«زمن الطرابيش» في الدراما المصرية يحظى بالإعجاب

مسلسل «عمر أفندي» أحدث الأعمال اللافتة

لقطة من مسلسل «عمر أفندي» (شاهد)
لقطة من مسلسل «عمر أفندي» (شاهد)
TT

«زمن الطرابيش» في الدراما المصرية يحظى بالإعجاب

لقطة من مسلسل «عمر أفندي» (شاهد)
لقطة من مسلسل «عمر أفندي» (شاهد)

مع ندرة الأعمال الدرامية المصرية التي تتناول حقباً تاريخية بالقرن الماضي، في ظل سيطرة الدراما الاجتماعية والكوميدية والأكشن على المواسم المختلفة؛ يعتبر مشاهدون ومتابعون أن هذه الأعمال تمدهم بمعلومات ونمط حياة لم يعايشوها، لذلك يأخذهم الحنين إلى الماضي إذ يُبدون إعجابهم عادة بـ«زمن الطرابيش».

ويعد مسلسل «عمر أفندي» أحدث المسلسلات التي تتناول حقبة الأربعينات من القرن الماضي، وقد تصدر نسبة المشاهدة عبر منصة «شاهد»، وتدور أحداثه حول شاب يدعى «علي تهامي» يجسده أحمد حاتم يكتشف بعد وفاة والده وجود سرداب في بيته ما إن يدلف إليه حتى ينقله إلى زمن الأربعينات.

ويقع علي (الذي أصبح عمر أفندي) في غرام تلك الفترة، بعدما بدأ يستعيد فيها نفسه، ثم تتسع معارفه وتتوالى الشخصيات التي تمثل زمن الأربعينات، مثل «دياسطي» و«زينات» و«لمعي» التي لاقت صدى واسعاً على مواقع «السوشيال ميديا».

أحد الملصقات الدعائية لمسلسل «عمر أفندي» (شاهد)

المسلسل من تأليف مصطفى حمدي وإخراج عبد الرحمن أبو غزالة. ويشارك في بطولته إلى جانب أحمد حاتم، رانيا يوسف، وآية سماحة، ومصطفى أبو سريع، ومحمد عبد العظيم، ومحمد رضوان.

ويصف مصطفى حمدي مؤلف المسلسل فترة الأربعينات بأنها «أكثر الأزمنة ثراء في تاريخ مصر الحديث»، ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إنها شهدت تنوعاً ثقافياً، بالإضافة إلى تركيبتها الاجتماعية بما كانت تضمه من باشاوات وبكوات، فضلاً عن وجود اليهود المصريين والأجانب من الإنجليز واليونانيين والإيطاليين وجنسيات متنوعة».

وأشار إلى أن «تلك الفترة كانت ثرية بالأحداث السياسية التي لم أتطرق إليها بشكل مباشر، لرغبتي في تقريب الحكاية ببساطة للجمهور حتى يستوعبها دونما تعقيد»، ويلفت حمدي إلى أن «تلك الفترة توقظ حنين المشاهد؛ كونها تعكس مرحلة مميزة في تاريخ مصر».

ويرجع المؤلف المصري تركيزه على شخصيات فترة الأربعينات بشكل أكبر في أحداث المسلسل إلى رغبته في «جذب المشاهدين لكي يكملوا القصة، فجاء أبطال الأربعينات أكثر استحواذاً على السيناريو».

محمد سعد في «الكنز» (الشركة المنتجة)

وشهدت فترتا الأربعينات والخمسينات بشكل خاص أعمالاً سينمائية وتلفزيونية عدة دارت أحداثها خلال ذلك الزمن، ومن بينها فيلم «الكنز» الذي كتبه عبد الرحيم كمال وأخرجه شريف عرفة، ودارت أحداثه خلال 3 أزمنة (الأربعينات والعصر العثماني والفرعوني)، كما قدمت الدراما التلفزيونية أعمالاً مهمة على غرار مسلسل «ليالي أوجيني» من إخراج هاني خليفة، و«طريقي» إخراج محمد شاكر خضير وهو أيضاً مخرج مسلسل «جراند أوتيل»، ومن بين الأعمال أيضاً مسلسل «أهو ده اللي صار» للمخرج السوري الراحل حاتم علي، و«حارة اليهود» لمدحت العدل ومحمد جمال العدل.

ويرى الناقد أشرف غريب أن «مسلسل (عمر أفندي) لعب على وتر مهم جداً وهو الحنين إلى الماضي، بالذهاب لفترة ما قبل يوليو (تموز) 1952 وهي فترة لم يعشها معظم الجمهور الحالي، وربما بقية من مواليد الأربعينات يتذكرونها، لكن الأجيال المعاصرة التي لم تعشها سمعت بها وتشعر بالحنين لها كنوع من الهروب من الحاضر الصاخب إلى حلم الحياة الهادئة البسيطة».

ويعتبر غريب أن «الفترة ما بين ثورتي 1919 و1952 تعد فترة ثرية للغاية في تاريخ مصر، على مستوى الفن والأدب وحتى تفاعلات السياسة وبالتالي هي كذلك بالنسبة للأعمال الدرامية لأن البعد في الزمن يعطي ثراء وبراحاً أكبر ويثير الحنين لدى المشاهد». وفق ما قاله لـ«الشرق الأوسط».

أمينة خليل في أحد مشاهد مسلسل «ليالي أوجيني» (الشركة المنتجة)

وشاع وضع «الطربوش» للرجال في مصر بلونه الأحمر خلال فترة الحكم العثماني، حيث أصدر السلطان سليمان القانوني عدة فرمانات بتعميمه كزي بروتوكولي، وقد شاع استخدامه في بلاد الشام ومصر والمغرب، وتم إلغاؤه في مصر مع ثورة يوليو (تموز) 1952.

«إحساس الناس بالصور القديمة وشوارع القاهرة الهادئة والأخلاق واحترام الرأي الآخر، أمور تراجعت تماماً في عصر (السوشيال ميديا)، لذلك تثير الأعمال التي تتناولها الحنين إلى الماضي»، على حد تعبير الناقدة ماجدة موريس.

ويحتاج إنتاج الأعمال التاريخية الإنفاق بسخاء لضمان الإبهار في الديكورات والملابس، بجانب الدقة التاريخية؛ لأن الجمهور بات أكثر وعياً وانتباهاً لكل التفاصيل الصغيرة، ضارباً المثل بـمسلسل «عمر أفندي» الذي وضع أفيشات أفلام ومنها فيلم «يسقط الحب» لإبراهيم لاما وهو بالفعل إنتاج 1943، ما يؤكد دقة القائمين عليه.

لقطة من مسلسل «عمر أفندي» (شاهد)

ويرى غريب أن من بين أكثر الأعمال التي راعت الدقة في هذا المجال مسلسلي «أم كلثوم» و«حارة اليهود». وكلاهما يتضمنان صور أبطاله الرجال بالطرابيش.

في حين تؤكد موريس أن «تحدياً كبيراً يواجه من يتصدى لهذا النوع من الدراما؛ لأن على صنّاعه تقديم صورة متكاملة وصادقة، بدءاً من دقة الكاتب في تحري التاريخ؛ لأن الكتابة هي المحرض الأول للجميع».

ووفق موريس، فإن مسلسل «أهو ده اللي صار» لم يكن به خطأ واحداً، وجاء ملتزماً بكل ما يميز تلك الفترة، وأن مسلسلي «ليالي أوجيني» و«جراند أوتيل» وراء نجاحهما اجتهاد كبير من مخرجيهما.


مقالات ذات صلة

هند باز لـ«الشرق الأوسط»: الشخصية التي ألعبها حضّتني على العودة

يوميات الشرق تَعِد المشاهد بأحداث مفاجئة تتخلل شخصيتها نرمين في «العميل» (هند باز)

هند باز لـ«الشرق الأوسط»: الشخصية التي ألعبها حضّتني على العودة

تروي الممثلة هند باز حكاية عودتها إلى مجال التمثيل بحماس. تنتقي مفرداتها وهي تتحدث إلى «الشرق الأوسط»، لتستطيع التعبير عن مشاعر البهجة التي تغمرها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق إلهام شاهين اتهمت فئة معينة بالوقوف وراء التحريض ضدها (حسابها على فيسبوك)

إلهام شاهين لـ«الشرق الأوسط»: «الإساءات» المتكررة لن تغير قناعاتي

قالت الفنانة المصرية إلهام شاهين إن «الإساءات» المتكررة التي تتعرض لها لن تكون سبباً في تغيير قناعاتها الشخصية.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق شخصية (برّاك) التي يقدمها كاكولي في المسلسل مليئة بالعقد النفسية (إنستغرام الفنان)

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

المسلسل الذي بدأ عرضه الخميس الماضي على منصة «شاهد»، يُظهر أنه لا هروب من الماضي؛ إذ تحاول هند تجاوز الليالي الحمراء التي شكّلت ماضيها.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق مشهد يُشارك فيه فغالي ضمن مسلسل «البيت الملعون» (صور الفنان)

عماد فغالي لـ«الشرق الأوسط»: لم أحقّق طموحي الكبير في عالم التمثيل

يتساءل اللبناني عماد فغالي، أسوةً بغيره من الممثلين، عن الخطوة التالية بعد تقديم عمل. من هذا المنطلق، يختار أعماله بدقة، ولا يكرّر أدواره باحثاً عن التجديد.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أحمد حاتم في لقطة من مسلسل «عمر أفندي» (صفحة شاهد بـ«فيسبوك»)

«عمر أفندي»... دراما مصرية تستدعي الماضي

حظيت الحلقة الأولى من المسلسل المصري «عمر أفندي» بتفاعل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدرت «الترند» صباح الاثنين على «غوغل».

داليا ماهر (القاهرة )

هند باز لـ«الشرق الأوسط»: الشخصية التي ألعبها حضّتني على العودة

تَعِد المشاهد بأحداث مفاجئة تتخلل شخصيتها نرمين في «العميل» (هند باز)
تَعِد المشاهد بأحداث مفاجئة تتخلل شخصيتها نرمين في «العميل» (هند باز)
TT

هند باز لـ«الشرق الأوسط»: الشخصية التي ألعبها حضّتني على العودة

تَعِد المشاهد بأحداث مفاجئة تتخلل شخصيتها نرمين في «العميل» (هند باز)
تَعِد المشاهد بأحداث مفاجئة تتخلل شخصيتها نرمين في «العميل» (هند باز)

تروي الممثلة هند باز حكاية عودتها إلى مجال التمثيل بحماس. تنتقي مفرداتها وهي تتحدث إلى «الشرق الأوسط»، لتستطيع التعبير عن مشاعر البهجة التي تغمرها.

بعد غياب دام نحو 12 سنة عن الشاشة والمسرح، ها هي تسجّل عودة مدوية مع «العميل». وهو النسخة العربية عن المسلسل التركي «في الداخل».

خلال غيابها تلقت عروضاً كثيرة، ولكنها رفضتها لأنها كانت متفرّغة للاهتمام بعائلتها الصغيرة. تتابع: «إقامتي في دبي قد تكون أثّرت أيضاً على اتخاذي القرار. لم أكن أرغب في الابتعاد عن أولادي، فخضعت لحكم الواقع وابتعدت».

تصف عودتها من خلال «العميل» بالفرصة التي قُدّمت لها على طبق من فضّة. هناك ممثلون كثيرون يتمنون اليوم العمل في مسلسل طويل يتألف من 90 حلقة. فيؤمّنون على مدخولهم لفترة طويلة، ويعيشون في الوقت نفسه النجومية. وكذلك تجربة درامية مختلفة يستكشفون معها جديداً في مشوارهم.

مع الممثل أيمن زيدان في مسلسل «العميل» (هند باز)

بالنسبة لها هذه العودة كانت ضرورية، فهي اعترفت أكثر من مرة بمشاعر الإحباط والكآبة التي أصابتها بسبب هذا البعد. «عندما اتصل بي المنتج حمادة جمال الدين يعرض عليّ دور (نرمين) في العمل، سألته عن الشخصية. كانت محورية في العمل فوافقت بسرعة، كما زاد من حماسي فريق الممثلين المشاركين في العمل. في (العميل) أقف إلى جانب القدير أيمن زيدان، والرائعة يارا صبري، والمحترف سامر إسماعيل؛ والتقائي مجدّداً مع مجموعة من نجوم التمثيل اللبنانيين لم يسمح لي بالتردد أبداً».

ترفض هند باز تعييرها بالممثلة الدخيلة على موقع تصوير أجنبي وجديد عليها. وتوضح: «شغف الممثل لا يموت. تسرّب إلى مسمعي أن أجواء التمثيل تبدلت عن الماضي. ولمست ذلك عن قرب، ولكن الأمر لم يخفّف من عزيمتي. وعلى عكس ما توقعت، ازداد شغفي وكبر أكثر. وسعدت بتعرفي على ممثلين جدد. كما صرت أرى التمثيل من منظار مختلف وأكثر نضوجاً. استغرق تصويرنا المسلسل نحو 12 شهراً، واستمتعت بكل لحظة فيه». وتستدرك باز: «في أول مشهد أديته خفت ودقّ قلبي حماساً. فالمسؤولية كبيرة، لا سيما أنني أتعاون مع نجوم عرب لبنانيين وسوريين. ولكن فيما بعد، وثقت بنفسي من حبي للشخصية التي أجسدها. صحيح أن التمثيل موهبة وشغف، ولكنه أيضاً يرتكز على الثقة بالنفس».

تصف الممثل سامر إسماعيل بالمحترف وخفيف الظل (هند باز)

مشاعر الاشتياق للتمثيل عند هند كانت بارزة، ولهفتها لممارسة مهنتها تسكنها طاقة هائلة. «لا يزال عندي منها الكثير في أعماقي. كما أن أجواء العمل في إسطنبول كان يسودها الهدوء. وهو أمر حبّذته كثيراً. ويمكنني القول إن دوري في لعب شخصية (نرمين) في (العميل) من أصعب الأدوار التي أدّيتها».

هذه الصعوبة تتضح معانيها بفعل التغيرات التي تمرّ بها الشخصية. وتتابع: «سترون (نرمين) بوجه مختلف في الحلقات المقبلة. وستلعب دوراً أساسياً في العمل. لا يسعني التّحدث كثيراً عن هذه التّغيرات. وما عليكم سوى متابعة المسلسل لتعرفوا ما أعنيه».

وجدت هند باز في «العميل» ما يستحق كسر قرار الغياب. وتُعلّق: «سعيدة جداً بهذا العمل، وأتمنى أن يحبّه الناس. فقد حفّزني على إعادة الكَرّة مرة جديدة. لن أغيب بعد اليوم عن الساحة. وأتوقع أن يفتح لي هذا المسلسل آفاقاً وانتشاراً واسعين».

تصف هند تجربتها هذه بالغنية. «كل الممثلين فيه هم نجوم مكرّسون على الشاشة. أيمن زيدان كان الدّاعم الأكبر لي. وهو صاحب قدرات تمثيلية هائلة، لا يتعب، وشغفه للمهنة يبرز في نجاحاته المتتالية. الممثل سامر إسماعيل إنسان رائع، محترف وخفيف الظل في آن. كان يزوِّدنا جميعاً بطاقة إيجابية دائمة. أمّا الممثلة يارا صبري فتتمتع بإحساس مرهف في الأداء. وولدت بيننا صداقة متينة». بالنسبة إلى الممثلين اللبنانيين، تضيف: «سبق وتعاونت مع طلال الجردي وأحب تمثيله كثيراً. وكذلك الأمر بالنسبة لعبدو شاهين وميا سعيد وغيرهم».

فترة الكآبة التي أصابتها بعيداً عن التمثيل، ماذا علّمتها؟ وهل هي نادمة على بُعدٍ فُرض عليها؟ تردّ: «لست نادمة بتاتاً على قراري في تلك الآونة. وهناك علاقة متينة جداً، عمّرتها بيني وبين أولادي. هذا البعد علّمني التمسك بأحلامي وهو ما نقلته إليهم. أريدهم بدورهم أن يلحقوا بأحلامهم وألّا يفارقوها».

هند باز تعود إلى الدراما بعد طول غياب (هند باز)

راضية هند عن دورها حتى الآن: «لا أعرف عمّا إذا كان في الحلقات المقبلة التي تحمل إثارة أكبر سيتغير شعوري. ولكنني واثقة بأنني قمت بالواجب وعلى المستوى المطلوب. فغيابي ساهم في حضّي على بذل الجهد. اعتقد البعض أنني غبت إلى غير رجعة. ولكنني أؤكد أنني عدت والعود أحمد».

تحضّر هند باز لأعمال مستقبلية، قد يكون بينها عمل مسرحي. وتختم: «أحب العمل المسرحي جداً. وقد سبق وتعاونت مع المخرج والكاتب جورج خباز. كانت فترة تعلمت كثيراً منها. اليوم أتمنى العودة إلى مسرح يرتكز على بطولة ثنائية فقط. فقد أعجبت كثيراً بما قدّمه خباز مع عادل كرم في مسرحية (خيال صحرا). وبالنسبة للأعمال الدرامية، أنتظر منها العرض المناسب لي».