مهرجان «ڤينيسيا» يصل إلى ساعاته الحاسمة

بيدرو ألمودوڤار على وتر مشدود والآخرون يتفاوتون

جوليان مور (إلديسيو)
جوليان مور (إلديسيو)
TT

مهرجان «ڤينيسيا» يصل إلى ساعاته الحاسمة

جوليان مور (إلديسيو)
جوليان مور (إلديسيو)

كما لو أن حرارة الطقس القاسية تراجعت، لترتفع عوضاً عنها حرارة المنافسة والترقب. فمساء السبت، تُعلن نتائج الدورة الـ81 من مهرجان «ڤينيسيا» السينمائي الذي استمر 12 يوماً، عُرض فيها 21 فيلماً في المسابقة الرسمية، ونحوها في المسابقة الثانية من حيث الأهمية، وهي «آفاق»، وقرابة 18 فيلماً في «آفاق أكسترا»، و29 فيلماً خارج المسابقة، ومن ثَمّ قرابة 110 أفلام في الأقسام والعروض الموازية.

القراءة المسبقة للنتائج تُعزّز في مجملها توقعات قائمة على احتمالات نسبية؛ لأنه إذا ما اتبعنا ما نال إعجاب النقاد فإن أعلى الأفلام تقديراً هو الفيلم الإسباني «الغرفة المجاورة» (The Room Next Door) لبيدرو ألمودوڤار، والفيلم الأميركي «النظام» (The Order) للأسترالي جاستين كورزيل، فالإيطالي«Queer» للوكا غوادانينو، يليه البرازيلي (I'm Still Here) «ما زلت هنا»، ومن بعده الفيلم المجري-البريطاني-الأميركي المشترك «المتوحش» (The Brutalist) لبرادي كوربيت.

المخرج ألمودوڤار وبطلتا «الغرفة المجاورة» تيلدا سوينتون وجوليان مور (الديسيو)

على بُعد يسير، هناك الفيلم الأميركي «جوكر: جنون ثنائي» لتود فيليبس والفيلم الفرنسي «ثلاثة أصدقاء» لإيمانويل موريه.

لا يبدو أن «جوكر: جنون ثنائي» سيحصد شيئاً، ليس لأنه مُصاب برداءة الصّنعة، بل لأن المهرجان كان منح «جوكر» الأول، سنة 2019، جائزته الأولى. الفيلم الجديد ليس أفضل من السابق، أو مدهماً كما كانت حاله. كذلك وجود لجنة تحكيم تحت قيادة الممثلة الفرنسية إيزابيل أوبير قد يدفع هذه اللجنة للبحث في تلك الأفلام الأوروبية المذكورة.

حظ المخرج الإسباني ألمودوڤار عالق على وتر مشدود. شارك 3 مرات سابقة في مسابقة المهرجان، ونال جائزة تقديرية لمهنته سنة 2019، لكنه لم يفز بالأسد الذهبي. هذه المرّة تبدو حاسمة. وفي حين يعتقد البعض أن إحدى بطلتي فيلمه الجديد «الغرفة المجاورة»، جوليان مور، وتيلدا سوينتون، ستفوز بجائزة أفضل ممثلة، بيد أن ذلك ليس متوقعاً لدى هذا الناقد، كونهما تؤديان دوريهما بنمط حدّده المخرج، علماً بأنه استعان بمترجمة لإدارتهما، كونه لا يتحدّث الإنجليزية.

«المتوحش» منافسٌ قوي في خانات عدّة: إخراجاً وبطولة رجالية (لأدريان برودي) وفيلماً. بالنسبة لفيلم «النظام» يبدو حالياً فرساً أسود قد يفوز فيلماً، وإذا لم يفعل قد يفوز مخرجه جاستين كورزيل عنه.

من المستبعد فوز الإيطالي «كوير»، لمخرجه لوكا غوادانينو بجائزة أولى، ولو أنه من المطروح احتمال فوز الممثل الأول في الفيلم دانيال كريغ بجائزة أفضل ممثل.

هذه الاحتمالات قد تُصيب وقد تخيب، لأن ما يدور في خلدان سيدات ورجال التّحكيم لا يتّبع آراء النقاد، بل مناقشات مختلفة في آرائها، وجوهرها، ونظرتها لما يستحق ومن يستحق بدرجة أقل، أو لا يستحق مطلقاً.

جوليان مور لـ«الشرق الأوسط»: أجد راحتي وسعادتي في العمل

تبلغ 63 سنة، ولا يزعجها على أساس أنها، بطريقة أو بأخرى، تبدو كما لو أنها أصغر من ذلك. ليس فقط الماكياج والرشاقة والسعادة من الأمور التي تساعدها في هذا الشأن، بل كذلك حقيقة أنها لا تتوقف عن العمل.

خذ السنوات العشر الأخيرة على سبيل المثال، فمن سنة 2014 إلى العام الحالي، ظهرت في 24 فيلماً، أي بمعدل فيلمين كل سنة. في العام الماضي شوهدت في فيلم صغير هو «Sharper»، الذي أنتجته ولعبت دور البطولة فيه، ومن ثَمّ الفيلم الأنجح (May December)، حين لعبت دور الزوجة التي تستقبل ناتالي بورتمان، والتي ستؤدي دورها في فيلم تلفزيوني.

جورج كلوني وجوليان مور ومات ديمون (شاترستوك)

في المستقبل القريب، هناك مسلسلان تلفزيونيان، وفيلمان جديدان، هما «وادي الصدى» (Echo Valley)، و«سيطرة» (Control). كيف يُتاح لها هذا العدد من المشاريع؟ ما الذي يدفعها لمواصلة العمل على هذا النحو؟ وماذا عن دورها في الفيلم الجديد «الغرفة المجاورة»، الذي شهد عرضه العالمي الأول في مسابقة المهرجان الحالي؟

• لديكِ تاريخٌ بعيد على ما أعتقد مع مهرجان «ڤينيسيا». أظنّ أنه يعود إلى سنة 1993 عندما عرض المخرج روبرت ألتمان فيلمه الجيد «طريق مختصر» (Short Cuts)؟

- نعم. أول مرّة لي في «ڤينيسيا» كان هذا الفيلم.

• مجموعة ممثليه، وبينهم أنت طبعاً، فازوا بجائزة تمثيل جَمَعية.

- صحيح.

• بعد ذلك؟ كنت هنا سنة 2002، عندما عرضنا «بعيداً عن الجنة» (Far From Heaven). ثم عدت بفيلم آخر سنة 2009 على ما أعتقد، وبعد ذلك في سنة 2017 مع جورج كلوني... وطبعاً كنتِ رئيسة لجنة التحكيم قبل عامين.

- نعم.

• ما الذي يعنيه لكِ أن تكوني رئيسة لجنة تحكيم في مهرجان كبير؟

- دعني أَقُلْ لك إنه عمل مرهق. كل تلك الأفلام التي على أعضاء اللجنة مشاهدتها ومقارنتها في نقاشات متواصلة قبل الوصول إلى الحكم النهائي، لكنني كذلك، أعتقد أننا جميعاً كنا سعداء بالفرصة المتاحة لمشاهدة جميع هذه الأفلام على اختلافاتها الفنية واختلافات موضوعاتها أيضاً.

• والآن نجدك في أحد الأفلام المتسابقة «الغرفة المجاورة». كيف تلخّصين تجربتك مع كل من تيلدا سوينتون وبيدرو ألمودوڤار؟

- من دون مبالغة، كانت تجربة رائعة. أولاً أنت تتعامل مع ممثلة كنتَ تحلم بالتمثيل معها في فيلم واحد ومع مخرج في مرتبة ألمودوڤار، الذي يدرس كل تفصيلة في فيلمه، ويتعاطى مع كل شيء خلال العمل. يصرف الوقت في متابعة تفاصيل عدّة تعني له كثيراً، مثل التصاميم المختلفة، الديكورات، نوع الكراسي، الإضاءة. لاحظت أنه يريد لكلّ شيء أن يكون نظيفاً ولامعاً. كانت تجربة مهمّة جداً بالنسبة لي.

• في الفيلم تؤدين دور مؤلفة روائية ناجحة تُقرّر أن تَهِب صديقتها المريضة وقتها. صديقتها على مشارف الموت وهذا يجعلك تعيشين لحظات صعبة معها. هل مررت بحالة مماثلة في حياتك الخاصّة؟

- ليس على هذا النحو. لم تطلب مني صديقة أو قريبة أن أكون بجانبها وهي تعيش آخر أيامها، لكنني بالطبع وككل الناس فقدت أعزاء في حياتي وحزنت جداً لذلك. دوري هنا أراه تجميعاً لتلك الذكريات أو... (تصمت لنحو دقيقة) أو بالأحرى إعادة إحياء لأحاسيس دفينة.

• حسب تعداد أفلامك لا يبدو أنك تكترثين كثيراً للراحة؟

- راحتي وسعادتي هي أن أعمل. لا أهتم للوقت الذي سأقضيه في عملي. لا أشعر بالتعب منه، وموقنة بأن الحياة هي أفضل إذا ما كان المرء سعيداً في عمله، وأنا فعلاً كذلك.

• على ماذا تعتمدين حين تنتقلين من شخصية إلى أخرى... على تحليل ما تقومين به أم تكتفين بالسيناريو؟

- هناك أيضاً المخرج. أعتمد عليه لكي أستنتج إذا كانت رؤيتي للدّور هي نفسها التي يريدها. طبعاً السيناريو الذي أقرأه، عليه أن يلتقي وما أبحث عنه. دوري هو ترجمته على أفضل وجه.

• إذا كان العمل هو الدافع، ماذا عن الاختيارات؟ إلى أي مدى تهتمين بالعمل مع مخرجين محدّدين مثل ألتمان في زمانه، وتود هاينز الذي أخرج لك فيلمك السابق «ماي ديسمبر» أو ألمودوڤار؟

- العمل مع مخرجين موهوبين مثل الأسماء التي ذكرتها، كان دوماً أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لي. لا أتصوّر نفسي بعيدة عن هذه الأسماء أو سواها في الواقع. التمثيل في أفلام تحت إدارة مخرج موهوب ضروري جداً لي.

• أعتقد أن الأمر أكثر من مجرد رغبتك. فالمخرجون يطلبونك أنت تحديداً، وهذا أمر مهم جداً. أليس كذلك؟

- شكراً، هذا من حسن حظي. أنا محظوظة لأنني خلال كل سنوات مهنتي حافظت على هذه الثقة. كل ما يطلبه الأمر هو إجادة العمل والاستمتاع به.


مقالات ذات صلة

ثلاثة أفلام تتحدّث عن إسرائيل من زوايا مختلفة

سينما «عطلة سعيدة» (مهرجان ڤينيسيا)

ثلاثة أفلام تتحدّث عن إسرائيل من زوايا مختلفة

يسبح المتابع لأفلام مهرجان «ڤينيسيا» الذي يقترب حثيثاً من انتهاء دورته الـ81 يوم السبت، بين أفلام تتماوج في اتجاهات متعددة. يأخذنا كل فيلم صوب موضوع مختلف.

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)
يوميات الشرق عصام عمر على السجادة الحمراء (إدارة مهرجان فينيسيا)

فنانون يواصلون دعم فلسطين عبر مهرجانات السينما العالمية

لفت الممثل المصري الشاب عصام عمر الانتباه خلال وجوده على السجادة الحمراء في الدورة الـ81 من مهرجان «فينيسيا»، بوضع «دبوس» يحمل ألوان العلم الفلسطيني.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق السرير أبرز ملامح الديكور بالعمل (القاهرة التجريبي)

«ضوء»... رحلة فلسفية تبحث عن الحقيقة

لفتت المسرحية السعودية «ضوء» التي تُعرض حالياً ضمن فعاليات مهرجان «القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» الأنظار إليها بقوة.

رشا أحمد (القاهرة)
سينما ليدي غاغا لدى وصولها إلى الليدو (إ.ب.أ)

ليدي غاغا حاولت «نسيان» ما تعلمته في مجال الغناء استعداداً لدورها في «جوكر»

كشفت ليدي غاغا في مهرجان البندقية السينمائي أنها حاولت خلال استعدادها لدورها في فيلم «جوكر: فولي آ دو» نسيان ما تعلمته في مجال الغناء.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
يوميات الشرق دورة مهرجان «المسرح العربي» تحمل اسم الفنان كريم عبد العزيز (إدارة المهرجان)

هل تبحث مهرجانات مصرية عن «الشهرة» من بوابة «تكريم النجوم»؟

جدّد إطلاق اسم الفنان كريم عبد العزيز على الدورة الجديدة من «مهرجان المسرح العربي»، الجدل بشأن اتهام «مهرجانات مصرية بالبحث عن الشهرة عبر بوابة تكريم النجوم».

رشا أحمد (القاهرة )

جاموس تهرب من الذبح ونيران الشرطة تصبح رمزاً للمقاومة في أيوا

جاموس يمشي عبر شارع خارج بنوم بنه عاصمة كمبوديا (أ.ب)
جاموس يمشي عبر شارع خارج بنوم بنه عاصمة كمبوديا (أ.ب)
TT

جاموس تهرب من الذبح ونيران الشرطة تصبح رمزاً للمقاومة في أيوا

جاموس يمشي عبر شارع خارج بنوم بنه عاصمة كمبوديا (أ.ب)
جاموس يمشي عبر شارع خارج بنوم بنه عاصمة كمبوديا (أ.ب)

في حادثة غريبة بولاية أيوا الأميركية، هربت جاموس، أطلق عليها السكان المحليون اسم «فيل»، من الذبح لتصبح نجمة محلية ورمزاً للمقاومة، بحسب تقرير لصحيفة «واشنطن بوست».

بدأت القصة في 24 أغسطس (آب) بمدينة بليزانت هيل، حين رصد المارة الجاموس الهاربة وهي تتجول في الشوارع. صاحب البقرة أفاد الشرطة بأنه كان يعتزم ذبحها للاستفادة من لحمها، إلا أن «فيل» هربت من المزرعة، ووصفت بأنها عدوانية وخطيرة.

الشرطة في المنطقة عبّرت عن قلقها من احتمال تسبب البقرة بحوادث مرورية، خصوصاً بعد أن شوهدت بالقرب من طريق سريعة. وحاول ضابط شرطة إيقافها بإطلاق النار عليها وإصابتها في البطن، إلا أن «فيل» استمرت في الهروب رغم جرحها.

تفاعل المجتمع المحلي بسرعة مع القصة، حيث امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات التي تطالب بإنقاذ «فيل»، وأُطلقت حملة لدعمها. وانتشرت قمصان تحمل شعارات مثل حرروا «فيل» وتحولت الجاموس إلى رمز شعبي للحرية.

رجل يسقط من دراجته النارية بعد اصطدامه بجاموس (أ.ب)

وبعد ثلاثة أيام من المطاردة، تمكنت السلطات، بمساعدة حديقة حيوان «بلانك بارك» ورابطة إنقاذ الحيوانات، من السيطرة على «فيل» وتخديرها. ونُقلت إلى مستشفى بيطري لتلقي العلاج اللازم.

وفي تطور إيجابي للقصة، تبنت محمية «آيوا فارم» الجاموس واثنين آخرين من النوع نفسه، مقدمة لهم ملاذاً آمناً بعيداً عن خطر الذبح. كذلك، أطلقت حملة لجمع التبرعات لتغطية تكاليف علاج «فيل»، التي جمعت حتى الآن أكثر من 25 ألف دولار.

قصة «فيل» أصبحت رمزاً للوحدة بين أفراد المجتمع المحلي، الذين اجتمعوا حول هدف واحد: حماية حياة الحيوان ومنحه فرصة ثانية.

عاجل الولايات المتحدة والعراق يتفقان على خطة انسحاب قوات التحالف الدولي (رويترز)