوال عرضه، يستمتع مُشاهده بمتابعة عمل لبناني بامتياز. مخرجته لم تحاول تلميع صورة المدينة. كما ركنت إلى البيوت المتواضعة، مركزةً على دفء أجوائها. مرّت على مختلف شوارع المدينة، بدءاً من منطقة طريق الجديدة، وصولاً إلى بدارو. شريطها السينمائي نسخة طبق الأصل عن واقع لا زيادة فيه ولا نقصان. وأضفت مشاركة أبطاله نكهة النجومية المطلقة، فحبكته شعيب بكاميرا شبابية تنبض بالموهبة والإبداع.

تقول لـ«الشرق الأوسط» إنها تعدُّه بدايةً لأفلام تروي قصص اللبنانيين عن قرب مع لمسة كوميدية. وتتابع المخرجة: «كوني مغتربة، تركت الأفلام اللبنانية في داخلي ملاحظة تتمثّل بعدم نقلها هذا الدفء الموجود في العائلة والبيوت اللبنانية على اختلاف الفئات الاجتماعية، وهذا أحزنني. الدفء يحضر في الفيلم عبر جولات في مناطق بيروت، وكذلك في ألوان بيوتنا الجميلة، المتّشحة بالخضار ولو من خلال نبتة على الشرفة. المسؤولة عن التصوير السينمائي حاجي جون من كوريا الجنوبية لاحظت ذلك، فما شاهدته من قبل كانت أفلاماً باردة على هذا المستوى».

مشهد من فيلم «أرزة» (صور المخرجة)

موضوع الفيلم مستوحى من فيلم أجنبي بعنوان «لصوص الدراجات». توضح شعيب: «مع فيصل ولؤي نؤلّف ثلاثية تنفّذ أفلامنا. سبق أن قدّمنا فيلمين قصيرين هما (غربة) و(ليلك). (أرزة) هو أول شريط طويل ننفّذه. استوحى فيصل ولؤي فكرته من الفيلم الغربي المذكور. فهو واقعي ألهمنا تقديم عملنا على الطريقة اللبنانية».

يتناول الفيلم امرأة لبنانية مثابرة تشتري دراجة نارية مستعملة لتُوسّع أعمالها في تحضير الفطائر المنزلية. تسرق قطعة ذهب من خزانة شقيقتها المضطربة نفسياً لتأمين الدفعة الأولى. ثم تُسرَق الدراجة لتبدأ رحلة «أرزة» في البحث عنها.

استغرق التنفيذ سنوات، بدءاً من 2018. فهو صُوِّر عام 2022 بوصفه فيلماً قصيراً. ثم تحوَّل شريطاً طويلاً يرتكز على قصة مشوّقة. تضيف شعيب: «(أرزة) نموذج حيّ للمرأة اللبنانية المناضلة. إنها تمثل أمهاتنا وعمّاتنا وخالاتنا. تشبهنا بتفكيرها البعيد عن الطائفية والسياسة والتزلّم. تسير وراء هدفها حتى نيله مهما كلّفها الأمر. فهي الأم التي تربّي الأجيال بحُبّ واهتمام، فتولّد مجتمعاً مُشبعاً بالعطف والحنان. وعملنا في الفيلم لسرد ذكرياتنا مع بيروت. ففي شوارعها وأزقّتها ترعرعنا. أهدي العمل إلى كل أم جاهدت وبذلت حياتها من أجل لمّ شمل عائلتها، فارتكزت أولوياتها على الجمع بدل التفرقة».

بطلتا الفيلم بيتي توتل وديامان بو عبود (صور المخرجة)

يمرُّ الفيلم على معظم مناطق بيروت، من الرميل وبرج حمود والمنارة، وصولاً إلى أنطلياس والأوزاعي وبدارو: «تجمهر الناس في كل منطقة حولنا وقدَّموا المساندة بحُبّ. جميع الممثلين وثقوا بفكرة العمل، وتشرّفتُ بإطلالاتهم وإنْ ضيوفَ شرف. هم ينتمون إلى مختلف الفئات والطوائف، فمثّلوا أدوارهم من واقع حياتهم اليومية ومناطقهم، وأحيوا هذه التعدّدية التي تتمتّع بها بيروت».

نهاية الفيلم السعيدة تزوّد مُشاهدها بالأمل، فيصفّق لفريق العمل إعجاباً وتشجيعاً. موهبة شبابية جديدة تُمثّلها ميرا شعيب في عالم السينما اللبنانية، خلفيتها الدراسية العالية المستوى بين جامعات ومعاهد لبنان وأميركا وأوروبا زوّدتها بالحرفية.

ومن المنتظر أن يشارك «أرزة» في مهرجانات سينمائية عدّة. فبعد بكين في الصين، شارك في «تريبيكا» للسينما في نيويورك، وكذلك في «مهرجان الأفلام اللبنانية» بأستراليا، وقريباً يشارك في 6 مهرجانات جديدة من بينها «القاهرة السينمائي».


مقالات ذات صلة

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
TT

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)

كشفت دراسة أميركية عن استراتيجية بديلة تلجأ إليها الخفافيش عندما تفقد قدرتها على السمع، وهي حاسة أساسية تستخدمها للتوجيه عبر تقنية الصدى الصوتي.

وأوضح الباحثون من جامعة جونز هوبكنز أن النتائج تثير تساؤلات في إمكانية وجود استجابات مشابهة لدى البشر أو الحيوانات الأخرى، مما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Current Biology).

وتعتمد الخفافيش بشكل أساسي على حاسة السمع للتنقل والتواصل عبر نظام تحديد المواقع بالصدى (Echolocation)، إذ تُصدر إشارات صوتية عالية التّردد وتستمع إلى صدى ارتدادها عن الأشياء المحيطة لتحديد موقعها واتجاهها. وتعد هذه القدرة إحدى الحواس الأساسية لها.

وشملت الدراسة تدريب الخفافيش على الطيران في مسار محدد للحصول على مكافأة، ومن ثم تكرار التجربة بعد تعطيل مسار سمعي مهمٍّ في الدماغ باستخدام تقنية قابلة للعكس لمدة 90 دقيقة.

وعلى الرغم من تعطيل السمع، تمكنت الخفافيش من إتمام المسار، لكنها واجهت بعض الصعوبات مثل التصادم بالأشياء.

وأوضح الفريق البحثي أن الخفافيش تكيفت بسرعة بتغيير مسار طيرانها وزيادة عدد وطول إشاراتها الصوتية، مما عزّز قوة الإشارات الصدوية التي تعتمد عليها. كما وسّعت الخفافيش نطاق الترددات الصوتية لهذه الإشارات، وهي استجابة عادةً ما تحدث للتعويض عن الضوضاء الخارجية، لكنها في هذه الحالة كانت لمعالجة نقص داخلي في الدماغ.

وأظهرت النتائج أن هذه الاستجابات لم تكن مكتسبة، بل كانت فطرية ومبرمجة في دوائر الدماغ العصبية للخفافيش.

وأشار الباحثون إلى أن هذه المرونة «المذهلة» قد تعكس وجود مسارات غير معروفة مسبقاً تعزّز معالجة السمع في الدماغ.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة، الدكتورة سينثيا موس، من جامعة جونز هوبكنز: «هذا السلوك التكيفي المذهل يعكس مدى مرونة دماغ الخفافيش في مواجهة التحديات».

وأضافت عبر موقع الجامعة، أن النتائج قد تفتح آفاقاً جديدة لفهم استجابات البشر والحيوانات الأخرى لفقدان السمع أو ضعف الإدراك الحسي.

ويخطط الفريق لإجراء مزيد من الأبحاث لمعرفة مدى تطبيق هذه النتائج على الحيوانات الأخرى والبشر، واستكشاف احتمال وجود مسارات سمعية غير معروفة في الدماغ يمكن أن تُستخدم في تطوير علاجات مبتكرة لمشكلات السمع لدى البشر.