تسعيرة ركن السيارة ترهق ميزانيات المصريين

التضخم يضاعف أجور «السُيّاس» وتذاكر الجراجات

صف السيارات في أحد شوارع القاهرة (الشرق الأوسط)
صف السيارات في أحد شوارع القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

تسعيرة ركن السيارة ترهق ميزانيات المصريين

صف السيارات في أحد شوارع القاهرة (الشرق الأوسط)
صف السيارات في أحد شوارع القاهرة (الشرق الأوسط)

فوجئ حسن دسوقي، مصمم غرافيك (40 عاماً)، بزيادة قيمة تذاكر الدخول لجراج دار الأوبرا المصرية من 20 جنيهاً إلى 40 (الدولار الأميركي يعادل 48.5 جنيه مصري)، بداعي «ارتفاع أسعار كل الأسعار والخدمات».

ارتفاع أسعار رَكن السيارة في مصر لم يقتصر على الجراجات وحسب، بل امتد إلى الشوارع التي ينشط فيها سُيّاس يحرسون الفراغ ويتقاضون أموالاً نظير وقوف السيارة بضع ساعات أو دقائق.

ويؤكد خبراء اقتصاد، من بينهم الدكتور رشاد عبده، أن التضخم وراء ارتفاع أسعار «ركن السيارات»، التي تعد تفصيلة يومية ضرورية باتت ترهق ميزانية المصريين، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التضخم يعني «زيادة أسعار السلع بما يفوق القيمة الحقيقية للدخل النقدي، فإذا كان دخل الفرد 3 آلاف جنيه على سبيل المثال وكان يشتري بها 100 سلعة، الآن إذا حصل على 6 آلاف جنيه لن يستطيع شراء أكثر من 80 سلعة من الفئة التي اعتادها».

صف السيارات في شوارع القاهرة من المهن الشائعة (الشرق الأوسط)

وأمام ارتفاع أسعار ركن السيارة داخل جراج الأوبرا المصرية اضطر حسن إلى البحث عن جراج بديل، وفق ما ذكره لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «وجدت بدائل أخرى بأسعار أقل حتى أتمكن من استخراج اشتراك يقلل تعريفة دخول جراج الأوبرا التي يدرس فيها أولادي».

ورغم أن القانون رقم 150 لسنة 2020 يعاقب كل من يمارس نشاط تنظيم انتظار المركبات في غير الأماكن المحددة أو بدون ترخيص، بالحبس والغرامة المالية، فإن عشرات السيّاس ينشطون في الكثير من الشوارع، ويواظبون على ممارسة مهنتهم من دون ترخيص، وفق ما رصدته «الشرق الأوسط».

وبينما نجا أصحاب السيارات الذين يشتركون سنوياً بجراجات معروفة من ارتفاع الأسعار، فإن المشتركين بشكل شهري في جراجات أخرى باتت تؤرقهم الزيادات على غرار عادل إبراهيم، أحد سكان حي فيصل بالجيزة المكتظ بالسكان. يقول إبراهيم: «في بداية العام الحالي كنت أدفع 500 جنيه شهرياً، ومع بداية شهر أغسطس (آب) الجاري، طلب مني صاحب الجراج دفع 850 جنيهاً للشهر»، لافتاً إلى أنه يفضّل ترك سيارته في جراج بدلاً من تركها في الشوارع التي يعدّها «غير مضمونة».

يوضح إبراهيم أن «زيادة أسعار الكهرباء والمياه والغاز وكل السلع الغذائية بالآونة الأخيرة أرهقت ميزانيتنا المحدودة، فأنا موظف لا أمتلك سوى راتبي الذي لا يزيد على 7 آلاف جنيه شهرياً، وبالتالي فإن أي زيادة جديدة في أي خدمة تزيد من الأعباء الشهرية وتؤرقني، وهو ما اضطرني للبحث عن جراج آخر بسعر أفضل».

وتحتوي مصر على نحو 10 ملايين سيارة مرخصة وفق آخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في أبريل (نيسان) الماضي، وتتنوع الجراجات في مصر ما بين أسفل البنايات أو متعددة الطوابق أو ساحات انتظار في الشارع.

ساحات انتظار في القاهرة توضح تسعيرة صف السيارات (الشرق الأوسط)

«فتحي السايس» المسؤول عن جراج إحدى البنايات الكبرى شرق القاهرة، قال إنهم «يعتمدون على الاشتراكات السنوية»، ونفى وجود زيادة في الأسعار خلال الفترة الماضية، ولكنه أكد أن «هناك نية لزيادة اشتراكات الجراجات في السنة المقبلة، بما يناسب الزيادة في أسعار السلع والخدمات».

وشهدت مصر موجة من الغلاء لسلع وخدمات مختلفة في مارس (آذار) الماضي، بعد أن خفّض البنك المركزي قيمة الجنيه المصري إلى نحو 49.5 مقابل الدولار، من مستوى 30.85 الذي استقر عنده خلال الشهور الـ12 السابقة. وشهدت تذاكر المترو ووسائل النقل العام زيادات على إثر زيادة أسعار المحروقات، كما قررت الحكومة زيادة سعر رغيف الخبز المدعم في يونيو (حزيران) الماضي، ليصبح 20 قرشاً بدلاً من 5 قروش.

ويبدأ جراج «عبد المنعم رياض» بالتحرير في وسط القاهرة بتعريفة قيمتها 10 جنيهات للساعة الواحدة، وهي التعريفة التي كانت قبل عام 5 جنيهات، وبالمثل حددت لافتات لساحات انتظار في أماكن متفرقة سعر الركن بقيمة 10 جنيهات في الساعة. وفق ما رصدته «الشرق الأوسط».

وخلال الآونة الأخيرة بات دفع 20 جنيهاً لحارسي الفراغ مقابل الركن في الشوارع أمراً متعارفاً عليه في شوارع القاهرة: «لا يقبلون حالياً بأقل من هذا المبلغ، ما يضطرني للذهاب إلى بعض المناطق من دون السيارة لصعوبة توفير مكان لصفها»، وفق دسوقي.

وتُعد الجراجات الخاصة للهيئات والعمارات السكنية في نطاق وسط القاهرة الكبرى من أغلى تعريفات صف السيارات؛ إذ تبدأ من 30 جنيهاً للساعة الأولى.

وقال الرجل الخمسيني الذي يطلق على نفسه لقب «محمد السايس» والذي يعمل في أحد شوارع حي مصر الجديدة (شرق القاهرة): «اضطررنا لزيادة سعر (الباركنج) من 10 إلى 20 جنيهاً؛ لأننا ندفع للجهات المعنية يومياً 500 جنيه»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «نتعامل بالساعة، لكننا لا ندقق مع الزبائن، فمن الممكن أن تظل السيارة في مكانها لأكثر من ساعتين مقابل 20 جنيهاً».

ودفع ارتفاع أسعار ركن السيارات البعض إلى ترك سياراتهم في الجراجات والتحرك بحرية اعتماداً على شبكة مترو أنفاق القاهرة ذات الخطوط الثلاثة، أو ركوب سيارات الأجرة أو سيارات التطبيقات الذكية، على غرار المهندس عاطف عزيز (54 عاماً) الذي قال إنه فضّل «الهروب من زحام شوارع وسط البلد وأزمة الركن عبر استقلال المترو».

وبينما يشكو مواطنون من «السُيّاس» الذين يحرسون الشوارع ويتقاضون أموالاً نظير السماح لهم بالتوقف لبضع دقائق وساعات، من دون وجود سند قانوني، فإن الخبير القانوني أسامة سالم قال إن «هناك نصوصاً قانونية تحكم هذه المسألة، ولكن لا يتم متابعة تنفيذها وإحكام الرقابة عليها بالشكل الملائم».

وأضاف سالم لـ«الشرق الأوسط»: «أسعار الجراجات ارتفعت للغاية، حتى في الشارع حين أذهب لركن سيارتي بجوار عملي، أجد أسعاراً متفاوتة يطلبها السيّاس، حسب المنطقة، ولكنها جميعاً مبالغ فيها؛ ما يجعلني أحياناً أفضّل الاستغناء عن السيارة الخاصة بي وأستخدم سيارة أجرة».

ويؤكد الخبير الاقتصادي رشاد عبده أن «تأجير الشوارع لصف السيارات يزيد معاناة المواطنين»، لافتاً إلى أنه كان يدفع «5 قروش لصف السيارة في الماضي. الآن إذا أعطيت السايس 10 جنيهات يبدو منزعجاً».


مقالات ذات صلة

مطعم تركي يُجدد الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر

يوميات الشرق الشيف بوراك في أحد المقاطع الدعائية  (صفحته على فيسبوك)

مطعم تركي يُجدد الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر

جددت أسعار فواتير «باهظة» لمطعم تركي افتُتح حديثاً بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة) الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
رياضة عالمية نادي باريس سان جيرمان (الشرق الأوسط)

سان جيرمان يحتكم إلى الاتحاد الفرنسي في نزاعه مع مبابي

قدّم نادي باريس سان جيرمان طلبا لمناقشة نزاعه المالي مع مهاجمه السابق كيليان مبابي أمام اللجنة التنفيذية للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، بعد القرارات المؤيدة للاعب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الطبيبة المصرية التي نشرت مقطع فيديو أثار جدلاً (جزء من المقطع على يوتيوب)

توقيف طبيبة لـ«إفشاء أسرار المرضى» يثير انقساماً «سوشيالياً» بمصر

أثار توقيف طبيبة مصرية بتهمة «إفشاء أسرار المرضى»، تبايناً وانقساماً «سوشيالياً» في مصر، بعد أن تصدرت «التريند» على «غوغل» و«إكس»، الثلاثاء.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق تشاء الصرخة إعلاء صوت العدالة والدفع قُدماً بقضية المناخ (غرينبيس)

«أحلامنا ليست للبيع والشراء»... صرخة الطفولة العربية لعالَم عادل

يصرخ الأطفال عالياً في الكليب: «أحلامنا ليست للبيع والشراء»، ويعبّرون عن إحباطهم من عالَمٍ لا يكترث لغدهم، ينادون بتغيير جذري يجعل من رفاهيتهم ومستقبلهم أولوية.

فاطمة عبد الله (بيروت)
الاقتصاد أحد الفروع التابعة لسلسة مطاعم «هرفي» في السعودية (الشركة)

نزاع المساهمين يعمّق خسائر «هرفي» السعودية

تواجه شركة «هرفي» السعودية نزاعات بين كبار المساهمين وصلتْ إلى مطالبات بعزل رئيس مجلس الإدارة بسبب تراجع الأداء المالي للشركة.

عبير حمدي (الرياض)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
TT

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير الذين اختفوا عن حفل الختام الذي أقيم في قصر ثقافة مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء.

ووفق نقاد، فإن التضارب الذي يحدث بين مواعيد انعقاد مهرجانات مصرية على غرار «شرم الشيخ المسرحي» و«القاهرة السينمائي» هو السبب وراء اختفاء نجوم الشاشات والمسرح عن حضور فعاليات المهرجان.

ورغم استمرار انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي المعروف بكثافة فعالياته، جرى تكريم بعض نجوم الفن والسينما، عبر حفل «غولدن غلوب» ومجلة «Enigma»، بأحد الفنادق الكبرى على النيل، كان من بينهم الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، والفنانة يسرا، اللذان تم منحهما جائزة «عمر الشريف».

وشهد حفل ختام «شرم الشيخ المسرحي» حضور عدد قليل من الفنانين والمسرحيين، من بينهم الفنان سيد خاطر، وكيل وزارة الثقافة المصرية الأسبق، وأحمد بو رحيمة، مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة بالشارقة، والفنان علاء مرسي، والفنان والبروفيسور الروسي ميخائيل جوريفوري، والمخرج الروماني قسطنطين كرياك، رئيس مهرجان سيبيو الدولي، والفنانة حلا عمران، والفنانة اللبنانية مروة قرعوني، والفنان أحمد وفيق، والمخرج السوري ممدوح الأطرش، والكاتبة فاطمة المعدول، والدكتور سعيد السيابي من سلطنة عمان، والمخرج عصام السيد، والفنانتان المصريتان عزة لبيب، ومنال سلامة.

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي (شرم الشيخ المسرحي)

وسيطرت مصر على جوائز حفل الختام؛ إذ حصل شباب مسرحها على جائزة أفضل عرض متكامل بمسرحية «هجرة الماء» وشهادتي تقدير لجودة العمل في مسابقة مسرح الطفل والنشء، كما حصل المصري أحمد بيلا على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع، عن عرض «خلف النافذة»، أما عن أبرز الجوائز العربية فحصل العرض الإماراتي «حكايات صامتة» على جائزة أفضل أداء جماعي في مسابقة مسرح الطفل والنشء، وحصل العرض العماني «فضيلة عبيد» على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع.

وأعلن المخرج مازن الغرباوي، مؤسس ورئيس المهرجان، أن دولة كوريا الجنوبية ستكون ضيف شرف المهرجان في الدورة المقبلة التي ستحمل اسم الفنانة المصرية القديرة إلهام شاهين، لمسيرتها المهمة في المسرح المصري والعربي.

وأعرب المخرج السوري ممدوح الأطرش عن سعادته البالغة لتكريمه في مصر، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أتابع المهرجان منذ انطلاقه قبل 9 سنوات، وأراه يتطور سنة تلو الأخرى».

ممدوح الأطرش خلال حفل الختام (شرم الشيخ المسرحي)

وعن أعماله الفنية التي يحضر لها خلال الفترة المقبلة، قال الأطرش: «أجهز لفيلم سينمائي عن حياة الفنانة الراحلة أسمهان، نجري حالياً تشاورات ونقاشات عدة حوله، حتى يخرج بالصورة الرائعة التي تُمثل قيمة أسمهان بصفتها فنانة عالمية، مع سرد سريع لقصة عائلة الأطرش».

يُذكر أن الدورة التاسعة من المهرجان كانت تحمل اسم المخرج الكبير الراحل جلال الشرقاوي، وشهدت مشاركة 36 دولة، ومنح الفنانة السورية حلا عمران درع «سميحة أيوب»، بجانب تكريم الفنان علاء مرسي، والفنان الروسي ميخائيل جوريفوي، والمخرج السوري ممدوح الأطرش.