توظيف الذكاء الاصطناعي لتتبع هجرة الطيور

يمكن للنظام الجديد اكتشاف نداءاتها وتحديد الأنواع المختلفة

يمكن للنظام الجديد اكتشاف نداءات الطيور وتحديد الأنواع المختلفة (جمعية ماكس بلانك)
يمكن للنظام الجديد اكتشاف نداءات الطيور وتحديد الأنواع المختلفة (جمعية ماكس بلانك)
TT

توظيف الذكاء الاصطناعي لتتبع هجرة الطيور

يمكن للنظام الجديد اكتشاف نداءات الطيور وتحديد الأنواع المختلفة (جمعية ماكس بلانك)
يمكن للنظام الجديد اكتشاف نداءات الطيور وتحديد الأنواع المختلفة (جمعية ماكس بلانك)

حقّق فريق بحثي دولي مشترك تقدماً كبيراً في تتبع مسارات الطيور عبر توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير نظام شامل، للكشف عن النداءات الليلية الدقيقة للطيور المهاجرة وتحديدها.

وقدّم الفريق البحثي من جامعة «نيويورك»، ومختبر «كورنيل» لعلم الطيور في الولايات المتحدة، و«المدرسة المركزية» في نانت بفرنسا، نظام «BirdVoxDetect» الخاص به، في ورقة بحثية نُشرت في إحدى دوريات «منظمة مهندسي الكهرباء والإلكترونيات» (IEEE)، المعنية بنشر الأبحاث العلمية حول معالجة الصوت والكلام واللغة، الذي يوضح بالتفصيل خوارزميات التعلم الآلي الأساسية التي تحرّك التقنية المبتكرة لاكتشاف نداءات الطيور.

وتختتم هذه الورقة البحثية دراسة الفريق التي استمرت 8 سنوات حول هذا الموضوع. ووفق النتائج من المتوقع أن يعزّز هذا التقدم مهام تتبع هجرة الطيور؛ مما قد يزوّد خبراء الحفاظ على البيئة ببيانات جديدة لدعم جهود حماية الطيور.

وقال قائد الفريق البحثي، ومدير مختبر أبحاث الموسيقى والصوت في جامعة «نيويورك»، خوان بابلو بيلو: «نحن الآن قادرون على استخراج أنماط دقيقة بشكل لا يُصدّق من هذه التسجيلات الصوتية التي قد تفوتها الأذن البشرية».

وأوضح في بيان منشور، الأربعاء: «هذا يشبه وجود جيش صغير من خبراء مراقبة الطيور ذوي السمع الخارق والصبر اللامتناهي للاستماع إلى السماء الليلية».

ويقترح باحثو الدراسة أن تصبح المراقبة الصوتية جزءاً لا يتجزّأ من الجهود المبذولة لدراسة الطيور المهاجرة والحفاظ عليها، خصوصاً أن هذه التكنولوجيا واعدة بصفة خاصة في المناطق النائية أو التي يصعب الوصول إليها حيث يصعب إجراء المراقبة التقليدية.

ويمكن للنظام الجديد اكتشاف نداءات الطيور وتحديد الأنواع المختلفة والتخلص من الأصوات غير السليمة بدقة أكبر من السابق، مما يسمح بتتبع أنماط الهجرة بدقة أكبر.

وتستند هذه التطورات إلى عمل سابق نُشر في مجلة «علم البيئة التطبيقي»؛ إذ أظهر فريق البحث لأول مرة قدرات نظام «BirdVoxDetect» على التنبؤ ببداية وتكوين الأنواع المختلفة للطيور في رحلات الهجرة الكبيرة. حلّلت تلك الدراسة بيانات صوتية لموسم هجرة كامل من الميكروفونات في شمال ولاية نيويورك - أكثر من 4 آلاف و800 ساعة من التسجيلات.

ويستخدم هذا النظام تقنيات التعلم الآلي المتقدمة لتحليل «تيرابايتات» من البيانات الصوتية التي جُمعت بوساطة شبكات الميكروفونات، واختيار «التغريدات» القصيرة التي يستخدمها عديد من الطيور للتواصل في أثناء الهجرة الليلية.

ووفق الدراسة فإن الطرق التقليدية لدراسة هجرة الطيور، مثل الرادار وملاحظات مراقبي الطيور المتطوعين، لها حدود.

ويمكن للرادار اكتشاف الكتلة الحيوية للرحلة، ولكن لا يمكنه تحديد الأنواع، في حين تقتصر بيانات المتطوعين في الغالب على مشاهدات النهار وتشير إلى الإشغال بدلاً من الطيران.

ويملأ الرصد الصوتي الحالي فجوات حاسمة، مما يسمح للباحثين باكتشاف الأنواع المهاجرة في ليلة معينة وتوصيف توقيت الهجرات بدقة أكبر.

وقد جعل الباحثون نظامهم متاحاً مجاناً بوصفه برنامجاً مفتوح المصدر، مما يسمح للباحثين الآخرين بتطبيقه على بياناتهم الخاصة.

وتوفّر شبكات المراقبة الصوتية على نطاق القارة من تتبع هجرة الطيور بتفاصيل غير مسبوقة. وهو ما علّق عليه بيلو: «نحن ندخل عصراً جديداً حيث يمكننا مراقبة الهجرة عبر مناطق شاسعة في الوقت الفعلي».

وأضاف: «إن هذا يشكّل تغييراً كبيراً في دراسة وحماية الحياة البرية القيمة والمهددة بالانقراض». وقد تثبت مثل هذه البيانات أهميتها البالغة في جهود الحفاظ على البيئة. فالعديد من مجموعات الطيور المهاجرة تشهد انخفاضا حاداً، بسبب فقدان الموائل وتغير المناخ وعوامل أخرى. ومن الممكن أن يساعد الفهم الأفضل لتوقيت الهجرة ومساراتها في إعلام استراتيجيات الحماية.

وهو ما أكده بيلو: «إن أجهزة الاستشعار الصوتية غير مكلفة نسبياً، ويمكن أن تعمل بصفة مستقلة لفترات طويلة. وهذا يفتح إمكانات مثيرة لمراقبة الهجرة في أماكن لم نتمكّن من دراستها من قبل».


مقالات ذات صلة

ثورة في تحرير الصور مع إطلاق «Firefly Bulk Create» من «أدوبي»

تكنولوجيا الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل «Firefly Bulk Create» ليست مجرد أتمتة بل هي تمكين للإبداعيين للتركيز على ما يجيدونه أيضاً (أدوبي)

ثورة في تحرير الصور مع إطلاق «Firefly Bulk Create» من «أدوبي»

الأداة تعد بإعادة تعريف سير العمل للمصورين وصناع المحتوى والمسوقين!

نسيم رمضان (لندن)
علوم هل يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يكشف «لغة الخلايا الحية»؟

هل يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يكشف «لغة الخلايا الحية»؟

وصف كثير من علماء الأحياء الخلوية هذا التوجه أخيراً بأنه «الكأس المقدسة» التي يرومون نيلها في مجالهم منذ فترة طويلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص تهدف «مايكروسوفت» إلى تدريب أكثر من 100 ألف فرد في مهارات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية المتقدمة (شاترستوك)

خاص رئيس «مايكروسوفت العربية»: الذكاء الاصطناعي والسحابة سيشكلان مستقبل السعودية الرقمي

تشير دراسات إلى أن استثمار دولار واحد في الذكاء الاصطناعي التوليدي يحقق عائداً على الاستثمار بنسبة 3.7 ضعف للمؤسسات السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
علوم حان الوقت للتوقف عن صنع أجهزة الذكاء الاصطناعي القابلة للارتداء

حان الوقت للتوقف عن صنع أجهزة الذكاء الاصطناعي القابلة للارتداء

كارثة استثمارات التقنيات الذكية الملبوسة

جيسوس دياز (واشنطن)
تحليل إخباري تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)

تحليل إخباري لوائح أميركية للسيطرة على الذكاء الاصطناعي عالمياً... ماذا نعرف عنها؟

أعلنت واشنطن، الاثنين، أنها ستصدر لوائح جديدة تهدف إلى التحكم في وصول الدول الأخرى في جميع أنحاء العالم إلى رقائق وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المصممة في أميركا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

يحتفل الأمازيغ حول العالم وخاصة في المغرب العربي بعيد رأس السنة الأمازيغية في 12 أو 13 من يناير (كانون الثاني)، التي توافق عام 2975 بالتقويم الأمازيغي. ويطلق على العيد اسم «يناير»، وتحمل الاحتفالات به معاني متوارثة للتأكيد على التمسك بالأرض والاعتزاز بخيراتها.

وتتميز الاحتفالات بطقوس وتقاليد متنوعة توارثها شعب الأمازيغ لأجيال عديدة، في أجواء عائلية ومليئة بالفعاليات الثقافية والفنية.

وينتشر الاحتفال ﺑ«يناير» بشكل خاص في دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا والنيجر ومالي وسيوة بمصر.

أمازيغ يحتفلون بالعام الجديد من التقويم الأمازيغي في الرباط بالمغرب 13 يناير 2023 (رويترز)

جذور الاحتفال

يعود تاريخ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى العصور القديمة، وهو متجذر في الحكايات الشعبية والأساطير في شمال أفريقيا، ويمثل الرابطة بين الأمازيغ والأرض التي يعيشون عليها، فضلاً عن ثروة الأرض وكرمها. ومن ثمّ فإن يناير هو احتفال بالطبيعة والحياة الزراعية والبعث والوفرة.

ويرتبط الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة بأصل تقويمي نشأ قبل التاريخ، يعكس تنظيم الحياة وفق دورات الفصول.

وفي الآونة الأخيرة، اكتسب الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أهمية إضافية كوسيلة للحفاظ على الهوية الثقافية الأمازيغية حية.

ومصطلح «يناير» هو أيضاً الاسم الذي يُطلق على الشهر الأول من التقويم الأمازيغي.

خلال احتفال لأمازيغ جزائريين برأس السنة الأمازيغية الجديدة «يناير» في ولاية تيزي وزو شرق العاصمة الجزائر (رويترز)

متى رأس السنة الأمازيغية؟

إن المساء الذي يسبق يناير (رأس السنة الأمازيغية) هو مناسبة تعرف باسم «باب السَنَة» عند القبائل في الجزائر أو «عيد سوغاس» عند الجماعات الأمازيغية في المغرب. ويصادف هذا الحدث يوم 12 يناير ويمثل بداية الاحتفالات في الجزائر، كما تبدأ جماعات أمازيغية في المغرب وأماكن أخرى احتفالاتها في 13 يناير.

يبدأ التقويم الزراعي للأمازيغ في 13 يناير وهو مستوحى من التقويم اليولياني الذي كان مهيمناً في شمال أفريقيا خلال أيام الحكم الروماني.

يمثل يناير أيضاً بداية فترة مدتها 20 يوماً تُعرف باسم «الليالي السود»، التي تمثل واحدة من أبرد أوقات السنة.

أمازيغ جزائريون يحتفلون بعيد رأس السنة الأمازيغية 2975 في قرية الساحل جنوب تيزي وزو شرقي العاصمة الجزائر 12 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ما التقويم الأمازيغي؟

بدأ التقويم الأمازيغي في اتخاذ شكل رسمي في الستينات عندما قررت الأكاديمية البربرية، وهي جمعية ثقافية أمازيغية مقرها باريس، البدء في حساب السنوات الأمازيغية من عام 950 قبل الميلاد. تم اختيار التاريخ ليتوافق مع صعود الفرعون شيشنق الأول إلى عرش مصر.

وشيشنق كان أمازيغياً، وهو أحد أبرز الشخصيات الأمازيغية في تاريخ شمال أفريقيا القديم. بالنسبة للأمازيغ، يرمز هذا التاريخ إلى القوة والسلطة.

رجال أمازيغ يرتدون ملابس تقليدية يقدمون الطعام خلال احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

كيف تستعد لرأس السنة الأمازيغية؟

تتركز احتفالات يناير على التجمعات العائلية والاستمتاع بالموسيقى المبهجة. تستعد معظم العائلات لهذا اليوم من خلال إعداد وليمة من الأطعمة التقليدية مع قيام الأمهات بتحضير الترتيبات الخاصة بالوجبة.

كما أصبح من المعتاد ارتداء الملابس التقليدية الأمازيغية والمجوهرات خصيصاً لهذه المناسبة.

وتماشياً مع معاني العيد المرتبطة بالتجديد والثروة والحياة، أصبح يناير مناسبة لأحداث مهمة لدى السكان مثل حفلات الزفاف والختان وقص شعر الطفل لأول مرة.

يحتفل الأمازيغ في جميع أنحاء منطقة المغرب العربي وكذلك أجزاء من مصر بعيد «يناير» أو رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

ما الذي ترمز إليه الاحتفالات؟

يتعلق الاحتفال بيوم يناير بالعيش في وئام مع الطبيعة على الرغم من قدرتها على خلق ظروف تهدد الحياة، مثل الأمطار الغزيرة والبرد والتهديد الدائم بالمجاعة. وفي مواجهة هذه المصاعب، كان الأمازيغ القدماء يقدسون الطبيعة.

تغيرت المعتقدات الدينية مع وصول اليهودية والمسيحية والإسلام لاحقاً إلى شمال أفريقيا، لكن الاحتفال ظل قائماً.

تقول الأسطورة إن من يحتفل بيوم يناير سيقضي بقية العام دون أن يقلق بشأن المجاعة أو الفقر.

نساء يحضّرن طعاماً تقليدياً لعيد رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

يتم التعبير عن وفرة الثروة من خلال طهي الكسكس مع سبعة خضراوات وسبعة توابل مختلفة.

في الماضي، كان على كل فرد من أفراد الأسرة أن يأكل دجاجة بمفرده للتأكد من شبعه في يوم يناير. وترمز البطن الممتلئة في يناير إلى الامتلاء والرخاء لمدة عام كامل.

ومن التقاليد أيضاً أن تأخذ النساء بعض الفتات وتتركه بالخارج للحشرات والطيور، وهي لفتة رمزية للتأكد من عدم جوع أي كائن حي في العيد.