«واسجد واقترب»... أول فيلم كرتون سعودي في مهرجان فينيسيا السينمائي

ثريا الشهري لـ«الشرق الأوسط»: حصد 31 جائزة... وجذب المشاهد الغربي الذي لم يعتد على رؤية الكعبة

لوحة الفنانة نبيلة أبو الجدايل التي استُلهم منها الفيلم (إنستغرام الفنانة)
لوحة الفنانة نبيلة أبو الجدايل التي استُلهم منها الفيلم (إنستغرام الفنانة)
TT

«واسجد واقترب»... أول فيلم كرتون سعودي في مهرجان فينيسيا السينمائي

لوحة الفنانة نبيلة أبو الجدايل التي استُلهم منها الفيلم (إنستغرام الفنانة)
لوحة الفنانة نبيلة أبو الجدايل التي استُلهم منها الفيلم (إنستغرام الفنانة)

محملاً بـ31 جائزة من مهرجانات سينمائية متعددة، حقق الفيلم السعودي القصير «واسجد واقترب» خطوة جديدة نحو العالمية، بعد عرضه ضمن فعاليات مهرجان فينيسا السينمائي الدولي، يوم الجمعة الماضي. الفيلم من إخراج وإنتاج الكاتبة ثريا الشهري وابنتها الفنانة التشكيلية نبيلة أبو الجدايل.

في حديث مع «الشرق الأوسط» تؤكد ثريا الشهري أن «واسجد واقترب» يعد أول فيلم سعودي للرسوم المتحركة يشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، مبينة أن الفيلم حاز جائزة فينيس للرسوم المتحركة في برنامج سوق الأفلام في «فينيسيا برودكشن بريدج»، وجائزة «الرسوم المتحركة ذات الأهمية» في مهرجان كان السينمائي الدولي، في دورته الأخيرة.

ثريا الشهري وابنتها نبيلة أبو الجدايل في الدورة 81 من مهرجان فينيسيا السينمائي (الشرق الأوسط)

خروج عن التقليدية

تتحدث ثريا الشهري عن الفيلم، قائلة: «طريق السينما عادة ما يحبذ القصص الاجتماعية المتشابهة حول العالم، ويندر أن يختار موضوعاً دينياً؛ لأنه عادة ما تكون الشركات المعنية بالإنتاج لا ترغب في المجازفة والخروج عن المعيار التقليدي؛ لكن فيلم (واسجد واقترب) أنتجته شركتنا (الثريا للإنتاج الفني)، وهي مؤسسة من قبلي وقبل ابنتي الفنانة التشكيلية نبيلة أبو الجدايل، وبالتالي فنحن من دعم واختار موضوع فيلمنا لقوة رسالة (واسجد واقترب)».

وتوضح ثريا الشهري أن فكرة هذا الفيلم جاءت استلهاماً من اللوحة الأصلية التي رسمتها نبيلة أبو الجدايل، وحملت عنوان «واستجد واقترب»، عام 2020، إبان جائحة «كورونا»، ولاقت أصداءً بعيدة إسلامياً وعربياً؛ حيث تناولت خلو ساحات المسجد الحرام من المصلين، نتيجة الاحترازات التي اتخذتها الحكومة السعودية آنذاك. وتتابع بالقول: «نحن لا نملك أفلاماً تتحدث عن مكة المكرمة والمسجد الحرام، نظراً لحساسية هذا الموضوع وصعوبة اختيار القصة المناسبة، ولكنها تظل مسؤوليتنا نحن المسلمين في إظهار هذا الجانب الأهم في حياتنا وديننا، فليس هنالك ما هو أهم من تجسيد الروايات والقصص التي تمثلنا وتشرفنا».

الفنان جورج كلوني برفقة نبيلة أبو الجدايل ويظهر الفيلم في غلاف مجلة فرنسية شهيرة (إنستغرام الفنانة)

بين الكتابة والأفلام

وبسؤالها عن الانتقال من الكتابة إلى عالم صناعة الأفلام، تقول ثريا الشهري: «هو مجرد تغيير في الوسيلة لإيصال المعنى المطلوب، ففي النهاية الكتابة هي تعبير بفكرك، ومجال أفلام الرسوم المتحركة هو أيضاً تعبير، ولكن بالفكر والصوت والحركة، لرواية ما لا يُروى، وبطريقة تلقى عدداً أكبر من المشاهدات؛ خصوصاً في أوساط الجيل الصاعد الذي يفضل هذا النوع من التفاعل المرئي».

ويبدو غريباً أن يجذب هذا الفيلم جمهوراً عالمياً، عن ذلك تقول ثريا الشهري: «شكَّل موضوع فيلم (واسجد واقترب) عامل جذب كبير للمشاهد الأجنبي، لندرته وعدم اعتياده على رؤية الكعبة». وتشير إلى أن عين المشاهد الأجنبي لم تعتد على قصص من هذا النوع.

ابتهالات دينية

وتضيف ثريا الشهري: «كذلك فإن اختيار الموسيقى المصاحبة للفيلم كان له دور، فقد كانت عبارة عن ابتهال بالأصوات، خالٍ من الآلات الموسيقية، وصوت المؤدين -ضمن الأوركسترا الأندلسية بأمستردام- كان مؤثراً فيمن يسمعه، حتى لو لم يفهم المعنى، لوجود نغمة الحنين. مع الأخذ في الحسبان أن الأفلام عادة ما تروي حنيننا نحو المشاعر والأماكن، وعليه، فقد لعب الصوت دوره، وكان من المؤثرات التي ساهمت في فوز فيلم (واسجد واقترب) بهذا الكم من جوائز مهرجانات الأفلام الدولية في العالم».


مقالات ذات صلة

جورج كلوني وبراد بت... يتواجهان على الشاشة

يوميات الشرق جورج كلوني وبراد بت خلال جلسة تصوير لفيلم «الذئاب» في مهرجان فينيسيا السينمائي الأحد (إ.ب.أ)

جورج كلوني وبراد بت... يتواجهان على الشاشة

«الذئاب» هو الفيلم السادس الذي يجمع بين الممثلَين المشهورَين عالمياً جورج كلوني وبراد بت، وجعلهما يتواجهان على الشاشة. «وولفز» يختلف عن أعمالهما المشتركة

محمد رُضا (فينيسيا)
ثقافة وفنون مشهد من فيلم «حياة الماعز»

جزيرة العرب على شاشة السينما

يتحدث الفيلم الهندي «حياة الماعز» عن شاب هندي يأتي إلى السعودية بغرض العمل فيختطفه شخص من المطار وينقله إلى الصحراء البعيدة لكي يرعي مواشيه بالمجان

خالد الغنامي
خاص لقطة مع كلوني وبت من «وولفز» (استديو أبل)

خاص براد بت وجورج كلوني يتحدّثان لـ«الشرق الأوسط» عن فيلمهما الجديد

Wolfs (هكذا يختار الفيلم كتابتها) هو الفيلم السادس الذي يجمع بين الممثلَين المشهورَين عالمياً جورج كلوني وبراد بت.

محمد رُضا (ڤينيسيا)
يوميات الشرق من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

«رايفنشتال» للألماني أندريس فايَل فيلم مفعم بالتوثيق مستعيناً بصور نادرة ومشاهد من أفلام عدّة للمخرجة التي دار حولها كثير من النقاشات الفنية  والسياسية.

محمد رُضا (ڤينيسيا)
يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )

الجامعات الخاصة والدولية تفرز المصريين طبقياً أم علمياً؟

الجامعة الأميركية بالقاهرة
الجامعة الأميركية بالقاهرة
TT

الجامعات الخاصة والدولية تفرز المصريين طبقياً أم علمياً؟

الجامعة الأميركية بالقاهرة
الجامعة الأميركية بالقاهرة

عبر التركيز على المظاهر المادية «والاستعراض بالسيارات الفارهة» داخل الحرم الجامعي، أبرزت الدراما المصرية، التي تسعى عادةً لمحاكاة الواقع، مفهوم الطبقية في الجامعات الحكومية خلال القرن الماضي، لكن مع انتشار الجامعات الخاصة والدولية والاهتمام بجودة التعليم خلال العقدين الماضيين، سلطت الدراما الضوء على مستوى وأماكن تعليم أبناء الطبقة الغنية، بعد عزوف الكثير منهم عن الالتحاق بالجامعات الحكومية.

وعدَّ متابعون وخبراء علم اجتماع ارتفاع أسعار مصروفات الجامعات الخاصة والدولية يكرس الفجوة الطبقية، ويفرز المصريين على أساس مادي لا تعليمي؛ حيث لا يمكن للفئة المتوسطة أو الفقيرة إلحاق أبنائهم الذين يحصلون على مجاميع أبناء الطبقة الثرية نفسها بجامعات خاصة ودولية، تصل رسوم الالتحاق السنوية ببعضها إلى مليون جنيه (الدولار الأميركي يعادل 48.5 جنيه مصري).

وتضم مصر 27 جامعة خاصة، و7 أفرع لجامعات دولية، كما يصل عدد المعاهد الخاصة فيها إلى 174 معهداً، حسب تصريحات سابقة للدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري.

واعتبر سؤال برلماني، تم توجيهه مؤخراً إلى رئيس مجلس الوزراء المصري ووزير التعليم العالي، أن «مصروفات الجامعات الخاصة في مصر هذا العام جاءت مخيبة لآمال الكثير من الطلاب وأولياء الأمور، حيث ترتفع كل عام بشكل مبالغ فيه، دون مراعاة الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الجميع بلا استثناء».

تفاوت لافت بمصروفات الجامعات الخاصة في مصر (المصدر: جامعة فاروس)

ويقول ياسر يحيى، وهو ولي أمر لإحدى الطالبات لـ«الشرق الأوسط»: «ترغب ابنتي في دراسة مجال الإعلام، ومع عدم تمكنها من تحقيق المجموع الذي يؤهلها لذلك في الثانوية العامة، فكرنا في الجامعات الخاصة، وأخذنا في البحث عن خيار مناسب من حيث التكلفة، لكن المفاجأة كانت في ارتفاع مصروفات كليات الإعلام الخاصة كافة، التي تصل مصروفات بعضها إلى 250 ألف جنيه كحد أقصى، وأقلها بـ45 ألف جنيه، وجميعها يفوق إمكاناتي المادية». وتعاني مصر من موجة غلاء لافتة، بدأت مع تدهور سعر العملة المحلية أمام الدولار الأميركي.

وتُعدُّ مصروفات الجامعة الأميركية بالقاهرة الأعلى بين الجامعات الخاصة والدولية بمصر، التي تعتمد الدراسة فيها على نظام الساعات المعتمدة، ويصل معدل المصروفات الدراسية لكل ساعة معتمدة 667 دولاراً أميركياً لطلاب دراسات البكالوريوس المصريين، و735 دولاراً أميركياً لطلاب دراسات البكالوريوس الأجانب، وتتيح الجامعة للطلاب المصريين سداد المصروفات الدراسية بالدولار الأميركي أو بالجنيه المصري.

وخلال 4 سنوات هي مدة الدراسة للحصول على درجة البكالوريوس من الجامعة، يدرس الطالب ما لا يقل عن 138 ساعة معتمدة لجميع التخصصات النظرية، وكذلك ما لا يقل عن 144 ساعة معتمدة للتخصصات العملية التطبيقية، وفق ما ذكره الموقع الرسمي للجامعة على شبكة الإنترنت. وهو ما يعني أن الحد الأدنى لمصروفات العام الدراسي الواحد بالجامعة الأميركية بالقاهرة نحو مليون جنيه مصري. وهو مبلغ كبير لا تستطيع ملايين الأسر المصرية دفعه سنوياً.

حفل تخرج طلاب كلية العلاج الطبيعي جامعة القاهرة

وفي المقابل، تتفاوت أسعار رسوم الدراسة بالجامعات الحكومية لتبدأ من 500 جنيه ببعض الأقسام العربية والكليات النظرية، وتصل إلى 30 ألف جنيه في العام الدراسي ببعض الأقسام التطبيقية والبرامج التعليمية الحديثة، وفق بيانات صادرة من جامعتي القاهرة وعين شمس.

وأوضح البنك الدّولي في أحدث تقرير له عن الفقر في مصر، يعود إلى عام 2022، أن معدله ارتفع إلى 32.5 في المائة، وأشار إلى «ارتفاع التفاوتات المكانية بين المناطق الريفية والحضرية، حيث يعيش نحو 66 في المائة من الفقراء في مناطق ريفية.

وبنبرة حزينة يضيف الأب ياسر، الذي يعمل محاسباً بأحد مصانع الأدوية بمدينة العبور (35 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة): «بالتجول بين صفحات ومواقع الجامعات الخاصة، وجدنا زيادة في مصروفاتها هذا العام مقارنة بالعام الماضي بنحو 5 إلى 35 في المائة، ما يعني أن هذه الجامعات أصبحت حكراً على أبناء الأثرياء، أما الطبقات المتوسطة مثلنا فليس لأبنائنا مكان فيها؛ لأن الالتحاق بها مبني على المال وليس التفوق»، على حد تعبيره.

تضم مصر 27 جامعة خاصة تقدم برامج تعليمية متنوعة (المصدر: جامعة فاروس)

وتعد الحكومة المصرية الجامعات الخاصة والأهلية «رافداً مهماً من روافد منظومة التعليم العالي في مصر، تعمل على تخفيف الضغط عن الجامعات الحكومية، ويُمثل وجودها ضرورة لاستيعاب الطلب المُتزايد على التعليم الجامعي المصري»، حسب تصريحات سابقة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري.

ووفق الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، فإن «تكاليف الدراسة في الجامعات الخاصة تتفاوت ما بين جامعات ذات تكاليف معتدلة، تستطيع فئة كبيرة من أفراد المجتمع الالتحاق بها، وجامعات ذات تكاليف أعلى لا تقدر عليها سوى شريحة معينة من المجتمع المصري»، وفق حديثه لـ«الشرق الأوسط».

وهو ما يؤيده أستاذ علم الاجتماع الاقتصادي في مصر، جمال حماد، قائلاً: «المصروفات الدراسية في الجامعات الخاصة في مصر مرتفعة للغاية، مما يجعلها بعيدة عن متناول غالبية الطلاب، وبالتالي فإنها تخلق نوعاً من التمييز الطبقي؛ حيث يتمكن الأغنياء فقط من الحصول على تعليم عالي الجودة».

ويضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أمام هذه الحالة، يكون التساؤل منطقياً من جانب البعض، عندما يرددون: ما ذنبي أنني حصلت على 80 في المائة في الثانوية العامة ولكني لا أمتلك المال لدخول جامعة خاصة؟ وهو ما يأخذنا إلى المسؤولية الاجتماعية للدولة لكونها الراعي الأساسي للتعليم، وأهمية دورها في وضع ضوابط لمراعاة العدالة الاجتماعية ومراعاة الفقراء».

وبلغ عدد الطلاب المقيدين بالتعليم العالي العام الماضي (2023 - 2024) نحو 3 ملايين و348 ألف طالب، كان نصيب الجامعات الخاصة منهم 71 ألف و811 طالباً وطالبة، وفق بيانات وزارة التعليم العالي.

الجامعة الأميركية بالقاهرة

ويرى الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن «الانقسامات المجتمعية في مصر تظهر بشكل كبير في الوقت الحالي، والتعليم الجامعي يعد أحد مؤشرات الفجوة الطبقية، فمن يملك المال يمكنه التعلم في مدرسة وجامعة خاصة».

ويؤكد صادق لـ«الشرق الأوسط» أن «الصراع الطبقي في مصر حالياً يظهر بين مجتمعي (مصر) و(إيجبت)، الأول يتعلم أبناؤه في الجامعات الحكومية، ويبحثون عن وضع اقتصادي ومعيشي أفضل، بينما يستطيع المجتمع الثاني دخول الجامعات الخاصة والذهاب إلى (الساحل الشمالي الشرير) للتنزه أو السفر للخارج، ومع التخرج من الجامعة يبحث عن عمل في بيئته نفسها، لأنه مؤهل لها، أما المتخرج من الجامعات الحكومية فيعاني للحصول على فرصة عمل».