«ضوء»... رحلة فلسفية تبحث عن الحقيقة

مسرحية سعودية تُعرض ضمن «مهرجان القاهرة التجريبي»

السرير أبرز ملامح الديكور بالعمل (القاهرة التجريبي)
السرير أبرز ملامح الديكور بالعمل (القاهرة التجريبي)
TT

«ضوء»... رحلة فلسفية تبحث عن الحقيقة

السرير أبرز ملامح الديكور بالعمل (القاهرة التجريبي)
السرير أبرز ملامح الديكور بالعمل (القاهرة التجريبي)

لفتت المسرحية السعودية «ضوء» التي تُعرض حالياً ضمن فعاليات مهرجان «القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» الأنظار إليها بقوة؛ بسبب طابعها الجريء على المستوى الفني، إذ جاءت خالية من المفاهيم والأشكال التقليدية للمسرح، كما أنها على مستوى المضمون تطرح قضايا وجودية كبرى وأسئلة فلسفية من خلال رموز بسيطة للغاية.

وينتمي العمل إلى ما يُعرف بـ«الديو دراما» أو العرض الذي يقوم على شخصيتين اثنتين فقط ضمن فريق التمثيل، وهو ما يضع عبئاً إضافياً عليهما ليكونا في قمة لياقتهما الذهنية والحركية حتى يحافظا على إيقاع العمل قوياً من دون ترهل.

حالات مختلفة يعيشها بطلا العمل (القاهرة التجريبي)

ويحكي العمل قصة شابين مجهولين بلا أسماء يمضيان في رحلة طويلة بحثاً عن الضوء الذي يرمز هنا إلى الحقيقة وإدراك معاني الوجود الأساسية مثل معنى الحياة والموت، كما يجسد فكرة الأمل والتطلع إلى الغد.

يتعثر الشابان في الظلام، الذي يشير إلى كل ما يناقض الضوء من يأس وتخبط وحيرة ومجهول، طويلاً إلى أن يعثرا على بقعة ضوء صغيرة فتنفرج أساريرهما، وينطلقان في حوارات شاملة وحكايات لا تنتهي لكن بقعة النور سرعان ما تتلاشى تدريجياً ليحل الظلام كثيفاً مهيمناً ومعه تنطفئ الأحاديث ويسود الصمت.

وينفى مؤلف العمل الكاتب فهدة ردة الحارثي أن «يكون العرض سوداوياً أو مغرقاً في التشاؤم من حيث القصة أو النهاية»، موضحاً في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن «ثنائية الضوء والظلام تعكس قوتين متناقضتين تعبثان طول الوقت بإنسان العصر وسط ما يعتريه من مفاجآت وأزمات على درب الحياة، وكل منا يعيش بطريقة أو بأخرى هذا التناقض بين العتمة والنور».

ويضيف الحارثي: «سبق أن عُرض العمل بالسعودية في أكثر من مدينة، وكان التجاوب معه رائعاً، وفي القاهرة لمست المشاعر الإيجابية نفسها تجاه العرض».

أداء تمثيلي لافت للفنان بدر الغامدي (القاهرة التجريبي)

ويبدأ العمل بظلام حالك إلا من بصيص ضوء شحيح على خشبة المسرح ثم صوت شخص يرتطم بأشياء ويشكو من مشاعر الخوف التي تنتابه بسبب وجوده في هذا المكان. هنا يفاجئ البطل والجمهور على حد سواء بوجود شخص آخر سبقه إلى المكان. يقترح الأول إشعال عود ثقاب لكن الثاني يحذره خوفاً من حدوث الانفجار، ويخوضان جدالاً حول تلك النقطة ينتهي بإشعال الثقاب دون مشكلة.

يبدأ التعارف بين الاثنين، ويتبادلان خبراتهما في المكان ثم ينطلقان إلى أفق أوسع وهما يستعيدان ذكرياتهما المبهجة في عالم آخر بعيد لا توجد له أي أصداء هنا. ويأتي سرير معدني صغير يتوسط خشبة المسرح بمثابة أحد الأدوات الرئيسية في تجسيد القصة حيث يتحول تارة إلى منصة قضاء، وتارة أخرى إلى طاولة في ندوة ثقافية، وقد يصبح عربة تجرها الخيول في أجواء من الفانتازيا العابرة للواقع.

ورغم طابع القصة التي أخرجها أحمد الأحمري وقد يراه بعض الناس مقبضاً أو خانقاً، فإن براعة الممثلين عبد الوهاب الفندي وبدر الغامدي خففت من تلك الأجواء عبر انخراطهما في حالة من المرح والكوميديا المشوب بلمسة شاعرية يتجلى في وصف أحدهما لصوت بائعة الورد قائلاً: «كان صوتها يجلب الغمام».

لحظات نادرة من السمر والضحك تتخلل المسرحية (القاهرة التجريبي)

وبسؤاله عن فكرة المسرحية: كيف جاءته ومن أين استوحاها، يعلق الكاتب السعودي فهد ردة الحارثي قائلاً: «لا توجد عندي إجابة واضحة محددة، فالأفكار كائنات يصعب أن نمسك بها أو نحدد ملابساتها حين تقتحمنا دون مقدمات»، مشيراً إلى أن «هناك شركاء أساسيين من مخرجين وممثلين وصناع سينوغرافيا يساهمون في بلورة الفكرة وتحويلها من فراشة تحلق في سماء المؤلف إلى مولود من لحم ودم».


مقالات ذات صلة

ثلاثة أفلام تتحدّث عن إسرائيل من زوايا مختلفة

سينما «عطلة سعيدة» (مهرجان ڤينيسيا)

ثلاثة أفلام تتحدّث عن إسرائيل من زوايا مختلفة

يسبح المتابع لأفلام مهرجان «ڤينيسيا» الذي يقترب حثيثاً من انتهاء دورته الـ81 يوم السبت، بين أفلام تتماوج في اتجاهات متعددة. يأخذنا كل فيلم صوب موضوع مختلف.

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)
يوميات الشرق عصام عمر على السجادة الحمراء (إدارة مهرجان فينيسيا)

فنانون يواصلون دعم فلسطين عبر مهرجانات السينما العالمية

لفت الممثل المصري الشاب عصام عمر الانتباه خلال وجوده على السجادة الحمراء في الدورة الـ81 من مهرجان «فينيسيا»، بوضع «دبوس» يحمل ألوان العلم الفلسطيني.

أحمد عدلي (القاهرة)
سينما ليدي غاغا لدى وصولها إلى الليدو (إ.ب.أ)

ليدي غاغا حاولت «نسيان» ما تعلمته في مجال الغناء استعداداً لدورها في «جوكر»

كشفت ليدي غاغا في مهرجان البندقية السينمائي أنها حاولت خلال استعدادها لدورها في فيلم «جوكر: فولي آ دو» نسيان ما تعلمته في مجال الغناء.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
يوميات الشرق دورة مهرجان «المسرح العربي» تحمل اسم الفنان كريم عبد العزيز (إدارة المهرجان)

هل تبحث مهرجانات مصرية عن «الشهرة» من بوابة «تكريم النجوم»؟

جدّد إطلاق اسم الفنان كريم عبد العزيز على الدورة الجديدة من «مهرجان المسرح العربي»، الجدل بشأن اتهام «مهرجانات مصرية بالبحث عن الشهرة عبر بوابة تكريم النجوم».

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق المعاناة الفلسطينية تتجسد في عرض «صدى جدار الصمت» (إدارة المهرجان)

«القاهرة للمسرح التجريبي» في حُلة مبهرة بتكريمات عربية وحضور فلسطيني

وسط أجواء مبهرة، مشحونة بالمؤثرات البصرية واللوحات الاستعراضية والألوان والأضواء الزاهية، انطلقت فعاليات الدورة 31 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.

رشا أحمد (القاهرة )

من هو حيدر أكيرمان... مصمم «توم فورد» الجديد؟

حيدر أكيرمان مع العارضة كايت موس (غيتي)
حيدر أكيرمان مع العارضة كايت موس (غيتي)
TT

من هو حيدر أكيرمان... مصمم «توم فورد» الجديد؟

حيدر أكيرمان مع العارضة كايت موس (غيتي)
حيدر أكيرمان مع العارضة كايت موس (غيتي)

من دون مقدمات أو أي إشارات مسبقة، تم الإعلان عن تعيين المصمم حيدر أكيرمان مديراً إبداعياً لدار أزياء «توم فورد». وبهذا سيخلف المصمم الكولومبي الأصل، المقيم في باريس حالياً، بيتر هوكينجز، الذي ترك منصبه في يوليو (تموز) الماضي، بعد موسمين فقط. كان تعيين هذا الأخير والذي كان اليد اليمنى لتوم فورد، للحفاظ على استمرارية الدار، بعد أن باعها توم فورد لمجموعة «إستي لودر» مقابل 2.3 مليار دولار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

المصمم حيدر أكيرمان (غيتي)

استقبل عالم الموضة الخبر بالترحاب. حتى توم فورد نفسه، أعرب عن سعادته بهذا التعيين قائلاً في بيان خاص إنه من أشد المعجبين بأسلوب حيدر: «إنه يتعامل مع الألوان بمهارة ومع التفصيل بدقة صارمة وعصرية». يتميز أسلوب أكيرمان بنكهة تجمع ثقافات متنوعة، اكتسبها من رحلاته الكثيرة وتنقله في صباه في أماكن مختلفة من العالم بسبب عمل والده بالتبني رسام خرائط. في شبابه درس في أنتوورب ببلجيكا قبل أن يستقر أخيراً في باريس.

كان من المرشحين لخلافة جون غاليانو في «ديور»، بعد أن طُرد هذا الأخير منها، لكنه رفض. رفض أيضاً العمل في «ميزون مارجيلا» قبل ذلك. مؤخراً تردد اسمه كثيراً كواحد من المرشحين لخلافة فيرجيني فيار في دار «شانيل»، وخصوصاً أن الراحل كارل لاغرفيلد وصفه في أحد تصريحاته بأنه «خليفته المثالي في (شانيل)».

من تشكيلة تعاون فيها مع شركة «فيلا» الرياضية (فيلا)

في عام 2001، أنشأ أكيرمان علامته التجارية الخاصة، وقدم أول مجموعة أزياء نسائية له في مارس (آذار) من نفس العام خلال أسبوع الموضة في باريس. في عام 2016 انضم إلى دار «بيرلوتي» خلفاً لألساندرو سارتوري.

في عام 2017، قدم لها مجموعة رجالية بلمسة ناعمة وهادئة تناسب الجنسين. قام بمهمته هذه بموازاة عمله في داره الخاصة. بيد أنه بعد ثلاثة مواسم، حصل انفصاله عنها، وخلال الجائحة اضطر إلى إغلاق داره. في عام 2023، اختاره المصمم الفرنسي جون بول غوتييه ليصمم مجموعة ربيع وصيف 2023 من الأزياء الراقية كضيف شرف. وحتى الآن يعمل مع علامة «كندا غوس» التي عينته مديراً فنياً في سابقة لها. وقد صرح بأنه سيستمر في التصميم لها بدوام جزئي.

سيقدم المصمم أول تشكيلة له للدار في شهر مارس المقبل لخريف وشتاء 2025 خلال أسبوع باريس للموضة الجاهزة.